الأحد، 5 يونيو 2016

قصائد في قصيدة / للاستاذ عبد الجبار الفياض / العراق

قصائد في قصيدة
حروف الحرية
{ المختار}
يسافرُ في الصّحراءِ صوت ذرّاتِ رملٍ في عيونِ الغرباء
إنّك شيخٌ كبير
لكَ عندنا الأصفرُ
الأبيضُ
ترممُ به ما فاتكَ من سنواتٍ قاحلة
لا
هذهِ الصّحراءُ عباءةٌ
ليستْ لبيع
أعمدةُ الخيامِ آخرُ المقاتلين
فنجان القهوة
حنجرةٌ مرّةٌ
يمتطي ظهر الموْت
يختارُ اختيارَهُ
بمساحةِ نفسٍ مُطمئنة
يرتفع
كانتْ برقةُ
تحملُ الشّمعَ
والحنّاءَ
والبخور 
الخالدون لا يُقبرون !
. . . . .
{نيرودا_اليندي }
في قلبِ سانتياغو
ارتدى نيرودا صباحَهُ البارد من حلْقهِ
يخرجُ دخانُ قصائد
ماتليدا
الثورة
الفاشيست
بين الأبيض والأسود رصاصٌ مستوردٌ
يثقبُ قلباً
اليندي
لا يُريدُ الموتِ
أنْ يجنّدَ من خارجِ الحدود
تموتُ عاشقاً هو مهرٌ خالد
أيّها الاوغادُ
كنتُ ابحث عنكم
وها أنتم أمامي
صوّبوا رصاصَكم
لا أُطيقُ رؤيةَ خائن
نيرودا
الوردةُ الحمراءُ قصيدةٌ
لم تكتملْ بعد
يستنشقُها عشقاً
يخرجُ من صدرهِ طيرٌ أبيضُ
اغماضةٌ بيضاءُ
السّمُ
رصاصٌ بارد !
. . . . .
{عبد المحسن السعدون}
في بغداد
دوّامةٌ
لعبةُ شطرنج
مربعٌ أسودُ واحدٌ فقط 
أقنعةٌ تصطادُ الذّبابَ
جذبُ الحبل
هي التي يجب . . .
لا تُريدُ شمسَها أنْ تغيبَ عن بغداد
حوارُ الطرشان
ما عرفوا أنّ باسقاتِ السّوادِ عصيّةٌ على الإنحناء
لكنَّ الظّلامَ دوماً
يحتفظُ بخناجرِه 
الدّمعةُ عزيزةٌ بعينِ دجلة
ينشطرُ عبدُ المحسن
نصفاً لربِهِ
ونصفاً لوطنهِ
حدّاً
لا يتجزأُ
يسترجعُ
يختارُ الاصعبَ
النّصفَ الفارغَ من الكأس
بيدِهم
لا بيدِه
رصاصةٌ
تخترقُ النّقاء
ذهول
ارتدتْ بغداد ثوباً من خزائنِها الحزينة !
. . . . .
{لوركا}
فرانكو
يُعلّقُ بزتَهُ العسكريّة
وليّاً لعهدِهِ
لا يُحبُ أحداً أنْ يُحبَهُ
دعوا الرّصاص يمضي
انه يشم رائحة التمرد
الظّلامُ مُخيفٌ
لكنّهُ جبان
القصيدةُ عودُ ثُقاب
ليسَ بمقدورِ فوّهاتِ البنادق أنْ تحميَ تلالَ القش
احرقوا القصائدَ
لوركا
هذا الكبريتُ الأحمرُ
أنا لا أخافُهُ
لكنْ
أخافُ أنْ يصدقَهُ ظلّي
الشّعرُ
عدوٌ لا يُمسكُ أرضاً
ليسَ في سمائي إلآ نجمي
لوركا
ليكنِ الرّصاصُ وجبتَهُ الأخيرة
يخطو فوقَ جسدهِ
الثورةُ
تندلقُ شعراً
الشعرُ
يندلقُ ثورة
رصاصٌ
يسقطُ
احترقَ كلُّ القش !
. . . .
{غسان كنفاني}
بيروت
في العروق غضبٌ
تتغضّنُ ساعاتُ كبارٍ جمعوا زبدَ البحر
لهبٌ
يحرقُ أوراقَ النّكسةِ
قلبٌ
يحملُ أرضاً تنزفُ
كنفاني
يحلمُ ألآ تتكررَ في يومهِ صورٌ
تسيلُ نداءً خائباً
تشرّدٌ
فمٌ يبحثُ عن خُبز
إنّهُ يرى الأجوفَ في كُلِّ شيء
قاماتِ الوهمِ
بشاراتٍ من حربِ الغبراء طبولِ النّصرِ المهزوم
فقاعاتِ القِممِ السّفلى
الوحلُ
أصبحَ مُرعباً
المرايا
طُليتْ بالأسود
كسروا أعمدةَ الضّوء
احتفلَ القوّادون برهطٍ من بغايا اللّحمِ المستورَد
الخجلُ 
يلهثُ تحتَ الفوق
اسماءٌ 
بأوصافِ نفاياتِ السّجن
السّمورُ
غادرَ غُصنَ الزّيتون
تشظّى كنفاني حروفاً فلسطينيّة
لنشيدِ الأرض !
. . . . .
{باتريس لومومبا}
الفتى الأسودُ
ينهضُ من نومهِ العميق مسلوبَ الاسمِ
واللّسان
أحذيةٌ كبيرةٌ
خُوَذٌ بكُلِّ الالوان
مسحوا الانسابَ
علّقوا أسماءً جديدة
كُلُّ شئٍ مُستباح
لومومبا
أمّاه
سأبعثرُ العابي
لقد أعطتني الارضُ هذا اليومَ عمراً آخرَ
لكنّها ترمقني بعينِ عَتبٍ ألأجلها
أرضعتِني ؟
اليسَ كذلك ؟
إذنْ
دعيني لها
الغرباءُ
يرمون أمامي العِظام
تذوّقْ طعمَ الكونياك
أيُّها المشتقُّ من شجرِ المطاط
بروكسل
تُنسيكَ شمسَ اقريقيا
اخمدْ في أعماقكَ هذا الثورَ الهائج
تمزّقَ لومومبا
برصاصِ ابي رُغالٍ افريقيّ !
لكنّهُ
انتشرَ بذوراً في كُلِّ القارّة
. . . . .
{جيفارا}
سيكارٌ كوبي
يحشو فماً
يحتسي خمرةَ الفقراء
قبلَ أنْ يُمازحَ زنادَ بندقيتهِ الادغالُ وفيّةٌ للثوّار
تشي
يلوكُ الزّمنَ بلذة
يوغلُ في وجعهِ
في قلبهِ
تنبضُ شرايينُ المسحوقين في الارض
لتكنْ خارطةُ الكونِ بلونِ السّماء
هذا الذي يتوسّد ذراعَ الموت
لا ترقُّهُ حبالُ المال
الياقاتُ البيضاءُ
كم هي رقيقةٌ في عُلبِ اللّيلِ ودمويّة
في احراشِ بوليفيا
كاتانكا
فيتنام
الرّصاصُ
لا يثقبُ قرصَ الشّمس !
. . . . .
{غاندي}
في أحضانِ الشّرق
سحرٌ
بهارٌ
درةُ تاج
تاجُ محل
إنّهم يقتلون
يسرقون
البائعُ
المُشتري
هُمْ
السيرُ
يشربُ قهوتَهُ بانتظام
يقرأُ جريدةَ الصّباح
لا تعنيه السّحبُ الداكنةُ
أيّاً ما تمطرُ
ضفادعَ
جوعاً
وجعاً
خواءٌ من القِدْرِ إلى البطْنِ العُريّ
يسترُ عورةَ الصّغار
ذاكَ الاسمرُ المنحوتُ شمساً في سماء بلده
تنوءُ كتفاهُ بهَّمِ
اللآعنف
يقلبُ وجهَ القارّة
يخضرُّ سنابل
رصاصةٌ
تخرمُ خارطةَ الهند
الماهاتما وطن !
. . . . .
{مارتن لوثر}
في مونتغمري
جلدُهُ الاسودُ
يمكنُ أنْ يرتّقُهُ برقعةٍ من جلدٍ أبيض
لا مشكلة في الأصل
يجري وراءَ الباص
يعْلقُ
يُركَل
يرمي لطفلٍ يبكي 
وردةً بيضاءَ من النافذة
ينفتلُ
يفتحُ السّماءَ كتاباً
ليس فيه خطوطٌ متعاكسة
يقرأهُ بهدوء
تحتَ تمثالِ لنكولن يستحضرُ غاندي
لا تضربْ
احتضنِ الضّوء
الغدُ لابدْ أنْ لوحةً يرسمُها عاشقٌ ومعشوق
لا لجدارٍ
يمنعُ يدين من مصافحة الحبُّ
تنقلُهُ أجنحةُ العصافير
كان يوماً أبيضَ
لولا رصاصةٌ
خرجتْ من ظلامِ كَهف لوثر ينزفُ حبّاً !
. . . . .
{مانديلا }
ابتسامةٌ
تفاوضُ صَلفاً
تحملُهُ عيونٌ وقحة
ما كانَ رومانياً يفتحُ أبوابَ الحصون
ولا رامبو بمدفعٍ بمئةِ فوّهة
هو ذاكَ النّحيفُ الذي يلوّنُهُ أديمُ الرّفضِ المُتجذّر بهموم الطّين
مانديلا
خيطُ الفجرِ الأفريقيّ
أيّها الحرسُ
ليلنُا يتنفسُ برئةٍ واحدة شمسُنا واحدة
تزورني أحياناً
ولو من كُوّةٍ صغيرة فالزنزانةُ ليستْ قاسيةً طولَ الوقت
حطّموا زنازينَكم
افريقيا
تُحبكمْ كذلك !
في صباحٍ
أخذَ اشراقَهُ من جبينِ الثورة
تبدّدَ الوهمُ عبرَ زمنٍ مُرتَهَن
تمتدُّ يدٌ سوداءُ معروقة
تحملُ غصنَ زيتونٍ
الحُبُّ
يُبنى بكُلِّ الالوان !
. . . . .
عبد الجبار الفياض
رجلٌ من سومر أحبّ هذه الحروف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق