السبت، 18 فبراير 2017

أيها الموت رفقا بالحياة /// للاستاذ رسول مهدي الحلو /// العراق

( أيها الموت رفقاً بالحياة )
أيها الموت ،
لم تغب في زياراتك لنا ولم تشعر بمللنا في تردادك علينا وقد قالوا :
( زر غبا تزد حبا فمن -- أكثر الترداد أضناه الملل ) ،
ولم تخصص لنفسك من يضيّفك فلا طفل تعذره لصغره ولا فتى تستبقيه لمستقبله ولاشابا لإمله ولا مريضاً لحرجه ولا إمرأة لترى آخر مشاهد خيالها عندما كانت تناغي رضيعها وترسم صورة قادم الأعوام له في أسعد أمنياتها بأن تسعى في تأدية زواجه ،
ولكنك يا موت سبقت خيالها لترحل معك قهراً دون مُناها وفي القلب غصة وفي الروح حرقة ، 
أيها الموت ،
لما لا تأبى الضيم فلا تستسلم لمن يقودك إلى الحضيض من نزواته ، 
ولما لا تقاوم من يصلبك على جسده ليزرعك في بسمات الطيور الناعمة وفي إحلام القلوب اليافعة وفي صبر مواجع الشيب ،
أيها الموت ،
لما لاترفق بالحياة الجريحة المسالمة المفعمة بالحب والبهجة والطافحة بالسعادة والغبطة لولا إن يجني عليها الجناة الذين أمتطوا صهوتك في جنايتهم .
أيها الموت ،
ليت الذين يدفعون بك إلى دور الأمان أو ساحات الخبز أو مجالس الراحة أو محاريب العبادة أو رياض البراعم ليتهم لم يعصبوا عينيك عسى إن تلوذ بالشجر أو تختفي خلف الجدر دون إن يخطف عماك دمية طفلة غافية بين يديها ،
ولكن هيهات إن يتركوك دون تتعثر ،
أيها الموت ،
رفقاً بالحياة ورفقاً بأبناء الحياة .
رسول مهدي الحلو .
العراق .
2017 / 2 / 17 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق