الثلاثاء، 19 سبتمبر 2017

إضاءة على نص الشاعر : جاسم آل حمد الجياشي // إغفاءةٌ /ـ فوق رمال متحركة ! // بقلم الاستاذ حسين الساعدي // العراق

إضاءة على نص الشاعر "جاسم ال حمد الجياشي" (إغفاءةٌ
/ــ فوق رمال متحركة!)
بقلم/ حسين الساعدي
إغفاءةٌ /ــ فوق رمال متحركة!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بيني وبينكَ 
حلم رخْوٌ /ــ تقاسمتهُ أمانينا 
اللازوردية !
مقلتاك شاردتان 
ومقلتايَ ضائعتان 
تختزلان قصص العشق /ــ تنْطِقان 
كل شيء /ـ إلا الحقيقةَ !
تُخاتلان الفرح /ــ الخوف 
لهما هوية ٌ!
كيف الثبات /ـ إذًا
وهوّ يتمطى 
بكل هدوءٍ وروية !
فتعالَ/ــ نستل بهدوءٍ 
مزلاج باب هذا
الحلم الرخْوِ /ــ الراقص لظاهُ 
على أنغام ريح 
شمالية /ــ واحذرْ
أولئكَ /ـ العسسَ المطلة َ
فوهاتُ أعينهم !
على طول مدياته الشرقية 
والغربية !!
هم صيادُو الأمل 
بأناقةٍ معهودة !
تمسّكْ بمصباحكَ جيداً
فقبلكَ ديوجين 
يشكو ضياع مصباحهِ
نبثُّ الصوتَ أعلى
أع ـ لى 
ــ أ
ـــــــ ع
ــــــــــــــ ل
ـــــــــــــــــــ ى /ـ غناءً
نصلي صلواتنا خلفَ تلال 
الضوء الزائفِ 
يجيء الصدى /ــ هنا يرسو شراعُ
غربتنا البعيدة ِ
هنا نقبض على اذرع 
الضوء كيْ لا تلامس َ
جرحَنا ويصرخ !
واعلم /ـ ؟ بان اللظى لن يؤديَ رقصته 
إلا إن عانقته الريحُ !
في سقف هذا الحلم الرخو !
يجيء الصدى 
عكس أنبثاق الصوت 
رخو
ـــــــــ رخو 
ــــــــــــــــ رخو 
ضع يدك في يدي /ـ اُشبكها 
فنعدو معاً 
عيناكَ لهفتان 
وعيناي حرقتان 
عيناك بوابتان 
يسكنهما الدمع
وعيناي نافذتان 
مشرعتان للقمع!
تعال نكتمْهما حسرتيْن 
ندفنْهما خيبتيْن 
عندَ تلال اللظى الراقص 
خلف أسيجة الريح !
قراءة النص الشعري ، عملية معرفية قبل أن تكون أستكشافية ، يمكن على ضوء هذه القراءة الوصول إلى فهم وإدراك مكنونات النص ، من خلال منهج وصفي يتبنى المعايير النقدية ، الأستدلالية والأنطباعية ، لأن النص في أغلب الأحيان لا يسعفنا في الولوج بحرية أوسع إلى قراءة مفتوحة لمعرفة فلسفة الشاعر . 
وعند قراءة نص الشاعر "جاسم ال حمد الجياشي" (إغفاءةٍ /ــ فوق رمال متحركة!) ينبغي أن نبحث عن مداخل النص لبيان عما يحمله من رؤى ، وما يختزنه من دلالات ، وكشف المضمر فيه .
الذي يستوقف القارئ مذ أول وهلة هو حالة (الأندهاش) أن يكون (الحلم) من (الأماني) !!! وهذا المعنى إن دلل على شيء إنما يدل على عمق الواقع المرعب الذي يعيشه الإنسان (العراقي) ، حين يصل به الحال أن تكون (الأحلام) جزء من (أماني) يرجى أن تتحقق ، كذلك نرى إنسان هذا الـ(حلم الرخو) الـ(إغفاءة) مستلقي على (رمال متحركة) ، في طريقه أن يكون كابوساً ، لأنه نتاج مقلتين شاردتين ضائعتين .
بيني وبينكَ 
حلم رخْوٌ /ــ تقاسمتهُ أمانينا 
اللازوردية !
.
.
مقلتاك شاردتان 
ومقلتايَ ضائعتان
الشاعر يجسد خطاباً قلقاً، مرتبط أرتباطاً كلياً بالوطن ممزوج بالمشاعر الوطنية التي تنم عن قلقاً وجودياً ووطنياً ، فخطاب العينين ينتهي إلى خطاب قلق وطنياً .
(مقلتاك شاردتان) والشرود يعبر عن قلق نفسي ينم عن فقدان المرء إحساسه بالمكان والزمان وعدم قدرته على الإدراك والإنشغال في أمور أخرى لاتمت للواقع بصلة .
و(مقلتايَ ضائعتان) الإنسان وفق المنظور الوجودي يعيش الضياع والقلق والألم ، فهو عالق في دوامة عميقة من الضياع ، لايستطيع أن يتعرف من خلالها على ذاته ، ومعرفة الذات هي إشكالية معقدة يعانيها الإنسان المعاصر .
هاتان المقلتان تحملان (هوية) ، وسؤال يطرح بـ(هدوءٍ وروية !) ، كيف الثبات؟ السؤال يحمل في طياته (أزمة هوية) ، قد ينتج عنها (أزمة وعي) تؤدي إلى ضياع تلك (الهوية) ونهاية وجودها . كيف لا ، وهناك واقع مأزوم متشظي منفعل يتوسد (رمال متحركة) .
هاتان المقلتان الـ(شاردتان/ضائعتان)
(تختزلان) كل شيء (إلا الحقيقة) ، الغائبة عن الوجود في ظل صراعات الأدلجة ، وهي مصدر إشكالية جدلية عند الفلاسفة ، ونتيجة هذه الإشكالية تم أدلجتها مما أدى الى ضياعها بين الأجتهادات ووقوعها بين إشكاليات ومزالق فكرية متعددة .
بيني وبينكَ 
حلم رخْوٌ /ــ تقاسمتهُ أمانينا 
اللازوردية !
مقلتاك شاردتان 
ومقلتايَ ضائعتان 
تختزلان قصص العشق /ــ تنْطِقان 
كل شيء /ـ إلا الحقيقةَ !
تُخاتلان الفرح /ــ الخوف 
لهما هوية ٌ!
كيف الثبات /ـ إذًا
وهوّ يتمطى 
بكل هدوءٍ وروية !
حلم يبحث عن منفد للهرب ، يتلمس مزلاج لينجو به من فوهات أعين العسس . أستحوذوا عليه من أركانه (شمالية ، شرقية ، غربية)
فتعالَ/ــ نستل بهدوءٍ 
مزلاج باب هذا
الحلم الرخْوِ /ــ الراقص لظاهُ 
على أنغام ريح 
شمالية /ــ واحذرْ
أولئكَ /ـ العسسَ المطلة َ
فوهاتُ أعينهم !
النص يحمل شكوى وهواجس وضياع وطن تتقاذفه رياح التقسيم وصراعات تذهب به الى المجهول ، وطن يحمل مصباح (ديوجين) في وضح النهار باحث عن رجلٍ فـي معاجم الـرجـال (أونسـت مـان) شـريف ، فاضــل ، صـادق ، مخلـص ، متواضع ، بــريء ، الشاعر يحث على التمسك بالمصباح حتى لايؤدي به الأمر الى ضياعه .
تمسّكْ بمصباحكَ جيداً
فقبلكَ ديوجين 
يشكو ضياع مصباحهِ
الغربة أن ينفصل الانسان عن ذاته ثم ينتهي به أن ينفصل عن المجتمع ، وهذه الغربة شكلت جزء من إنسان هذا الوطن المحملة عينه بـ(اللهفة ، الحرقة ، الحسرة ، الخيبة) .
ضع يدك في يدي /ـ اُشبكها 
فنعدو معاً 
عيناكَ لهفتان 
وعيناي حرقتان 
عيناك بوابتان 
يسكنهما الدمع
وعيناي نافذتان 
مشرعتان للقمع!
تعال نكتمْهما حسرتيْن 
ندفنْهما خيبتيْن 
عندَ تلال اللظى الراقص 
خلف أسيجة الريح !
النص يمتاز بعمق المعنى والتنوع الذي يحدث دهشة وتفاعل واتساع دلالي . فهو -النص- يحمل قضية وطن وهموم إنسان . فالشاعر يقدم نموذجاً شعرياً منزلق عن الداخل العراقي ، منحته رؤية وجودية لحاضره من خلال ما يمتلك من وعي أبداعي ومعرفي . فهو يزاوج بين حالة الأنكسار وحالة مرارة اللحظة التي يمر بها الوطن . ينسج من خلالهما الكثير من الصور الشعرية المثقلة بالهموم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق