الأربعاء، 19 يوليو 2017

هل لنا أن نصدق كل ما كتب في السيرةِ ؟ / بقلم الاستاذ محمد المهدي حسن // تونس

هل لنا أن نصدّق كلّ ما كتب في السّيرة او ما شابهها ؟؟؟؟
أتيت توّا على كتاب "فتوح اليمن الكبرى أو ما يعرف برأس الغول " و نالني منه ما نالني من غريب الوصف و مستحيل القصف... بهذا الفارس الهمام الذي يشطر أعداءه و ركوبتهم بالنصف... و يقتل من العدو في يومه ما يناهز الألف ... و يأتي الوغى من الأمام و من الخلف.... رحلة في العجيب ... مع ذكر للنبي الحبيب (صلى الله عليه و سلم.).. بما لم تأت به كتب فقيه لبيب ,, و لا قاله إمام خطيب.... فاستغفرت الله الغفور ... و لم أعتبر في الحكاية من زور... بل رأيتها كما أسلفت... ضربا من الأدب المستحدث حينها على الجمهور ... مثله مثل ملاحم الحروب عند الغرب... و اساطير حملاتهم الصليبية... التي ذكر فيها أبطال عجاب ... يقدرون على مقارعة السحاب .... و لا ينزلون أبدا على الركاب.... فما أنت قائلة في هذا الباب؟؟؟ هل تأمنين من كتب هذا الكتاب؟... و تصدّقين منه خطاب؟؟؟
لكن، تبقى قصّة خيالية ، و لا يعتريني شكّ في ما أظن... هي حتما بدايات ظهور النثر و تربّعه على عرش الكتابة النثرية ... بعد أن كان الشعر الجاهلي مطيّة ؟؟؟؟ أمّا عن صحّة الخبر، فلا أظنّ كتب السيرة النبوية تطرّقت إليه... 
و من صدّق بهذا الخبر ، مردود عليه ... 
صدّقت ما رأيت بأمّ عيني و مكّنني عقلي البسيط من فهم كيفية صنعه أو تركيبه ... و صدّقت بقوله تعالى "أرم ذات العماد و فرعون ذي الأوتاد" ... لكن أن أتخيّل أنصاف الآلهات و الفرسان الشّداد ... الذين يقبضون بقبضتهم الفرسان و الجياد ... و يصربونهم بعض على بعض ... فيصيرون فتاتا ... ثمّ ذاك التقوّل على الصحابة الأخيار ,,, الذين ذكروا بالإسم و التكرار ... و ارض الغزوات التي وصّفت و كأنّها جناح من النّار ... و لا يزال يعوز فقهاؤنا التدقيق في الخبر و الاستفسار ... فهنا أقول : لا حقيقة إلاّ ما جاء في كتاب الله الجبّار ... و الذي أتى به الرسول المختار ... و اتوجّس خيفة من مثل هذه الأخبار ... و لو وردت في الكتب الأزهريّة الممنوعة ... لأنني علمت من تسلّل إلى كتابة التاريخ الإسلامي من أعداء كفّار ... تقوّلوا الحديث و نقلوه بغاية الفتن و الدّمار ... الله حق و القرآن حق و السّيرة ما صحّ نقله عن الثقات ... و تواتر ذكره في عديد المخطوطات ... أمّا الكتب الفريدة ... و ما تأتي به من حكايات غريبة ... فذلك أعزوه للخيال ... و أقبله في الأدب كمقال ... جمع بين الحقيقة و الخيال ... هذا الخيال الذي استلهم من الخرافة ... للامتاع و المؤانسة ... و تحفيز الفتية الدّارسين على المطالعة ... و هي ظروب من الأدب عرفت بالعالم منذ القدم... تخلّد فرسانا و رموزا لشتى الأمم ... و ربّما تصوّر أيضا أبطالا من عدم ... عرف هذا الشيء عند عرب و عجم ... و آخرها قد يكون عندنا تغريبة بني هلال ... تناقلت اخبارهم الأجيال ... و تواتر القيل و القال ... فإن كان الحدث التاريخي صحيحا، إلاّ أن الخيال تسلّل في وصف الأبطال ... و هم نسوة و رجال، لا يردّ لهم غبار في النّزال ... و مطاياهم كانت بين الخيل و الجمال .... تسير بسرعة النبال ... و عندنا في تونس يقال أنّ الفارس منهم لا يرى من شدّة سرعته ... حتّى أنّ المخبر عن قدومهم لأرضنا كان رجلا يقطف بلحا من أعلى نخلة ... فكان لمّا يقطع العرجون و يلقيه أرضا ... لا يصل ... بل تتلقفه يد لا مرئية للبطل ... عندها صاح في أهله " احذروا يا أهل تونس... برّكم زاره مدوّر الخف..."
محمد المهدي حسن (تونس)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق