الثلاثاء، 20 ديسمبر 2016

ماري /// شعر ،،، للاديب عبد الجبار الفياض //// العراق

ماري*
فرساي
يحتضنُ ايقونةَ سحرٍ نمساويّ 
ماري . . .
الزّهورُ تستبقُ اكليلاً 
يتهافتُ الفَراشُ على ذيْلِ ثوبٍ 
يتدرجُ عمارةَ فنٍ منقوطٍ بغلوٍ ملكيّ . . .
فرساي
عطرٌ 
حريرٌ
كؤوسٌ مترعةٌ بين ارتشافٍ 
وقُبَلٍ 
تخطفُ الشّفاه 
تسطّحُ أعماقَ الرّاقصين . . .
همسٌ 
ينسلُّ على شَعرٍ نديٍّ برذاذِ عِشق 
لا حدودَ لهذا الإبحارِ الازوردي . . .
أعمدةُ القصرِ 
شَبِقتْ 
فتحرَشتْ بأردافٍ لَدِنة !
المصابيحُ لا تُغمضُ عيْناً
تندسُّ في محاريبِ أرانبَ أليفة 
رُبَما 
أوشكتْ أنْ تخرُجَ من مخابئِها !
. . . . . 
ليلُهُ ثمِلٌ 
فرساي 
يمورُ ببذخٍ موزارتي 
يأتي بالنهايات
فأوراقِ التّوتِ لا تسقطُ أوّلاً . . .
رؤوسٌ 
تغرقُ بصخبٍ 
يحجبُها عن ألآمِ طَلْق . . .
كوْنٌ مُنفصل
كذا المُنيفاتُ 
يمحو ثراؤُها ما تحت
في كُلِّ عصرٍ
زمنٍ يشتري كُلَّ اللّصوصِ بعملةٍ ملغاة
ويبيعَهم لحضائرِ الخيولِ من غيرِ صهيل. . . 
الصّباحُ 
يُغنّي أُغنيةً بعيدةً عن ذوقِ الفلّاحين
النّهايةُ بِدْء !
. . . . .
أصواتٌ 
تُمرقُ من بين متاريسِ الصّمْت . . .
من علّوها 
نزلتِ الرّيح 
مع الغضبِ
بثيابِ صعلوك متمرّد
ما تسمعُ 
دويّاً يصفعُ جُدرَ الوحْل . . .
تُزيحُ عن وجهِ فرساي غطاءَ ترفٍ 
ما شهدتْهُ قصور . . . 
تقتربُ
بأجنحةِ نسورٍ جائعة . . .
ميرابو** 
يُشعلُ الحطبَ البائدَ . . .
يصرخُ الجوعُ بحنجرةِ تنورِه 
تلوّنَ الأفقُ برائحةِ الخُبزِ المسروق !
فرساي الأصم 
يغصُّ بكعكةٍ من صنعِ غباءِ ذاتِ الرأسِ المخمورِ بلذائذِ نزواتِه. . . 
تبرّأتِ المرايا
الوجهُ قفا
لعلّها القِشةُ
سيْفٌ 
وليستْ بسيف !
. . . . .
أفواهٌ 
يُطعمُها الهواءُ غُباراً
ليس في عالمِها بعضٌ مما تلوكُهُ مزبلةُ فرساي . . . 
أجسادٌ 
تلبسُ عُريَ شتاءٍ 
لا يهزمُهُ لظى مجامرَ
لسَمومِ الصّيفِ ما تَنضح . . . 
داستِ الأقدامُ المُتشققةُ خوفَها 
بساطاً مُحرماً على أبناءِ المحراث . . .
انتفختِ الأزقّةُ 
زحفتِ الشّوارعُ
بصقتْ مرارةَ صبرِها على الأرصفة . . . 
إنَّهُ تمّوز 
بفتوّةِ هِرَقْل 
يفتضُّ بِكارةَ الزّنزاناتِ العوانس !
الباستيلُ العجوزُ
يرفعُ قبعتَهُ المُهترئة
يُلقي مفاتيحَهُ في جيوبٍ عارية
أهدى ظلامَهُ لموكبِ الشّمس . . . 
ما عُرفَ لهذهِ اللّحظاتِ اسمٌ من قبلُ . . .
الحبْلُ 
كان آخرَ قلادةٍ لعُنقِ القارورةِ الفضيّة . . .
لم تذقِ المقصلةُ دَمَاً ملكيّاً منذُ ولادتِها !
لكنّ الشّعبَ لا يَستأذنُ غيرَهَ حينَ يولدُ على شفتِهِ القرار !!
. . . . .
عبد الجبار الفياض
28/11/2016
*ماري انطوانيت آخر ملكات فرنسا من أصل نمساوي، عُرف عنها قمة البذخ والأناقة ، أُعدمت مع زوجها لويس السادس عشر شنقا بعد الثورة الفرنسية ، وكان نصيب الأخير المقصلة.
** خطيب الثورة الفرنسية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق