الأحد، 30 يوليو 2017

قراءة / الثنائية الضدية الخالصة بالومضة الشعرية نموذجا / للشاعر جاسم ال حمد الجياشي / بقلم الدكتور حمد حاجي / تونس

نص بديع راق لي .. قراءة/ الثنائية الضدية الخالصة بالومضة الشعرية نموذجا
=====
خذلتني الشمس
أودعتها رجل 
الثلج /.. أذابته 
ومضت بكل 
برود !!
====== للشاعر / جاسم ال حمدالجياشي
نص يستحدث الضدية الخالصة..( الحرارة/ البرودة )
تصدير =====
في الثقافة العربية يعد الجاحظ من أوائل الذي التفتوا إلى قانون الثنائية الضدية على أنه قانون الحياة الجوهري، إذ يرى أن العالم بما فيه من الأجسام على ثلاثة أنحاء: متفق ومختلف ومتضاد.... Samar AL Dayyoub
=========== د. سمر ديوب / الثنائيات الضدية ص 6 
تقديم 
======
تعُّد الثنائَّيات في الوقت نفسه من أبرز الآليات الاجرائية لمقاربة النصوص وبيان مدى استثمارها وتوظيفها من قبل النقد المعاصر على مختلف النصوص الشعرَّية منها والنثرَّية، بوصفها مرتكز أساسًّيا من مرتكازت النقد البنيوي الحديث... لذلك نرى انها تؤِّدي مع جملة من الشروط الاخرى للكشف عن مجمل الاساسيات الدلالية وأهم مرتكزت التَّحليل البنائي للوصول إلى البنية المتحِّكمة في الَّنص المدروس..
وهذا يحيلنا الى الامر الذي جعل سوسير ينظر إلى اللغة على أَّنها نظام من ُ الاختلافات، وهذا التَّصُّور انطلقت منه البنائَّية، إذ أخذت في ضوئه تنظر إلى العالم على أَّنه مجموعة من الثنائيات المتشابكة والمتقابلة، تنعكس على [شبكة العالقات، فتحيلها إلى مجموعة من الثنائيات الخالصة ](1)
او كما يقول أحد الباحثين : 
[الكلمة ليس لها معنى في ذاتها، بل معناها يكمن في وجود ضدها ](2)..
ومن هنا كان اعتبارنا لثنائية ( البرودة / الحرارة ) ثنائية مستحدثة وخالصة إلى أي مدى ؟
=====
أوَّلا.. الضدية الجديدة الخالصة..( الحرارة/ البرودة )
===============
يتجاوز الاستاذ جاسم ال حمدالجياشي ما كنا بالنقد ندرسه ك:
ثنائَّية الساكن والمتحر ك/
ثنائية الذات والموضوع/
ثنائَّية الايجاب والسلب/
ثنائية البياض والسواد /
ثنائَّية الحياة والموت/
ثنائية الظلام والنور / 
ثنائَّية الواقع والمثال:/
الغياب والحضوراو / و التجلي والظهور/..
ـــــــــــــــــ يتجاوزها الى الضدية الجديدة ..( الحرارة/ البرودة )
هنا ينساق الإيقاع مع سرعة الأحداث داخل مشهد الخذلان وعبثية الوجود الخرقاء.. ليؤسس ثنائيته الضدية..
تلك الوقفات المشهدية أمام الشمس تجعلنا نؤسس ثنائية ضدية جديدة ..( الحرارة/ البرودة ).. 
وما يؤيد ما ذهبنا اليه هنا ذلك الخطاب المضمر وذلك الانحسار للفظ امام الحذف يتركان المتلقي / القارئ أمام فرص مخاتلة: 
1- فرصة التدخل لملء الفراغ بمكنون التأويل 
2- فرصة المشاركة بالاحتكاك مع النص وبالنص ( كما بالفيزياء : الاحتكاك يولد الحرارة )
3- فرصة الانماء والتماهي الوجداني لملء النص بتأويل الضدية الجديدة ..( الحرارة/ البرودة ) كما لو كان التأويل ناره التي توحي بالحرارة وذلك التدبيج كما لوكان برودة التلقي التي تنزاح لتؤسس للنص الجديد تشطيبا وتخطيبا..
======
ثانيا / ثنائية فلسفية 
====
ان سعينا الى تفسير معاني النص وتجزئته الى وحداته الدلالية ( الحرارة / البرودة) يجعلنا نعمل على رصدها ثم تصنيفها بضِّم المتشابه منها في قوائم معَّينة بحيث يسمح في الِّنهاية إلى قراءة جديدة وفقا للترتيب وحداته الِّدلالية..
قائمة اولى تحليل الحال : نجد بها/ خذلان الشمس ـــــــــــ حين وضع الوديعة 
[أودعتها رجل 
الثلج ]ـــــــــــــــــــــــــ يقابلها وقف وصدود عبرت عنه علامة الترقيم ـــــ /.. 
قائمة انصهار[ــــــــــــــــــ / أذابته ]
ومضت بكل 
قائمة النتائج ـــــــــــــــــــــــــــ برود !!
وعليه نعتبر الثنائية [وسيلة تصنيفَّية تجعًل الفهم ممكن] (3)
ومن هذا المنطلق نرى أن النص نظرة فلسفية مستبطنة بها طرح السؤال أكثر من قبول الاجابات ..حيث:
ــــــ 
يستجمع الكاتب في نصه الفلسفة مراوحا بين التجريب والتأصيل، ويستكشف حقلا دلاليا حداثيا وجوديا ..
بموضوع الوجود/ الفناء ..فمن حقيقة الحياة والموت يطرح السؤال الفلسفي كمقِّدمة لمعرفة الحقائق التي تواجه الانسان وتشغله، فإ َّن حقيقة أحدهما أو كليهما يشكلها ما يراه الانسان ويدركه من تضاٍّد أو مفارقة(4)
وبنصنا هذا ...
فمن حيث هو يدين موت الإنسان المعاصر، فهو يحييه ويعريه امام الشمس ويذيب ادرانه وما التبس بجسده..
النص وان ارتكب خطيئة الوقوف أمام الشمس فانه ينطلق من فلسفة إنسانية تقوم على الطرح السريالي والعبثية الوجودية التي تجعل من الإنسان ذلك الأسير في دوامة العبث واليأس القاتل.ولكنه بالأخير يتطهر بالنور وتمضي الشمس بأدرانه غير آبهة بالأقدار لتترك الانسان يقرر مصيره لوحده ..
=========
خاتمة 
============
ان حيوية الأفعال ومجازية الصور الموحية وعبق التراكيب قد مكنت النص من الثورة عليها واعادة تأسيسها ارتكانا الى ثنائية البرودة والحرارة وجعلت من النص ايقونة ادبية راقية ومجملا بتفصيل حين المرور من المنولوجية التي تقوم على هلوسات تيار الوعي والتمزق النفسي واستخدام التذويت الى معبر الحقيقة الفلسفية الراقية التي لا تتطلب الاجابة بقدرما تؤسس للسؤال الباحث ..
نص ابدعت واوجزت اشكرك ...
=====
المراجع 
(1 )بناء الاسلوب في شعر الحداثة، محمَّد عبد المطلب: ص 149 
(2 )يُنظر: الخطيئة والتَّكفير: عبد الله الغذاميّ: 30 ،ولغة التَّضاد في شعر أمل دنقل، عاصم محمَّد أمين: ص 43 .الخطيئة والتَّكفير من البنيوية الى التشريحية قراءة نقدية لنموذج انساني معاصر، عبد الله محمد الغذامي
النادي الأدبي الثقافي، السعودية، 1985م.
(3 ) ينظر لعنصرالاول / البنيويَّة والتَّفكيك تطوُّرات النقد الادبي: 55.
البنيوَّية والتَّفكيك تطُّو ارت النقد الادبي، س ارفيند ارن، ترجمة: خالدة حامد، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد،
2002م.
(4 ) في قراءة الَّنص، قاسم المومني، دار الفارس للنشر والتوزيع، عمان، 1999م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق