الأحد، 30 يوليو 2017

الغناء ودوره الوظيفي في التشكيل الموسيقي للقافية ( أحرف الروي المدية تحققاً ) بقلم الاستاذ عبد الجبار السلامي

ا
لغناءُ ودورهُ الوظيفيُّ في التشكيلِ الموسيقيّ للقافيةِ (أحرفُ الروي المديّة تَحقُقاً )
-----------------------------------------------------------------------------
يلحظُ المُستقريء للنسقِ الموسيقى في القافيةِ من خلالِ الشعرِ العربي أنّ استعمالَ الأحرفِ المديّةِ : ( الألف والواو والياء ) يعدّ أمرا معدوماً في حالةِ الزيادةِ وأمرا نادراً في حالةِ الأصالةِ باستثناء الألف التي تميّزت بوفرةِ ورودٍ قياسا بأختيها : الواو والياء وقد ذهبَ منظرو العروضِ والقوافي إلى تعليل هذهِ الظاهرةِ في سياق بناءِ قواعدهم إلى أن ذلك يرجع؛ لزيادةِ الحرف ، ليضعوا قاعدة : أنّ هذهِ الأحرف لا يجوز ورودها رويّا إن كانتْ زائدة، وهو تفسير ذو مرجعيات نحويّة وصرفيّة لا تعتمد الواقع الصوتي الواجب اعتماده عند التقعيدِ للقافيّة . ولو وضعنا أمامنا حقيقتين ثابتتين ومتّفق عليهما لأمكننا بسهولة تفسير هذهِ الظاهرة (الموسيقيّة ) وهما : أنّ الشعرَ وضع للغناءِ والترنّم وأن الغناء والترنّم أكثر مايقع في القافية وأنّ الحرف في القافية كلما تقرب من الطرفِ كانت العنايةُ بهِ أكثر ، والثانيّة أن هذهِ الأحرف المديّة لها امكانات وظيفيّة موسيقيّة لما تمتلكهُ من امكانات جريان الصوت فيها ؛ لذلك نلحظُ أنّ هذه الاحرف استخدمتْ وصلاً ؛ ليتمكن المُغنّي للشعرِ، أو المُترنّم بهِ مدّ الصوتَ بها ؛ ولذلك مدّ هذه الأحرف يُبرز الخطأ الموسيقى في القافية "قصة اقواء النابغة مثالا " .وبذلك أنتجت طبيعةُ وضعِ الشعرِ وطبيعةُ هذه الأحرف دورا وظيفيّا تميزتْ به وهو امكانيةَ الأداء الغنائي والترنّم. إنّ طبيعة وضع الشعر، والصفة الصوتية للأحرف المدية حدد تشكيلها الصوتي في نهاية القافية بكونها حرف اطلاق يؤدي وظيفة الترنّم والتغني بالشعر، وبذلك اعتادت الأذن العربية هذه الصورة الصوتية وجاء الانتاج الشعري وفق ذلك العرف الموسيقى لهذه الأحرف .
إن ورود هذه الأحرف رويّا هو مخالفة لصورتها الصوتية المستساغة من قبل الذائقة العربية ، وهي كونها حرف مد يرتكز على حرف مُلتَزم ضمن النسق الصوتي لقافية القصيدة؛ لذلك انعدم بعض أنواعها وقلّ الآخر الى حد الندرة أوشذوذ الشاهد .
أما التزام الشاعر بأصالة الحرف واعراضه عن الزائد في هذه الأحرف المديّة عند التزام حركة من جنسها ، فيبدو أنّها تتعلق بالجانب الإبداعي والفني فالشاعر في أكثر الأحيان، فتفكير الشاعر بقوافيه وهي مفردة معزولة عن السياق الجُملي والكلمات التي تكون فيها أحرف المد أصلية لا تتطلب سوى ذلك في الأنشاء الأولي للقصيدة ، أما الكلمات ذوات الأحرف الزائدة فلكي تصل إلى صورتها الصوتية الموافقة للكلمات الأصلية يجب أن تتسق داخل نسق جملة ذي دلالة تفرض انتاج ذلك الحرف الزائد ، فالشاعر هنا يجب أن يفكر- كي ينتج كلمات ذوات أحرف زائدة - بهذه الكلمات وهي داخل نسق دلالي يفرض وجودها، وبذلك تضيق مساحة التحرك على الشاعر قياسا بالكلمات ذوات الأحرف الأصلية التي لا يضطر الشاعر عند انتاج صوتها إلى اللجوء الى بناء لغوي محدد .
---------------------
-عبد الحبار السلامي -

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق