الجمعة، 2 ديسمبر 2016

ثلاث قصص قصيرة جدا : أبي حمار!!/ د. حمد حاجي / تونس

ثلاث قصص قصيرة جدا : أبي حمار
ـــــــــــــــــــــــــــ
1- عزرائيل 
ـــــــــــــــــــــــــــ
في سُكُونِ اللَّيْلِ هَبَطَ نَحْوَ القَرْيَةِ وَاسْتَقَرَّ عَلَى مِئْذَنَةِِ عَالِيَةِِ..
مَضَى حَتَّى بَلَغَ سَرِيرَ وَالِدهِ وَلَمسَ جَبِينَــهُ واقتربت غَفْلتُه ... 
والابن يودُّ لو يُغْمِسْ فيه أَظَافِرَهُ الجَارِحَةُ..لو يَلُفّهُ بِشَعْرِهِ المَسْدُولِ كَالأفَاعِي..
وظلَّ يضَعَ يَدَهُ عَلَى فَمِهِ الغَــائِـــرحينا؛ وحينا يُـلْــقَمَــهُ الغِيابَ...!ِ
ظلَّ رحيما لا يكتم له صوتا..
دعاه وهو على فراش الموت وأخذ يتحدث اليه ..
-- وزَّعِ الإرثَ على البنات وأنت إياك ان تـأخُذ نصيبََا.! 
-- اُنقلْ رُفاتِي إِلَى المَدِينَةِ المُقدَّسة ..
وصيتان.. كالنهيق سمعهما ملك الموت..
وشخر.. مرَّتينْ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
2- الطحَّان المتجول
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أخرَجَ رمَّة والده من القبر.. عظاما نخرة ليلا..
عشيَّة سفره اِجتمع إِليه أصدقاؤه.. كلُُّ يثني عليه وفاءه بوصية والده..
أخبروه.. دائرة المُكوس والجَمارك لا تُجيز نَقْلَ الرِّمم..مَا العمل..؟
طالت سطوةُ الحكومةِ الميِّتِِين والأحياءِ و .. !
وضع أنامله على شفتيه وأخذ حقيبة الرِّمَمِ تحت جناحِهِ .. 
عَمَدَ إلَى الطَّاحُونَةِ ..
أَدَارَ الرَّحـــى بيـــدِِ وأخذَ يَلْقـــمُها بالأُخرى عظام أبيه ..
ويسرع بالطحن .تافلا بيساره:
لِـــمَ لمْ تُعْـــطِـــني نصيبي من الميراث.. ؟ 
ويُنْــعِمُ الطَّحن.. 
حتى خرجت أشبه ما تكون بطحين الشعير..كفنها بكيس أبيض ..
وشاع في القرية سفره ..
يقود إلى الحدود حماره، يبيع رميم الحنطة..!!
ـــــــــــــــــــــــــــــ
3 - مزار الحمار
ـــــــــــــــــــــــــــــ
على الحدود،
جثا على ركبتيه، رفع ذراعيه لمَّا رآه واقفا بسلاحه رجل القمارق..
بصوت يحاكي الرَّعد: اِفْتَحْ الصُّرَّة..
انتهى التفتيش بسلام.. 
انشغل بأكياس الحنطة والزاد يحكم وثاقها مرتعدا.. 
حانت منه التفاتة .. الحمار قد التهم جميع ما بالكيس الأبيض إلَّا بقايا تحيط بفمه..!
وقعت يداه على حجر صلد ضرب به رأس الحمار؛ مات..
دفن أباه الحمار..مرَّتين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق