الأربعاء، 8 نوفمبر 2017

بداية نهاية الزمان : الملحمة الكبرى مع اليهود وأوهام ( هرمجدون ) الباحث د. عبد الوهاب الجبوري : المقدمة // العراق

بسم الله الرحمن الرحيم
بداية نهاية الزمان : الملحمة الكبرى مع اليهود وأوهام ( هر مجدون )
الباحث د. عبدالوهاب الجبوري 
المقدمة
حدثني شاعر فلسطيني صديق قائلا : هناك نبوءة تتردد بين كبار السن من الرجال والنساء في فلسطين ، مفادها أن الذي سيحرر فلسطين قوة تأتي من الشمال ، وهم متفائلون بهذه النبوءة التي يعتقدون بأنها ستتحقق يوما ما بعون الله . عدت إلى البيت وأحضرتُ خارطة الوطن العربي ووضعت يدي على خارطة العراق وحركتها يسارا بخط مستقيم فوجدت العراق يقع شمال فلسطين وشرقها . ونحن وان كنا نعتقد بان العراق لن يكون بعيدا عن معركة تحرير فلسطين ، لكن المقصود بقوة من الشمال أو الشرق هو أن العرب والمسلمين سيتحشدون في الشمال والشرق وفي طليعتهم المسلمون في العراق ثم تبدأ الملحمة الكبرى وهي المعركة الفاصلة مع اليهود كما نبأنا بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف : " لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود ، فيختبيء اليهودي وراء كل شجر وحجر ، فيقول الشجر والحجر : يا مسلم يا عبدالله ، هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله ، إلا شجر الغرقد ، فانه من شجر يهود " رواه الشيخان . أما الغرب واليهود فيعتقدون بوقوع معركة ستحصل في آخر الزمان أسموها ( معركة هر مجدون ) ، رسموا سيناريوهاتها وأساليبها كما يتصورون ويتمنون ، ونحن هنا عندما نتحدث عن هذه المعركة وما يخططون له من برامج وخطط ومشاريع تستهدف العرب والمسلمين فإننا نتوخى التعريف بهذا الخطر ، وان قراءة لمصطلح (هر مجدون ) كنظرية سياسية وعقيدة صهيونية معاصرة ، تكشف لنا عميقا عن حقيقة تاريخية مهمة، وهي أن المركب السياسي اليهودي الراهن قد انبثق من مجموعة تراثية سوداوية حاقدة على كل الحقائق والأصول ، كما تكشف بتركيبتها الأسطورية وطابعها القبلي عن حالة انفصام نكده مع الأمم والتاريخ ونقيضا للشكل التاريخي في المحيط الأوربي والأمريكي ، وهذه المعركة التي رسموا صورتها كمركز ودائرة للصراع المقبل تجيء صورة لحملات التضليل اليهودية وللتصورات المزيفة والهادفة لحشد التأييد العالمي لإسرائيل ، ومن جملة الدلالات في مصادرنا العربية والإسلامية– كما سنرى في سياق دراستنا هذه - سنرى أن الصورة المثلى لهذه المعركة ليست إلا وهما لليهود ، يأتي في سياق جملة المخططات الماسونية لإشاعة روح المذلة اليهودية بين قوى الغرب والحكومات المؤيدة (لدولة إسرائيل) وزرعها كقوة غاشمة في المنطقة وفي فلسطين بالتحديد . ومن متابعتنا لهذا الموضوع نجد الدعاية اليهودية الصهيونية ، حول هذه المعركة ، قد أثرت في كثير من الغربيين ، مسؤولين ورأي عام ، وأقنعتهم بحججها ومسوغاتها حتى أن قادة عسكريين غربيين ، كما كشفت عنه ( جريس هانسل) في كتابها (النبوءة والسياسة ... ) (1) ، يجمعون على أن الاهتمام بهر مجدون ، يرجع إلى أن هذه المنطقة تشكل موقعاً استراتيجياً، يستطيع أي قائد يستولي عليه أن يتصدى لكل الغُزاة على حد تعبيرها . ويُظن أن هذا السبب المذكور يكشف لنا سرّ تمكين الغرب لليهود من إقامة دولة بأرض فلسطين واستماتتهم في الدفاع عنها ، لأن هذه الدولة الغاصبة ، التي وافقت أطماعها أطماعه ، يعتقدون أنها قاعدة عسكرية لهم في ( هر مجدون) ولهذا راحوا يخططون للمرحلة القادمة من المواجهات المحتومة بنظرهم ، وهذا يفسر مواصلتهم العدوان والتخطيط للتوسع ، وبالتالي فان (هر مجدون ) معركة منتظرة او متوقعة في عقائد الغرب والصهيونية ويبدو ان الغرب واليهود مازالوا يخططون لها منذ زمن وهم مستعدون لخوض غمارها ويعتبرونها من المعارك الحتمية الفاصلة .
لا يقاتل اليهود إلا من وراء جدر
وعن حال اليهود يقول الله تعالى : ( لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ)( الحشر :14)، فهذه الآية الكريمة تصور الصفة التي عليها اليهود ، والتي لا تتغير ولا تتبدل . كانت فيهم قديما ، وهي قائمة اليوم ، وستبقى حجة عليهم إلى يوم القيامة . إنها صفة الجبن والخوف التي جبل عليها اليهود ، فهم أحرص الناس على حياة ، وهم أكثر الشعوب خوفا من الموت ، يود أحدهم لو يُعمر ألف سنة ، وهذا اللفتة المعجزة تنطبق اليوم على تصرفات اليهود في فلسطين كما انطبقت عليهم في الماضي . فهم لا يواجهون جيل الحجارة إلا من وراء آلياتهم المصفحة بالرغم مما يملكون من أسلحة فتاكة متطورة ، وعندما توالت العمليات الاستشهادية ، واهتزت قلوب اليهود وأفئدتهم خوفا ورعبا ، لجئوا إلى سياسة تحصين المدن والمستوطنات ، والى بناء ما أسموه بأنفسهم ( الجدار الواقي ) لينفذ فيهم حكم الله تعالى وقضاؤه ، وليصدق قوله : ( وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قلوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبون بُيوتَهم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ )( الحشر :2) . إنها بداية تحقق المعجزة ، وظهور النبوءة ، واقتراب الوعد الإلهي بانتصار المسلمين على اليهود ، فهذه المعركة، كما ينبئ بها الحديث الشريف ليست معركة وطنية ولا قومية، إنها معركة دينية، وهي ليست معركة بين العرب والصهاينة كما يقال اليوم، وليست معركة بين اليهود والفلسطينيين، أو بينهم وبين السوريين أو العراقيين أو المصريين. إنها معركة بين المسلمين واليهود ، هذا ما جاء في الحديث بصريح العبارة(2) .
شواهد من القران والسنة على ذل اليهود وهزيمتهم
ونهاية اليهود وذلهم وعذابهم في الأرض أمر محتوم ، وقد بين الله سبحانه وتعالى سنته فيهم إلى قيام الساعة ، وهذا بعض مما يثبت ذلك :
1 . تشريدهم في كل مكان : قال تعالى : (وقطعناهم في الأرض أمماَ ) (الأعراف: 168) .
2 . الذل الدائم : وقد جعلهم الله دائما أذلاء مهانين ، حيث قال عز وجل : ( ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ)(الأعراف: 112) .
3 . العذاب الدائم: والله عز وجل تعهد في القرآن الكريم أن يعذبهم في كل العصور ويبعث عليهم من يتسلط عليهم ويذيقهم ألوان العذاب حيث قال عز وجل :( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ )(الأعراف:167) .
4 . العلو مرتان والهزيمة الأخيرة: في سورة الإسراء يقول الله عز وجل: ( وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا )( الإسراء :4-7) .
5. استمرار اليهود: فلن يقضى على اليهود نهائياً في الأرض ولكنهم سيشردون فيها مصداقاً لقوله تعالى: ( عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا )( الإسراء:8) ، وهذا تهديد ووعيد من الله تعالى أن عادوا لإفسادهم في الأرض فإن الله سيعود عليهم بالعذاب والتشريد.
6 . قوله عز وجل : ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)( التوبة :33) . تبشـرنا هذه الآية الكريمة بأن المستقبل للإسلام بسيطرته وظهوره و حكمه على الأديان كلها ، وقد يظن بعض الناس أن ذلك قد تحقق في عهده صلى الله عليه وسلم وعهد الخلفاء الراشدين والملوك الصالحين ، وليس كذلك – حسب أهل العلم - فالذي تحقق إنما هو جزء من هذا الوعد الصادق ، كما أشار إلى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : " لا يذهب الليل و النهار حتى تعبد اللات والعزى ، فقالت عائشة : يا رسول الله إن كنت لأظن حين أنزل الله (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) أن ذلك تاما ، قال : إنه سيكون من ذلك ما شاء الله " ، رواه مسلم وغيره .
7. خروجهم مع الدجال : وهناك أدلة كثيرة تدل على بقاء اليهود في الأرض منها حديث الدجال ، قال صلى الله عليه وسلم : " يتبع الدجال سبعون ألفاً من يهود أصفهان عليهم الطيالسة "‏ صحيح مسلم رواه عن انس بن مالك رضي الله عنه .
8. قوله صلى الله عليه وسلم : " إن الله زوى ( أي جمع و ضم ) لي الأرض ، فرأيت مشارقها و مغاربها و إن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها " رواه مسلم و أبو داود والترمذي .
9 . قوله صلى الله عليه وسلم " ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل عزا يعز الله به الإسلام و ذلا يذل به الكفر " ، رواه ابن حبان في صحيحه وأبو عروبة في( المنتقى من الطبقات ).
10 . عن أبي قبيل قال : كنا عند عبد الله بن عمرو بن العاصي وسئل أي المدينتين تفتح أولا القسطنطينية أو رومية ؟ فدعا عبد الله بصندوق له حلق ، قال : فأخرج منه كتابا قال : فقال عبد الله : بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتب إذ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أي المدينتين تفتح أولا ألقسطنطينية أو رومية ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مدينة هرقل تفتح أولا . يعني قسطنطينية " . مسند أحمد : المجلد الثاني ، مسند عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما ، سنن الدارمي : كتاب المقدمة - باب من رخص في كتابة العلم .
11 . المعركة الفاصلة مع اليهود : إن حديث مقاتلة اليهود :" لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود ، فيختبيء اليهودي وراء كل شجر وحجر ، فيقول الشجر والحجر : يا يا مسلم يا عبدالله ، هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله ، إلا شجر الغرقد ، فانه من شجر يهود " رواه الشيخان ، حديث صحيح ، لكنه لا يدعونا إلى التواكل والقعود حتى يخبر الحجر والشجر عن مكان اليهود، بل يحثنا على العمل والأخذ بالأسباب حتى تتوافر فينا شروط العبودية لله، كي ينادي علينا الحجر والشجر، ويقول يا مسلم يا عبد الله ورائي يهودي تعال فاقتله ، وهذا الحديث الشريف هو من أعلام نبوة رسولنا صلى الله عليه وسلم ، وقد مضت قرون، وقارئ هذا الحديث يعجب مما تضمنه من نبأ لا ينبئ عنه الواقع الملموس لحال المسلمين وحال اليهود، منذ عصر النبوة ، فقد كان اليهود في ذمة المسلمين وحمايتهم، وقد اضطهدوا في كل أنحاء العالم، ونبذهم أصحاب الملل كلها، ولم يجدوا دارًا تؤويهم وتحوطهم إلا دار الإسلام، ولم يجدوا من يحميهم ويذود عنهم ويوفر لهم حريتهم الدينية والمدنية إلا المسلمين، الذين اعتبروهم أهل كتاب، وأعطوهم ذمة الله وذمة رسوله، وذمة جماعة المؤمنين.
ورب سائل يسال إذا كان الأمر كذلك ، فكيف يحدث قتال بينهم وبين المسلمين؟ وكيف يقاتل الإنسان من يحميه ويعيش في كنفه؟ ومن أين لهم القوة حتى يقاتلوا المسلمين؟ الاجابة على هذه التساؤلات وغيرها ، هو أن اليهود نكثوا العهود مع المسلمين منذ عصر النبوة وحتى الوقت الحاضر وطعنوا بالمسمين والعرب الذين آووهم ورعوهم ، وقاتلوهم واعتدوا عليهم وغدروا بهم ، كما تآمروا وتحالفوا مع أعدائهم فحاربوهم بكل الوسائل والأساليب واغتصبوا ارض فلسطين ودمروها وشردوا أهلها واستباحوا حرماتها ودنسوا الأقصى الشريف وراحوا يعملون على هدمه ، حتى استحقوا لعنة الله وعذابه لهم في الدنيا والآخرة ، وهكذا يمكننا القول أن قتال اليهود بدأ عمليا منذ الهجرات اليهودية إلى فلسطين نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين وإقامة المستوطنات اليهودية ، على حساب العرب وأراضيهم وممتلكاتهم ثم محاربتهم وطردهم من أراضيهم بالتعاون مع بريطانيا أولا ثم مع أمريكا لاحقا ، والتاريخ يحدثنا عن المذابح الكثيرة التي ارتكبها اليهود ضد العرب في فلسطين قبل الإعلان عن اغتصابها عام 1948 ومازالت حتى الوقت الحاضر(3) .
معركة هر مجدون ( حسب المصادر الغربية )
كثر الحديث في نهاية القرن الماضي وبدايات القرن الحالي عما يسميه اليهود والغرب (معركة هرمجدون) وأخــذت وسائل الإعلام الغربي تبث البرامج المنظمة عن هذه الأسطورة . فهذه الكلمة تسيطر على أدمغة المثقفين من الغربيين خاصةً رؤساء أمريكا، بل تعتبر المحرك الأساسي والموجه الرئيسي للسياسة الأمريكية والغربية عموماً، وقد تعددت الآراء بشأن هذه المعركة وقرب موعدها . تقول الكاتبة الأمريكية (جريس هانسل): (أظهرت دراسة لمؤسسة سن لنسن نشرت في تشرين الأول 1985 أن واحداً وستين مليون أمريكي يستمعون بانتظام إلى مذيعين يبشرون على شاشات التلفزيون الأمريكي بقرب وقوع معركة هرمجدون، وبأنها ستكون معركة نووية، وأن الشعوب المسيحية يجب أن تستعد لخوض هذه المعركة الرهيبة)(4) . وفي استطلاع للرأي أجراه الواعظ الأمريكي (هال لندساي): (أثبت أن 72.5% من الأمريكيين أكدوا أنهم يعتقدون أن الحرب قادمة وستؤدي عاجلاً أو آجلاً إلى وقوع معركة هرمجدون)(5) . كما ساهم بعض الساسة الأمريكان في هذا التصعيد كما هو الحال في عهد الرئيس الأسبق ريغان الذي صرّح خمس مرات باعتقاده بقرب حلول معركة هرمجدون ، وجاء في حديث له في إحدى المقابلات التلفزيونية: ( أعتقد أحياناً أننا نتجه بسرعة عالية جداً نحو معركة هرمجدون)(6) ، وأثناء ترشيحه للرئاسة (1980) أدلى بتصريحه لصحيفة نيويورك تايمز، ذكر فيه ان إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي نستطيع الاعتماد عليها كبقعة ستحدث فيها معركة هرمجدون . وفي دراسات أجريت حول الرئيس ريغان تبيّن أنه من المؤمنين بالتدبيرية ونظرية هَرْمجَدُّون. وهكذا ظهر في فترة رئاسته. ففضلاً عن أن كل قادة اليمين المسيحي يؤمنون بهذه العقيدة، فإن طفولة ريغان وعقيدة أمه (نال ريغان) ونوعية أصدقائه (مثل المبشّر الإنجيلي بيلي غراهام) وتصريحاته ومواقفه ، تؤكد إيمان ريغان بهذه العقيدة: العالم يوشك أن ينتهي، والمسيح قادم، واليهود شعب الله المختار، والملايين سيُقتلون في هَرْمجَدُّون... ودور روسيا (يأجوج ومأجوج... وكل ذلك قريب، وكل المؤشرات تدل عليه(7) . وقد وردت أغلب النصوص المتعلقة بوصف معركة هرمجدون على شقين من التفصيل يكملان بعضهما بعضاً، فيؤكد شق من الروايات حتمية الإبادة البشرية فيما يثبــت الآخر نوويــة المعركة، جاء ذلك على لسان كثير من الإنجيليين والقــادة الغربيين واليهود، إذ يقول (سكوفيلد) صاحب أحد المراجــــع الإنجيلية، والذي يعــد عند الغربيين من أهم مراجعهم: ( إن عالمنا سوف يصل إلى نهايته بكارثة ودمار ومأساة عالمية نهائية، وإن المسيحيين المخلصين يجب أن يرحبوا بهذه الحادثة، لأنه بمجرد أن تبدأ المعركة النهائية والمعروفة بمعركة هرمجدون فإن المسيـــح سوف يرفعهم إلى السماء وســوف ينقذهم)(8) .
وفي عام 1984 أجرت مؤسسة يانكلوفينش استفتاءً ظهر منه أن 39% من الشعب الأمريكي - أي حوالي 85 مليون - يعتقدون أن حديث الإنجيل عن تدمير الأرض بالنار قبل قيام الساعة ، سيكون بحرب نووية فاصلة(9) . يقول أحد القساوسة الغربيين : ( كنت أتمنى أن أستطيع القول: أننا سنحصل على السلام، ولكني أؤمن بأن هرمجدون مقبلة، إن هرمجدون قادمة، وسيخاض غمارها في وادي مجيدو. إنها قادمة، إنهم يستطيعون أن يوقعوا على اتفاقيات السلام التي يريدون، لكن ذلك لن يحقق شيئاً، هناك أيام سوداء قادمة)(10). ويقول (جيري فولويل) زعيم الأصوليين المسيحيين: ( إن هرمجدون حقيقة، إنها حقيقة مركبة، ولكن نشكر الله أنها ستكون نهاية العامة والعالم )(11) . وتقول جريس هانسل :( بأن تاريخ الإنسانية ينتهي بمعركة تدعى هرمجدون وأن هذه المعركة سوف تتوج بعودة المسيح الذي سيحكم بعودته على جميع الأحياء والأموات على حد سواء)(12) .
ويتضمن كتاب ( لو كررت ذلك على مسامعي فلن أصدقه ) لمؤلفه الصحفي الفرنسي (جان كلود موريس) (13) : أخطر أسرار المحادثات الهاتفية بين الرئيس الأمريكي (جورج بوش الابن) والرئيس الفرنسي السابق (جاك شيراك)، والتي كان يجريها الأول لإقناع الثاني بالمشاركة في الحرب التي شنها على العراق عام 2003 ، بذريعة القضاء على (يأجوج ومأجوج). وذكر المؤلف ( موريس) في مستهل كتابه ، الذي يسلط فيه الضوء على أسرار الغزو الأمريكي للعراق، إذا كنت تعتقد أن أمريكا غزت العراق للبحث عن أسلحة التدمير الشامل فأنت واهم جدا، وان اعتقادك ليس في محله، فالأسباب والدوافع الحقيقية لهذا الغزو لا يتصورها العقل، بل هي خارج حدود الخيال، وخارج حدود كل التوقعات السياسية والمنطقية، ولا يمكن أن تطرأ على بال الناس العقلاء أبدا، فقد كان الرئيس الأمريكي السابق (جورج بوش الابن) من اشد المؤمنين بالخرافات الدينية الوثنية البالية، وكان مهووسا منذ نعومة أظفاره بالتنجيم والغيبيات، وتحضير الأرواح، والانغماس في المعتقدات الروحية المريبة ، وفي مقدمتها (التوراة) ، ويجنح بخياله الكهنوتي المضطرب في فضاءات التنبؤات المستقبلية المستمدة من المعابد اليهودية المتطرفة. وكان يميل إلى استخدام بعض العبارات الغريبة، وتكرارها في خطاباته، من مثل: (القضاء على محور الشر) و(بؤر الكراهية) و(قوى الظلام) و(ظهور المسيح الدجال) و(شعب الله المختار) و(هرمجدون) و(فرسان المعبد)، ويدعي انه يتلقى يوميا رسائل مجفرة يبعثها إليه (الرب) عن طريق الإيحاءات الروحية والأحلام الليلية (14) . وكشف الرئيس الفرنسي السابق (جاك شيراك) في حديث مسجل له مع مؤلف الكتاب عن صفحات جديدة من أسرار الغزو الأمريكي قائلا: (تلقيت من الرئيس بوش مكالمة هاتفية في مطلع عام 2003 فوجئت فيها بالرئيس بوش وهو يطلب مني الموافقة على ضم الجيش الفرنسي للقوات المتحالفة ضد العراق مبررا ذلك بتدمير آخر أوكار (يأجوج ومأجوج) ومدعيا أنهما مختبئان الآن في الشرق الأوسط قرب مدينة بابل القديمة، وأصر على الاشتراك معه في حملته الحربية، التي وصفها بالحملة الإيمانية المباركة، ومؤازرته في تنفيذ هذا الواجب الإلهي المقدس، الذي أكدت عليه نبوءات التوراة والإنجيل)(15) . ثم يتابع المؤلف كلامه، قائلا: (إن الطائفة المسيحية التي ينتمي إليها بوش، هي الطائفة الأكثر تطرفا في تفسير العهد القديم – التوراة - وتتمحور معتقداتها حول ما يسمى بالمنازلة الخرافية الكبرى، ويطلقون عليها اصطلاح " هرمجدون" ، وهي المعركة المنتظرة ، التي خططت لها المذاهب اليهودية المتعصبة، واستعدوا لخوضها في الشرق الأوسط، ويعتبرونها من المعارك الحتمية الفاصلة) (16) .
وقد كتب الرئيس السابق للقساوسة الإنجيليين (س.س.كريب) عام 1977: ( في هذه المعركة النهائية، فإن المسيح الملك سوف يسحق كلياً ملايين العسكريين المتألقين الذين يقودهم الديكتاتور المعادي للمسيح) (17) . فيما يقول المبشر ( هال ليندسي) في كتابه ( آخر أعظم كرة أرضية) : ( إن دولة إسرائيل هي الخط التاريخي لمعظم أحداث الحاضر والمستقبل.... ) (18) ويضيف الكاتب : (قبل أن يصبح اليهود أمة لم يكشف عن شيء، أما الآن وقد حدث ذلك فقد بدأ العد العكسي التنازلي لحدوث المؤشرات التي تتعلق بجميع أنواع النبوءات، ولأنه يجب أن تظهر هناك دوائر لقوى سياسية معنية واستنادًا إلى النبوءات فإن العالم كله سوف يتمركز على الشرق الأوسط وخاصة على إسرائيل في الأيام الأخيرة، إن كل الأمم سوف تضطرب وسوف تصبح متورطة بما يجري هناك. إن باستطاعتنا الآن أن نرى أن ذلك يتطور في هذا الوقت ويأخذ مكانه الصحيح في مجرى النبوءات تماما كما نأخذ الأحداث اليومية مواقعها في الصحف اليومية )19) . ويضيف ايضا : ( عندما تصل الحرب الكبرى إلى هذا المستوى، بحيث يكون كل شخص تقريباً قد قتل، تحين ساعة اللحظة العظيمة، فينقذ المسيح الإنسانية من الاندثار الكامل)(20) . وفي هذه الساعة سيتحول اليهود الذين ينجون من الذبح إلى المسيحية ، وسيبقى فقط ١٤٤ ألف يهودي على قيد الحياة بعد معركة هرمجدون، وسينحني كل واحد منهم، الرجل والمرأة والطفل أمام المسيح، وكمتحولين إلى المسيحية فإن كل الناضجين سوف يبدؤون التبشير ببشارة المسيح (21) . والمبشر هال ليندسي هو من المؤمنين بأن الجيل الذي ولد عام ١٩٤٨ م هو جيل النهاية وهو الذي سيشهد حرب هرمجدون . وليندسي ايضا خبير في الشؤون الدولية والتاريخ العالمي، ويفسّر الرؤى الدينية بما ينسجم مع الواقع الحالي. فمثلاً يقول:( رأى جون في الحلم جراداً لها أذيال العقارب). وتأويلها (عند ليندسي) طائرات هيلوكبتر تطلق من أذيالها غاز الأعصاب (22) .
وفي عام 1970 حذّر القس ( بيلي غراهام) من أن العالم يتحرك الآن بسرعة كبيرة نحو معركة هَرْ مجَدُّون، وأن الجيل الحالي قد يكون آخر جيل في التاريخ ، ويؤكد غراهام أن هذه المعركة ستقع في الشرق الأوسط ، وان موقع هَرْمجَدُّون في سهل جزريل بين الجليل والسامرة، وأن نابليون حين شاهد هذا المكان أشار إلى هذا المعنى(23) .
هذا هو ما يروج له الانجيليون الأصوليون في أمريكا وأوربا، أو الحركة الصهيونية المسيحية التي تسيطر على أمريكا منذ القرن الماضي وحتى الآن، وهذا ما دعى أمريكا الى خوض الحروب والتدخل العسكري في منطقة الشرق الأوسط وبالذات في أرض الفرات، أرض العراق كي تكون بمقربة من أرض المعركة الأخيرة(24) .
المعركة (حسب المصادر اليهودية )
تعتبر معركة (هر مجدون )عقيدة مسيحية - يهودية مشتركة ، وهي تؤمن بمجــئ يوم يحــدث فيه صِــدام بين قوى الخير والـــشر، وسوف تقوم تلك المعركة في أرض فلسطين ، متكونة من مائتي مليون جندي يأتون إلى وادي مجدو لخوض حرب نهائية ، ويؤمن المسيحيون الغربيون واليهود أن تاريخ الإنسانية سوف ينتهي بمعركة تدعى هَرْمجَدُّون، وستتوّج هذه المعركة بعودة المسيح الذي سيحكم على جميع الأحياء والأموات. وأن عمر الكون هو 6 آلاف سنة. وأن اليهود شعب الله المختار، وأن الله أعطاهم الأرض المقدسة، وأنه يبارك الذين يُباركون اليهود، ويلعن الذين يلعنونهم. ويبدو أن سر اهتمام الغرب قادةً وعلماء ومثقفين وكثير من عامتهم ب(هر مجدون ) راجع إلى أن هذه الكلمة وردت في موضع واحد من الإنجيل في سفر الرؤيا ، ويستند اليهود الى هذا النص العبري ، وترجمته بالعربية : (ثم سكب الملاك السادس جامه على النهر الكبير ، الفرات ، فنشف ماؤه لكي يُعدَّ طريق الملوك الذين من مشرق الشمس، ورأيت من فم التنين ومن فم الوحش ومن فم النبي الكذاب ثلاثة أرواح نجسة شبه ضفادع فإنهم أرواح شياطين صانعة آيات تخرج على ملوك العالم وكل المسكونة لتجمعهم لقتال ذلك اليوم العظيم يوم الله القادر على كل شيء، ها أنا آت كلص، طوبى لمن يسهر ويحفظ ثيابه لئلا يمشي عرياناً، فجمعهم إلى الموضع الذي يدعى بالعبرانية هرمجدون)(25) . ومن هذا النص ، ومما أوردناه في سياق الحديث ومن تعقيدات اليهود وأزماتهم التاريخية ، يتضح انهم أرادوا تحويل الأزمات إلى مركب وجودي في الواقع يقوم في كل محصلاته وأبجدياته على الفكر الوثني وقضية التوحد والاندماج مع الله تعالى الذي تعظم عن التشبيه. وينتهي هذا الفكر المزيف بقواعده وأصوله على المكر التلمودي الدموي العام والمتناقض مع مركب الأمم الأخلاقي والإنساني. وهذا هو أصول الفكر وحتمية المعركة المقبلة حسب تصورهم (26 ).
واليهود أكثر تشوقاً لهذا اليوم الموعود الذين يسمونه يوم الله، فقد نقلت وكالة الصحافة الفرنسية نبأً من القدس المحتلة أثناء الحرب عام 1991 للحاخام (مناحيم سيزمون) ، الزعيم الروحي لحركة حياد اليهودية ، مفاده أن أزمة الخليج تشكل مقدمة لمجيء المسيح المنتظر. وهذه الاعتقادات ظهرت عند اليهودي تيودور هرتزل – مؤسس الحركة الصهيونية – عندما ذكر انه ظهر له في عالم الرؤيا ( المسيّا ـ المسيح ) الملك على صورة شيخ حسن وقال له بان يذهب ويخبر اليهود بأنه سوف يأتي عما قريب ليجترح المعجزات العظيمة ويسدي عظائم الأعمال لشعبه وللعالم كله ، كما قال النبي يوئيل عن هذا اليوم: (انفخوا في البوق في صهيون، اهتفوا في جبلي المقدس، ارتعدوا يا جميع سكان العالم، يوم الرب مقبل، وهو قريب، يوم ظلمة وغروب، يوم غيم وضباب) (27) .
ويتحدث التلمود عن الحرب التي ستشتعل قبل مجيء المسيح : (وقبل أن يحكم اليهود نهائياً –أي قبل أن يحكموا العالم- يجب أن تقوم الحرب على قدم وساق، ويهلك ثلثا العالم ليأتي المسيح الحقيقي ويحقق النصر القريب) (28). وجاء فيه ايضا : (سيأتي المسيح الحقيقي ويحصل النصر المنتظر، ويقبل المسيح وقتئذ هدايا الشعب ويرفض هدايا المسيحيين، وتكون الأمة اليهودية إذ ذاك في غاية الثروة لأنها تكون قد حصلت على جميع أموال العالم)(29). وفي فقرة اخرى يقول التلمود: (حيث يأتي المسيح تطرح الأرض فطيرًا وملابس من الصوف وقمحًا حبة بقدر كلاوي الثيران البرية ، وفي ذلك الزمن ترجع السلطة إلى اليهود، وجميع الأمم تخدم ذلك المسيح، وسوف يملك كل يهودي الفين وثلاثمائة عبدا لخدمته، ولن يأتي إلا بعد اندثار حكم الشعوب الخارجة عن دين بني إسرائيل)(30) . ويتحدث التلمود عن معركة هر مجدون ، وجاء فيه : ( قبل أن يحكم اليهود نهائياً لابد من قيام حرب بين الامم ، يهلك خلالها ثلثا العالم ، ويبقى اليهود سبع سنوات يحرقون الاسلحة التي اكتسبوها بعد النصر ، وحينئذ تنبن اسنان اعداء بني اسرائيل بمقدار اثنين وعشرين ذراعا خارج افواههم ) (31) .
و(هر مجدون ) كلمة عبرية مكونة من مقطعين: (هار) بمعنى جبل، و(مجيدو) هو وادي بأرض فلسطين . وتقع (مجيدو) في منطقة فلسطين على بعد 90 كلم شمال القدس و 30 كلم جنوب شرق مدينة حيفا ، ويذكر اليهود في تاريخهم أنها كانت مسرحا لحروب ضارية في الماضي ، كما يرون فيها موقعا أثريا مهما أيضا (32) . وهي تتواتر في الخطاب الغربي السياسي الديني (خصوصاً في الأوساط البروتستانتية المتطرفة واليهودية الصهيونية) لوصف المعارك بين العرب والصهيونية، أو لوصف أي صراع ينشب في الشرق الأوسط، أو حتى في أية بقعة في العالم، كما يتم إدراك الصرع العربي الإسرائيلي من خلال هذه الصورة المجازية (هرمجدون)(33).
وعلى العموم فان السياسيين الغربيين واليهود يتسابقون إلى تثبيت فكرة المعركة بتفسيرها اليهودي لدى الشعوب للحصول على مكاسب سياسية رخيصة وتنفيذاً لمآرب الصهيونية العالمية وإرضاءً لدولة إسرائيل العنصرية، وبهذا الصدد تقول الكاتبة الأمريكية (جريس هانسل): (إن النبوءات التوراتية تحولت في الولايات المتحدة الأمريكية إلى مصدر يستمد منه عشرات الملايين من الناس نسق معتقداتهم ومن بينهم أناس يرشحون أنفسهم لانتخابات الرئاسة الأمريكية وكلهم يعتقدون قرب نهاية العالم ووقوع معركة هرمجدون، ولهذا فهم يشجعون التسلح النووي ويستعجلون وقوع هذه المعركة باعتبار أن ذلك سيقرب مجيء المسيح)(34). وتقول مجلة ( دير شبيكل) الألمانية :( أن الرئيس السابق بوش أصبح واحداً من الستين مليون أمريكي الذين يؤمنون بالولادة الثانية للمسيح وهذا ما دعاه إلى القول: بأن المسيح هو أهم الفلاسفة السياسيين في جميع الأزمنة لأنه ساعدني على التوقف عن شرب الخمر)(35) . وشارك في هذا التوجه تقرير لمنظمة حقوق الإنسان صدر في قبرص عام 1990 يقول: (توجد هيئات وجمعيات سياسية وأصولية في الولايات المتحدة ومعظم دول العالم تتفق في أن نهاية العالم قد اقتربت، وإننا نعيش الآن في الأيام الأخيرة التي ستقع فيها معركة هرمجدون، وهي المعركة الفاصلة التي ستبدأ بقيام العالم بشن حرب ضد إسرائيل، وبعد أن ينهزم اليهود يأتي المسيح ليحاسب أعداءهم ويحقق النصر، ثم يحكم المسيح العالم لمدة ألف عام يعيش العالم في حب وسلام كاملين)(36) .
هر مجدون حسب المصادر البهائية
وللبهائية رأي في معركة هرمجدون يخالف ما ذهب إليه أصحاب الديانات الثلاث، يقول البهائي كارلو تاجيزن (37) :
(يدعي اليهود السامريون والعبرانيون أن النبي المنتظر الملقب بالمسيح الرئيس " المسيّا" إلى الآن لم يظهر)(38) ، ويربط بين أحداث العراق عام 1991 وما بعدها من حروب وبين هذه المعركة فيقول: (إن معركة هرمجدون هي معركة دينية بين الإسرائيليين والمسيحيين والمسلمين، والأحداث التي تدور في العالم وبصفة خاصة منذ عام 1991م تمهد المسرح الدولي لمعركة هرمجدون، كما أن المسائل والقضايا الراهنة تشير بوضوح إلى أن هذه المعركة ستحدث عما قريب)(39) . كل هذه الأفكار يرجعها تاجيزن إلى تصور البهائيين الذي يفسرونها كما يلي: (قبل معركة هرمجدون سيكون هناك 144 ألف فرد على معرفة بالله وفهم ميثاقه، وسيأتي هؤلاء الأفراد من المجموعة التي أقرت الميثاق البهائي وخالفوا في سنة 1957م خطة الرب وألقوا بميثاقه بعيداً وسيستطيع هؤلاء القوم أن يتغلبوا على الكذبة التي آمنوا بها وستطولهم فيها أحكام الميثاق وسيجتمع هؤلاء الـ 144 ألف مؤمن بعد تفجير نيويورك، وبعدها ستبدأ معركة هرمجدون الكبرى وعند نهايتها سيكون ثلثا العالم قد دمر وهلك)(40) . ويخلص كارلوتا إلى القول: (وبعد انتهاء معركة هرمجدون معركة آخر الزمان، سيدخل هذا المجلس الذي أسس في كانون الثاني 1991 " المجلس البهائي الدولي الثاني " مرحلة جديدة كمحكمة عالمية، وفي هذا الحين ستصبح الدول الوحوش الأربعة وهي: " إنجلترا ـ فرنسا ـ روسيا ـ الولايات المتحدة" وهي أولى الدول البهائية، وعندما تعتنق جميع دول العالم المذهب البهائي ستتولد محكمة الرب من جديد في هذا العالم)(41) .
المعركة الكبرى (حسب المصادر العربية والإسلامية)
لا يستطيع عاقل على وجه الأرض فضلاً عن عالم أن يجزم بشكل قاطع وفي وقت محدد بنهاية العالم بقيام الساعة. لا يعلم وقت قيام الساعة ملك مقرب ولا نبي مرسل فهذا من العلم والغيب الذي استأثر به الله جل وعلا وحده ، قال تعالى: ( يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا)(الاحزاب:63) ، وفي صحيح مسلم من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن أمين وحي السماء جبريل عليه السلام سأل أمين أهل الأرض محمد صلى الله عليه وسلم : متى الساعة ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : " ما المسؤول عنها بأعلم من السائل" ، ومع ذلك فإن الله جل وعلا قد أطلع نبينا صلى الله عليه وسلم على كل أمارات وعلامات الساعة ، بل وعلى كل الأحداث التي ستقع في الكون بين يدي الساعة (42) . وما من شيء إلا وأخبر به الصادق صلى الله عليه وسلم في احاديث كثيرة ومن ذلك حصول الملحمة الكبرى ضمن ما اطلقه العلماء علامات الساعة الوسطى التي تاتي بعد علامات الساعة الكبرى التي تحدث عنها نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم ، والتي ستقع قبل قيام الساعة مباشرة، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم هذه العلامات في حديثه الصحيح الذي رواه مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة من حديث حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه قال: " اطلع علينا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نتذاكر فقال: ما تذاكرون ؟ قلنا: نذكر الساعة قال عليه الصلاة والسلام : إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات، فذكر الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى بن مريم، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم " . هذه هي علامات الساعة الكبرى العشرة الأساسية ، ولكن يسبق ظهور هذه العلامات ، خمس علامات تفصل بين العلامات الصغرى والكبرى وتُمهّد لحدوث العلامات الكبرى، وتسهيلا لفهم تسلسل الاحداث يطلق عليها العلماء عليها مجازا علامات الساعة الوسطى ، وذلك لوقوعها بعد العلامات الصغرى مباشرة وقبل العلامات الكبرى مباشرة ، اي تفصل بين الصغرى والكبرى وسيكون من بين هذه العلامات علامة مهمة جدا ، وحولها يدور بحثنا عن الملحمة الكبرى التي يسميها البعض خطأ هر مجدون . وللعلم فقط نقول بأنّ أمر تسمية العلامات بصغرى او كبرى هو اجتهاد لأهل العلم ، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يطلق على علامات الساعة أيّ مسمى لا صغرى ولا كبرى، بل كان عليه الصلاة والسلام يخبر اصحابه الكرام رضي الله تعالى عنهم بالقول:" لا تقوم الساعة حتى.... وسيكون في آخر الزمان...اعدد بين يدي الساعة... وهكذا " اشارة منه عليه الصلاة والسلام الى انّ هناك علامات صغرى ووسطى وكبرى(43) . وهناك سيكون باذن الله عز وجل خمس علامات وسطى ستلي العلامات الصغرى مباشرة وهي : انحسار جسر الفرات على جبل من ذهب. ظهور المهدي المنتظر عليه السلام.هدنة بين المسلمين والروم. قتال الروم. فتح القسطنطينية وروما(44) . وهنا سوف لن نتطرق الى التفاصيل ولكننا اوردناها للاشارة الى وجود قتال ومعركة حاسمة نبأنا بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم . اذن فلنتدبر ما رواه البخاري ومسلم من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال:" لقد خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم خطبة، فما ترك فيها شيئاً إلى قيام الساعة إلا ذكره علمه من علمه وجهله من جهله" . وفي الحديث الصحيح الذي رواه أحمد وأبوداود من حديث ثوبان أنه صلى الله عليه وسلم قال: "يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها " قالوا: أومن قلة نحن يومئذٍ يا رسول الله؟ قال: " كلا، ولكنكم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل وليوشكن الله أن ينزع المهابة من قلوب عدوكم وليقذفن في قلوبكم الوهن" قيل: وما الوهن يا رسول الله ؟ قال: "حب الدنيا وكراهية الموت" (45) . يقول الشيخ محمد حسان عن هذا الحديث : (ومع ذلك فقد أخبر الصادق الذي لا ينطق عن الهوى عن زوال هذه المحنة وكشف هذه الغمة وأخبرنا عن نصرة الله الإسلام والمسلمين وعن إذلال الله للشرك والمشركين ونحن الآن على مقربة شديدة بوقوع البشريات المحمديات الصادقة مع ما نراه من واقع مر أليم .. لماذا ؟ لأن الذي سيهييء الكون كله في الأيام والسنوات المقبلة ليحدث في الأرض ما أخبر به الصادق الذي سيغيّر الكون كله هو ملك الملوك جل جلاله ومدبر الكون ومسيّر الأمر الذي يقول للشيء: كن فيكون وهذا هو عنصرنا الثاني والمهم) (46) .
من هنا فان المسلمين مؤمنون بمعركة كبرى فاصلة – كما ذكرنا - في آخر الزمان تقع بين المسلمين والكفار دون الإشارة إلى اسم (هرمجدون) ، وينتهي الأمر بانتصار المسلمين في المعركة ، والظاهر أنها تكون عند خروج الدجال ونزول عيسى ابن مريم عليه السلام وظهور المهدي (47) . وتذكر المصادر العربية والإسلامية بان الحديث عن نشوب معركة كبرى بين المسلمين والروم جاء مصرحا به في السنة الصحيحة، فقد روى أحمد وأبو داود وابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ستصالحون الروم صلحاً آمناً، فتغزون أنتم، وهم عدوا من ورائهم فتسلمون وتغنمون، ثم تنزلون بمرج ذي تلول، فيقوم رجل من الروم فيرفع الصليب ويقول: غلب الصليب، فيقوم إليه رجل من المسلمين فيقتله، فيغدر الروم وتكون الملاحم، فيجتمعون لكم في ثمانين راية ، مع كل راية اثنا عشر ألفاً". وروى مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تقوم الساعة حتى تنزل الروم بالأعماق - أو بدابِقَ التي في حلب سوريا - فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ ، فإذا تصافوا ، قالت الروم : خلوا بيننا وبين الذين سُبُوا مِنَّا نقاتلْهم، فيقول المسلمون : لا والله، كيف نُخَلِّي بينكم وبين إخواننا ، فيقاتلونهم ؟ فينهزم ثُلُث ولا يتوب الله عليهم أبدا ، ويُقتَل ثلثُهم أفضل الشهداء عند الله ، ويفتتح الثلث، لا يُفتَنون أبدا ، فيفتَتحِون قسطنطينية ، فبينما هم يقتسمون الغنائم، قد عَلَّقوا سُيوفَهُهْم بالزيتون ، إذ صاح فيهم الشيطان : إنَّ المسيحَ الدَّجَّالَ قد خَلَفَكم في أهاليكم، فيخرجون ، وذلك باطل ، فإذا جاؤوا الشام خرج ، فبيناهم يُعِدِّون القتال ، يُسَوُّون صفوفَهم ، إذا أقيمت الصلاة ، فينزل عيسى بن مريم ، فأمَّهم ، فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب في الماء فلو تركه لا نزاب حتى يهلك ، ولكن يقتله الله بيده – يعني المسيح- فيريهم دَمه في حربته " أخرجه مسلم. وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يوم الملحمة الكبرى فسطاط المسلمين، بأرض يقال لها الغوطة، فيها مدينة يقال لها دمشق، خير منازل المسلمين يومئذ" أخرجه الحاكم(48) . وفي حديث أخرجه ابن منده ذكر فيه ست مسائل من علامات الساعة، وقد صحح ابن منده سنده كما صححه الألباني في فضائل الشام . فعن عوف بن مالك قال:" أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في خباء له من أدم فسلمت، ثم قلت: أدخل؟ قال: ادخل، فأدخلت رأسي، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ وضوءاً مكيناً، فقلت: يا رسول الله، أدخل كلي؟ قال: كلك، فلما جلست قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ست خصال بين يدي الساعة: موت نبيكم عليه السلام، فوجمت لذلك وجمة ما وجمت مثلها قط. قال: قل: إحدى. قلت: إحدى. قال: وفتح بيت المقدس، وفتنة فيكم تعم بيوتات العرب، وداء يأخذكم كقعاص الغنم، ويفشو المال فيكم حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطاً، وهدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فيغدرون فيأتونكم في ثمانين غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفاً ". (هذا إسناد صحيح على رسم الجماعة رواه الوليد بن مسلم وغيره عن ابن زبر. انتهى، ورواه يحيى بن أبي عمرو الشيباني عن مكحول وإبراهيم بن عبد الله بن العلاء ثقة حدث من كتاب أبيه روى عن ابن عوف وأبو زرعة ويعقوب بن سفيان. انتهى.)(49) .
وجاء في شرح هذا الحديث لمركز الفتوى ما نصه : أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر في هذا الحديث ست علامات من علامات الساعة الصغرى، وقد وقع منها خمس علامات، وبقيت السادسة، والخمس التي وقعت هي(50) :
1.موت النبي صلى الله عليه وسلم.
2. فتح بيت المقدس، وكان ذلك في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في السنة السادسة عشرة من الهجرة النبوية، كما ذهب إلى ذلك أئمة السيرة، وقد ذهب عمر رضي الله عنه بنفسه إلى بيت المقدس وبنى فيها مسجداً في قبلة بيت المقدس، كما روى الإمام أحمد وحسنه أحمد شاكر من طريق عبيد بن آدم قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول لكعب الأحبار: أين ترى أن أصلي؟ فقال: إن أخذت عني صليت خلف الصخرة، فكانت القدس كلها بين يديك، فقال عمر: ضاهيت -شابهت- اليهود، لا، ولكن أصلي حيث صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتقدم إلى القبلة فصلى، ثم جاء فبسط رداءه فكنس الكناسة في ردائه، وكنس الناس.
3 . كثرة الموت، وذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "موتان يأخذ فيكم كعقاص الغنم" وعقاص الغنم هو: داء يأخذ الدواب فيسيل من أنوفها شيء فتموت فجأة. قال أبو عبيدة: ومنه أخذ الإقعاص وهو القتل مكانه. قال ابن حجر: ويقال إن هذه الآية ظهرت في طاعون عمواس في خلافة عمر وكان ذلك بعد فتح بيت المقدس. وقال الشيخ يوسف الوابل في كتابه (أشراط الساعة): ففي سنة ثمان عشرة للهجرة على المشهور الذي عليه الجمهور وقع طاعون في كورة عمواس، ثم انتشر في أرض الشام فمات فيه خلق كثير من الصحابة رضي الله عنهم، ومن غيرهم. قيل: بلغ عدد من مات فيه خمسة وعشرون ألفاً من المسلمين، ومات فيه من المشهورين أبو عبيدة عامر بن الجراح أمين هذه الأمة رضي الله عنه.
4. استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار، فيظل ساخطاً، وقد تحقق هذا في زمن عمر بن عبد العزيز فقد كثر المال في عهده، وفاض حتى كان الرجل يعرض المال للصدقة فلا يجد من يقبله منه، وسيكثر أيضاً في آخر الزمان حتى يعرض الرجل ماله، فيقول الذي يعرضه عليه: لا أرب لي به، وذلك عند ظهور المهدي، ونزول عيسى عليه السلام، ففي صحيح مسلم عن النواس بن سمعان: "... ثم يقال للأرض أنبتي تمرتك وردي بركتك، فيومئذٍ تأكل العصابة من الرمانة، ويستظلون بقحفها ويبارك في الرسل -اللبن- حتى إن اللقحة من الإبل، وهي قريبة العهد بالولادة لتكفي الفئام من الناس، والفئام هي الجماعة الكثيرة، واللقحة من البقر تكفي الفخذ، وهم الجماعة من الأقارب وهم دون البطن، والبطن دون القبيلة، والشاة من الغنم تكفي أهل البيت". وروى مسلم أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تقيء الأرض أفلاذ كبدها أمثال الأسطوان من الذهب والفضة. قال: فيجيء القاتل، فيقول: في هذا قتلت، ويجيء القاطع، فيقول: في هذا قطعت رحمي، ويجيء السارق، فيقول: في هذا قطعت يدي، ثم يدعونه فلا يأخذون منه شيئاً" ، وروى مسلم أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والله لينزلن عيسى ابن مريم حكماً وليدعون إلى المال فلا يقبله أحد". وهذه الاستفاضة للمال لم تقع بعد، لأنها تكون بعد ظهور المهدي، ونزول عيسى عليه السلام، وهذا ما لم يقع بعد.
5 . فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته، وهي كما قال الحافظ ابن حجر في الفتح: والفتنة المشار إليها افتتحت بقتل عثمان، واستمرت الفتنة بعده.
6 . هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر، فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية تحت كل غاية اثنا عشر ألفاً، وهذه لم تقع بعد، وقد نص جماعة من أهل العلم على أنها لم تقع حتى زمنهم، منهم: ابن حجر وابن المنير. وقال: أما قصة الروم فلم تجتمع إلى الآن، ولا بلغنا أنهم غزوا في البر في هذا العدد، فهي من الأمور التي لم تقع بعد، وفيه بشارة ونذارة، وذلك أنه دل على أن العاقبة للمؤمنين مع كثرة ذلك الجيش، وفيه بشارة إلى أن عدد جيش المسلمين سيكون أضعاف ما هو عليه.
وفي كتابه (الحرب العالمية القادمة في الشرق الأوسط) سَبَرَ هشام كمال عبدالحميد أغوار معركة كبرى حدثنا عنها معظم الأنبياء، أكبر معركة ستشهدها الكرة الأرضية في تاريخها وحتى قيام الساعة . وتعرف هذه المعركة في الإسلام باسم الملحمة الكبرى ، وفي التوراة والانجيل تعرف باسم معركة هر مجدون (51) .
الخاتمة
تشير المصادر الغربية واليهودية إلى معركة هر مجدون بينما تشير المصادر العربية والإسلامية إلى حصول ملحمة كبرى- دون الإشارة إلى هر مجدون - وفيها يكون النصر حاسما للمسلمين ، كما ورد ذلك في الأحاديث النبوية الشريفة التي اشرنا إليها سابقا . وهكذا سيندحر الشر ويندحر أقوى وأعتى أعداء الإسلام ويدخلون في دين الله أفواجا ، ويتحقق قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل و النهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل عزا يعز الله به الإسلام و ذلا يذل به الكفر " ، رواه ابن حبان في صحيحه ، ومما لا شك فيه أن تحقيق هذا الانتصار يستلزم أن يعود المسلمون أقوياء في معنوياتهم و مادياتهم وسلاحهم حتى يستطيعوا أن يتغلبوا على قوى الكفر و الطغيان . أما أسطورة هر مجدو

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق