الأحد، 19 نوفمبر 2017

المواطنة حق وواجب // مقال : للاستاذ ستار مجبل طالع // العراق

المواطنة حق وواجب 
للقيم دور مهم واساسي في بناء العقل الجمعي للمجتمعات المتحكم بسلوك الافراد والجماعات وتوجيهها لتسير وفق نمط متوقع يبني ويطور نمط الحياة ويحسن من جودتها بما يجعل الافراد قادرين على العيش بكرامة والمشاركة بشكل فعال وكفوء في الحياة العامة ويساهم في استمراية تطوير جودة الحياة ارثا يسلم للاجيال القادمة واحد هذه القيم التي تشترك جميع المجتمعات فيها وهي بذلك قيمة اجتماعية سياسية عالمية هي قيمة المواطنة التي لها مفهوم يرسم طبيعة العلاقة التشاركية المتفاعلة بين المواطنين انفسهم ومع الدولة كنظام سياسي يقود الدولة والمجتمع وهو مفهموم له تاريخه العميق في الحضارة الانسانية بدات بوادره الاولى في المبادرات الاولى في سن القوانين التي نظمت العلاقة بين الافراد والمجتمع في الحضارة السومرية والبابلية واشهرها تشريعات حمورابي 
المواطنة مصطلح اجتماعي سياسي يطلق على العلاقة بين الفرد والمجتمع الذي يعيشان في وطن ذو دولة ما وهو يحمل مفهوم يؤطر ابعاد هذه العلاقة ويوجهها باتجاه تحقيق حياة افضل للفرد في المجتمع وهي تلك العلاقة التشاركية بين الافراد والدولة التي يعيشون فيها وهي هوية مميزة للفرد والمجتمع امام الافراد والمجتمعات والاخرى وهي العلاقة العضوية التي يتمتع بها فرد في دولة ما وتمنحه امتيازات( حقوق؟) وترتب عليه التزامات معينة ( واجبات) وهي بذلك نظام حقوق وواجبات في الوقت نفسه، يحدد حقوق المواطن التي هي واجبات على الدولة ويحدد واجبات المواطن التي هي حقوق الدولة. وتنقسم كل من الحقوق والواجبات الى حقوق وواجبات مدنية وسياسية واجتماعية فالحقوق المدنية تتضمن الحرية الفردية، وحرية التعبير والاعتقاد والإيمان، وحق التملك، والحق في العدالة، ويتحقق العنصر المدني في المواطنة في المؤسسات القضائية بينما الحقوق السياسية تتضمن الحق في المشاركة في الحياة السياسية بوصف المواطن عنصراً فاعلاً في السلطة السياسية، من خلال البرلمان. اما الحقوق الاجتماعية فتتضمن تمتع المواطن بخدمات الرفاهية الاجتماعية وإشباع حقوقه الاقتصادية، مثل التعليم، والضمان الاجتماعي والصحي والعمل والسكن والامن والعدالة الاجتماعية وغيرها 
اذن المواطنة هي حقوق التمتع الشخص بحقوق وواجبات وممارستها ضمن حدود دولة معينة تستند الى حكم القانون , يكون المواطنون فيها متساوون في الحقوق والواجبات لا تمييز بينهم وفقا للدين او النوع او اللون او العرق او الموقع الاجتماعي وعليه يحقق القانون المساواة داخل المجتمع ويفرض النظام ويجعل العلاقات بين الناس متوقعة اي تجري وفق تصور مسبق يعرفه ويرتضيه المجتمع , ومما يكمل المساواة بنوعيها القانونية والسياسية هو توفر وضع اجتماعي واقتصادي يحقق للمواطن احتياجاته الاساسية ويمكنه من التمتع بموارد مجتمعه على قدم المساواة مع الاخرين , اضافة الى توفر مؤسسات تعليمية وتربوية تعمل على تنشئة الاجيال القادمة على قيم المواطنة والمساواة والحرية وقبول الاخر والتنوع
يعبر عن المواطنة بمشاركة المواطنين في الشان العام من خلال المشاركة بالرأي والصوت الانتخابي وومارسة المنصب السياسي, وترتبط مدى المشاركة بعمق الانتماء للوطن الذي يعيش فيه ومدى الاستعداد الدائم للعمل من اجل تقدمه وتطوره
كثير منا يشكوا من عدم التمتع بحقوق المواطنة كاملة قانونيا وسياسيا واجتماعيا بسبب معوقات كثيرة تمنع المواطن من نيل حقوقه كاملة وهذا ما يتطلب العمل والكفاح والسعي الدوؤب لنيل الحقوق كاملة لاتها ليس منحة بل هي حق مكتسب بالعمل وهي ليس هبة من احد بل هي مسؤولية على المواطن تحملها وأداءها بفعالية وهي حقوق متطورة ومستمرة وليس حقوق جامدة 
وقد يسئل سائل عن الفرق بين المواطنة والوطنية فيمكن القول ان الوطنية ظاهرة نفسية اجتماعية مركبة، قوامها حُب الوطن أرضاً وأهلاً، والسعي إلى خدمة مصالحه. أو بعبارة أخرى هي ظاهرة نفسية فردية وجماعية تدور على التعلق بالجماعة الوطنية وأرضها ومصلحتها وتراثها والاندماج في مصيرها. بينما المواطنة ظاهرة مركبة محورها الفرد، من حيث هو عضو مشارك في الجماعة الوطنية، وفي الدولة التي هي دولتها. وهذا الفرد وهو بهذه الصفة خاضع لنظام محدد من الحقوق والواجبات. وبعبارة أخرى: الوطنية والمواطنة وجهان متباينان من وجوه الارتباط بالجماعة الوطنية، ووجودها السياسي.
ستار مجبل طالع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق