الجمعة، 2 ديسمبر 2016

مقامات عشق / للشاعر عبد الجبار الفياض / ارتسامات نقدية للاستاذ صالح هشام / المغرب


مقامات عشق/ للشاعر عبد الجبار الفياض 
ارتسامات نقدية بقلم الأستاذ صالح هشام 
وإن كان شعره كله روعة قلائد وجواهر متفردة ، فإن هذه المقامات الثلاثة عشر من أجمل ما أبدعته قريحة الشاعر السومري الكبير عبد الجبار الفياض ، مقامات جمع فيها براعة الشاعر والعارف الموسوعي ، فهو المؤرخ و هو عالم النفس وهو عالم الجيولوجيا و هو عالم الاسطورة، إلمام بكل هذه المعارف والأفكار الإنسانية في قالب شعري رائع لا تسري فيه حكمة العصو ر وحدها وإنما يجري فيه كذلك جنونها ، فما أخطر أن تكون وريثا كما عبر عن ذلك الفيلسوف نتشه ، في كتابه (هكذا تكلم زرادشت ) !
وانت تقرأ ( مقامات عشق )، تشعر بالشاعر يقوم بعملية مسح جيولوجي و طبوغرافي و تاريخي ، و أسطوري أو سميه ما شئت من أول مقامة إلى آخر هذه المقامات التي يحلو لي أن أسميها عقدا فريدا بجواهر متفردة :
فأينما تولي وجهك إلا وتطالعك أرقى الأفكار الانسانية والمباديء العليا ، تؤتث نص عبد الجبار الفياض فهو يحملك إلى الإمتاع على أجنحة الابداع ،فيتوه بك في مغارات سحرية لا تتأتى لغير العارفين بفن الاستغوار ، يسائل في متاهاتها الموتى ، ليبحر في أدمغتهم وينهل من إبداعاتهم ، فيعيد إحياءهم ليعيشوا بيننا ونعيش بينهم !
ولعمري هذا هو الإبداع المتميز ،هذا الذي يربط بين الماضي والحاضر ، ويجعلك تعيش حيوات لا حصرلها في حياتك القصيرة لكنك حتما ستعيشها عريضة ،لكن إ ذا كنت من المهووسين بتفكيك الرموز الاسطورية وإبطال مفعول الألغام في النص وتحليل الشفرات ،و استجلاء مواطن التناص والامتصاص ، أما إذا كنت من أصحاب النصوص الحافية التي لا تتجاوز نقل بعض المعاني المبتدلة ، فأوصيك بأن تقرأ هذه المقامات بحذر شديد ، فالشاعر يفتت فيها زمن الأسطورة بكل تجلياتها بأبطالها وأمكنتها وأزمنتها ويعرج على التاريخ وعلى عباقرة القصيدة الجاهلية ( كالضليل المغدور سما وعنترة ومن ثم إلى روائع الأدب الغربي التي تخرج عن حدود الزمان والمكان (روميو ايقونة الحب العذري) ، ولا ينساه أيضا في الفكر العربي!
( مقامات عشق ) رائعة تمتص ما ترسخ على جدران أرشيف الذاكرة البشرية من ( لعنة الخروج من الفردوس )إلى التفكير الأسطوري البدائي إلى الإشارة إلى تاريخ مصر القديمة . امتصاص هذه النصوص المتراصة كترسبات الصخور الكلسية تنصهر في قريحة الشاعر الكبير المتعطش إلى استحضار الماضي بكل تجلياته وعلومه وآدابه في هذه الباقة من الحروف المفعمة بالجمال الذي يتجلى في طريقة الربط بين الأمس واليوم وإن بعدت المسافة الزمنية إن لم نقل حتى المكانية . 
فيمتص ، ويمتص ، بلا هوادة وروعته إبداعه تكمن في قدرته على الامتصاص والتذويب والصهر لخلق نص بركاني تغلي حممه تبحث عن فتحة الخلاص ، عن نقد وناقد متميز ليخرج هذه الجواهر من بين طيات السطور ، التي تنحو منحى التميز ، هذا الانصهار النصي في رائعة الشاعر وإن كانت تستقل ببنيتها الخاصة كقصيدة ، كأيقونة إبداعية قل نظيرها في مجال الشعر الغني بالمعارف الإنسانية عبر التاريخ في عصرنا الحديث وإذا أردت الوقوف على حقيقة ما أقول ، وتعرف بأني لا أطلق الكلام على عواهنه ، أوصيك بأن تبحر في هذه الرائعة وكن على يقين سيدي القاريء بأنها بحر بلا شطآن وربووع بلاحدود وصحاري بلا رمال فهييء لها العدة والعتاد .
يحقق الشاعر هذا النص الكبير غير القابل للتحجيم من هذا الكم من الدلالات الرائعة حتى التخمة و القابل عبرها للإنتشار .فهو يبنيه من هذه الاقتباسات المتداخلة مع نصوص أخرى ومن إرجاعات وأصداء ومن لغات ثقافية غامضة الهوية غير قابلة للرصد إلا إذا كان المنظار فعالا قادرا على ذلك ، وأعتقد أن الناقدة [جوليا كريستيفا ]كانت على حق عندما اعتبرت أن ( النصوص تتم صناعتها عبر امتصاص وفي نفس الآن عبر هدم هذه النصوص الأخرى للفضاء المتداخل نصيا ، ويمكن التعبير عن ذلك بأنها ترابطات متناظرة ذات طابع خطابي !
تختلف النصوص المهدمة والتي أعيد بناؤها في رائعة (مقامات عشق ) من حيث المضامين والمحتويات المنصهرة فيها من أدب (عنترة /روميو /الملك الضليل المسموم ....،) وكذلك التاريخ (العباسة أخت الرشيد / نفرتيتي .....)والاسطورة (عشتار /ديموزي / دونيسوس....) وأنا في هذه المشاركة للنص لا أدرسه نقديا وإنما أستعرض بعض ما تتميز به هذه الأيقونة الشعرية كرائعة من روائع سليل المدرسة العراقية الرمزية وأعتقد أن تحديد هوية هذه النصوص الغائبة الإنسانية الضاربة في عمق التاريخ . تستوجب توفر القاريء/ الناقد على المعرفة الموسوعية لأن النص يتعالق مع مختلف المعارف الإنسانية .وحتى يتسنى له دراسة هذه المقامات يكون ملزما بتوظيف جميع أدواته النقدية في مختلف العلوم على اعتبار أن النقد الناجح يتعالق دوما مع علوم تختلف فيها المشارب .
وإلا فلتترك هذه المقامات لذوي الاختصاص والمعرفة الموسوعية حتى يتسنى لهم تحديد هوية هذه النصوص الغائبة التي امتصت منها رائعة( مقامات عشق )على مستوى التناص بمختلف أنواعه أو الاقتباس أو التضمين أو التوارد أو التداعي فجماليات هذا النص لا تقل أهمية عن نصوص الشعراء الرواد في مجال الرمز بالأسطورة من إليوت الشاعر الإنجليزي إلى الشاعر السومري بدر شاكر السياب ، كيف ل وقد ابدعت قريحة شاعر متميز . بورك هذا الفيض الشعري الكبير من ذائقة جمالية وقريحة شعرية كبيرة !
صالح هشام /المغرب
مقامات عشق 

دانيةٌ 
حُبلى سفاحاً . . . 
ثالثُ اثنين
يصفعُ وجهَهُ قفاه
ينفتلُ مُنزلقاً
لذةً 
يجمعُها طبقاً بين تحتٍ وفوق
دفءَ اشتهاء . . . 
كُلُّ الحروفِ لُفافةُ صمتٍ
ممنوع 
في مُباحٍ
خطيئةٌ 
تتجردُ
بوحٌ بلا أزرار . . .
صفرٌ 
ينمو
أوراقُ التوت 
لا تفقهُ من لغةِ العُريّ حرفاً
غيرَ اللّمس !
أيُّهما احتمى بظلِّ الآخر؟
تراجيديا العينِ الواحدة
من رحمٍ واحد
تُولدُ الأضداد . . .
الثالثُ 
يخرجُ ضحكتَهُ الأولى
الأثنان
يلتصقان 
الحرفُ الأول 
كانَ قبلةً في أبجديةِ الوجود !
. . . . .
2
الأفعى الآتية من الفردوس
سمُّها رضابٌ
أسكرَ صخراً 
ولو لم تنبجسْ منهُ أيةُ عين . . .
أيُّ فحيحٍ هذا الذي لم تأتِ به قيثارةٌ أو مزمار ؟
أيُّ ملمسٍ لم تكنْهُ في الكونِ فاكهة ؟
أيةُ قبابٍ تلكَ التي تسجدُ في محرابِها الفصول ؟
يأتي عُطيْل 
عنترةُ
روميو
هو 
هم
ولا يفقدُ نصفاً من عقل !
يلبسُ الضليل حلةً مسمومة
يستلذُّ صاحبُ ولادة بجدرانِ سجنِه
بقوسهِ
يحتضنُ أديسيوس حبيبتَه 
ما كانتِ الصّحراءُ سوى جنةٍ 
يطاردُ المجنونُ شبحاً لهواه 
العباسةُ 
لا تُريدُ أنْ تصمت
فسحابةُ الرّشيدِ لم تُغطِ سماءَها !!
. . . . .
3
عشتار 
انسلّي بهدوء . . .
ليس إلآكِ في مساحةٍ 
عرضُها سنواتُ انتظار . . .
دعي ديموزي 
يُكمل حلمَهُ بساطاً أخضرَ 
تفترشهُ الأبصارُ دنيا بثوبٍ أبيضَ . . .
وقتَ تغادرين ضُحاكِ المُترفَ
بمهضومٍ أهيفَ
بنعاسٍ 
شربتْ نصفَهُ الوسادة
تكونُ السنابلُ قد انحنتْ
لقطافٍ
ما أتى زمنٌ بلوحةٍ أجملَ من الموتِ عشقاً !
لا تكتُمي 
السّعادةُ ما تكتمين 
الحقولُ 
باحتْ بكُلِّ شئ . . .
مضاجعةٌ 
تباركُها أفواهٌ ضارعة 
الأبوابُ مُشرعة . . .
الشّمسُ
أنجبتْ نهاراً 
بينهُ وبينَ غروبهِ عشبةٌ من عالمٍ سفلي . . .
العتمةُ أسيرةٌ 
تعصرُ اللّيلَ خمراً 
يغسلُ قدميْكِ . . .
تتخشبين غروراً
إلا عينيْكِ تطفحانِ بلذةٍ خرساء 
صوتُكِ يخبو نداءً لدفءِ السّرير . . . 
لوزٌ 
ينفلقُ
ألغيرهِ تذهبُ القُبَل ؟
عشتارُ 
هذا يكفي
ديموزي 
لا يحتملُ كُلَّ هذا الجنون !
. . . . .
4
أيُّها الخشبُ 
من سُلالةِ أيِّ خيلٍ أنت ؟
استبطنوكَ موتاً . . .
كم تمنيتُ لو أنَّ هذا البحرَ لم يكنْ 
وأنَّ ناراً شوَّهتْ هذا الجمال . . .
لم أدرِ إنَّ عشقاً يتعمّدُ يوماً بدماءٍ
تحت عرباتٍ 
جَنَّ فوقَها قطفُ أرواح . . .
بشعٌ 
ذلكَ الأحمرُ الذي مُكرهَاً غادرَ أوداجَه 
لكنه وهج استلذه
أكرهُ نفسي أمْ أجلُّها ؟
لخطيئةٍ أكرهُها 
أحبُّها لغرور
بوصلةٌ 
لا أدري أيَّ اتجاهٍ تختار ؟
بوصلةُ الأنثى ارتعاشةٌ منفلتةٌ 
بلا جناحيْن 
تختارُ العشَّ الذي تُريد !
. . . . .
5
يا آلَ آمون 
إنّكم تأكلونَ الزّمنَ قصاعَ ثريد
ارفعوا هذا القرفَ الذي تعبدون 
لقد غصصتمْ بلحمِ بقراتٍ سمانٍ
التخمةُ
تغلقُ أبوابَ السّماء !
قد يخدعُني اللّونُ 
لكنْ 
لا تخدعُني الرائحةُ . . .
ألمْ تروْا أنَّ النيلَ يجري في عيوني هذا الصباح 
أرى أعمدةَ القصرِ غصوناً والهةً 
تراقصُ نفرتيتي . . .
ليتهاوَ هذا الرخامُ البارد
كلّما ارتفعَ 
تقزمْنا تحتَه !
النيلُ
لا ينسى خالداتِ قصائدِه
يا خالداً
يدَكَ
فإنّي عاشقٌ لا مَلِك !
. . . . .
6
سبعةُ أبوابٍ 
تُغلَق
الجُدُرُ 
تكتمُ ثرثرةَ ثيابٍ فضفاضَة
تتّقدُ تحتَها مَجمرةٌ . . .
حدقاتٌ 
تتسعُ
أيُّ معنى لحرفٍ لا يطفحُ غزلاً
يقدُّ قميصاً . . . 
نهاياتٌ
تقفُ على رأسِ أُبرة
لا مسافةَ بين نعمٍ ولا . . .
أصابعُ تهمُّ 
أنْ تُغمسَ في عسلٍ أسودَ . . .
كُلِّ شيءٍ 
نزعَ ما كان 
خطوطٌ تتعامدُ
لا تلتقي . . .
ثمارٌ 
تتساقطُ دون عاصفٍ
قطافٌ
النّواطيرُ نِيام . . .
مكانٌ 
يتنفسُ برئةِ زمنٍ مُقفل
تُفتحُ الأبوابُ 
المفاتيحُ لا تخونُ ثقوبَها !
قالوا ما قالوا
إلا ما لا يملأُ حوصلةَ عصفورٍ
فضاءٌ 
يسخرُ من غطاءِ رأس . . .
بخيطِ عشقٍ واهٍ 
خنقتُ الطاووسَ الملكيّ في داخلي
ما آمون؟
ما زمرُ خدمٍ محشوةٍ بنَعَم ؟
إنحناءاتُ ؟
ألقابُ ميتةُ ؟
هوادجُ مذهبةٌ يحملُها عبيدٌ 
لا يروْن غيرَ أقدامِهم ؟ 
أيُّها ‌أنتم جميعاً
لِيبتلعْ هرمَهُ خوفو
إنّني امرأةٌ أحبتْ 
فقط !
. . . . .
7
أيّتُها الخِرافُ الوقحة
عشرُ سنين
وأنتِ تمرحينَ تحتَ ظلال عشقٍ 
وردَ ماءَ مَدين . . .
كمْ لمرآةِ هذا البئرِ أنْ وجوهاً رأتْ ! 
لظمأِ القلبِ غيرُ هذهِ الدِلاء
انبهار !
استحياء
يعتصمُ بذراعٍ قويّ . . .
احتواءٌ
شمعةٌ 
تذوبُ ولم يمسسْها عودُ ثُقاب !
في عيونِ (صفورا)
بريقُ النظرةِ الأولى
ارتعاشٌ
يفضحُ ما أخفاهُ خَجل 
تمتمتةً 
لا تبوحُ بغيرِ وَلَه
يحمرُّ للأترجِ منها خَدّ
يقرأُهُ شُعيبٌ النّبيّ في عيونِ ابنتِه طارقاً لا يُرَدّ !
. . . . .
8
يسمعُ دقاتِ قلب
يرتعدُ . . .
رُبَما كان فنناً يستظلّهُ عاشقان
عابرُ سبيلٍ
عصفورٌ 
يطاردُهُ بَلَلٌ . . .
موتٌ 
يقودُهُ زمنٌ أعمى
يدقُّ مسماراً بريئاً بنعشٍ
يتمنّى لو كانَ ليسَ هوَ !
لا خيارَ 
مغلوبٌ
يبكيهِ غالبٌ !
طيرٌ يُحلّقُ 
لو نخرَ جماجمَ بلا عيونٍ 
تتحلّقُ 
ناعوراً تدور 
يملأُ جوفَهُ ظمأٌ
إحياء الموتى ولا إحياء الأحياء . . .
بُلَّهٌ 
يقضمون أظافرَ الذّباب
أينزعُ لونَهُ الظّلام ؟ 
خيبةٌ 
ترمقُها الشّمسُ على وجهِ يهوذا . . .
ليس ميتاً خيرُها الحياة
الخالدون لا يُقبرون
قطراتُ دَمٍ 
ترسمُ ايقونةً لبقاء !
. . . . .
9
سلطانُ مَنْ عشق
لك ألآ تتوضأ 
تفيضُ خمرةً بكأس 
ليستْ بكأسٍ
أراقَها ابنُ هانئ من دنٍّ عجوز . . . 
تُلقي بذورَك بأرضٍ عقيم 
غلالاً 
لا تتشابَهُ في الأُكلِ والألوان . . .
العواصفُ 
تطرقُ بابَك 
عندَهُ تنام
ختامُها مسك ُشعرٍ 
شذا حروفٍ . . .
يفتضُّ ابنُ الفارضِ حُسنى قوافيه 
يصومُ عن غيرِها نظرُه
عاشقٌ في حضرةِ معشوقِه !
. . . . .
10
بغداد
يمازحُها الزمنُ حتى في أيامِ الحِداد
بليلِ شهزراد 
تكتحلُ . . .
آهٍ 
أن تزورَ هذا الحُسنَ مسحةُ حُزنٍ . . .
غابَ في نفسهِ 
دخلَها بمخلاةِ خبزٍ وتمر
رُبَما وجدَها سدرةً
تغسلُ رؤوسَ الموتى
صوتٌ تسمعُهُ الديَكةُ
قبلَ المآذن
(ما في الجُبّةٍ إلآ الله ) 
ذهبَ يمحو اثارَ صوتهِ !
. . . . .
خرجَ من موتهِ 
فوقَ رأسهِ للطّيرِ مائدة 
يحملُ خشبةَ صلبِه
ينتعلُ رأسَ وزير . . .
بدمعٍ ودمّ
يكتبُ لبغدادَ آخرَ قصيدةِ عِشق !
. . . . .
11
أيّامٌ 
محملةً تعود 
لؤلؤاً من بحورِ الخليل . . .
يُلقي عصا ترحالهِ السندباد
ليلٌ ثمل
يحطّمُ المجاذيفَ 
يثقبُ السفنَ
الرحلةُ 
تبسطُ جناحيْها هنا . . .
صوتٌ 
يعانقُ أوتاراً
آلاماً 
تنحتُ من روحٍ أشتاتاً 
لا يجمعُها خيطٌ أبيضُ 
تسكنُ هذا الموبوءَ الأجوفَ . . .
مسافاتٌ 
تختلطُ بين رأسٍ وقدم
عيونٌ 
تتزاحمُ
فقد بدا ما خفي . . .
يتحررُ المكانُ من عقالِه
الكُنى 
تنكرُ أصحابَها . . .
غانيةٌ 
؟ !
ترمي الكأسَ بوجهِ ساقيها
تسترُ ما كشفتْه بلقيسُ
لجمالِهما 
طاشتْ عقول !
كم من أميرٍ لهما 
خلعَ عمامتَه
أقعى . . .
غادرتْ ما كانَ أُنساً أمسِ
وجوهاً 
سرقتْ ما دنا منْها من قطوفٍ 
اندلقَ 
تبعثرَ
انتهى تيْهٌ بعشق ! 
. . . . . 
12 
بقعةٌ مغتصبة
جروحٌ 
تتكلمُ بلغةٍ 
لا يفهمُها إلآ سليمانُ النًبيّ . . .
صممٌ 
بارودٌ
دخانٌ
يملأُ رئةَ المدافن . . .
قوافلُ 
لا يوقفُها صيفٌ مسعور
شتاءٌ 
يلوذُ بجلودِ العُراة . . .
رُبَّ بيضاء
تبيضُ في فوّهةِ بندقيّة
الأعشاشُ 
تحتفظُ بالزُغبِ انتظارَ قادم . . .
وهلِ التحليقُ إلآ بأجنحةٍ تصنعُها هي ؟
هي التي تعقصُ الرّيحَ ضفائرَ ارجوحةً لطفلٍ مبتورِ السّاقيْن
لأمٍّ 
عجنَها النحيبُ جنوناً
لآخرَ 
تزيّنتْ
ليجدْها زورقاً لا يتّسعُ إلآ لواحد !
. . . . .
13
ذهول
مَنْ غيرُها ؟
مِنْ غيرِها
يرسمُ الوجودُ علامةَ استفهام 
تخرجُ الأرضُ كما قالَ جدّي عن قرنِ ثور !
اذا فار
لم يكنْ لها أنْ تكونَ قنطرةً لضفةٍ أخرى . . .
الطّوفانُ
الجّبلُ
السّفينةُ
هي !!
. . . . .
عبد الجبار الفياض

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق