___العتبة واجتراحات القفلة في القصة ____
---------مسودة لمقاربة نقدية -----------
القصة : " فضلا ، اختر عنوانا "
القاص : عبد السلام هلال
_________________________
مصطفى بلعوام
_________________________
١- أوليات إشكالية السؤال الإبداعي والنقدي
يبدأ السؤال الإبداعي في قصة الأستاذ عبد السلام هلال من عنوانها : " فضلا ، اختر عنوانا " : هل هي قصة بلا عنوان أم عنوانها هو بالفعل عنوان بلاعنوان يؤكد على أن لها عنوانا مضروب بالنفي الذي يعطيها خاصية العنوان ؟ وهل ملفوظ العنوان دعوة الى القاريء أم سؤال إبداعي على شكل دعوة لمساءلة صيرورة الإبداع في القصة ؟ وهل يمكن اعتبار عنوان "فضلا ، اختر عنوانا " قفلة تحكم القصة من بدايتها إلى آخرها والذي بِه يكسر القاص عبد السلام هلال كلاسيكية الكتابة القصصية ؟
أما السؤال النقدي فيمتح من السؤال الإبداعي استفهاماته التي تتمحور حول إبداعية القصة وفنيتها في مقاربتها لنفسها وجعلها إياها مادة لها. قد يدخل هذا فيما يسمى ب " metarécit - metafiction- le récit spéculaire ou narcissique...( ميتاسرد - ميتاتخييل - سرد مراتي أو نرجسي ) من حيث هي مقاربات خطابية نقدية وتنظيرية للسرد ذاته في عملية الإبداع . قصة " فضلا ، اختر عنوانا " تبدأ في أولها بنسف ما يسمى " عتبة النص " وتنتهي إذا كانت للقصة نهاية ب " انتهت الرحلة والقصة بلا أي قفلة مفاجاة ، فهل يقلل هذا من قيمة النص ؟ ". وعليه ، تطرح في وبمعماريتها هوس المتن المتعدد الذي تجترحه عملية الإبداع عندما يحاول تقويض السرد الواحد النمطي ..
٢- مشهديات المتن المتعدد الأبعاد ..
هناك متنان صريحان في قصة " فضلا ، اختر عنوانا " : متن مشهديات القصة ومتن مشروع كتابة قصة . وهما متنان متعالقان في "النص " على مدار الأحداث التي تنسج لغته ومادة لغته السردية. هل هو سرد داخل سرد كما يقول رولان بارث، أم هو سرد من خارج سرد تحكمهما لعبة الكتابة من جوانيتها : قصتان متوازيتان حيث الأولى ترصد الواقعي في القص والثانية تقتفي التخييلي في بحثها عن مادة قصصية لمشروع قصة .
تبدأ القصة بعلاقة سارد مع مشروع قصة يرسم لها خطاطة أولية ويبحث لها عن"اسم" يليق بها. ويتم ذلك من خلال تقسيمها حول لحظة الانتظار لصديق على موعد معه في المقهى : ما قبل اللقاء - أثناء اللقاء -ما بعد اللقاء . إنها قصة يخترقها مشروع كتابة قصة في آخر كل وقفة مشهدية ما عاد مشهديتان لصييقتان ببعضهما البعض .
الوقفات المشهدية المرتبطة بمشروع كتابة قصة هم : - مشهدية لحوارية مع الطفل . - مشهدية التقاطية لفضاء المدينة. - مشهدية لرحلة السارد.
المشهديتان اللتان تغيب فيهما كتابة القصة هما: - مشهدية لجوانية المقهى.-مشهدية لنوسطالجيا مع الصديق .
لماذا يعالق مشروع كتابة "قصة "خيط مشهديات ويقصي أخرى في القصة ؟
في المشهديات المعالقة نجد :
- مشهدية لحوارية مع الطفل تنتهي بعودة
السارد إلى قصته:"ضحكت حتى نسيت التفكير في إسم القصة، فيما تركني وذهب يحكي لأمه ما حدث بيننا.طالت جلستي على المقهى، يئست من إيجاد إسم مناسب لقصتي التي أريد كتابتها ، راح السؤال يطرق عقلي بعنف ، لماذا تصر على وجود إسم للقصة ؟ ".
- مشهدية التقاطية لفضاء المدينة تنتهي هي
الأخرى بعودة السارد إلى قصته : "لم يكن معي ورق أو قلم ورغم كل ذلك كتبت كل ذلك وأكثر في ثنايا روحي وعقلي، وكلي إصرار ألا أنسى شيئا مما كتبت ."
- مشهدية لرحلة السارد تتوزعها ذروتين في
مشروع كتابة قصة : *- "كنت أكتب في ذهني آلاف الكلمات بسرعة لم أعهدها في من قبل". *- " انشغلت طوال الطريق بالتفكير في نهاية للقصة ، رغم أن القفلة المدهشة والمفاجأة تثري النص، لكنها كانت فكرة مرعبة، أنا الكاتب والبطل ، وبهذا الليل تكون القفلة المفاجأة كارثة محققة . أما وقد وصلت المنزل سالما، فقد انتهت الرحلة والقصة بلا أي قفلة مفاجأة، فهل يقلل هذا من قيمة هذا النص ؟ ".
بين المشهديات والسارد قصتان تتوزعان على ضمير متكلم منشطر بين الزمن الواقعي والزمن التخييلي في الكتابة . الزمن الواقعي هنا هو تحايل السارد في رصد تفاصيل حياة الحياة من خلال المشهديات المعالقة لمشروع كتابة قصة والزمن التخييلي هو زمن فكرة البحث عن قصة لها شروطاتها الفنية . غير أنهما ينتهيان بزمن الكتابة الذي لا يفرق بين الزمن الواقعي والزمن التخييلي في القصة . فالزمن الواقعي في هذه الأخيرة هو تخييلي من أصله يأتي به السارد على شكل تصوير أحداث عينية لتعضيد واقعية القصة التي يسعى إلى كتابتها: " انشغلت طوال الطريق بالتفكير في نهاية للقصة، رغم أن القفلة المفاجأة تثري النص، لكنها كانت فكرة مرعبة ، أنا الكاتب والبطل ". السارد إذا كاتب وبطل : كاتب لقصة " فضلا، اختر عنوانا "وبطل في قصة يكتبها وتكتبه داخلها. قصته مع وفِي القصة هي قصة سقطة وسقطة قصة بين كاتب وبطل في حياة كلها سقطات : أناس مهمشون تلعب بهم طاحونة الحياة كما تلعب طاحونة الذاكرة بالسارد ، وسارد بلا قصة يبحث عن قصة لحياة متشرذمة : " لم أجد لدي أي رغبة في مواساته . كلنا في التشرذم شعب واحد "/ " ولكننا أنا وهو وكثر مثلنا نعاقر في هذه الحياة . متيسر الحال ، ومكانته مرموقة ، لكنه لا يختلف في كم الحزن والهم الدفين الذي لا تستطيع عيونه أن تخفيه . إنها الطاحونة التي تدهس مشاعرنا أولا بأول ، فقط نشترك جميعا في حب هذه الأرض ، مهما كانت درجة تعبير وجوهنا عن هذا الحب / لم يعد المكان الجميل ( ميدان محطة مصر ) كما رأيته أول مرة منذ ثلاتين عاما".
ولعل هذا ما يفسر خلو مشهدية لجوانية المقهى ومشهدية لنوسطالجيا مع الصديق من معالقة مع فكرة كتابة قصة . إنهما مشهديتان تحتفلان من قريب أو من بعيد بالزمن الجميل . في المشهدية الأولى يقص السارد عن طريق صاحب المقهى : " حلقت بعيدا حينما نظرت لتنوع الوجوه داخل المقهى . لم تستطع حجب الدخان الخارج من أفواه وأنوف المتلذذين بالشيشة أن تحجب جمال المكان وعبقه .كانت قهوة الثوار وقبلتهم في يناير المجيد.هكذا قالها بفخر صاحب القهوة . أعادني حماس الرجل لزخم الأيام الثمانية عشرة.كنا كلنا على قلب رجل واحد . هدف واحد نوليه أفكارنا ونظرنا : ما أصعب الفرقة بعد التجمع ."
وفِي مشهدية لنوسطالجيا مع الصديق يقول أيضا : " تحول الافتراضي إلى واقعي ، لحظة جميلة جدا، رغم أنها تهدم كل خيال رسمت فيه صور أصدقائي الذين لم ألتقهم بعد ".
تتحرك إذن قصة : "فضلا ، اختر عنوانا " داخل
مشهديات يوحدها ما يطلق عليه بالسرد المرآتي بمعناه الاستلابي المؤسس لطرفي علاقة الذات بصورتها على اعتبار أن هوية وجود الذات في صورتها هي من كينونة وجود الآخر في وجودها. وعليه، فإن صورة السارد في مشروع قصته كما أن صورته في قصة "فضلا، اختر عنوانا" هي " الشيء ذاته " : قصة بلاعتبة وقفلة بلا بطل . إنها قصة محاسبة نقدية لما يؤسسها هي من مقتضيات فنية في سرد مرآتي .
٣- ماورائيات العتبة النمطية والقفلة ..
اعتدنا على جعل عنوان القصة ضرورة فنية من خلالها ندخل إلى عالمها ، وكأنها مفتاح لامناص منه في " فهمها " . وقصة الأستاذ عبد السلام هلال تقوض هذه النظرة النمطية وتفتحها على قراءات تهتم أكثر بما يقوله النص الأدبي من ما يتوجب عليه قوله تبعا للمتعارف عليه اصطلاحا أو تجنيسا . عتبة " فضلا ، اختر عنوانا " هي مواربة فنية لمساءلة جديتها في فهم النص . سرد مرآتي لنقد نفسه . العنوان بلاعنوان ، تلك هي المفارقة بين وجود الشيء من عدم وجوده . عنوان القصة أو عتبتها تحيل إلى عنوان يرتقب عنوانا . كما هو السارد الذي ما انفك يبحث عن " اسم " لقصته إلى أن انتهى به الأمر بالتشكيك في مدى نجاعة وجود عنوان لها . وهنا تصبح العتبة في قصة الأستاذ عبد السلام هلال "مخرجة " للقصة أي أنها تشكل " مخرجا "وليس "مدخلا"
لها . في ذاته ، يوهمنا بأنه عنوان ولكن القصة تفهمنا أن أي عنوان هو احتمال من بين عدة احتمالات ممكنة.
لماذا لا يجد السارد عنوانا لقصته ؟ فقط لأن عنوان القصة هو قفلتها وقفلتها هي القصة برمتها من خلال مشهدياتها ولا يريد أن يكون كاتبا وبطلا في قصة تسقطه أكثر من هذا الواقع الكارثي الذي يعيش في ديمومة سقطة..
قصة الأستاذ عبد السلام هلال هي تثوير في القصة وعشق مجترح للابداع في الكتابة . إذ وحدها الكتابة لا تسقط كما هي السقطة أو القفلة في القصة .
_______
انتهى
---------مسودة لمقاربة نقدية -----------
القصة : " فضلا ، اختر عنوانا "
القاص : عبد السلام هلال
_________________________
مصطفى بلعوام
_________________________
١- أوليات إشكالية السؤال الإبداعي والنقدي
يبدأ السؤال الإبداعي في قصة الأستاذ عبد السلام هلال من عنوانها : " فضلا ، اختر عنوانا " : هل هي قصة بلا عنوان أم عنوانها هو بالفعل عنوان بلاعنوان يؤكد على أن لها عنوانا مضروب بالنفي الذي يعطيها خاصية العنوان ؟ وهل ملفوظ العنوان دعوة الى القاريء أم سؤال إبداعي على شكل دعوة لمساءلة صيرورة الإبداع في القصة ؟ وهل يمكن اعتبار عنوان "فضلا ، اختر عنوانا " قفلة تحكم القصة من بدايتها إلى آخرها والذي بِه يكسر القاص عبد السلام هلال كلاسيكية الكتابة القصصية ؟
أما السؤال النقدي فيمتح من السؤال الإبداعي استفهاماته التي تتمحور حول إبداعية القصة وفنيتها في مقاربتها لنفسها وجعلها إياها مادة لها. قد يدخل هذا فيما يسمى ب " metarécit - metafiction- le récit spéculaire ou narcissique...( ميتاسرد - ميتاتخييل - سرد مراتي أو نرجسي ) من حيث هي مقاربات خطابية نقدية وتنظيرية للسرد ذاته في عملية الإبداع . قصة " فضلا ، اختر عنوانا " تبدأ في أولها بنسف ما يسمى " عتبة النص " وتنتهي إذا كانت للقصة نهاية ب " انتهت الرحلة والقصة بلا أي قفلة مفاجاة ، فهل يقلل هذا من قيمة النص ؟ ". وعليه ، تطرح في وبمعماريتها هوس المتن المتعدد الذي تجترحه عملية الإبداع عندما يحاول تقويض السرد الواحد النمطي ..
٢- مشهديات المتن المتعدد الأبعاد ..
هناك متنان صريحان في قصة " فضلا ، اختر عنوانا " : متن مشهديات القصة ومتن مشروع كتابة قصة . وهما متنان متعالقان في "النص " على مدار الأحداث التي تنسج لغته ومادة لغته السردية. هل هو سرد داخل سرد كما يقول رولان بارث، أم هو سرد من خارج سرد تحكمهما لعبة الكتابة من جوانيتها : قصتان متوازيتان حيث الأولى ترصد الواقعي في القص والثانية تقتفي التخييلي في بحثها عن مادة قصصية لمشروع قصة .
تبدأ القصة بعلاقة سارد مع مشروع قصة يرسم لها خطاطة أولية ويبحث لها عن"اسم" يليق بها. ويتم ذلك من خلال تقسيمها حول لحظة الانتظار لصديق على موعد معه في المقهى : ما قبل اللقاء - أثناء اللقاء -ما بعد اللقاء . إنها قصة يخترقها مشروع كتابة قصة في آخر كل وقفة مشهدية ما عاد مشهديتان لصييقتان ببعضهما البعض .
الوقفات المشهدية المرتبطة بمشروع كتابة قصة هم : - مشهدية لحوارية مع الطفل . - مشهدية التقاطية لفضاء المدينة. - مشهدية لرحلة السارد.
المشهديتان اللتان تغيب فيهما كتابة القصة هما: - مشهدية لجوانية المقهى.-مشهدية لنوسطالجيا مع الصديق .
لماذا يعالق مشروع كتابة "قصة "خيط مشهديات ويقصي أخرى في القصة ؟
في المشهديات المعالقة نجد :
- مشهدية لحوارية مع الطفل تنتهي بعودة
السارد إلى قصته:"ضحكت حتى نسيت التفكير في إسم القصة، فيما تركني وذهب يحكي لأمه ما حدث بيننا.طالت جلستي على المقهى، يئست من إيجاد إسم مناسب لقصتي التي أريد كتابتها ، راح السؤال يطرق عقلي بعنف ، لماذا تصر على وجود إسم للقصة ؟ ".
- مشهدية التقاطية لفضاء المدينة تنتهي هي
الأخرى بعودة السارد إلى قصته : "لم يكن معي ورق أو قلم ورغم كل ذلك كتبت كل ذلك وأكثر في ثنايا روحي وعقلي، وكلي إصرار ألا أنسى شيئا مما كتبت ."
- مشهدية لرحلة السارد تتوزعها ذروتين في
مشروع كتابة قصة : *- "كنت أكتب في ذهني آلاف الكلمات بسرعة لم أعهدها في من قبل". *- " انشغلت طوال الطريق بالتفكير في نهاية للقصة ، رغم أن القفلة المدهشة والمفاجأة تثري النص، لكنها كانت فكرة مرعبة، أنا الكاتب والبطل ، وبهذا الليل تكون القفلة المفاجأة كارثة محققة . أما وقد وصلت المنزل سالما، فقد انتهت الرحلة والقصة بلا أي قفلة مفاجأة، فهل يقلل هذا من قيمة هذا النص ؟ ".
بين المشهديات والسارد قصتان تتوزعان على ضمير متكلم منشطر بين الزمن الواقعي والزمن التخييلي في الكتابة . الزمن الواقعي هنا هو تحايل السارد في رصد تفاصيل حياة الحياة من خلال المشهديات المعالقة لمشروع كتابة قصة والزمن التخييلي هو زمن فكرة البحث عن قصة لها شروطاتها الفنية . غير أنهما ينتهيان بزمن الكتابة الذي لا يفرق بين الزمن الواقعي والزمن التخييلي في القصة . فالزمن الواقعي في هذه الأخيرة هو تخييلي من أصله يأتي به السارد على شكل تصوير أحداث عينية لتعضيد واقعية القصة التي يسعى إلى كتابتها: " انشغلت طوال الطريق بالتفكير في نهاية للقصة، رغم أن القفلة المفاجأة تثري النص، لكنها كانت فكرة مرعبة ، أنا الكاتب والبطل ". السارد إذا كاتب وبطل : كاتب لقصة " فضلا، اختر عنوانا "وبطل في قصة يكتبها وتكتبه داخلها. قصته مع وفِي القصة هي قصة سقطة وسقطة قصة بين كاتب وبطل في حياة كلها سقطات : أناس مهمشون تلعب بهم طاحونة الحياة كما تلعب طاحونة الذاكرة بالسارد ، وسارد بلا قصة يبحث عن قصة لحياة متشرذمة : " لم أجد لدي أي رغبة في مواساته . كلنا في التشرذم شعب واحد "/ " ولكننا أنا وهو وكثر مثلنا نعاقر في هذه الحياة . متيسر الحال ، ومكانته مرموقة ، لكنه لا يختلف في كم الحزن والهم الدفين الذي لا تستطيع عيونه أن تخفيه . إنها الطاحونة التي تدهس مشاعرنا أولا بأول ، فقط نشترك جميعا في حب هذه الأرض ، مهما كانت درجة تعبير وجوهنا عن هذا الحب / لم يعد المكان الجميل ( ميدان محطة مصر ) كما رأيته أول مرة منذ ثلاتين عاما".
ولعل هذا ما يفسر خلو مشهدية لجوانية المقهى ومشهدية لنوسطالجيا مع الصديق من معالقة مع فكرة كتابة قصة . إنهما مشهديتان تحتفلان من قريب أو من بعيد بالزمن الجميل . في المشهدية الأولى يقص السارد عن طريق صاحب المقهى : " حلقت بعيدا حينما نظرت لتنوع الوجوه داخل المقهى . لم تستطع حجب الدخان الخارج من أفواه وأنوف المتلذذين بالشيشة أن تحجب جمال المكان وعبقه .كانت قهوة الثوار وقبلتهم في يناير المجيد.هكذا قالها بفخر صاحب القهوة . أعادني حماس الرجل لزخم الأيام الثمانية عشرة.كنا كلنا على قلب رجل واحد . هدف واحد نوليه أفكارنا ونظرنا : ما أصعب الفرقة بعد التجمع ."
وفِي مشهدية لنوسطالجيا مع الصديق يقول أيضا : " تحول الافتراضي إلى واقعي ، لحظة جميلة جدا، رغم أنها تهدم كل خيال رسمت فيه صور أصدقائي الذين لم ألتقهم بعد ".
تتحرك إذن قصة : "فضلا ، اختر عنوانا " داخل
مشهديات يوحدها ما يطلق عليه بالسرد المرآتي بمعناه الاستلابي المؤسس لطرفي علاقة الذات بصورتها على اعتبار أن هوية وجود الذات في صورتها هي من كينونة وجود الآخر في وجودها. وعليه، فإن صورة السارد في مشروع قصته كما أن صورته في قصة "فضلا، اختر عنوانا" هي " الشيء ذاته " : قصة بلاعتبة وقفلة بلا بطل . إنها قصة محاسبة نقدية لما يؤسسها هي من مقتضيات فنية في سرد مرآتي .
٣- ماورائيات العتبة النمطية والقفلة ..
اعتدنا على جعل عنوان القصة ضرورة فنية من خلالها ندخل إلى عالمها ، وكأنها مفتاح لامناص منه في " فهمها " . وقصة الأستاذ عبد السلام هلال تقوض هذه النظرة النمطية وتفتحها على قراءات تهتم أكثر بما يقوله النص الأدبي من ما يتوجب عليه قوله تبعا للمتعارف عليه اصطلاحا أو تجنيسا . عتبة " فضلا ، اختر عنوانا " هي مواربة فنية لمساءلة جديتها في فهم النص . سرد مرآتي لنقد نفسه . العنوان بلاعنوان ، تلك هي المفارقة بين وجود الشيء من عدم وجوده . عنوان القصة أو عتبتها تحيل إلى عنوان يرتقب عنوانا . كما هو السارد الذي ما انفك يبحث عن " اسم " لقصته إلى أن انتهى به الأمر بالتشكيك في مدى نجاعة وجود عنوان لها . وهنا تصبح العتبة في قصة الأستاذ عبد السلام هلال "مخرجة " للقصة أي أنها تشكل " مخرجا "وليس "مدخلا"
لها . في ذاته ، يوهمنا بأنه عنوان ولكن القصة تفهمنا أن أي عنوان هو احتمال من بين عدة احتمالات ممكنة.
لماذا لا يجد السارد عنوانا لقصته ؟ فقط لأن عنوان القصة هو قفلتها وقفلتها هي القصة برمتها من خلال مشهدياتها ولا يريد أن يكون كاتبا وبطلا في قصة تسقطه أكثر من هذا الواقع الكارثي الذي يعيش في ديمومة سقطة..
قصة الأستاذ عبد السلام هلال هي تثوير في القصة وعشق مجترح للابداع في الكتابة . إذ وحدها الكتابة لا تسقط كما هي السقطة أو القفلة في القصة .
_______
انتهى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق