الاثنين، 31 يوليو 2017

المرأة الأمامية / قصة قصيرة / بقلم الدكتور حمد حاجي / تونس

المرآة الأمامية 
============= قصة قصيرة ===========
هجرت البلاد لاجئا ..
حينها كان مازال يعيش حاكمنا الأسبق،هو وشرطته ونظرياته العابسة..كان الفرح ضئيلا بالبلد إلى أبعد الحدود.. ولأكون صادقا: 
فقط بعض الأطفال والأشجار لم يكونوا يعرفون الحزن..
فشجرة اللوز في شارعنا عند الربيع تزهر بلا اكتراث وتنفجر ضحكاتها الجذلى.
وصغار الحي بودّهم أن يكونوا فرحين، وأن يتحدثوا مع جنوده، أن يجرّبوا مسك أسلحتهم ..
تركتهم وجئت من أقصى المدينة هاربا .. كانت المدينة باريس رطبة وباردة، قبلاتُ الثلج تعترض الشوارع الفارغة، لتسد المجاري ومياه البالوعات السوداء وذلك الأمل الضئيل بشغل زهيد.. كل يوم أُمَنِّي النفس بعمل أسد به وجعي وغربتي .. 
مدينة الضياء ملآنة بالمومسات والغجريات يوقدن في المتنزهات نار السوء. ينصتن لعمال المرافئ يتكلمون بسرعة في الحانة... وينتظرن ولا يخرج أحد..
المطر ينهمر ، و الحدائق تومض و تشتعل، لون أخضر يتلألأ من أشجار الحور و الصفصاف و أنا كالطيور الصغيرة الهاربة بين عيدان القصب على ضفاف نهرها الكبير، 
كان عطر التبن و التراب الرطب يلفحني حين ساعة اليأس..
***** 
سيدة في مقتبل العمر تمر كسحابة عابرة، تاركة عطرها كعنب البراري الطيب فوق رائحة البحر المتوسط..
خفيفة، أنيقة لم أكنْ لأتبينها ..تضيؤها البرَك اللامعة ترمقني بعين صغيرة كسحلية، تتبختر كنغمات هارمونيكا، ملتصقة بشفة سوداء... 
ها أنا أشاهدها تسير أليَّ وتشير لسائقها يناديني أهرع اليه ..
حينها كان الحظ تناساني لوهلة منشغلا بخلط الأسرار ..
ركبت .. وعرفت الطريق للعمل..
*****
باللحظة التي دخلت فيها إلى غرفة الخدم بدأوا بالصياح وانفجروا بالضحك، 
الرجل الذي اصطحبني أخبرهم بسؤالي له : هل يسئ الخدم لبعضهم البعض ....؟ 
ظلوا يلطمونني: واحد يقترب ويمرر أصابعه بين شعري حتى اذا ما استأنست يصفعني والآخر ينادي ( أحمد العربي) ثم يضربني على ظهري..
تضاحكوا حين ذهبت لاستخدام المرحاض العمومي، يناوشونني .. لمحتهم يطلون عليَّ من السقف حين كنت أقضي حاجاتي.. كل شيء يثير سخريتهم وجهي، أنفي، أسناني، نظارتي وحتى هندام السائق لم يسلم منهم ..
دفعت الباب المؤدي الى موقف السيارات سمعتهم يقولون:
- واوو يبدو مثل قرد في زي السوَّاق..
طفقت أمسح بلور السيارة بخرقة مبللة ناعمة، مستويا مرفوع القامة حتى لا أبدو كالشامبانزي .. أشعلت عودا من البخور أطرد البعوض الذي تسلل للداخل وسوء الطالع ، مسحت المقاعد وجلودها المخملية، مررت الخرقة على العدادات، نقضت قطع السجاد الخاصة بالأرجل من الغبار،وأعدتها لمكانها.. فحصت علبة المناديل الورقية..
وحين جلست أمام المقود لمحت دبَّا يبرز لسانه الأحمر معلقا بسلسلة في مرآة الرؤية الأمامية ..ما إن لمسته حتى صاح ( بونسوار / صباح الخير)، جذبته ..يا لهولي..انقطعت.. كفرخ الحمام أضحى بيدي ..
عندما فتحت لزوجته السيارة وركبا، قال: 
- إلى السوبر ماركت ، لقد ذهبنا بالأمس الى هناك أتمنى ان تتذكر المكان وان لا تضل الطريق مرة ثانية.. 
تمتمت : 
- لن أخيب ظنك يا سيدي..!
ساعة الذروة تحبل بالسيارات والدراجات، والتاكسي، واشارات المرور كما لو كان رجال المدينة ونساؤها قد خرجوا كلهم للتسوق..
الهواء بالداخل عندنا مكيف نظيف بارد لطيف، وعربة الأغنياء بنوافذها المعتمة كالبيض الأسود بين الحين والآخر تفقس وتخرج منها يد السيدة مكسوة بالأساور الذهبية البراقة تمدها خارج النافذة وتقذف بالمناديل الورقية المستعملة ثم أتولَّى رفع زجاج النافذة وتلتحم البيضة السوداء من جديد..
لم تزل دقائق لنصل .. سألتني السيدة عن الدب المعلق بالمرآة الأمامية ..وقبل ان تجيب ارتعاشتي وغصتي بالحلق أسرع يقاطعها سيدي ..
- نركن العربة هنا حبيبتي.. ولن نتأخر..
قاطَعَتْه السيدة:
أعطني وقتي .. حريَّتي ..
ونزلا ولفَّهما الزحام ..
أحسست بحاجة اكيدة أن أتبول..كنت مذعورا أن أخرج من السيارة، طال انتظاري..فتحت الباب وابتعدت قليلا ..ألقيت نظرة على المكان .. رفعت ساقا كالكلب .. ثم أخرى بوجه الحائط..عدت الى السيارة كأن لم أقم بفعل أخرق يستدعي القبض عليَّ..رأيتهما قادمين يتطاير الشرر من عيونهما .. يا لفعلتي الحمقاء..
بادرتني السيدة ..
- إلى المنزل.. وتابعَتْ .. لن تخرج معي مرة قط .. 
ظننتها ستطردني التفتت اليهما ..كانت تؤنب زوجها.. 
ومرَّ كل شيء بسلام صامتين ..حتى وصلنا قصرهما ..
نطَّ سيدي كالقط نازلا من السيارة قبل أن أشد المكبح..واستوى يقول لزوجته الغاضبة : خمسمائة اورو عشاء كلبتك! أليس كذلك يا ...متوجها لي بالخطاب ..
تحسَّس جيوبه واقترب مني صائحا..وقال: 
- لقد فــــقدْتُ ورقة من فئة عشر أوروات ..سقطت بالسيارة .. 
وفرقع بين عيوني أصابعه..
- انزل ، وابحث عنها بين الكراسي وأرضية العربة..
جثوت أتشمم السجادات الخاصة بالأرجل أبحث عن ماله..
- ماذا تعني ليست هناك..لا توهمني بفقدانها ..أتسرقني بأيامك الأولى؟
بقي سر اختفاء الورقة النقدية عني غامضا الى اليوم ..
أخرجت ورقة الاورو من جيبي وأسقطتها بالسيارة ودرت من الجانب الآخر التقطتها ثانية صائحا :
- ها هي يا سيدي..العفو أخذت وقتا طويلا لأجدها ..
وحين نهضت كي أسلمه نقوده ، سقط الدبُّ الذي كنت أخفيته لمَّا انقطع من مرآته الأمامية.

قال / للشاعر الاستاذ : جاسم آل حمد الجياشي / العراق

قال. 
من ثقوب جسدي
المنخوربالرصاص
شاهد الشمس
إلمس خيوطها
إغزل شال حبيبتك
ومضى !

رشفة حب / بقلم الشاعر الأستاذ : عبد الجبار الحمدي / العراق

رشفة حب.
يرشفني 
في كل صباح
مثل قهوته التي
يحب
ويعجب ان اطلب 
منه
زيادة
فاعمد الى لسع 
شفاهه
فيعض على الأخرى
دون ارادة
هكذا انا يا حبيبي 
اموت
عشقا بك
كما يعشق الله احد
عبادة
ادخللك جنتي بعد نار
كي نتذوق معا
الحب دون
هوادة
عبد الجبار الحمدي

اليكِ أعني / بقلم الشاعر الأستاذ : رحيم الربيعي / العراق

اليك ِ أعني 
=========
لا أبتغي منكِ الوصال وإنما 
القلبُ يفضح ُمن يلوذ ُببابهِ
قد غادرَ الأحشاء في دِقاته ِ
يوماً فلا يستغنيِ عن أحبابهِ
قولي بربكِ ماجنيتُ من الهوى
غير المشيب وبان َمن أسبابهِ
انتِ الغرام وفيه كل عزيمتي 
كالطفلِ اوغلَ في النهود ِبنابهِ
ياحمرة بالثغر ضاع بعطرها
شهد ٌكخمرٍ قد غدا برضابهِ
فمتى نواري الشوق في قبلاتنا 
ونحز رأس البعد في أعتابهِ
اني أحُبك ِ ترجميها وأفهمي
فحواسنا نادت على ترحابهِ
واليك أعني لا لغيركِ أبتغي 
شبق كما الملهوف زاد بسابهِ
يا حُلمنا لليوم ِظل مرافقي 
كالظلِ لاينفك من اصحابهِ
من عينكِ الكلمات ابلغ وقعها 
تحكي هروب الدمع من أهدابه ِ
====================
رحيم الربيعي 2017

ليس لي إلاكَ / بقلم الشاعرة المبدعة // نجاة عامري

لَيْسَ لِي إِلاَّكَ قَوْلٌ أوْ نشيدْ 
فَأَعِرْ قَلْبَكَ شَوْقِي
كَيْ أُحَلِّقَ فِي الْبَعِيدْ
كَيْ أُجَدِّد َبِالْهَوَى حَرْفِي الْقَدِيمْ
عَلَّنِي بِالشِّعْرِ يَوْمًا 
أمْلَأُ صَمْتِي اللَّئِيمْ 
قَدْ أْدَاوِي بِالْقَصِيدِ الْمُتْرَعِ بِالصِّدْقِ قَلْبًا
هَاهُنَا يَشْكُو سَقِيمْ
سَوْفَ أَزْرَع ُبالْأَمَانِي 
فِي تَفَاصِيلِ الرُّؤَى مَعْنَى جَدِيدْ
وَأُغَنِّي 
فِي مَقَامِ الرُّوحِ مِنْ بَوْحِ الْقَصِيدْ
سَوْفَ تَحْمِلُنيِ الْأَغَانِي 
وَالْأَمَانِي
كُلَّمَا عِبْءُ الْهَوَى أَضْنَانِي يَوْمًا
وَالْوَفَا دَرْبُ الْحَنَانِ
فِي لَيَالِي الشَّوْقِ أَسْمُو
أَلْثُمُ وَجْهَ الْقَمَرْ
أَزْرَعُ الْأُفْقَ نُجُومًا كَالدُّرَرْ
فَأَعِرْنْي يَا رَقِيقَ الْبَوْحِ مَعْنًى 
يَعْزِفُ الْأَشْوَاقَ فِي لَحْنِ الْوَتَرْ 
يَخْفِقُ بِالصِّدْقِ فِي نَبْضِ الْوَرِيدْ
كَيْ أُغَنِّي فِي ظَلاَمِ اللَّيْلِ ‏
لِلصُّبْحِ الْوَلِيد‎ْ
نجاة

في هدأة الليل / بقلم الشاعر المبدعة : خديجة الشقوري / المغرب

في هدأة الليل البهيم 
تكتبني قصيدتي
تصوغ قوافيها من آه 
وبقايا حزن عميق
تنثرني رمادا
بين أنقاض ركام 
يتعالى زفرات ... وأنين 
تئن لحمله الثقيل أضلعي 
في هدأة الليل ...
التمس جوار القمر 
ومحاداة النجوم 
أضيئ بنورهما عتمة
تجاويف قلب 
تثاقل نبضه... وأنفاس 
تترنح قهرا... ثم تستكين 
انتظر بزوغ صبح
عَلَّ ضيائه ينعش 
ما خبا واستكان 
من وهج أمل 
تعثر خطوه بين دروب 
أسى وحزن مكين

لغط العصافير / بقلم الشاعر الاستاذ : محمد المحزون / العراق

"لَغٌطّ أّّلَعٌصٌأّفِّيِّر""
****************
لَغٌطّ أّلَعٌصٌأّفِّيِّر
فِّيِّ رأَّّسيِّ..
عٌلَئ غٌصٌنِ شٍجِرةّ أّلَبِوِحٌ..
وِعٌجِةّ أّلَأّفِّقِ..
وِريِّحٌ نِأّقِمَةّ تّلَعٌبِ بِأّوِرأّقِيِّ
تّهِزِّ جِذّوِر أّلَروِحٌ..
أّعٌيِّشٍ بِقِلَبِ وَِّسوِأَّّسيِّ
هِأّدِئ أّلَروِعٌ..
ګأّتمَ شٍتّأّتّيِّ..
وِأّحٌأّوِلَ هِدِنِةّ
تّبِيِّحٌ خَلَأّصٌيِّ,
بِرقِأّدِ يَِّّستّنِطّقِ 
حٌلَمَ مَبِحٌوِحٌ..
أّوِ بِأّلَأّحٌرى
لَأّبِحٌثّ عٌنِ لَوِنِ حٌريِّتّيِّ..
فِّيِّ مََّّسأّء قِأّتّمَ
ګزِّنِزِّأّنِةّ أّنِفِّرأّدِيِّةّ..
لَأّتَّّسطّعٌ مَنِ نِأّفِّذّتّهِ
َّسوِى خَيِّوِطّ أّلَجِروِحٌ..
ِّأّتّوِهمَِ بِأّلَأّصٌوِأّتّ..
وِأّتّوِهِ بِأّلَوِجِوِهِ..
لَمَنِ تّګتّحٌلَ عٌيِّنِيِّهِ بِأّلَلَهِفِّةّ..
لَأّ وِضّوِحٌ..وِلَأّيِّقِيِّنِ لَمَنِ
قِضّى دِهِرأّ يِّحٌأّګيِّ
صٌبِأّر ظّنِوِنِهِ..
وِيِّنِزِّعٌ مَنِ جِلَدِهِ
شٍوِګ أّلََّسفِّوِحٌ..
يِّحٌأّوِلَ أّنِ يَِّّستّعٌيِّر
صٌرخَةّ أّلَطّفِّلَ
أّلَتّيِّ بِدِأّ بِهِأّ
أّوِلَ أّشٍوِأّطّ أّلَحٌيِّأّةّ..
أّوِ قِلَ 
أّوِلَ َّسأّعٌأّتّ أّلَمَنِفِّى..
وِأّوِلَ لَحٌظّأّتّ أّلَجِمَوِحٌ..
***********************
مَحٌمَدِ أّلَمَحٌزِّوِنِ/أّلَعٌرأّقِ
30/7/201

ومضات وجوه / بقلم الشاعر الاستاذ : محمد الأنصاري / العراق

ومضات وجوه
......................................
ومضة"1" ...
لا وَجْهَ لِي
فَكُلُّ الفُقَراءِ مِثْلِي 
وُلِدُوا بِلا وُجُوْه.
******
وَمْضَةُ/"2"...
آسَفُ
فأَنا لَيْسَ لِي
سِوَى وَجْهٍ واحِدٍ
والوَمْضَةُ وُجُوْه. 
******
وَمْضَةُ/"3"...
لَمْ تَعُدْ
تَتَعَرَّفُ عَلَى نَفْسِها
لكَثْرَةِ ما لبِسَتْ أَقْنِعَةً
تِلْكَ الوُجُوْهُ.
******
وَمْضَةُ/"4"...
مُنْزَوِيَةٌ
فِي زَوايا الظَّلامِ
فَالنُّوْرُ يَكْشِفُ زِيْفَ
الوُجُوْهِ.
******
وَمْضَةُ/"5"...
عَلَى وجْهِي
كَما وُجُوْهِ المَساكِيْنِ
تَمْتَدُّ تَجاعِيْدُ
وَطَن
مُحَمَّد الأَنْصارِي
بغداد 2017

ارتعاشات / بقلم الشاعر الاستاذ : فياض عجيل مبروك / العراق

ارتعاشات......فياض عجيل المبروك /2017/7/30
خطوطٌ وهميةٌ
فنجان قهوةْ
خارطة ٌ
وطريقْ...
تحددُ طالعي
يدٌ تمتدُ نحوي
بلسانِ ثعبان..
ارتعاشات...
لخفقاتِ قلب
انين لصدى بعيد
مابين جدران وهني...
اهاتٌ مستيقظةٌ
حلمٌ مقتول...
وسط كوابح يومي
المعفر بغبارِ السنين....

التعدية واللزوم / قواعد لغوية / بقلم الاستاذ صالح هشام / المغرب

[التعدية واللزوم /قواعد لغوية] 
[بقلم الأستاذ : صالح هشام ]
في كثيرمن الأحيان ما نقرأ نصوصا سردية جميلة تستحوذ على عقولنا ، فنعجب بها حد الاندهاش لكن سرعان ما يخبو هذا الإعجاب ، لأن الأذن العربية الموسيقية التي تسيطر علينا بفضل الملكة و السليقة اللغوية التي تحيا فينا ، تبدأ في رفض بعض التراكيب التي تعج بالأخطاء النحوية ، التي تشوه النص ، ولا يأتي الخطأ من عدم المعرفة النحوية وإنما من حيث الالتباس الذي يقع للكاتب ، ألاحظ أن الالتباس يقع في مجموعة من القواعد اللغوية ، التي يستلزم أن ننتبه لها أثناء الكتابة .
من بين هذه الأخطاء ارتأيت أن أتطرق إلى الفعل اللازم والمتعدي ، فكثيرا ما نخلط بينهما نعدي اللازم ونلزم المتعدي ، فإذاكان اللازم هو الذي لا يتعدى إلى مفعول به ويكتفي بالفاعل فقط ، نجد أن الفعل المتعدي يتعدى إلى مفعول به او مفعولين أو ثلاث مفاعيل ، فالفعل اللازم هو الذي يدل على أفعال الطبيعة أوالسجايا كقولنا مثلا ( وسخ الثوب --- جنح المركب ----- مات فلان ----- ) يقول صاحب الألفية : 
(ولازم غير المعدى وحتم لزوم افعال السجايا كنهم )
(كذا افعلل والمضاهي اقعنسسا وما اقتضى نظافة أو دنسا )
( او عرضا أو طاوع المعدى لواحد كمده فامتدا )
يتضح من هذه القواعد أن الناظم حدد الأفعال التي تستوجب اللزوم ولا تتعدى إلى معفول بعدها وتكتفي بالفاعل فقط ، وهي تلك التي تدل على الطبائع وهو ما عبر عنه بالسجايا ، كقولنا ( نهم الرجل .....جاع المسافر ......الخ ) وكذلك الأفعال التي تكون على وزن افعلل ( بتشديد اللام اﻷخيرة ) مثل( اقشعر جلده فرقا ...اشمأز .. الخ) وكذلك ما كان مضاهيا من حيث الوزن لفعل (اقعنسس مثل اجرنجم ...افرنقع.)
أو اذا كان مطاوعا للفعل المتعدي ، وتكون المطاعة دائما بالزيادة في أصل الفعل بحرفين أوثلاث مثلا ( مد الحداد الحديد ....امتد الحديد ....) فحرفا الزيادة تلزمان الفعل الذي كان متعديا .ولكن أباح النحاة تعدية الفعل اللازم لكن هذا يكاد يكون شادا فيتعدى اللازم بحرف جر كقولنا ( مررت بالديار ) وإذا حذف حرف الجر اصبح المجرور منصوبا على المفعولية ويقولون في ذلك :
تمرون الديار ولم تعوجوا ............كلامكم إذن علي حرام 
والشاهد هو الديار التي وردت منصوبة لأن حرف الجر حذف ، ويقول الناظم في هذه الحالة :( وعد لازما بحرف جر وإن حذف فالنصب للمنجر ) لكن اعتقد أن الشاهد لا يقاس عليه لأن الشاذ في اللغة العربية لا يقاس عليه ،وليس في النحو فحسب وإنما في جميع أمور حياتنا ،اللهم إلا اذا أردنا تطبيق قاعدة ( خالف تعرف ) .فالانتباه أظن لتوظيف الفعل اللازم وفق القواعد والشروط النحوية ضروري حتى لا يقع أي إخلال بمعاني الجمل أو بجمالياتها اللغوية والتركيبية ، أما الانزياح فإنه لا يمس التركيب النحوي أبدا إلا في الشعر في بعض الأحيان أي ما يسمى بالضرورات الشعرية . 
أما المتعدي ، فهو اسم فاعل من الفعل تعدى أي تجاوز الحدود ، والمفعول متعدى عليه ، أي الفعل ظلمه وعمل فيه عملا وهو النصب ، كما رفع الفاعل من قبله ، فالمتعدي هو الذي لا يقتصر على رفع الفاعل فحسب وانما يتعداه لنصب المفعول به ، ويختلف المتعدي ، حسب عمله في الفعل ، فهناك افعال متعدية تتعدى الى مفعول واحد ونوب عنها في بعض الاحيان المصدر إذا حذف الفعل كقولنا (ضرب زيدا .... ضربا زيدا ،،،،،،والمقصود : اضرب ضربا زيدا . أي أنه ينوب عنه المفعول المطلق ) 
وهناك أفعال تتعدى إلى مفعولين كقولنا (أقرض عمر زيدا درهما ) وهناك أفعال تتعدى إلى ثلاث مفاعيل وهي (أرى ...اعلم.....نبأ .....انبأ.......خبر .....أخبر ...)
والفعل غير المزيد بالهمزة مضعف العين (نبأ...خبر...) هذه الأفعال تتععدى إلى ثلاث مفاعيل ، فيها ما يكون المفعول به فاعلا في الأصل قبل الزيادة بالهمزة التي تسمى همزة الثقل أو التعدية ، كقولنا ( أرى والدك زيدا خالدا اخاك ) أو (أعلمت عليا محمدا مسافرا) ومنه أيضا قوله تعالى (" كذلك يريهم أعمالهم خسرات عليهم ) فالضمير المتصل هم مفع أول وأعمالهم مفع ثان وخسرات مفع ثالث ،. على أي أن ضبط هذه القواعد يجنبنا الأخطاء التي تشويه نصوصنا الإبداعية وآمل أن تفتح نوافد لنقاش القواعد اللغوية التي غالبا ما نهملها ونحن نعرف أننا لا يمكن أن نحيد عنها لأنها هي اللغة واللغة هي ديدن الإبداع ، وعصب الكتابة . 
صالح هشام ~٢٩/٧/٢٠١٥

صورة / بقلم الشاعر الاستاذ : خيري البديري / العراق

صُورَة
دَوْزَنْتُ أَوْتَارًا لِشَعْرِي أُنْتُقِي
وَبَحَثَتُ أَنْشُدُ صُورَةً فِي معجمي
وَعَصَرْتُ مُخِّي فِي خِضَمِّ قَصِيدَةٍ
لَمْلَمْتُ فِيهَا أَحْرُفًا مِنْ طلسَمِ
ٍوَبَدَأَتُ أَرْسُمُ لِلمَوَاقِفِ لَيْتَنِي
عَلّي عسايَ أُصيغها بِتَحَكُّمٍ
لَكِنّ أَبْيَات القَصِيدَةِ أَقَفَرَتْ
وَقَصِيدَتي صَمَّاءُ لَمْ تَتَكَلَّمِ
ْأَنْطِقَتُهَا فَاِسْتَرْسَلَتْ وَتَحَدَّثَت
ْأَجْهَضْتَنِي يَا خَيْرِ إنّىٰ أَرْتَمِي
حَارَتْ قَوَافِي الشعْرِ فِي تَصْوِيرِهَا 
كُلُّ المَوَاقِفِ قَدْ بَدَتْ فِي ضيغمِ
سِرْ حَافِيًا إلاكَ يَحْلُو فِي الوغى
إِمَّا لِغَيْرِكَ قُدْ بدا فِي مَثْلَمِ
شتّانَ مَا بَيْنَ الحُفَاةِ قُلُوبُهُمْ
أَوْ بَيْنَ جُنْدِيٍّ مَشَى لِتَيَمُّمِ
خيري البديري

التواري خلف الذاهبات / بقلم الشاعر الأستاذ : حسين جبار محمد / العراق

التواري خلف الذاهبات
فيك التواري خلف ابتكارك في الذاهبات
بعد التلاعب في قمم الصعود
الى المتماثل...في التجمل...فوق الرهبةالمثلى
باحتكارك سيف البروق
بليلة متلاطمة البحار
بظلمة قبو
سدت مخارجه
والليلة الدكناء ترمقه
فيك النفوذ...بدربه المعتاد
في الفة الجوع
بمحتشد اللصوص الفارعين
بمعترك الاناقة
تزدان نسوة الحي بما تركت حقائبهم
والتوازي خلف اصطبار الاتيات
في النزول بمصطفق الاغوار
اذ يسبرون النفس وما حملت
تلك احترابات عل نقراها
فالفارعون الطول
يملاون الليل
انجمهم حراقة
ونحن نكلاهم
نسوة الحي......تزدان....بما احرقت مراكبهم...

الممنوع من الصرف / بقلم الاستاذ : صالح هشام / المغرب

اخطاء نحوية وقواعد -/-الممنوع من الصرف.
بقلم الاستاذ صالح هشام / الرباط / المغرب !
قبل التعريف بالممنوع من الصرف في النحو العربي يستوجب التطرق أولا آلى معنى الصرف ،ونقصد هنا الصرف في الأسماء وليس الأفعال :
الصرف هو تغيير حركة الاسم حسب موقعه في جغرافية الكلام نصبا ورفعا وجرا ، بحركتين في حالة التنكير وحركة واحدة في حالة التعريف بأل أو الإضافة باعتبارها من أنواع المعرفة ، أما المنع من الصرف فهو عدم قبول الكلمة للتنوين أي حركتين ، والحركتان اللتان نوظفهما الممنوع من الصرف هما *الفتحة : في حالة النصب والجر * الضمة في حالة الرفع .ويختلف الممنوع من الصرف من حيث أسباب المنع من الصرف ،فهناك ما يمنع لسبب واحد وهناك ما يمنع لسببين : 
الممنوع من الصرف لسبب واحد: 
*الصفات: ما كان على وزن ( أفعل )الذي مؤنثه (فعلاء ) مثال: احمر ....حمراء ......ازرق ......زرقاء ..اخرس ........خرساء
*الصفات على وزن فعلان الذي مؤنثه فعلى مثل (سكران ....عطشان ...: سكرى ،،عطشى )
*صيغ منتهى الجموع مثل : مفاعل ....مفاعيل .....افاعيل ....فواعل ....فواعيل....فعالى .......فعالي.......افاعل )
*الأعداد : ماكان على وزن فعال من 1 الى 10:( ثلاث.....رباع .....خماس.....الى ..تساع ..... بضم الحرف الأول)
ما كان على وزن مفعل ( مثنى )
الصفات المعدولة عن لفظ أخر . 
*الأسماء المختومة بألف التأنيث الممدودة بعدها همزة (صحراء....) 
*الاسماء المختومة بألف التأنيت المقصورة( ذكرى....رضوى .)
ولا يعتمد الممنوع من الصرف آلا على حركتين أساسيتين هما الفتحة في حالة النصب والجر كقولنا مثلا :رأيت متاريس على الرصيف .....مررت بمتاريس ( ومتاريس مجرورة ومنصوبة بفتحة ) وضمة في حالة الرفع كقولنا ( متاريس جميلة على الرصيف ) اعتذر لعدم توفري على الحروف مع الشكل على لوحة المفاتيح ، 
ملاحظة : إذا عرف الممنوع من الصرف صرف ( إذا عرف صرف ) كقولنا (مررت بمساجد المدينة ) أو (المساجد مرتع الايمان ) .
أما الممنوع من الصرف لسببين نذكر منه :
^ العلمية ووزن الفعل ( يزيد--أحمد--يشكر---)
^العلمية والعجمة ( إسحاق---إبراهيم)
^العلمية ووزن فعل ( عمر----زفر---) بضم فاء فعل 
^العلمية والتأنيث ( حمزة ......طلحة .......جفنة)
^العلمية والختم بألف ونون (عفان......عدنان.......شعبان........)
^العلمية والتركيب المزجي ( معد يكرب ....حضر موت ......) 
إن عدم ضبط قواعد الممنوع من الصرف كثيرا ما تشوه الكتابة ، لهذا يجب أن ننتبه لها؛ فإن الخطأ النحوي أو اللغوي في النص الإبداعي الجميل ، كالجرح العميق الذي يشوه وجه الحسناء ، أظن أني فقط قمت بعملية تقريب هذه القاعدة بعض الشيء من الاستعمال . 
صالح هشام ~ ٢٩/٧/٢٠١٥

أوجاعنا منا / بقلم الشاعر الأستاذ : عبد الله المحمدي / العراق

أوجاعنا منا
ألمٌ أَلَمَّ بنا كلما صحونا 
واقع يؤلمنا 
دَوسُ الأشواك يوجعنا 
نمشي على الطريق وأشواقنا حرَّى 
نروم الوصول لغاية نبلى 
تعترضنا نوايا بالهوى حُبلى 
تسدُّ الطريق 
ترشه سُمــا 
تنافقنا 
تُطرينا ، ترافقنا 
حتى االوقوع في هوّةٍ ظلمى 
فلا أحد ناجٍ 
وأوجاعنا قصوى 
نمدُّ أيدينا 
بالسكاكين تقطعنا 
ونظل نَسْكُن أوجاعنا 
تلك حياتنا أردناها 
الآلام ميزتها 
والحقد والبغضاء والميز 
عناوينها الأولى .
عبدالله محمدي. تونس.

غربة النشيد / بقلم الشاعر الاستاذ : أحمد بياض // المغرب

غربة النشيد
انتظريني
كشعلة باقية
على شفتي الزفير
وظل القناديل
وفتات المعاجم.
هل ستعود المواسم/شرقا/؟!....
لقد كتبت السنابل
عطش الحياة!.......
في المدى
سنرى
الولادة الباقية
على لثام الموج
ومغول البوارج.....
على دمعة فانوس
وقاموس الأساطير؛
سرمدية نهر
والخريف رقيم
الأوراق التائهة.....
عرق بسوس!.......
هكذا نواصل السير
ونلبس وهاد الجرح
خميرة الدعاء.
هوذا
واللحن
الفريد
على شرفة الأيتام،
شوق على مضمضة النسيم،
موت في بحر الأشياء،
قطاف رايات بلحن الدم.........
سنقول
بحكمة مساء
ممضوغ
بأشواق الغيث:
كان السحاب
ينتظر ألفة الضوء
على أيقونة
تزحف
وراء الشعاع
الفارغ
في إقصاء المغيب.
ذ بياض أحمد المغرب

كرسي يسخر / بقلم الشاعرة المبدعة : خديجة حراق / المغرب

كرسي يسخر/المحطة غير آمنة
كرسي المحطة يسخر 
من عيون الليل اللامعة
نجوم
سافرت في سهاد الطريق
اشجار بلا ظل
توهم رأسي في الدوران
تزهر علقما في اكف الظلام
المهرولون على ضفاف المدى
يتناسون
ما علق في الاقدام 
اسند ظهر السنين
على وجع الكلام
يحسبونه رطوبة تطفئ 
يباسه العافية
رهبة وترقب..
يسقط في هم الانتظار
اصحاب الترحال
عيونهم حرة
تتلاقف المداد
تهتز مع رعاش الريح
تحسبها 
تلة من ضباب الموج
تعض النبض
وتتظاهر 
بأبتسامة هاجرة
على كرسي المحطة الساخر 
جلس الامل 
بانتظار قطار يصفر ولا يصل
تمتمات تكسر المستحيل
وتبتلع احشاء النور
ينشق شرخ 
يرتدي تألق السماء
ربما يرسم مدى ينفذ منه العبور
بادرني الحلم وسال
هل مستعدة للابحار
واخذت نفسا طويلا 
لتغوصين في الغرق
او تنعزلين
على اطراف الضياء
وتصدقين 
ان قناع الموت
يكتسح العالم بهدوء
اوهام تغزل بلاشيء
تقنع الليل ان يلبس وجه النهار
نحن اولاد الملائكة
ولادنا من البياض
واكغاننا
ما تزال بيضاء
رغم التراب الاسود
خديجة حراق /المغرب

ومضة / بقلم الشاعرة المبدعة : الميريام سما / سوريا

جاء رفيف الصباح
يغني معزوفة وصلي
 يرنو للقاء!!

خراف الوقار / بقلم الشاعر الأستاذ : باسم جبار / العراق

خراف الوقار
------------
أخذت تطيل النظر كعابد ملّ
صهيل الصمت بجدارن خلوته..
أتحبني...قلها ...أصرخ بها
لتصم أذني
وأنحر خراف وقاراك
على نصب القوافي ..تهزني
تزيد من ارتجافي نشوة 
بذوبان الصقيع 
لتخضر أرضي.. أوحشتها
نباح الكلاب.. ونفثي 
في عقد العرفات
وفي أقبية المنجمين
هذي روحي نذرتها 
لشطآن بحاركَ علّها 
بأطياف سفنكَ تلتقي
--------
باسم جبار
2017- 7 -30

ومضة / بقلم الشاعر الأستاذ : لطيف الشمسي / العراق

أنتِ...
في عينيّ
نقش في لوح
سومري.
كلما عانقه الزمان
كالشمس تزيح أفق العتمة
وتشرق..

وجهي / بقلم الشاعر الأستاذ : عادل قاسم / العراق

وجهي
عادل قاسم
أَخيرا تَيقَنتُ،،
اَنَّ الوجوهَ التي أَراها
في أَحْلامي،،
كُلّ يومٍ هي ليست،،،
لأَصدقائي،،،،،
الذين ماتوا في الحروبِ
اوفي السجونِ،،
اوفي التفجيراتِ المُفْزِعةْ،،
اذْ كُلما احدقُ مَليا،،
بكل واحد منها
على إنفراد
أَرى وَجْهيَ،،
-نعم وجهيَ
أَنا العالقُ هنا،،،
بينَ الموتِ والحياة

ومضة / بقلم الشاعر الاستاذ : جاسم آل حمد الجياشي

إن /.. كانََ الخصامُ
سمةَ صُبحِنا 
تكون سمةَ العصافير
الخرس،! فتعالي/. تعالي
أنَطقيها

تباين الأشياء / بقلم الشاعر الاستاذ : عبد القادر غريبل / المغرب

~~تباين الأشياء ~~
يتلاشى الوقت 
بين وهج النهار
وعتمة الليل
ينكسر الأمل
بين ضغط التشائم
ودغدغة التفائل
يتقلب الفكر 
بين رؤى الواقع
وشطحات الخيال
يحتار البصر 
بين زخم الصور 
واشتهاء المناظر
ينقضي العمر
بين ذل الإنكسار 
وهاجس القبر 
يتضعضع الإيمان 
بين توجس الشك 
ونور اليقين
عبدالقادرمحمدالغريبل
المغرب 
30/7/2017

همسة / للشاعرة المبدعة : الميريام سما / سوريا

همسة
احتاج فنجان قهوة
مرصع. بنبض أنفاسه..
.
.
....ميريام....

ومشيت / بقلم الشاعر الاستاذ : قاسم ذيب

ومشيت ..
.............................
ما أفكر به يهرب
وما ليس على البال يتربع
ما بين جحيم اللحظة
وما بين عين اليقين ..
.
السلام عليكم ورحمة الله
السلام 
عليكم ورحمة الله
بطلت صلاتي 
فإذا بذنوبي أكواماً من حيرة ..
وتلفتت
أديت التحية للرب 
ومشيت ..
.
30/تموز/2017 بغداد

لوحة الجيتار الأزرق / بقلم الشاعر الاستاذ : نصيف الشمري

لوحة الجيتار الأزرق*
بالصوت المبحوحِ من العمرِ، غني والمسْ أوتار الجيتارِ الأزرق، دندن بأناملِ عمرك، أرسمْ حياتكَ شعراً، بلون سمائك لوّنها، الكبير الذي يغني، يعرفُ مواويل الوجعِ، حاجةُ نفسٍ؛ مرحلةٌ زرقاءٍ في صحراءِ العمر ، تحلمُ باللون الأصفر، يذَهِبُ رملَ اللحظاتِ سرابا، هل يروي ظمأ عيوني، أحلاماً منسية؟
نصيف الشمري
العراق
2017/7/29
*للرسام بيكاسو

الأحد، 30 يوليو 2017

قراءة / الثنائية الضدية الخالصة بالومضة الشعرية نموذجا / للشاعر جاسم ال حمد الجياشي / بقلم الدكتور حمد حاجي / تونس

نص بديع راق لي .. قراءة/ الثنائية الضدية الخالصة بالومضة الشعرية نموذجا
=====
خذلتني الشمس
أودعتها رجل 
الثلج /.. أذابته 
ومضت بكل 
برود !!
====== للشاعر / جاسم ال حمدالجياشي
نص يستحدث الضدية الخالصة..( الحرارة/ البرودة )
تصدير =====
في الثقافة العربية يعد الجاحظ من أوائل الذي التفتوا إلى قانون الثنائية الضدية على أنه قانون الحياة الجوهري، إذ يرى أن العالم بما فيه من الأجسام على ثلاثة أنحاء: متفق ومختلف ومتضاد.... Samar AL Dayyoub
=========== د. سمر ديوب / الثنائيات الضدية ص 6 
تقديم 
======
تعُّد الثنائَّيات في الوقت نفسه من أبرز الآليات الاجرائية لمقاربة النصوص وبيان مدى استثمارها وتوظيفها من قبل النقد المعاصر على مختلف النصوص الشعرَّية منها والنثرَّية، بوصفها مرتكز أساسًّيا من مرتكازت النقد البنيوي الحديث... لذلك نرى انها تؤِّدي مع جملة من الشروط الاخرى للكشف عن مجمل الاساسيات الدلالية وأهم مرتكزت التَّحليل البنائي للوصول إلى البنية المتحِّكمة في الَّنص المدروس..
وهذا يحيلنا الى الامر الذي جعل سوسير ينظر إلى اللغة على أَّنها نظام من ُ الاختلافات، وهذا التَّصُّور انطلقت منه البنائَّية، إذ أخذت في ضوئه تنظر إلى العالم على أَّنه مجموعة من الثنائيات المتشابكة والمتقابلة، تنعكس على [شبكة العالقات، فتحيلها إلى مجموعة من الثنائيات الخالصة ](1)
او كما يقول أحد الباحثين : 
[الكلمة ليس لها معنى في ذاتها، بل معناها يكمن في وجود ضدها ](2)..
ومن هنا كان اعتبارنا لثنائية ( البرودة / الحرارة ) ثنائية مستحدثة وخالصة إلى أي مدى ؟
=====
أوَّلا.. الضدية الجديدة الخالصة..( الحرارة/ البرودة )
===============
يتجاوز الاستاذ جاسم ال حمدالجياشي ما كنا بالنقد ندرسه ك:
ثنائَّية الساكن والمتحر ك/
ثنائية الذات والموضوع/
ثنائَّية الايجاب والسلب/
ثنائية البياض والسواد /
ثنائَّية الحياة والموت/
ثنائية الظلام والنور / 
ثنائَّية الواقع والمثال:/
الغياب والحضوراو / و التجلي والظهور/..
ـــــــــــــــــ يتجاوزها الى الضدية الجديدة ..( الحرارة/ البرودة )
هنا ينساق الإيقاع مع سرعة الأحداث داخل مشهد الخذلان وعبثية الوجود الخرقاء.. ليؤسس ثنائيته الضدية..
تلك الوقفات المشهدية أمام الشمس تجعلنا نؤسس ثنائية ضدية جديدة ..( الحرارة/ البرودة ).. 
وما يؤيد ما ذهبنا اليه هنا ذلك الخطاب المضمر وذلك الانحسار للفظ امام الحذف يتركان المتلقي / القارئ أمام فرص مخاتلة: 
1- فرصة التدخل لملء الفراغ بمكنون التأويل 
2- فرصة المشاركة بالاحتكاك مع النص وبالنص ( كما بالفيزياء : الاحتكاك يولد الحرارة )
3- فرصة الانماء والتماهي الوجداني لملء النص بتأويل الضدية الجديدة ..( الحرارة/ البرودة ) كما لو كان التأويل ناره التي توحي بالحرارة وذلك التدبيج كما لوكان برودة التلقي التي تنزاح لتؤسس للنص الجديد تشطيبا وتخطيبا..
======
ثانيا / ثنائية فلسفية 
====
ان سعينا الى تفسير معاني النص وتجزئته الى وحداته الدلالية ( الحرارة / البرودة) يجعلنا نعمل على رصدها ثم تصنيفها بضِّم المتشابه منها في قوائم معَّينة بحيث يسمح في الِّنهاية إلى قراءة جديدة وفقا للترتيب وحداته الِّدلالية..
قائمة اولى تحليل الحال : نجد بها/ خذلان الشمس ـــــــــــ حين وضع الوديعة 
[أودعتها رجل 
الثلج ]ـــــــــــــــــــــــــ يقابلها وقف وصدود عبرت عنه علامة الترقيم ـــــ /.. 
قائمة انصهار[ــــــــــــــــــ / أذابته ]
ومضت بكل 
قائمة النتائج ـــــــــــــــــــــــــــ برود !!
وعليه نعتبر الثنائية [وسيلة تصنيفَّية تجعًل الفهم ممكن] (3)
ومن هذا المنطلق نرى أن النص نظرة فلسفية مستبطنة بها طرح السؤال أكثر من قبول الاجابات ..حيث:
ــــــ 
يستجمع الكاتب في نصه الفلسفة مراوحا بين التجريب والتأصيل، ويستكشف حقلا دلاليا حداثيا وجوديا ..
بموضوع الوجود/ الفناء ..فمن حقيقة الحياة والموت يطرح السؤال الفلسفي كمقِّدمة لمعرفة الحقائق التي تواجه الانسان وتشغله، فإ َّن حقيقة أحدهما أو كليهما يشكلها ما يراه الانسان ويدركه من تضاٍّد أو مفارقة(4)
وبنصنا هذا ...
فمن حيث هو يدين موت الإنسان المعاصر، فهو يحييه ويعريه امام الشمس ويذيب ادرانه وما التبس بجسده..
النص وان ارتكب خطيئة الوقوف أمام الشمس فانه ينطلق من فلسفة إنسانية تقوم على الطرح السريالي والعبثية الوجودية التي تجعل من الإنسان ذلك الأسير في دوامة العبث واليأس القاتل.ولكنه بالأخير يتطهر بالنور وتمضي الشمس بأدرانه غير آبهة بالأقدار لتترك الانسان يقرر مصيره لوحده ..
=========
خاتمة 
============
ان حيوية الأفعال ومجازية الصور الموحية وعبق التراكيب قد مكنت النص من الثورة عليها واعادة تأسيسها ارتكانا الى ثنائية البرودة والحرارة وجعلت من النص ايقونة ادبية راقية ومجملا بتفصيل حين المرور من المنولوجية التي تقوم على هلوسات تيار الوعي والتمزق النفسي واستخدام التذويت الى معبر الحقيقة الفلسفية الراقية التي لا تتطلب الاجابة بقدرما تؤسس للسؤال الباحث ..
نص ابدعت واوجزت اشكرك ...
=====
المراجع 
(1 )بناء الاسلوب في شعر الحداثة، محمَّد عبد المطلب: ص 149 
(2 )يُنظر: الخطيئة والتَّكفير: عبد الله الغذاميّ: 30 ،ولغة التَّضاد في شعر أمل دنقل، عاصم محمَّد أمين: ص 43 .الخطيئة والتَّكفير من البنيوية الى التشريحية قراءة نقدية لنموذج انساني معاصر، عبد الله محمد الغذامي
النادي الأدبي الثقافي، السعودية، 1985م.
(3 ) ينظر لعنصرالاول / البنيويَّة والتَّفكيك تطوُّرات النقد الادبي: 55.
البنيوَّية والتَّفكيك تطُّو ارت النقد الادبي، س ارفيند ارن، ترجمة: خالدة حامد، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد،
2002م.
(4 ) في قراءة الَّنص، قاسم المومني، دار الفارس للنشر والتوزيع، عمان، 1999م

قراءة في قصيدة الشاعر وسيم وسيم الروسان : كم يشعُ بالحياة ذلك الحكيم / بقلم الاستاذ اوس غريب

قراءة في قصيدة الشاعروسيم وسيم الروسان" كم يشعُّ بالحياة ذالك الحكيم "
أولاً : نصُّ القصيدة :
كم يشع بالحياة
ذلك الحكيم
الذي اختار
عن طيب خاطر
رحابة الموت !
وكم يعاني من الموت
ذلك الجاهل
الذي آثرت غرائزه
بخنوع ماكر
وضاعة الحياة!
ثانياُ : القراءة :
تقوم القصيدة أو تنبني على تقنية التضاد الدلالي أو المقابلة التي يصح أن نقول إنها تستغرق النص بكامله فتجري في ألفاظه و أفكاره و صوره 
والمقابلة من مكونات الجمالية في العمل الفني تأتي هنا الشعور بالاختلال من خروج الامور عن مواضعها ، وانقلابها واختلاطها لذلك تحتدم العقدة بأطرافها المتضادة ،فنرى مقدار التشوه الحاصل ، وننفعل انتصارا لكرامتنا وإنسانيتنا بالوقوف إلى جانب الحكمة والتضحية لإرسائها حتى تصير الحياة مستساغة ومحتملة
يقول الشاعر :
كم يشع بالحياة
ذلك الحكيم
الذي اختار
عن طيب خاطر
رحابة الموت !
أكثر ما يلفت النظر في هذه الافتتاحية عبارة " رحابة الموت " كأن الشاعر يحيلنا بها إلى ضيق الحياة ، وتازُّقها ، وتأزُّمها ، وتأتي عبارة "اختار(الموت) عن طيب خاطر " لتؤكد هذا الضيق ، وتوسع دلالته ، فتضعنا أمام إحساس بالعطن والزنخ والعفونة والنتانة 
هنا يجدر بنا ان نسال : ما الذي جعل الحياة بهذا الوصف ، حتى صارت قيمتها ومعناها لا يتحققان بغير الموت ، بل صار رفضها أمارة على الحكمة وحسن التدبير وصار عمر المتبرئ منها مشعا بالنور والبهاء ناعما عاطرا مطيبا غير آجن أو آسن أو منتن أوزنخ 
وتأتي دلالة التكثير المستفادة من كم لتزيد اختيار الموت رضا وتصويبا 
بل أكثر من ذلك تأتي دلالة الإطلاق من جهة أن كم مفعول مطلق لتجعل الحكمة متجسدة في اختيار الموت 
لماذا أيها الشاعر ؟! لماذا بالله عليك تجعل النور والبهاء والهناء والرضا والرجابة والرخاء والرغد والرفاه والسعة والفرج واللين والسبغة والاغتناء واليسر والفساحة 
تجعل كل ذلك وقفا على اختيار واصطفاء وتفضيل ووتخيُّر الموت ، هل ساءت الحياة إلى هذا القدر ، هل حدرت في هوة ، إن لم نبذل في استنقاذها ارواحنا ووجودنا ، تضيع إلى غير رجعة ؟!!
يقول الشاعر:
وكم يعاني من الموت
ذلك الجاهل
الذي آثرت غرائزه
بخنوع ماكر
وضاعة الحياة!
خنوع ومكر و وضاعة و جهل ،وغرائز هل يمكن أن تكون هذه المعطيات وسطاً صالحاً للحياة 
هل يمكن أن تكون حياة الذلة واللؤم والخسة والدناءة والانحطاط وسطا صالحاً للحياة 
أليس أولى بمن يتأبى ويرفض هذا القرف والوسخ والعفن أن يشع بالحياة ومن يرتضيه ويستسيغه ويبرره ويعلي منه بخنوع الاحتيال ومكر الخديعة وخسة الغريزة
أليس أولى بمن يفعل ذلك أن يختنق بالموت
حتى تستقيم الحياة إذن وحتى تتوازن و يأنس فيها الإنسان ويأمن ، لا بد من الحكمة وموافقة الحق ، لابد من التضحية لوضع الأمور في نصابها ، لابد من الموت في سبيل ذلك 
فمن تؤثر غريزته ونزعته السلوكية التواطؤ مع الاختلال والباطل والشر والقبح ، لابد أن تكون الذلة والدناءة والخسة صفاته ولن يكون له في حياته غير الوضاعة 
فيحق لضده ونقيضه الذي اختار بطيب خاطر الموت وعدم القبول ، يحق له شرف الحياة عزا وكرامة ، او الموت حتى تحقيق ذلك

دراسة موجزة في نص ( ومضات ) للشاعر باسم عبد الكريم الفضلي / بقلم الاديبة ميلو عبيد

دراسة موجزة في نصي ( ومضات ) للاديبة السورية مياو عبيد :
{ و
مضات }
......................... 1
للآفاق
لغةُ الجحورِ المهاجرة
بجبروتِ النداءات
........................ 2
على مرمى النبض
راياتُ الخوف
تعانقُ الجذورَ البِكر
للقُبلة
....................... 3
غَلِّقوا بابَ قبري
فالبردُ قارصٌ عندَكم
.......................4
لن تنمو
لحشرجتي أظافر
فلأتلفَّعْ
بصقيعِ هزيمتي 
.......................5
سأسبحُ في بحورٍ 
غيرِ بحورِكم
لعلي
أصلُ ضفافَكم
...................... 6
حين زرعتُ
أولَ أغانيكِ
في عيني بساتِناً
أثمرتْ دمعة
..................... 7
إبتسامتُكِ قبسٌ
ينيرُ أفئدةَ يماماتي
......................... 8
انتِ أزليةُ الخرافة
لأنكِ ترسميني
على أوراقِ الخريف
هديلَ عشق
.......................... 9
الدراسة :
قولي ..
فريشةُ أفكاري 
بين أناملِ رغبتِك
دراسة موجزة / ومضات / للأستاذ باسم عبد الكريم الفضلي 
* - الإرتقاء الذي ننشده نملك مفاتيحه / الصراخ في الجحور / جحورهم / يضاعف صدى الصوت فيزيد الضغط على الأذن ..يجبر صاحبه على الخروج
* - الخوف لن يتعدى جدار القلب
* - أرقى أنواع الإنتصارات ضحكة في آخر الهزيمة / اي لا اعتراف بالهزيمة مطلقا''
* - بأس منك خيارك هذا 
فالصعق الحراري يكون باتجاهين 
فوق الصفر يكافيء إبادة حياة 
تحت الصفر يكافيء تجميد توقف مؤقت للحياة بمعنى توقف تناسلي جسماني لكن باستمرارية تناسلية فكرية ،منذ عصور ما زلنا ندرس الماموس على سبيل المثال وحتى البحث عن إمكانية إعادة مورثاتها وكأن هناك دلالة ما عن مخبوء ما يعد له الكاتب وهذا ما دعمه بالومضة التالية إذ جاءت النبرة فيها شيء من الوعيد والإعداد والتلميح لسبيل آخر 
* - هو يرى انهم سيغدرون به قبل أن يصل ويكشف عهر حقائقهم ، سيغرقوه .لذا الأفضل أن يجد سبيلا'' أخر ليصل...وسيصل 
* - هي ثمار الروح ...هي دمعة الفينيق الشافية لأن الجارح عزيز / ''يرضى القتيل وليس يرضى القاتل'' / أتعجب !!! لا 
* - لا ضحكات عريضة ولا قهقهات هي ابتسامة صغيرة منك كافية / لا نطمع بالكثير تربيتة حنو على الكتف تزيل تعب العمر وتمحو قهر سنين ... عراقي 
* - عراقي ......رسمتي ملامحي ، أعشقك 
* -( قولي ..فريشةُ أفكاري بين أناملِ رغبتِك )
فخطيني كما شئت

قراءة في قصيدة الشاعر : صدام كعبابي : أحتاج أن أرقص / بقلم الاستاذ : اوس غريب

قراءة في قصيدة الشاعر صدام كعبابي "أحتاج أن أصرخ "
أولاً : نصُّ القصيدة :
أحتاج أن أصرخ 
إلا أنه لا جدار أمامي 
الفراغ المحاط بي 
هي المسافة التي كنت ارميها خلف ظهري 
ربما هنا يكمن السر
ابحث عن الجدران 
للصراخ في وجهها
قبل محاولة تسلقها
أحتاج أن أصرخ 
لكي أمنح هذا الفراغ وقع أقدام 
وبعض الظل 
وليس شجرة أو حتى جدار ..!
ثانياً : القراءة :
الصراخ والفراغ يملآن القصيدة ، جتى لا نخطيء لو قلنا : إنهما يشكلان علاقة سببية، يكون الفراغ فيها سببا للصراخ 
ولكن هناك أمر ثالثٌ بحتل غير قليل من مساحة المشهد وهو الجدار الذي يحرص الشاعرعلى استحضاره مفردا ، وجمعا ، بل يحاول أن يستحضر منه ولو نصف جدار والجدار متصل بطرفي العلاقة ؛ الصراخ والفراغ .
تأتي صلته بالصراخ قوية ، و جلية يقول الشاعر :
ابحث عن الجدران 
للصراخ في وجهها
قبل محاولة تسلقها
أما صلته بالفراغ فتأتي خفية وغير مباشرة ، تحتاج في الوقوف عليها إلى تأمل واستنتاج
فما هذه العلاقة ، وما حقيقة أطرافها ، وماذا يريد الشاعر منها ؟؟؟
لنبدأ من الصرخة ، لا أدري لماذا أستذكر وعلى نحو كبير لوحة الرسام النرويجي إدفارت مونك " الصرخة "
كأن الشاعر يتحدث عنها في هذا النص ، وكأنها خاطر فني يتوارد على المبدعين ولو لم يلتقوا .
تمثل لوحة مونك رجلا واقفا على جسر ، يمسك راسه بيديه ، وعلى وجهه تعبيرات الهلع والرعب ، لا يلبث أن يطلق صرخة ، تتردد أصداؤها في الخلفية الصارخة بالحمرة كأنها غمّست بالدم 
خلف الصارخ يظهر شخصان معتمران قبعات ـ، ـ لعلهما في القصيدة من المخابرات التي تحرس الأوطان من خيالات الشعراء وأحلام الفنانين ـ المهم .
يقول الشاعر :
الفراغ المحاط بي 
هي المسافة التي كنت ارميها خلف ظهري
هذا المقطع أيضا يذكر بمونك ، لأن مونك وفي معرص حديثه عن لوحته يقول :
"كانت الشمس تميل نحو الغروب، عندما غمرني شعور مباغت بالحزن والكآبة. وفجأة تحولت السماء إلى لون أحمر بلون الدم. توقفت وأسندت ظهري إلى القضبان الحديدية من فرط إحساسي بالإنهاك والتعب. وقفت أرتجف من شدة الخوف الذي لا أدري سببه أو مصدره. وفجأة سمعت صوت صرخة عظيمة تردد صداها طويلاً عبر الطبيعة المجاورة "
فالحزن والكآبة من جهة والارتجاف من الخوف من جهة ثانية أموركانت ظهر مونيك فجأة وبشكل مباغت برزت وتمثلت له كأنه المسافة التي تحدث عنها الشاعر 
والتي كان يرميها خلف ظهره .
أما الفراغ فيمتد في النص عبر مسافتين :
المسافة التي كان الشاعر يلقيها خلف ظهره والتي تتصل بالحزن والكآبة والارتجاف من الخوف التي تفسر حاجته إلى الصراخ 
والمسافة الثانية التي يستفيض الشاعر في التعبير عنها فتأخذ مقطعا كاملا من نصه القصير نسبيا ، والتي على ضوئها اكتشفنا علاقة السببية بين الصرخة والفراغ حيث يقول الشاعر :
أحتاج أن أصرخ 
لكي أمنح هذا الفراغ وقع أقدام 
وبعض الظل 
وليس شجرة أو حتى جدار ..!
لنتأمل في عبارة " بعض ظل " ، وفي عبارة " ليس شجرة " ، أاليس في هاتين العبارتين ما يفسر الحزن والكآبة والحاجة إلى الصراخ ، والارتجاف من الخوف 
من الواضح أننا أمام خلو كامل من حس الحياة ، وأن الحياة بعيدة و عزيزة إلى درجة أن الشاعر يكتفي بأقل ملامحها " بعض الظل ، وقع أقدام ، جدار
ما الذي فرّغ الفضاء إلى هذا الحد ، هل غُمّس هو الآخر بالدم ، كلوحة مونيك 
يكفي أن نعرف أن الشاعر من اليمن لندرك مقدار الدم المسفوك ، ولندرك أي هول ورعب وخوف يكتنفون الصرخة التي يستميت الشاعر لإطلاقها .
هل أخطأ الشاعر في طلب الجدران ، وهل أخطأ في إعرابه عن فقدانها 
ربما كل الشعراء العرب غدا سيبحثون عن جدران يصرخون فيها :
ابحث عن الجدران 
للصراخ في وجهها
قبل محاولة تسلقها"
كأن الشاعر يقول : سقطت كل الجدران ، دمرت الحرب كل البيوت ، العراء يتمدد ، والموت يقتطف الارواح ، حتى لم يبتق غير الفراغ ، وحتى تتمنى لو تسمع دقة رتيبة لقدم إنسان ، أو جزءا من جدار تتسلقه كما كنت تصنع في طفولتك
الصراخ والفراغ والجدران كأن الشاعر يتبأ لنا بالفناء الكامل للصوت والصدى ، للشجر والظل ، كأن الشاعر يتحسس في بصيرته الملهمة لحظته الأخيرة التي لا يضمن إن كان سيتاح له فيها حتى صرخة

الغناء ودوره الوظيفي في التشكيل الموسيقي للقافية ( أحرف الروي المدية تحققاً ) بقلم الاستاذ عبد الجبار السلامي

ا
لغناءُ ودورهُ الوظيفيُّ في التشكيلِ الموسيقيّ للقافيةِ (أحرفُ الروي المديّة تَحقُقاً )
-----------------------------------------------------------------------------
يلحظُ المُستقريء للنسقِ الموسيقى في القافيةِ من خلالِ الشعرِ العربي أنّ استعمالَ الأحرفِ المديّةِ : ( الألف والواو والياء ) يعدّ أمرا معدوماً في حالةِ الزيادةِ وأمرا نادراً في حالةِ الأصالةِ باستثناء الألف التي تميّزت بوفرةِ ورودٍ قياسا بأختيها : الواو والياء وقد ذهبَ منظرو العروضِ والقوافي إلى تعليل هذهِ الظاهرةِ في سياق بناءِ قواعدهم إلى أن ذلك يرجع؛ لزيادةِ الحرف ، ليضعوا قاعدة : أنّ هذهِ الأحرف لا يجوز ورودها رويّا إن كانتْ زائدة، وهو تفسير ذو مرجعيات نحويّة وصرفيّة لا تعتمد الواقع الصوتي الواجب اعتماده عند التقعيدِ للقافيّة . ولو وضعنا أمامنا حقيقتين ثابتتين ومتّفق عليهما لأمكننا بسهولة تفسير هذهِ الظاهرة (الموسيقيّة ) وهما : أنّ الشعرَ وضع للغناءِ والترنّم وأن الغناء والترنّم أكثر مايقع في القافية وأنّ الحرف في القافية كلما تقرب من الطرفِ كانت العنايةُ بهِ أكثر ، والثانيّة أن هذهِ الأحرف المديّة لها امكانات وظيفيّة موسيقيّة لما تمتلكهُ من امكانات جريان الصوت فيها ؛ لذلك نلحظُ أنّ هذه الاحرف استخدمتْ وصلاً ؛ ليتمكن المُغنّي للشعرِ، أو المُترنّم بهِ مدّ الصوتَ بها ؛ ولذلك مدّ هذه الأحرف يُبرز الخطأ الموسيقى في القافية "قصة اقواء النابغة مثالا " .وبذلك أنتجت طبيعةُ وضعِ الشعرِ وطبيعةُ هذه الأحرف دورا وظيفيّا تميزتْ به وهو امكانيةَ الأداء الغنائي والترنّم. إنّ طبيعة وضع الشعر، والصفة الصوتية للأحرف المدية حدد تشكيلها الصوتي في نهاية القافية بكونها حرف اطلاق يؤدي وظيفة الترنّم والتغني بالشعر، وبذلك اعتادت الأذن العربية هذه الصورة الصوتية وجاء الانتاج الشعري وفق ذلك العرف الموسيقى لهذه الأحرف .
إن ورود هذه الأحرف رويّا هو مخالفة لصورتها الصوتية المستساغة من قبل الذائقة العربية ، وهي كونها حرف مد يرتكز على حرف مُلتَزم ضمن النسق الصوتي لقافية القصيدة؛ لذلك انعدم بعض أنواعها وقلّ الآخر الى حد الندرة أوشذوذ الشاهد .
أما التزام الشاعر بأصالة الحرف واعراضه عن الزائد في هذه الأحرف المديّة عند التزام حركة من جنسها ، فيبدو أنّها تتعلق بالجانب الإبداعي والفني فالشاعر في أكثر الأحيان، فتفكير الشاعر بقوافيه وهي مفردة معزولة عن السياق الجُملي والكلمات التي تكون فيها أحرف المد أصلية لا تتطلب سوى ذلك في الأنشاء الأولي للقصيدة ، أما الكلمات ذوات الأحرف الزائدة فلكي تصل إلى صورتها الصوتية الموافقة للكلمات الأصلية يجب أن تتسق داخل نسق جملة ذي دلالة تفرض انتاج ذلك الحرف الزائد ، فالشاعر هنا يجب أن يفكر- كي ينتج كلمات ذوات أحرف زائدة - بهذه الكلمات وهي داخل نسق دلالي يفرض وجودها، وبذلك تضيق مساحة التحرك على الشاعر قياسا بالكلمات ذوات الأحرف الأصلية التي لا يضطر الشاعر عند انتاج صوتها إلى اللجوء الى بناء لغوي محدد .
---------------------
-عبد الحبار السلامي -

اشكالية الرمز والفهم المستعصي في النص الشعري / الشاعرة شروق المرسومي مثالا / بقلم الاستاذ سعد الساعدي

اشكالية الرمز والفهم المستعصي في النص الشعري ..
الشاعرة شروق المرسومي مثالاً
سعد الساعدي /العراق
تمتاز الشاعرة الدكتورة شروق المرسومي بشجاعة متميزة ؛ وشجاعتها من نوع خاص تمتلكها بتطويع كلماتها ورموز صورها فيما تكتب رغم صعوبة الفهم للبعض احيانا وتُلقيها للمتلقي بالتدريج وان كانت للوهلة الاولى تبدو سريالية اللهجة واللون ونَحْت الجملة ، لكنها تفسح المجال لاحقا على اقل تقدير لمتوسطي الثقافة بفك الرموز والتأمل بلوحاتها الشعرية والاستشعار بالمتعة وهذا سر من اسرار نجاح العمل الفني مهما كان شكله وجنسه ..
القصيدة لا تحمل عنوانا وهذه ميزة اخرى انتهجتها الشاعرة وقالت عنها بلا تردد :
( هذا تعليق للشاعرة على قصيدتها ) قالت :
لا تفتشوا بين أوراقي عن أسماء أو عناوين 
لا هوية لي في الكتابة 
ما هذه الخلجات سوى قلب مربك و وصفة دواء 
امررها على المتعبين 
أمسح على رأس الألم 
حينا ب مشرط 
و حينا ب قلم 
الكلمة رصاصة
و كم من رصاصة صوبت جهتي 
تلقيتها ب قلق السطور 
و هدوء المسعى 
و انتماء ضئيل لذات مفقودة 
صدقا سعيدة جدا ب هذا الفضاء الرحيب الذي أضاء ف أبهر 
و صعد ف امطر...
تقترب الشاعرة وتُقرّب اسيجة قصائدها الخارجية والداخلية وتبدأ بسر حكاية هي في الحقيقة قصيدة تحكي معاناتها تارة
( ومن منا ليست له معاناة ) ، وتارة اخرى تصف هواجس شتى كانتمائها للارض وحب الوطن والحنين والغزل والعزف المنفرد على اوجاع وآمال وذكريات متنوعة تدل على اصالة في عشقها لكل شيء جميل ،ومع هذا اظن في اول قراءآتي لنصوص الدكتورة شروق المرسومي انها تكتب للنخبة فقط ، وهذا لدي غير مخبذ البتة وادعو للابتعاد عنه ، فكم من النخبة سينتفع بما يكتبه الكاتب و هو اصلا وصل الى مرحلة الادراك وفهم ما بين السطور كونه من نفس الجيل والمستوى والثقافة ربما ، وربما لديه نفس المعاناة وتفيض منه ابداعات متشابهة ، وهنا لا نفع من النخبة انما الفائدة مع الوسط المتحرك من جمهور المتلقين مما قلنا انهم اواسط المثقفين..
الدكتورة شروق المرسومي لو كتبت بصيغة رسم وصفة طبية لا يعرفها الا الصيدلي المجاور لها فان قارءها سيتنحى عنها بعيدا ، وهذا مالم تفعله ، فكتبت بلغة شفافة تفصح عن نفسها ليفسرها القاريء بما شاء لان هذا هو مفتاح الغاز الشعر الحر والنص المفتوح في قصيدة النثر او السرد التعبيرية.
النخبة تقرأ وتفسر والقاريء البسيط يقرأ ويفسر والناقد ما عليه الا تكسير النص والكشف عن مكنوناته التي ربما بعضها سهى عنها كاتبها وايصال ما يمكن ايصاله للمتلقي ايضا .
في هذا النص وفي غيره هناك متعة خفية وارهاصات تبرز في مواضع شتى وتختفي احيانا ، تعلن بها وتكشف الشاعرة قدرتها وتقول بصراحة :
انني شجاعة واكتب بلا خوف او تردد . 
وبالنسبة لي شخصيا كقاريء لمثل هكذا نص ومحاولة تحليله و بنائه بقدر اود الاشارة الى انه جاء بموسيقى حزينة حالمة في ان واحد معا ويدل على عمق الثقافة والمقدرة على السباحة عكس التيار بالنسبة لشاعرة مهما تكن هي انثى مرهفة الحس نبيلة المشاعرة عزيزة بقوة ثقتها بنفسها .
النص ..
---------
قـالوا عني ...... عــقيمة خرساء 
لا تصلح للــتاريخ 
عـويصة دعوتها 
مغشوشة شــذّت عن التصديق 
حتى تزوّجت ُ من فطرتي ليلة 
أبداً لم أثنـّــيها 
الدافع أن أنجب من فمي قططـًـــا لـلنسيان
و أنجب زعيـــمـًـا واحدًا يترفّـــع إلى مرتبة كلمة 
قالوا عني ....... 
مأسوفـًــا يـا طالعها و يقولون 
يتوارثون الحب مني بـــ نحالة 
قيودهم على يدي 
و جنوبهم زلفـى 
نسبوني إلى فصيل الناي و يظلمون 
أكره مسكة العصا 
أكره رقصة الأفعى 
مهدّدة بـــ الطلّل الزائل
مهدّدة بــــ خطابة غزل عظمى 
أرفض هذه التغريدة 
فـــ القابض على قلبه 
كـــ الساعي إلى حتفه بــــ غير أجــل
د. شروق المرسومي

الجمعة، 28 يوليو 2017

القديسة قنديشة // قصة قصيرة : بقلم الاستاذ صالح هشام // المغرب

القديسة قنديشة/ قصة قصيرة ٠
بقلم الأستاذ /صالح هشام/ المغرب 
يحزم أسمال عريه القرمزي ، يشدها بإحكام على وسطه ، و يأكل -هرولة- جنبات طريق وعرة ،يسابق خيوط النار، فالسماء ستمطر بردا بحجم بيضة الدجاجة ، يمعن في الهرولة، تتحول ركضا ،يجتاحه خوف شديد ،يشده للأرض ٠
شيء غريب يمسك بتلابيبه ، يعوق ركضه ، يكبر ، يتضخم ، ينتفخ كبالون، بصعوبة يقتلع جسده ،يدحرجه أمامه ،كأنه يسير في الوحل ، أنفاس ساخنة ممزوجة برائحة قرنفل غريبة تعطر قفاه ، تغمر جسده كله ، يغرز عينيه في الفراغ : أنامل بدون أظافر ، ناعمة ، باردة تدغدغ حبيبة أذنه ، يرعش رعشة الذبيح !
قبضتان قويتان تعصران فوديه ، يحس بدوار شديد ،برغبة قوية في القيء ، تثقل خشبته، تنقطع أنفاسه ، صوت لا صوت يشبهه : رخيم ، غريب ، رحيم ، عجيب !
يهمس في أذنيه عذبا ، شبقيا خارقا : 
- حبيبي أتلبسني أم ألبسك ؟ أتسكن إلي و أسكن إليك ؟
يجمع ما تبقى من قواه ،يصرخ وأوصاله ترتجف :
-من أنت ؟ من تكونين ؟ وماذا تريدين مني ؟
-أنا عروس البحرفي البحر!
أنا عروس البر في البر !
أنا عروس النهر في النهر! 
أنا الناقة الهيفاء الفرعاء ، أنا حمراء الصحراء ! 
أنظر، ألا ترى أظلافي؟ ألا أشبه حمراء الصحراء؟
يقشعر جسده كالقصبة ، قشعريرة باردة كالصقيع ، تخذله مكابح نفسه ، يفعلها ساخنة في قاع مداسه ٠
- خلقت من أجلك يا رجل ! قدري أن أحل فيك، أن يمتزج دمي بدمك ،فدمي أخضر ودمك أحمر ،لكنهما سيمتزجان !
ينغرز قضيب فولاد في رقبته ، يعوق حركته ، فتتجمد أطرافه تماما ٠٠٠
يتذكرحروفا قرآنية يحفظها : يلملمها ، يحاول جمع شتاتها وترتيبها ، تنفلت من لسانه المتخشب ، تركل في سقف فمه ، يبتلعها أسلاكا شائكة ، تندلق رخوة من بين شفتيه مترهلة ، و تضيع في متاهات خيشومه ، ينطق الخواء : نهنهة ٠٠حمحمة٠٠ همهمة ، أصواتا غريبة ٠
يمتص سمعه صدى فراغ سحيق غير مسموع ، وتتلاشى الهمسات ، يبقى منها في أذنيه، رنين مطرقة ترج سندانا بعنف ٠
يخلص نفسه بعسر، يحرر قدميه بصعوبة ،كأن حبالا مشدودة بأوتاد مغروزة في قلب الأرض، تشده وتتمسك به : 
ينطلق كقذيفة طائشة ، يخترق العدم ، يركب صهوة الريح ، صهوة الضوء ، صهوة الصوت ،كحصان شارد جامح بجناحين ، فيعدو ٠٠٠ يعدو ٠٠٠ يلتمس النجاة والسلامة ٠
هسيس الكلاب ، نباحها المكتوم ،حفيف الريح ,خشخشة الأعشاب , تكتكة قدميه : 
أصوات نشاز مقلقة ،تمتزج برنين همسات ذلك الشيء في أذنيه ، همسات لم يميز منها شيئا !
يندفع مرعوبا ،ثقيل الخطو ، منهوك القوة، في قعر البيت ، يتهاوى كتلة لحم باردة ، لا أثر للحياة فيها ،تتلقفه أمه بين ذراعيها ، تسنده إلى ركبتيها ، وتصاب بنوبة صراخ : تولول ، تتف ، تردد تعويدات مبهمة ، تتلو آيات قرآنية ، لا تحفظ منها إلا النزر القليل :
-آ عيشة ! آ مولات المرجة !( أحجارك يشدوك) ٠
تبسبس وتكثر من البسبسة ، تعتقدها تطرد الأرواح الشريرة : 
- بس ٠٠بس ٠٠بس ،لا هو من ثوبك ولا أنت من ثوبه ، فاخلعي نفسك منه !
تدس أصابعها بتوجس في جسده ، تبحث عن آثارمصة دموية لهذه المسعورة القاتلة !
يهذي ، يهلوس ، ويسقط في صرع مجنون : 
- هي ،هي يا أماه ، عيشة مولات المرجة ، قنديشة ، لمست قفاي ، مازلت أشعر بحرارة جسدها الطري ، تغلق مسام جسدي ، وأنفاسها تعطرني ، كانت تداعب زغيبات صدغي ، تغازلني ، تتلذذ بي ، تعض حبة أذني ،تبوح لي بسرها، و تعترف لي بهيامها بي ، كانت تقول :
-يا حبييي إلبسني!
أنت وحدك لباسي !
يا حبيبي أسكن لي!
فأكون سكنا لك ! 
تتكور حبيبات العرق بلورية براقة، على جبينه الباهت ، تتدحرج ،ثم تندلق ماسحة جغرافية وجهه المتجعد ، و تستقر فائرة في حفيرة منحره ، تشتعل النار في جسده يتحول صفحة حديد ساخن! 
تصرخ أمه ، تولول ، تستغيث بزوجته : 
- الرجل يموت يا امرأة ، سيضيع منك ، مني ، ومن أولاده !
تقتحم زوجته الغرفة الكئيبة ، تجر جسدها ، منهكة خائرة القوة ، تسند ردفيها براحتيها ، ترتجف صفراء ، كورقة ميتة صفراء ، تفوح منها نتانة حليب ممزوجة بروائح براز صغيرها !
تحمل طستا نحاسيا ،مزينا برسوم قديمة، وفي يدها خرقة قماش أبيض و شيء من بخور (الجاوي ،بخور لالة مكة) تضع شمعة في شمعدان من فضة ، تسنده دعامة خشبية متهالكة ، تتوسط فناء الغرفة، تدغدغ فتيلتها بعود ثقاب ، تمتص شعلة الشمعة بعضا من العتمة ،و تحرر دموعها ،بحرقة تبكيه ، تعدد مناقبه ، كعاشقة نائحة ! 
تقرفص المسكينة ، تمررالخرقة على جبينه ، تمسح عرق الحمى المتصبب بغزارة ، ينتفض كطائر مذبوح ويصرخ :
-افتحوا النوافد ، أفسحوا الطريق للقادم يا غجر !
يتحجر سؤال حائر على شفتي أمه ، ويضيع في الفراغ : 
-من القادم يا قرة عيني ؟ فقط رحمة الله هي القادمة إن شاء الله ! 
تقتلع زوجته ذاتها المتعبة ، تدفع نفسها أمامها فتتدافع، تتعثر ، تكاد تسقط ، تتمسك بالحائط ، وتشرع النوافد والباب ،فيحدث صريرا رهيبا ، تتسرب نسيمات باردة ، تراقص الستائر البالية ، يلمع نور حاد لمعان البرق ، فيمتص ضوء الشمعة !
رعشة كرعشة الموت تسري في أوصال أمه وزوجته ، و يتلاشى النور القادم شيئا فشيئا، تهدأ النسيمات ، وتعاود الشمعة نشاطها باكية نائحة !
يتسلل من باب الغرفة ، بخطى ثقيلة مسلوب الإرادة :
نائما /صاحيا ،حاضرا / غائبا ، حيا /ميتا ، مومياء محنطة متحركة !
تشرنق يرقة خبل وهبل في متاهات مخه المشلول، فيجن:
-أركض ،أركض ، إرحم نفسك ، أركض وراءها ، هي لك وأنت لها ، حل دمك الأحمرفي دمها الأخضر ،أنتما من الآن :
جسد واحد ، لا إنس ولا جن، أنتما من عبدة عشق قاتل ممنوع ، أركض، فالركض خلاصك من آدميتك!
ويمتطي صهوة عشقه المجنون، يحضنه فراغ ليل جاثوم :
تفقد أمه شبحه في تلافيف العتمة، يخرج لسانها عن طوعها ، و تشق سكون الليل صراخا وعويلا : 
-ولدي ياناس ، ولدي ضاع مني ، آه يا ولدي ،يا للكافرة ! 
وتغيب في غيبوبة أشبه بالموت ، ينفلت من زوجته صوت متقطع ،كصياح دجاجة ، لم تكن تتقن الصراخ :
-وا زماني ٠٠٠ وا راجلي ٠٠ و ا أبو أولادي ! 
تسيل شعاب القرية بأضواء القناديل ، وكأنها نجوم السماء تتهاوى ، تمتزج وحشة المكان ،بحفيف النسيم وتكتكة النعال والأقدام الحافية فوق التراب والهشيم اليابس! 
يشد الكبيرعكازته بقوة ويلوح بها في السماء : 
-يا قوم ،الكونتيسة/ قنديشة تضعف أمام شعلة النار ، فالنار وقليل من الملح حكمة ، سلاح ضد سكان العالم السفلي !
-ومن أين لنا بنار الحكمة ،يا سيد القوم ؟ 
- عدو ا معي :خطوة ٠٠ خطوتان ٠٠ أحرقوا عمائمكم !
- عدوا معي : خطوة ٠٠خطوتان ٠٠ أحرقوا عمائمكم ! 
ينبرى أحدهم و بسؤال فيه نوع من مآخذة الكبير : 
-لكن ما علاقة هذا بإحراق عمائمنا يا سيد ؟
-العمامة غطاء الرأس ،والرأس رأس الحكمة ، والكنتيسة تكره الحكمة ، تكره شعلة النار ، تكره بروميثيوس : شعلة ناره نور فيك، نور في ، نور فينا جميعا ،منذ قديم الزمان ، وغابر المكان ! 
من حين لآخر ، يومض ضوء كالشمس في عز النهار :
العمائم تلتهما النيران ، يقضم نورها من برنوس الليل : 
في كل خطوة قضمة ،في كل عمامة تحرق كسر لصمت المرجة القاتل! 
هم أهله و يعرفون حكايته حق المعرفة : 
صريع حب مستحيل ،ولا وجهة له غير هذه المرجة الضحلة ويزيدها شغب تزاوج الضفادع وحشة ،تحفها سيقان السمار ! هي مربط ضحايا (الكونتيسة / قنديشة ) فيها تنصب فخاخ إغراءاتها المخملية !
تتشظى ألياف ضوء القمر،تتكسرفوق صفحة ماء المرجة يلوح جسده النحيل مركوزا ، مغروزا في الأرض ، يدور دورة لولبية كمروحية كهربائية ، يصدرعنه شخير غير عاد ،يقترب منه الأهالي بحذر شديد :
كتلة رغوة كزبد البحر ،تغطي وجهه تماما ، عيناه مفتوحتان مغروزتان في محجريهما ،يقترب منه كبيرهم:
- هاهي الكنتيسة ، تمتص رحيق نشوتها ، و لذتها من جسده الغض ،وتمارس عليه ساديتها ،فهو رجل ، وهي تكره الرجال ، منذ أول فتات في معدة البشر ، فأين زوجته ؟ 
تتقدم امرأة فرعاء رعناء شعثاء ، فيها رائحة غباوة، يربت الكبير ،على كتفها بلطف ، وقال بنبرة حزينة :
-هذه ضرتك ، ستشاركك فراش زوجك ، ولا رباط خيل لك ، فمعركتك ستكون خاسرة ،فهي غير متكافئة ،ماذا تودين قوله لها يا بنيتي ؟ 
تدحرجت دمعتان كبيرتان على خذيها، رفعت عينيها إلى السماء ، حتى كادت تكسر رقبتها وصاحت :
-أختاه في العشق ، والعشق جنون ،خذيه روحا ،واتركيه لي ولأولاده عظما ولحما ،يعز علي غيابه !
تبتلع ريقها و بريقها ، وتروح في نحيب مكتوم !
حمحمة حصان جامح ، تنهيدة ، وزفرة عظيمة ،تربت على رؤوس أشجار الدفلى ، تمسح مساحة المرجة طولا وعرضا !
فتهدأ حركته ، يسكن جسده ، ترتخي قبضتاه ، ويشد الرحال إلى عالم الأموات !
، يتلاعب الكبير بضفيرتها السوداء ، يقترب من أذنيها، يكاد يلامس مهوى قرطها ، وبصوت خافت : 
- على سلامتك، وعلى سلامته ، سيعود إليك قبيل الخيوط الاولى من الفجر ، قضت منه وطرها ، وهي حال وأحوال ، عشاقة ملالة، فلا تقلقي يا ابنتي !
بقلم الأستاذ صالح هشام / المغرب ! 
الاربعاء / الخميس ٣~٤|٨~٢٠١٦