الثلاثاء، 6 ديسمبر 2016

بين سحابتين / شعر ،،، للاستاذ محمد علي الشعار / سوريا

بين سحابتين
زُفّي دمشقُ إلى الخيالِ المُبتكَرْ
أُفْقاً لخافقةِ التصابي ما انحسرْ
والكرمُ ماسِيُّ الكؤوسِ وهبتُها
صبراً على شفةٍ تعتّقَ فاختمرْ
وتخيَّري سُبُلَ النجاةِ لغارقٍ
في أُذنِه ، فالموجُ ساجٍ في حذَرْ
ودَعي المولَّهَ في الصوامعِ ناسكاً
يقتاتُ من محرابِه النفَسُ الأَبَرْ
جمعَ الوجودَ بوردةٍ حمراءً تسـ
ـعى سعيَها، لولا التوجُّدُ ما احتكَرْ
خزلَ الزمانَ بأُنمُلَيهِ وكِلمةٍ
تسترجعُ المحوَ المبدَّدَ فانتشرْ
خاضَ الجمالَ بأصغرَيهِ مُعذَّباً
تُحييهِ (زنبقةٌ) وتقتلُه (سَمَرْ)
ورعى الرِّمامَ ولادةً والجمرَ إلـ
ـفاً والرمادَ أجِنّةً حتى هَدَرْ
ظلّتْ تُشفِّفُه المعاني فانبرى
وكَسَتْهُ من ألقِ التبرُّجِ فأْتزَرْ
من تُوتةٍ حُبلى وحَورٍ راعشٍ
وحمامةٍ نشوى، يُشكِّلُ مؤتمرْ
أدمشقُ والروضُ البسيمُ قسيمُنا
وغداً نجوزُ بظَهرِ ذنْبٍ مُغتفَرْ
حنَّيتُ زَغرَدةَ الترابِ قصيدةً
وحصاكِ تَجبيه الغوانـي كالدُّرَرْ
يا وردةً إن لم تَطُلْ كفّي لقَطـ
ـفِكِ بالجنى خدّاً، فقد قطفَ النظرْ
يا شامُ يا شامَ المنى أن نلتقي
بفراشةٍ وحريرِ مُفرَدةٍ قَدَرْ
ما خانكِ الرملُ السّنيُّ ولا النجو
مُ ولا السماءُ ولا الغيومُ ولا النهَرْ
قطّرتُ في عَينِي نَداكِ حبيبتي
وهجرتُ مرآتي بآلافِ الصُّوَرْ
عُصفورُكِ الغِرِّيدُ يقفزُ من صَبا
هُ إلى الضلوعِ إلى الأفانينِ النُّضَرْ
كلُّ الذين أُحبُّهمْ ناري وثلـ
ـجي، غيرَ أنكِ غيرُهمْ بحراً وبَرْ
ضاقتْ عليَّ شجونُ روحي مَهرَباً
وكحيلُ عينِكِ وحدَهُ يهَبُ الممرِْ
أطبقتِ جفنَكِ والمشوقُ بطَرفِه
يقتصُّ من لصِّ النعاسِ على الأثرْ
ضُمّي قراءاتي لكُتْبِكِ مُقلةً
وتقلّبي ما بين همسي والسحَرْ
* * *
بَلَجَ الشعاعُ وراء ناسجةِ الدُّجى
وجرى حسيساً في فضائي وانفجرْ
مهدُ البطولةِ ما توقف شُغلُها
فسلِ الجذورَ بكلِّ ذرٍّ مُختبَرْ
من ههنا بدأ الشراعُ رياحَه
من صدرِ أمّي للبيادرِ لِلدِّرَرْ
بـدمـي مآذنُ رتَّلتْ وِرداً فنا
داها نجيُّ اللّـه فـي آيِ السُّوَرْ
ورؤىً تماوَجُ في احتفاءاتِ السما
ءِ بسدرةٍ لتعودَ شطّاً منتظَرْ
فنحوتُ خَطْوَ هدىً وغَيمَ هوىً و(طـ
ـه) يقصُّ أَذْفِرَةَ الحكاية للبشرْ
من لم يقلْ للقدسِ أختٌ في الشآ
مِ تزورُها وسراجُ زيتونٍ كفرْ
كنزَ الخلودُ غبارَها تمثالَ مجـ
ـدٍ في ملاحمَ، فاستقرّتْ واستقرْ
بَخّورُها حُرَقُ الفؤادِ على الترا
بِ ومزجُ داميةٍ، وحَقِّكِ، ما اختثَرْ
ولقاسيونَ عباءةٌ لمس الغريـ
ـبُ حنانَها فالتفَّ فيها وادَّثَرْ
قذفتْ رُفاتَ غُزاتِها لصدى المنو
نِ ولقّمتها آخرَ الوادي حجرْ
ولبهجةِ الإثراءِ أن تفنى السنيـ
ـنُ وليس تفنى في مواعظِها العِبَرْ
من جاء يحملُ زهرةً من غصنِها
يوم النِّدا، أو من دمٍ حُرٍّ عَبَرْ
تيهي ومُدّي للعرائشِ ضحكةً
ليطولَ رمشُ البدرِ إبّانَ السّهرْ
سرقَ الجُناةُ سرابَهمْ صِرفَ الهوى
وتقاسموه على وريدٍ مُعتَصَرْ
فإذا رأيتِ هناكَ أكثرَ من جناحٍ
حول قلبكِ فاعلمي الفاني حضرْ
ورُزِقتِ أمشاجَ الأصالَةِ فِطرةً
خلقتكِ من طينٍ الأحِبّةِ مُفتخَرْ
زخرفتِ عِرقَ الياسمينِ على عقا
ربِ ساعتي، فوهبتُها كلَّ العُصُرْ
في لحظةٍ أنثى غنمتُ وِدادَها
فرّغتُ أترعةَ التوهُّجِ في وترْ
ستؤوبُ هجراتُ الطيور لِبُردِها
دفئاً ، ويبكي بعدها حَبُّ المطرْ
مَلِكُ الوداعِ تحفُّ فيه الذكريا
ت ُحفيفَ أنسامٍ بأوراقِ الشجرْ
ما ملَّ ضافرُ ليلِكِ الغافي، ولـ
ـكنْ أدركَ الصبحَ المشعشِعَ فاختَصَرْ
لبسَ الهواجسَ مِعطَفاً وجهينِ من
شوكٍ ومن فَرْوٍ بمختلَفِ الغِيَرْ
يا روحُ لـم تُبقِ العواطفُ خفقةً
لأطيرَ ثانيةً ، فخلِّ ليَ الفِكَرْ
لروابطِ التفّاحِ والرُّمّانِ والإلـ
ـهامِ والأوراقِ أذكارُ القمرْ
صاهرتُ ليوانَ الديارِ وشُرفةَ الـ
ـنّارنجِ والدنيا وكَوَّنّا أُسَرْ
شكّلتُ ألفاظَ الحروفِ بأدمُعي
ونقَطتُ سلوى أبجدياتي شَرَرْ
أرْخَتْ خيوطَ سُهادِها وتعارفتْ
في غزلِ فاتنةِ الهوى ثُقَبُ الإبَرْ
ولكلِّ طيفٍ آسِرٍ قيدٌ يَرِنُّ
بمسمعَيَّ قوافياً أنّى خطرْ
وفَّيتُ من لم يوفِ شامي سهمَها
ألقى مكاييلَ التقشُّفِ واعتذَرْ
آهٍ .. أُسَنبِلُها بِنايِ سريرتي
والبَعدُ يحصدُها بمِنجَلِه ثمرْ
وأهابُ أبراجَ الونى، وأنا بعهدٍ
يتّكي حيناً على قلمي الكَبَرْ
الخوفُ والقلقُ الميَسَّرُ مَسبَلا
شِعرٍ من الظِّفرِ النعيمِ إلى الحُفَرْ
هذي سبيلي لا يَتوهُ مُريدُها
في كلِّ زاويةٍ فؤادٌ أو مَدَرْ
يا صاحِ هُزَّ أريكتي فلعلّني
بخميلةِ الكلماتِ يأخذُني السَّكَرْ
يا (جِلَّقَ) الأحبابِ حطّتْ رحلتي
أنساكِ فُوكِ بِفِيَّ أمتِعةَ السفرْ
ما زلتُ أصغرَ ليلةٍ من شمعةٍ
ينزاحُ عن مِشكاتِها غَبَشُ البصرْ

5/2/2015م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق