عنصرية الادب العبري / الصهيوني
معروف ان الأدب بشكل عام ، كان وما يزال ، وسيلة الإنسان لتنوير حياته وتغييرها نحو الأفضل، وكشف والتبشير بقيم إنسانية نبيلة، لكن تجربة الأدب العبري المعاصر هي التجربة الأولى من نوعها في التاريخ والتي تسير بخط معاكس، حيث يستخدم الفن بجميع أشكاله ومستوياته للقيام بأكبر عملية تضليل وتزوير واستهانة بإنسانية الإنسان، سواء جاء ذلك عبر تعبئة الفرد اليهودي بكل مشاعر الحقد ، والاحتقار للآخرين أو جاء ذلك عبر تزوير التاريخ والمشاعر ، ونشر الخرافات والأساطير ، وتهديم جماليات الأشياء بما فيها جماليات الفن نفسه، فقاد ذلك الى نتائج في منتهى الخطورة كان من أهمها عملية غسل دماغ جماعي في كثير من دول العالم، لدعم الاغتصاب وتبرير الوجود اللاشرعي للكيان الإسرائيلي في فلسطين ، وقام الأدب العبري (الصهيوني) بتنفيذ مهمة لم يقم بها أدب غيره، فكان رأس الرمح في معركة طويلة، ابتدأت من زمن ولا زالت مستمرة تحارب في آن معا على جبهات متعددة تنطوي على متناقضات لا سبيل لحصرها أو حلها أو المواءمة فيما بينها، ابتدأت من فراغ كلي يكتنف جميع المقولات والمفاهيم التي تشكلت عليها قاعدة ادعاءاتها، عدا أنها تنهض على أساس غير خلقي ولا إنساني، لذلك حددت مهامها في اتجاهين متوازيين :
اتجاه يلغي واقعا ماديا قائما وهو وجود الشعب العربي في فلسطين، واتجاه وهمي مفترض لا وجود له، باعتباره وجودا فعليا قائما وهو الوجود اليهودي الاستيطاني الإحلالي .
ويرى محللون ومختصون أن الوسائل التي استعملها الفكر اليهودي- الصهيوني للوصول إلى أهدافه كثيرة، لكن من أهم الوسائل توظيف التاريخ لخدمته وصولا إلى أغراض سياسية محددة، فالتاريخ بالنسبة لهذا الفكر هو التوراة والديانة اليهودية ابنة هذا التاريخ، والديانة اليهودية والتاريخ التوراتي هما عكازتا الحركة الصهيونية اللتان لولاهما لظلت تزحف على بطنها دون أن تستطيع الوقوف والمشي .
وقد استمد الفكر اليهودي جانبا من فلسفته من التراث الديني اليهودي الذي يقوم على أساس من عزل اليهودي عن غير اليهودي، و تم هذا العزل من خلال مجموعة من المفاهيم الدينية التي فسرت تفسيرا عنصريا قوميا، ومن أهم هذه المفاهيم خصوصية الإله وخصوصية العهد والاختيار الإلهي، وخصوصية الخلاص الإلهي ، وأدت الترجمة العنصرية للمفاهيم الدينية إلى تحويل اليهودية إلى ديانة قومية خاصة والى تكوين صورة سلبية للآخر غير اليهودي تصل في قمتها إلى التعبير عن الرغبة في دماره ، وأبادته لان الخلاص الذي يحققه الرب لجماعته الخاصة يقابله دمار شامل لأعداء الرب ، ويمثل هؤلاء الأعداء بقية البشرية، فالبشر ينقسمون إلى يهود وغير يهود، إلى أهل عهد مع الرب وبقية البشر ليسوا من أهل العهد، إلى مختارين وغير مختارين ، وفي النهاية إلى مخلصين وغير مخلصين أو هالكين ، وقد انتقل هذا الفكر الديني ( القومي ) وفلسفته إلى الصهيونية الحديثة وأصبح دعامة أساسية من دعائم الإستراتيجية الإسرائيلية بجوانبها العسكرية والسياسية والثقافية، ومع أن الصهيونية الحديثة قامت ، غالبا ، على أكتاف اليهود العلمانيين وان هذه الصهيونية كانت تمثل مرجعيتهم الأولى، فقد تم توظيف الرافد التراثي الديني لخدمة المصالح القومية للصهيونية وبخاصة الجناح السياسي ، وأداته العسكرية ، والذي لم يؤمن بالمعطيات التراثية الدينية لكنه وظفها لخدمة المشروع الصهيوني وأهدافه ( القومية ) .
والشيء الآخر الذي أود الإشارة إليه في نفس السياق، هو أن الفكر اليهودي – الصهيوني وفلسفته هو وليد الفكر القومي الغربي وفلسفته، حيث نشأت المشكلة اليهودية كرد فعل للاتجاهات القومية التي اكتسحت أوربا، وتم طرح التساؤل القوي حول وضع اليهود داخل القوميات الأوربية فيما يشبه الاتفاق على التخلص من اليهودي وتصدير المشكلة اليهودية إلى خارج أوربا وبداية التفكير في إنشاء ما اسموه وطن قومي لليهود . مع ذلك كله فقد فشلت الصهيونية العالمية
في تطبيع وضع اليهود، ولكنها نقلت المسألة اليهودية من أوربا إلى المشرق العربي وقامت بإعادة إنتاج العلاقة المتوترة والمتنافرة- تماما كما كانت هناك- عبر استبدال الأوربيين المسيحيين بالعرب المسلمين .
تنويه / هذه المقالة جزء من دراسة عن فلسفة الادب العبري المعاصر ضمن كتاب (دراسات عبرية) قيد الانجاز
العراق في 2 اب 2017
معروف ان الأدب بشكل عام ، كان وما يزال ، وسيلة الإنسان لتنوير حياته وتغييرها نحو الأفضل، وكشف والتبشير بقيم إنسانية نبيلة، لكن تجربة الأدب العبري المعاصر هي التجربة الأولى من نوعها في التاريخ والتي تسير بخط معاكس، حيث يستخدم الفن بجميع أشكاله ومستوياته للقيام بأكبر عملية تضليل وتزوير واستهانة بإنسانية الإنسان، سواء جاء ذلك عبر تعبئة الفرد اليهودي بكل مشاعر الحقد ، والاحتقار للآخرين أو جاء ذلك عبر تزوير التاريخ والمشاعر ، ونشر الخرافات والأساطير ، وتهديم جماليات الأشياء بما فيها جماليات الفن نفسه، فقاد ذلك الى نتائج في منتهى الخطورة كان من أهمها عملية غسل دماغ جماعي في كثير من دول العالم، لدعم الاغتصاب وتبرير الوجود اللاشرعي للكيان الإسرائيلي في فلسطين ، وقام الأدب العبري (الصهيوني) بتنفيذ مهمة لم يقم بها أدب غيره، فكان رأس الرمح في معركة طويلة، ابتدأت من زمن ولا زالت مستمرة تحارب في آن معا على جبهات متعددة تنطوي على متناقضات لا سبيل لحصرها أو حلها أو المواءمة فيما بينها، ابتدأت من فراغ كلي يكتنف جميع المقولات والمفاهيم التي تشكلت عليها قاعدة ادعاءاتها، عدا أنها تنهض على أساس غير خلقي ولا إنساني، لذلك حددت مهامها في اتجاهين متوازيين :
اتجاه يلغي واقعا ماديا قائما وهو وجود الشعب العربي في فلسطين، واتجاه وهمي مفترض لا وجود له، باعتباره وجودا فعليا قائما وهو الوجود اليهودي الاستيطاني الإحلالي .
ويرى محللون ومختصون أن الوسائل التي استعملها الفكر اليهودي- الصهيوني للوصول إلى أهدافه كثيرة، لكن من أهم الوسائل توظيف التاريخ لخدمته وصولا إلى أغراض سياسية محددة، فالتاريخ بالنسبة لهذا الفكر هو التوراة والديانة اليهودية ابنة هذا التاريخ، والديانة اليهودية والتاريخ التوراتي هما عكازتا الحركة الصهيونية اللتان لولاهما لظلت تزحف على بطنها دون أن تستطيع الوقوف والمشي .
وقد استمد الفكر اليهودي جانبا من فلسفته من التراث الديني اليهودي الذي يقوم على أساس من عزل اليهودي عن غير اليهودي، و تم هذا العزل من خلال مجموعة من المفاهيم الدينية التي فسرت تفسيرا عنصريا قوميا، ومن أهم هذه المفاهيم خصوصية الإله وخصوصية العهد والاختيار الإلهي، وخصوصية الخلاص الإلهي ، وأدت الترجمة العنصرية للمفاهيم الدينية إلى تحويل اليهودية إلى ديانة قومية خاصة والى تكوين صورة سلبية للآخر غير اليهودي تصل في قمتها إلى التعبير عن الرغبة في دماره ، وأبادته لان الخلاص الذي يحققه الرب لجماعته الخاصة يقابله دمار شامل لأعداء الرب ، ويمثل هؤلاء الأعداء بقية البشرية، فالبشر ينقسمون إلى يهود وغير يهود، إلى أهل عهد مع الرب وبقية البشر ليسوا من أهل العهد، إلى مختارين وغير مختارين ، وفي النهاية إلى مخلصين وغير مخلصين أو هالكين ، وقد انتقل هذا الفكر الديني ( القومي ) وفلسفته إلى الصهيونية الحديثة وأصبح دعامة أساسية من دعائم الإستراتيجية الإسرائيلية بجوانبها العسكرية والسياسية والثقافية، ومع أن الصهيونية الحديثة قامت ، غالبا ، على أكتاف اليهود العلمانيين وان هذه الصهيونية كانت تمثل مرجعيتهم الأولى، فقد تم توظيف الرافد التراثي الديني لخدمة المصالح القومية للصهيونية وبخاصة الجناح السياسي ، وأداته العسكرية ، والذي لم يؤمن بالمعطيات التراثية الدينية لكنه وظفها لخدمة المشروع الصهيوني وأهدافه ( القومية ) .
والشيء الآخر الذي أود الإشارة إليه في نفس السياق، هو أن الفكر اليهودي – الصهيوني وفلسفته هو وليد الفكر القومي الغربي وفلسفته، حيث نشأت المشكلة اليهودية كرد فعل للاتجاهات القومية التي اكتسحت أوربا، وتم طرح التساؤل القوي حول وضع اليهود داخل القوميات الأوربية فيما يشبه الاتفاق على التخلص من اليهودي وتصدير المشكلة اليهودية إلى خارج أوربا وبداية التفكير في إنشاء ما اسموه وطن قومي لليهود . مع ذلك كله فقد فشلت الصهيونية العالمية
في تطبيع وضع اليهود، ولكنها نقلت المسألة اليهودية من أوربا إلى المشرق العربي وقامت بإعادة إنتاج العلاقة المتوترة والمتنافرة- تماما كما كانت هناك- عبر استبدال الأوربيين المسيحيين بالعرب المسلمين .
تنويه / هذه المقالة جزء من دراسة عن فلسفة الادب العبري المعاصر ضمن كتاب (دراسات عبرية) قيد الانجاز
العراق في 2 اب 2017
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق