الاثنين، 6 يونيو 2016

الافصاح الوجداني ما بين الحروف لدى الشاعر نبيل الشرع / بقلم عامر الساعدي

الافصاح الوجداني مابين الحروف، لدى الشاعر الواعد المتألق (نبيل الشرع)
بالصوت والحرف.....بقلم عامر الساعدي..العراق..بغداد
ما أجمل أن تضع قدمك كي تبدأ رحتك وعشقك للحرف والشعر والادب وانت واثق من نفسك ، الان وفي عراق الادب والادباء يظهر وتظهر الطاقات كل يوم وكل موسم لتجد فيهم روح التجدد والامل في ما ضاع بسبب المتطفلين والداخلين ، ثلة من الشباب الواعد أرى فيهم أمل كبير وتقدم واضح لكن ضعيف ، يملكون الحس والاحساس العميق يكتبون بشهية عالية لما يحملوه من ملكة بداخلهم ، وفكر يؤهلهم للتقدم حتى وان مستقبلا الامل مازال موجود ، الشعر قضية وإيمان بها وهولاء الشباب الذين يؤمنون بهذه القضية بحق هم مؤمنون ، نعم قد نجد هناك براءة لدى الشاعر المبتدأ ، وإيمان حقيقي دون زيف ، تجد الشعورية ببساطتها لكنها الاقرب .
وبما ان الشباب الواعد ، أو الشاعر الواعد وأقصد الشاعر الشاب الذي يعيش آنية الوقت والحدث فكثير منهم أقترب لقصيدة النثر ، أو كتابة النص النثري الحديث الذي يعتبره تواصل حدثوي ، كذلك النص النثري لسهولة من ناحيتين (1) سهولة موسيقاه وايقاعه (2) النص النثري متحرر بعيدا عن القافية والبحور ، لكن لا اجزم بكلامي بأن النص النثري ، أو القصيدة النثرية هي الافضل 
يقول (ادونيس)ان "الشاعر الجديد فارس ينتشل الكلمات من الغدير الذي غرقت فيه. 
ينسلها كلمة كلمة من نسيجها القديم. يخيطها كلمة كلمة في نسيج جديد. 
إذ يفعل ذلك يفرغها من شحنتها القديمة – من دلالاتها وتداعياتها. 
يملؤها بشحنة جديدة ، كي تصبح لغة ثانية لاعهد لنا بها. وادونيس بذلك ، يقترب من مفهوم (باوند) للغة الشعر الذي يرى فيه انه يجب ان يتألف من "لغة مشحونة بالمعاني الى ابعد حد ممكن". 
ويقترب ايضاً من (جولي سكوت) الذي يرى ان كل شاعر يبتكر لغة قصيدة النثر فقد ابتكر اللغة الاحدث على سلم طموحه ، الا انها ليست نهائية، بل انه سوف يواصل الابتكار(4). ومن هنا كان لادونيس رأي بأن الشاعر هو الذي يسعى لخلق لغة شعرية جديدة، وبأستخدام الوسيلة التي يقدمها بطريقة جميلة.
إذن الحماسية لدى الشاعر الشاب طاقة كبيرة فهو يبدع ، يتقدم ، يكون صاغية لارشادات الاساتذة ، مطيعا بتوجيهات من سبقوه ، أحيانا تجد نصا شعريا ، أو ومضة ، أو خاطرة ، لدى الشاعر المبتدأ ثورة من الوجدان ، والحنين ، كتلة كبيرة ، بركان ، تستمع بقرأتها وتجذبك كي تبحث عن صاحب هذه الكلمات .
أثناء وجودي بدعوة لحضور أمسية شعرية ببغداد وجدت الشاعر (مهدي سهم الربيعي ) يوجه الشباب بكيفية الصعود للمنصة وكيفية التعامل معها دون خوف كونهم شعراء في بداية مشوارهم ، ورأيت فيهم الحماس للاستمتاع لسماع الكثير من النصائح، يقول لهم تعاملو مع المنصة على انكم تمتطون مهرة ، على انكم الوحيدين بهذه القاعة ، لاتهتموا ، ولاترتبكوا من شيء ، هذه هي روح الشاعر والشعر والقضية الحقيقية ، والعكس هناك بعض الشعراء الكبار نقول كبار اما بالسن ، أو بمسيرتهم الادبية لايقبلون التقدم لهولاء الشباب ، تجدهم غير مقتنعين بهم للاسف الشديد وهذا مؤلم بل شديد الالم .
نعود لموضعنا عن الشاعر المبتدأ الواعد الذي يكتب ويبدع ، الامس وبالتحديد في أمسية شعرية خاصة للشباب المبتدئين وجدت بعض الشباب يملك حرف ، وجمالية كبيرة في نصوصهم ، واعتلاء المنصة بكل هيبة ووقار كأنه فارس ، هذا ما نطمع اليه ونريد قوله ان نعطي الفرصه لهولاء الشباب .
وهناك امثلة على هولاء الشباب الذي ابهرنا وشدنا ، تصفيقا واعجابا ، حتى اصبح الحاضرون يطلبون التكرار ببعض السطور .
(نبيل الشرع) شاعر شاب خلوق بسيط مبتدأ يحب الاستماع للجميع ، مثابر على الدوام ، يصعد للمنصة ولاول مرة ليقي على الجمهور نص جميل ، النص يحمل رمز بسيط ومعبر، وجداني في معناه ، عرف كيف يوظف هذا النص بطريقة جميلة وسهلة كأنه وببساطة أدواته التي يملكها ، اراد ان لايقحم المتلقي بنصه ، يضع في نصه الدهشه ، الموضوعية ، وخير مثال على قولنا هذا في نص (حشمةٌ خائِفة) يقول فيه 
...............
تحتَ نِير
أَحترافِ كآبتِي
يَتلعثمُ لِسانُ
رَتقِ الوَفاء
أَحومُ حاضرةَ
دُسر ثَنايايَ الخائِفة
لا يَنفعُ حَفرَ
ذِكرى أَوقاتُ الضَـحك
مالهذا الضَريحُ
يُلهبهُ حِراكَ
زائريهِ ملقاً شهِيا
لِخرافاتِ حِشــمتهِ
ماذا يريد ، وماذا ينوي للوصول اليه ليجعل الصرخة داخلية في قلبه ، تسلسلل في كلماته ، وأي عمق وجداني يجعله يسطر أحداثيات كبيرة ، تحتَ نِير/ أَحترافِ كآبتِي/ يَتلعثمُ لِسانُ/ رَتقِ الوَفاء/ أَحومُ حاضرةَ / دُسر ثَنايايَ الخائِفة/ لا يَنفعُ حَفرَ / ذِكرى أَوقاتُ الضَـحك / مالهذا الضَريحُ / يُلهبهُ حِراكَ / زائريهِ ملقاً شهِيا / لِخرافاتِ حِشــمتهِ ، هنا قد يكون استخدم الايحاء الحسي المكبوت بداخليه دون اظهار اوجاعه بعيدا عن الملامسه ، موجها خطابه الوجداني بسيل من الكلمات ، اسلوب منفرد راقي يجعل القارئ يذهب بعيدا للاحتمال ، والتأويل ، وهذا الاسلوب ليس بسهل رغم عمر الشاعر في الشعر فترة قصيرة لكني اعتقد كان مجتهد جدا.
في مقطع آخر له يقول فيه ,هدايا أَعيادٌ دمــــوعِي / يُغلفهُا كبرياءُ / أَربعينَ عاما / في مَلامِحي / لكِن لَم يَتَساقطُ
شَعرُ ناصِـيتِي، يتجلى جمال هذه الصور الشعرية في الاستخدام الرائع للصورة وما أجمله من تعبير ، يتكلم عن ذاته ببساطة ويصف نفسه ، وهنا لعل القارئ الذي يتأمل جيداً يلاحظ ما بدأ به الشاعر، فهو يقول (إنني أحيا بلا قلبٍ).
في مقطع آخر في نصه يقول ، لأَني أُولدُ كُل / لحظـةٍ رَضيع يَرتَشفُ ثَديَ حياته / بِنَشوةِ العِشقِ ما مـر / من عِبارات وَص حُزن الدُنيا / شَهية بَوحٍ أُمررُها / نَحو وَجه قابِضة / إِصولَ حَرفِي المُتغنجة / بأَسـمِ مَلاكِ العُمر / هَـل أَكتَفت مِن صَمتهِا ؟؟؟
هذه المقاطع اعتمدت على جمالية المبنى في اللفظ والتركيب والواقع، في حين انه جعل عملية ترابط لاتنفصل بين فكرة النص ومعناه، وبين وجوده والبناء الذاتي، بمعنى ان عملية الترابط تعتمد على الاثنين معاً، من باب المنطق يكون قد اقترب من النزعة الرومانسية بهذه المعرفة العقلانية، ويتبنى معرفة حسيته الداخلية .
ومن هنا اصبح الشعر وليد المخيله لحظة شرارة بعيداً عن الازدواجية، وبذلك نقول أن النص قد اخذ مكانته المتميزة بوصفه جهداً انسانياً ضرورياً واجب الوجود.
بعبارة أخرى نقول أن الشعر يعبر عن الحياة بشموليتها، فهو بذلك معرفة لا تتعالى ولا تتجرد عن عالم الخبرة الحسيه الوجدانية بحد ذاتها ، وعلى هذا الاساس اصبح الشعر يساوي الحياة،بل الشعر هو الحياة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق