الأحد، 19 فبراير 2017

بين صورتين / فيزياء الجمود وفيزياء اللغة // بقلم الاستاذ صلاح البابلي /// العراق

بين صورتين ،
فيزياءُ الجمود وفيزياءُ اللغة.
كثيراً ما يلجأ الشعراء إلى صياغةٍ مفاهيميّةٍ معيّنةٍ بمعرض حديثهم شعراً عن صورةٍ ما ويُرادُ من هذه الصياغة إخضاع اللغة قسراً الى فيزياء الوهم الذي تمثّله الصورة لذاتها.
وقد يعدّونَ هذا الأمر تمكّناً إبداعياً ولكنهم مخطئون لسببين..
أولاً ..
اللغة بوصفها كيان بيولوجي_ كما يصفها تشومسكي -قائمٌ بذاته يسري بالتوازي مع عنصري الزمان،المكان ولكنه منفصلٌ عنهما حقيقةً ولهذا فعملية إقحام النظام اللغوي في عملية وصفِ الصورة عملٌ ساذج لأن الصورةَ تمثّلُ لحظةَ انسلاخٍ واقعية من مفهوم الزمن غير المتلاشي 
أو هي لحظة توقف زمني مقصودةٍ لذاتها 
وتمثل أيضاً عملية توقف ديناميكيا التشكّل المكاني وكلا الأمرين دونَ اللغة بسريانها توازياً مع زمكانها القابل،
وهذا الخلل في فهم المنظومة اللغوية (الفوقية) هو الذي يُؤدي الى تحجيم اللغة 
بعنصري زمن، مكان. تمثّلهما صورةٌ ميتة حصراً.
ثانياً..
اللغة كيان ثنائي البُعد وفق مرجعيّةٍ فوق فيزيائية تُنتِجُ نفسها بإعادةِ تشكيل المعنى 
اذا عرفنا بأن المعنى في أصلهِ صورة
أخرى لتكامل البُعدين صوت .صورة،دال،مدلول...
وعلى هذا لايمكن انتاج الصورة في وصف الصورة المخصّصةِ بزمن والمحددة بمكان 
وهذه هي مشكلة اللغة ومكمن خطورتها 
بقدرتها الفائقة على اعادة تشكيل الصورة لغوياً .
فوق مفهوم الزمكان كعنصرٍ محض يُحيلُ الى آليّة فهم الصورةِ المُنتَجة .
ولذا لا يجبُ أن يُحط من اللغة وتقحم في عملية انتاج الحياة لصورةٍ ميتة.
---صلاح النبهاني---

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق