الاثنين، 26 يونيو 2017

حول عنوان نص الشاعر : جاسم آل حمد الجياشي / مونولوج /.. داخلي / بقلم الدكتور المصطفى بلعوام / المغرب

مونولوج عيد مع الاستاذ Salah Hachcham 
حول عنوان نص الشاعر جاسم ال حمدالجياشي 
" مونولوج/..داخلي "
//
العالم قصة تخلق بدورها عالمها الذي قد لا يعنيه بالضرورة عالمها البراني عنها وإن كان لامناص لها منه كي تكتسب عناصرها المكونة لها بعضا من روابط المعاني الدالة. 
قصة الشعر مع عالمه والعالم الذي يتحرك داخله هي تراجيدية قصة في بحث سيزيفي عن كيفية التخلص أو على الأقل الانفلات من عالمها. ذلك هو ما يحمله نص( مونولوج /.. داخلي ) للشاعر جاسم آل حمد الجياشي الذي يبدو وكأنه يفتح من الوهلة الأولي باب جوانية عالم المناجاة مع ربط لفظة بحشوها : مونولوج / داخلي. فهل هو حشو بالفعل؟ وما محل هذه الأدوات التيبوغرافية في الفصل بينهما ؟ وهل وجودها هو ذاته حشو لعدم وجودها لا يغيّر المعنى بحذفها ( مونولوج داخلي ) ؟ مالفرق بين " مونولوج /.. داخلي" و " مونولوج داخلي"؟ 
بالتعريف، المونولوج محادثة جوانية، هو بالشرط داخلي، ولا يحتاج إلى نعته بهذه الصفة بما أنه
يعنيها في مسماه. فلأنه داخلي يسمى مونولوجا أي أن وجوده من شرط وجود محادثة جوانية فيه. لكن ماذا تعني كتابة " مونولوج /..داخلي" بهذه الشاكلة؟
١- مونولوج داخلي : لفظة + لفظة
٢- مونولوج/.. داخلي: لفظة + عارضة + نقط حذف + لفظة.
في المحور الأول، اللفظتان توحدهما الدلالة في علاقة خطية بَيْنهمَا بالنحو الذي يجعل من الثانية صفة منعوثة للأولى من حيث التركيب اللغوي في قالبه الصوري بغض النظر عّن مدى صحة ما يتضمنه من دلالة. 
في المحور الثاني، اللفظتان مستقلتان وتفرقهما تيبوغرافية تجعل من دلالة كل واحدة منهما غير مشروطة بعلاقة خطية بعضهما البعض. إنه فعل تقويس الملفوظ اللغوي بإحلال بلاغة العين محل بلاغة الأذن حيث هندسة المعنى هي من هندسة التشكيل البصري للكتابة. وهكذا فلا يمكننا أن نفهم علاقة " مونولوج " ب " داخلي" إلا بقراءة التيبوغرافية التي تتوسطهما. العارضة التي تأتي بعد مونولوج هي إقرار لمحادثة جوانية منفتحة على عالم بما أنها مائلة، أي في علاقة بدون علاقة. في علاقة بذاتها كعالم " جواني"، وفِي علاقة بغيرها من خلال نقط حذف ترتبط بلفظة " داخلي" يشير إلى عالم اخر ينفي عنه صفة الجوانية. لا بوجود حشو ، بل تضمين عالم في عالم حيث جوانيتهما تشكل في ذات الوقت برانية كل واحد منهما وحيث بلاغة الأذن تتصدع اللفظات فيها لتصبح تشظيا لبلاغة العين :
.......أ
..........س
.................م
........................ع
ماذا تطرح الكتابة الجاسمية ؟ 
تطرح الكتابة الجاسمية نفسها على أنها مغامرة "ذات"في اللغة وما دون اللغة لإخراج الشعر من سلطة الملفوظ اللغوي عليه. إنها مقامرة في عالم شعرية التعبير الذي لا يتحدد في وجوده باللفظة 
أو المفردة، إذ تفرض مبدئيا التمييز بين فضاءين: فضاء الشعر وفضاء الكتابة. في فضاء الشعر،
نبحث عما يشكل شعرية اللغة التي تؤتثه، وفي فضاء الكتابة، ننظر إلى كل ما تعطيه للمعاينة بما فيه الملفوظ اللغوي. مغامرة "الكتابة الشعرية الجاسمية" تتجاوز شعرية الملفوظ اللغوي لتجعله مجرد عنصر لا يكتسي قيمته إلا من قيمة العناصر الأخرى التي تكوّنها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق