السبت، 23 سبتمبر 2017

الفاتح من محرم / للشاعر الاستاذ : عبد الزهرة خالد // العراق

الفاتح من محرم
-------------
حينما يأتي ( الحسين ) في غرة محرم يجدني قابعاً تحت رايات ترفرف في صورهِ المطبوعة بألوان الرياء ، أجوب سرادق الولائم والنياح من هنا يبدأ الحديث لكن بلا تنقيط واستفهام ويدون وعاظ السلاطين ما أقول.
يسألني عن الكثير لا أعرف الجواب فهو مقطوع منذ الصباح ذاب مع الندى الذي ينطق بصراحة الغبش ويعرف عن كلّ ما يدور لكنه يستسهل الأمور غير عسير عبور الجسور الى ضفة القصب الثابت بالاخضرار يجابه حقيقة عيون الشمس وتعود الى ذيول الغروب منكسرة من فعل الخرير وأصوات الخوار لكنه ليس من ذهب ..
يأتي وماذا يجد بعد .. ثياب نُزعت قبل القبور وأجساد طهرتها الشظايا قبل التطبير والطبول عادتها تكسر زجاج الليل وتقطع الطريق عن المرور الى حافة الانكسار بالتخيير ، قتلوه - قبل أنّ يأتيني مرة أخرى - ونحن نبحث عن أنامله لعلها تحمل خاتماً لنا وعن ضرسٍ كان في بالي ألف معجم وقاموس ، جسده العاري يعاتب الشمس التي أعطت كل ما بوسع نورها لتبعث الحياة في الجذوع الرمادية وتبدو تعاين الجذور، لم يبق للدم أثر بعدما انبلجت الغبرة عن سنابك الخيل ووفروا له فراغاً وهواءً يحرسه من وحوش الصحاري يأخذوا الضعيف من عياله ويرحلوا نحو الشمال ، آه يا حب الشمال عند البشر وتباً للجنوب يعاقب بذنوب الأخرين ، هكذا رسموا الحسين مثلما يريدون دوامة من نحيب وفقاعة حسرة تنحسر يوم عاشوراء ذا يهنيء وذا يبكي وتم التأويل كما قال لهم يوسفهم المسجون في غياهب قصور الأمير ستمرّ عليكم سبع عجاف وسنابل الشحوب تزين الوجوه.
لا أريد أن أكتب المقتل من جديد ولا أستنهض ( الكعبي ) ليقرأ بأعلى صوت وتزغرد الدموع من مكانها تنزل ساقطةً من شدة الخجل فالوقع كبير نبرأ ونستغفر ليل نهار ونتصدق بحسناتنا لفجّارنا علناً ونكنز الذهب والفضة ليوم عسير لنلاقي أفواج المحسنين ساعة التلاقي.
نرى الحسين مرة أخرى ، لا نقتله أبداً لكن سنعذبه بحالات نفسية واستفزازية ربما ينفجر وينتحر ولم يكن منا السبب يرانا عراة نطوف حول الكعبة في كل الأوقات ونتجاوز الأهلة والهلال المصنوع من سكاكر اليتامى ، لأننا نحب النوافل ونترك الفرائض هكذا قال لنا اليقين ، يعلمنا الحسين ونتغاضي ما نعلمه ، ونعلمه ما نقول لأجل القول فحسب ، ونفعل من أجل مكرمة الوزير سنقنعه يأتي معنا لنبايع الأمير ويترك البيعة في بواطن يثرب لتغور للآبار الإرتوازية قد يحتاج مياهها الرعاة العزل أثناء التنقل من البادية الى التحضر ويتركوا الأبل والخيام لهوادج الأسارى ورؤوس القنا بيد الجناة..
يأتي الحسين ويهبط في أحد المدرجات والمطارات تعج بضجيج المكبرات الصوت تقصف وتعود غاضبةً من زحف الغيوم وينتهي فيها موسم المطر ، والظمأ يعمّ على سعف الأحتفالات لأن يوم الغدير أنتهى مفعوله قبل قليل ولم يؤثر في مغص البطون ، سيحمل عندما يفتشه شرطي الكمارك أكياساً من دقيق بعبوة دبلوماسية تستحق المرور والتقدير..
وأعتقد أنه مدعو في أحد مهرجانات المرابد أو أفلام الوثائقية أو يجلس بيده فأسه المثلوم مع رجال ( المسطر ) في ساحات البناء والرمل والطابوق .. ويودع لوحاته الفنية في معارضنا لنبيع ألوانه وريشات الفن المستدير.. كونوا على ثقة عندما يأتي سأجعله يلف ويدور ولا يعرف أين المستقر فالعمائم أزرعها في طرقات المسير كي يرانا أننا حسينيون بالايحاء والتوصيل ولا يدرك أعمالنا غير أنها هباء وثبور....
---------
عبدالزهرة خالد
البصرة / ١٨-٩-٢٠١٧

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق