الخميس، 31 مايو 2018

حالة من جمال // للشاعر الأستاذ : حسين جبار محمد // العراق

حالة.من جمال
سيدتي ..في ابهاء تجبرك
تاسرني بسمة
اتنقل فيها بين قيودي
من شفة يعجنها الورد
حتى ضفة اخرى
للشفة المطلية......بالف جواب
تاسرني نظرة
من ازرق امواج العين
اسبح في النرجس
اطفو...بالاخضر هيابا
يا سحرهما
لوزي مطلع جفنيك
مكتحل بشموسي
قولي
فانا المسجون من اول خطو الغنج
حتى مرسوم تثنيك...

رؤى بعد التصويت // للشاعر الأستاذ : علي حمادي الناموس // العراق

(رؤى بعد التصويت)
ألاّ دَعْها تُعاني ما دَهاها
من الخيباتِ ما وسمت غباها
تجوبُ الارضَ تبحثُ عَنْ خلاصٍ
فلاتجدُ المجيرَبما إبتلاها
ولا تدري أبعدَ اليومِ أمرٌ
سَيبْني ما تحطمَ مِنْ عُلاها
يُشارُ لوجهها بالخيرِ آتٍ
مَشورَةُ فارغٍ مُلِئَتْ سِفاها
تَربَّعَ وسطَ مربَعِها لئيمٌ
يُمَنيها بأجمل منتهاها
ثلاثٌ بعد الفين استُبيحت
واكثرهم أراهُ بها تباها
على اي الوجوهِ ترى غريباً
يُناصِرُ ثائراً يفدي حماها
(فَ بالدولارِ) تُرتَهنُ المنايا
وبالتزويرِ مرتفعٌ لِواها
وبالتدليسِ حكمُ اللهِ يُخفى
وللاسيادِ أُمتَنا سباها
وللشُبّانِ مضيعةٌ وجوعٌ
وللاغرابِ تُعطي مشتهاها
فإنكَ إنْ ترى قولي جزافاً.
عجيبٌ أنْ تُميزَ مُنْتهاها!!!
بقلمي
علي حمادي الناموس\العراق
29\5\2018

أكتب لها // للشاعر الأستاذ : خالد أغبارية // فلسطين

أكتب لها ...
قالت : لن أسافر 
لن أغيب
ولن يمر ليلي بعيون الشفق 
عند المغيب
شوقي لهب
حنيني احترق
من زمان .. لا مكان
يا رمش العين والهدب
وكثير من غصّات وعتب
قلت : لن أنتظر
لن أبيت .. لن أقيل
لن أزفر أنفاس التعب
فبسمتك
أمواج من عناقيد عنب
وسنيني لك حنين
من قديم الرمل والطين
قالت : لن اسافر
لن أهاجر
سأبقى هنا بلا سبب
الشاعر خالد اغباريه

محنة الآخر // مقال // بقلم الاستاذ : الفضل ابو النجا // فلسطين

محنة الآخر
الآخر ، من هو؟
,,الآخر ، ليس أنت، وكم جر ذلك من محن عليه بحق وبغير حق ، فهو منبوذ مذموم مقصى محارب غير مقبول.
لقد كان الحنفي لايصلي خلف الشافعي ، وكل يصلي خلف إمامة وكأن صلاته تبطل خلف أمام على غير مذهبه ، وكان ذلك يحصل حتى عهد غير بعيد في الحرم المكي قبل أن يحظر ذلك ويعين إمام واحد للحرم المكي.
لقد عانى أتباع المذاهب الأخرى كثيرا من التمييز والاضطهاد والقتل ، فنجوا بأنفسهم واحتموا بالجبال بعيدا عن الانظار ، ولازلت تلحظ آثار ذلك حتى الآن في جل البلاد العربية.
للأسف الآخر ، هو المسلم فقط ،ولا ينضوي ذلك على غيرهم ، فأصحاب الذمة لاينطبق عليهم لفظ الآخر ، فهم غالبا مدنون مقربون.
من أين نشأت فكرة اقصاء الآخر ؟ إنها فكرة من صنع المسلمين ، ولو كانت مستوردة لاتهمنا الآخرين بل الأعداء بصياغتها ، ولكنها فكرتنا نحن ، وهي أسوء الإفرازات الفكرية ، التي خلقت العداء السافر بين المسلمين ، المأمورين بالاعتصام بحبل الله المتين لئلا تسود الفرقة والشتات في صفوفهم.
هل اعتبرنا من فكرة تمييز الغير؟ لا لم نتعظ ، ولذلك سنبقى في ذيل قائمة الأمم المتناحرة والمتخلفة.
فضل أبو النجا
27/5/2015

ذخائرُ ذِكرُكَ // للشاعرة المبدعة : نورة الزين حلاب // لبنان




{ ذخائرُ ذِكرُكَ}
حين يراودني ذكرُكَ
تحلّ البرَكة 
تفيضُ الِنعم 
ألإبداع منهمر 
ألصبر جبال 
ألعين جاذبية عظمى 
لألفة الجمال ...
والنور شلال متدفق 
يغسل القلب 
خلف اشواك الكلام ...
حين يراودني ذكرُكَ 
اكتب بريشةِ الصمت 
على بتلات الورد 
معلقةً 
في روحِ الإنسجام ....
{ نوره حلاب } لبنان

السّفينة // للشاعر الأستاذ : عبد الله عباس خضير // العراق

***
السّفينة ***
عبد اللّه عبّاس خضيّر
مات نوح
الغراب يقود السّفينة
وعلى الجودي ّ
وقف الرّماة
أيّها الشّعراء
انزلوا من صياصيكم
ما زال هنالك
فسحة حياة ...

وجه ،،،، // للشاعر الأستاذ : علي البيروتي ( البراءة عين ابراءة عين ) العراق

وجه ،،،،
مارّا ً بالصور المعلقة
الجدار
آيل ٌ في كل نظرة للسقوط 
يتداعى مع التسامي
ينهار سوى
ملامحا ً في باحة النشوة
فراشات ٌ محلّقة
اللوحة سطح ماء
اللون انبعاث عطر
تعبق به الاسماء
لست بجميلة الجميلات
ولا بالفاتنة التي تتبعها جوقات
عصافير الرغبة ..
هذا ما حدثتني به مقاييس الانوثة .. لكنني قطعا ً كلما حاولت ولوج خيامك ..
مترجّلا ً من صهوة العلياء
يسكرني شيئا ً من هالة الوجه
وبعض ذؤابة ٍ من عينين
تعتقان المدامة .. قطرة قطرة
لحظة ً لحظة ..
علي البيروتي

عُبيدُكَ // للشاعر الأستاذ : باسم جبار // العراق

عُبيدُكَ
----------
أيُّ نعيمٍ غيرُ نعيمِ
لُقياكَ يٌبتغى
وأيُّ بابٍ إذا غُلِّقتِ الابوابُ 
غيرُ بابكَ يُرتجى
هذي مماليكُ أرضكَ
إنْ جادتْ.....
تجود فضةً أو تبِرا
فجدْ لي بطيب نسائمٍ
تتشهقها الروحُ عروجا
اليكَ تهوى
يابقاءاً وكل ُّمادونكَ
لامحالةَ يشكو الفنا
يانجما الوذُ بضيائه
وكلُّ نجمٍ دونكَ
لامحالةَ يهوى
ها أنا ببابكَ
حططتُ ركابي سائلاً
أستجدي حوائجَ
علّها بعطفكَ تُقضى
فلا تطردني بعصيان نفسِ
وأتباعِ شيطانٍ قد غوى
وأنت القائل(أَما السائل فلا تنهر)
وقولك صدقاَ
لكل قولٍ قد علا
هذا عُبَيدُكَ حثيثا
لفيض جودك
جاء يسعى
----------
باسم جبار
2018-5-26

يوميات عاشقة // للشاعرة المبدعة : هدى أبو العلا // مصر


يوميات عاشقة
تحدث أنى أسمعك
.................
لقد حان الآن موعد أذان الكلام
على توقيت شوقي
أسمعني صوتك
تحدث فى أي شئ
وكل شئ وبعض الشئ
حدثني عن الأمس وما أرهقك ؟
عن اليوم وما أضحكك ؟
عن الغد وما يؤرقك ؟
عن طفولتك وألعابك
مراهقتك وأول نبضة
استباحت أنفاسك
عن شبابك والأمل
عن طموحك وألامك
عن سر غموضك
عن بهاء حضورك
عن ينابيع حنانك
وبرق ذكائك
تحدث عن متاعبك
عن أفراحك وأحزانك
عن آخر كتاب قرأته
عن الطعام الذي تشتهيه
عن لون قميصك
عن رحلتك فى آفاق الروح
وكيف تسللت بهدوء
لتسكب فى دمي ملامحك
تحدث عن برنامج التلفاز
للمذيع المشهور
وما مدي اتفاقك معه واختلافك
حدثني عن مباراة الكرة
وأي فريق لعبه أعجبك
حدثني عن أخبار الطقس
وهل حرارة اليوم أقل من حرارة القلب
المشبع بك
قل كل ما يخطر فى خاطرك
تحدث بعفوية
معي لا ترتب أفكارك
أطلقها بسلام كحمام مكة
تحلق فى فضاءات المنى
تحدث يا منى القلب
إني اسمعك...
أفهمك
أشاركك
فقط تحدث..
فحنان صوتك
نغم حان يطرب النبض
حتى أنني أكاد لا أتبين معاني الكلمات من فرط رقتك
يشغلني
يذوب فى أذني
قطرة قطرة
فى كنف حروفه أرتمي
بأهدابه أتشبث
تغمض جفوني
ويشهق القلب
من رقة الندى
فبالله لا تصمت
أواه من هول صمتك
ما أعذبك !!
بقلمي هدى أبو العلا

الكوكب الغائب // للشاعر الأستاذ : عبد الزهرة خالد // العراق


الكوكب الغائب
—————
في كونٍ مدفونٍ بغبارِ الأفلاك وستائر الضياء هناك كوكبٌ يدورُ في فلكٍ لا يلتقي بزمنٍ ولا يغطي المكان ، أتعبهُ الدوران ولم يجدْ صقيعاً ليطفئ حرارةَ الشوقِ ، كم يودُّ ضجيجُ الضوءِ أن يأخذَ منه دورَ الإيماء ، يفشلُ أمامَ قمرٍ يفرُّ مذعوراً كأنّ شيئاً في الأفقِ هو الذي يقود الأوركسترا ليعزف سيمفونية الخلود فوق عشبِ الغيمات الغريبة عن جغرافيةِ الفضاء وينسى التعبير عما كان في أيقونة اللحن المبجل . يسألُ عن ظلِّ السماء ليغطي به حمرة وجهه حينما يشتهي النجوم الطازجة كعنقودٍ من كروم ووهجٍ يسطعُ من العيون في ساحة اللقاء . كدنا نلتقي على حافة القلمِ تعانقنا قصيدة جريئة في البوح ، كجرأةِ صبي بأصابع الشمع يرسمُ شمساً صفراءَ شاحبةً في الطرفِ العلوي من ورقةٍ بريئةٍ قبل أن يصححَ المعلمُ الدفترَ ، سأقرُّ أنا الذي أرسمكِ ثابتةً في كلِّ ركن من أركانِ الأشعار… يا كوكباً في سمائي سأنقشُ قبلةً على ثغرِ زُحل لعلّها تغري مجراتِ الغياب…
———————
عبدالزهرة خالد
البصرة /٢٨-٥-٢٠١٨

سفينة نوح // للشاعرة المبدعة : جميلة بلطي عطوي // تونس

.....سفينة نوح......
أنا
على وَرَقِ الأيّام
قطرةٌ ذرفتْها الصّدفةُ 
ذات هجْعة للرّيح...
تفّاحةٌ من عهد آدم
تنتظرُ قَضْمة
تسقطُ ورق التّوت...
تستجْدي الحقائق الموغلة
في التستّر..
في ِرحاب السّؤال تدهشُ...
وحدهُ الضّوءُ المُنبعث
من كوّة البَدْء يُغريها..
يُسرِّبُ الألواح تِباعا...
أقانيم مخطوطة بقَطْر اليقين...
عطْر يفوحُ في محاريبِ التّجلّي...
صلاة تُؤبِّنُ عالم الأوْهام...
سجدة في حُضن الكشْف
تتحدّى غبن العجز...
تَماهٍ في حُضن الهدوء...
وِرْدٌ يسْقي الجنائن الموحشة
فينهال الطّلّ من عيْن الرّضا...
سواقٍ فيّاضةُ الخرير...
رنّانةُ الهمْس...
حكايةُ أُنْسٍ في ِرحابِ الملكوت..
هَطْل غمامْ...
طوفان بِشْرٍ يكتسح الحنايا
وسفينة نُوح في يَمّ البوْح
تمرحُ...
في حُنجرتي تبذرُ الحرْف
عبيرا...
تُهديني شاطِئا وسلامْ.
13/5/2018
جميلة بلطي عطوي

الاثنين، 28 مايو 2018

هِــيَ الحِكايات ُ // للشاعر الأستاذ : عادل قاسم // العراق


هِــيَ الحِكايات ُ َ

عادل قاسم //من العراق
لم تعدْ تتَـََـسعُ لمساحةِ الألمِ، هـــــيَ الحكاياتُ المُبَللة ُبِعطْرٍ جــفَّ نَسْغــُـــهُ ُعلى هِضــابِ اليأسِ ، حيثُ تَوَسَّدَ الخـَـرابُ ضِفــــــافَ الكَركـَـرات،ِ وامسى الغـُــروبُ يُحدِّق ُ بعينيــــهِ المُطفأَتين، لــذلكَ الافقِ الذي تَلاشتْ بهِ أَســــرابُ العصافيـرِ ، أَتَسلقُ ربايـــا الحَتْـفِ
أنا إبن ُالحُروب ِ،لاأَعــرِفُ كمْ حاربـْـتُ وكمْ أُُفَنِــيــتُ، أَقِّصُ -عــــلىَ المسافرينَ الذينَ يرتدونَ البياضَ حــــــِداداً على جُثــــتي التــــي
تَعفَّنَتْ-ملاحمَ الفَناءِ والأُغنياتِ الراعفــةِ بالضَجـَـرِ ِ، لأَستفيــــقَ من إغفــاءةِ المَــوتِ ، جَـسداً طاهراً تَحنَّى بمــاءِ الفراتِ ،يــنفضُ مــن على أديــمِ روحــهِ بَقايا السيُوفِ والشَظايا ،يمدُ كفَّيــــــــهِ لوجــهِ الربيعِ،لينهْمــرَ على سِفــوحِ التلال ِالكئيبةِ رحيقَ الأَزاهيرِ والمــطَرِ

رغبات صوت متفجر // للشاعر د المفرجي الحسيني // العراق


رغــــبات، صـــوت مـــتفجر
-------------------------
طالت ما انفكت تطول، أكلت صوتي
وجهٌ، صوتٌ، رماد، سنين عجاف، تناثرت للسماء
حملنا مغتربون، دموع رمال، ودِّعت بأكياس ورقية
لا يُدهشنا، قهرا، إن أسوأ ، الظمأ إذا ما نزل المطرُ
غضب عدنا، احتدم فينا، لن ينام لنا جفن
ذُهِلْتُ ،تحجرت، حبال صوتي
صاح العسس : قف اين انتم مارقون
لهاثٌ غبار، سقطنا معفرين ، بدموع الاكياس الورقية
سفن الكلمات تحملنا، تشدُ تسابق الريح ،والغيوم
كوخنا يهرب، هلعاً، كبا بحجر ينتحب ،عصرتهُ الأحزان
خوفا يركض إليَّ ، تنهشه خفافيش سود
ملأت السقف، قضمت ذوائبه
توقفت ساعة الرمل، كيف نعرف الوقت
هذا العام مقفر، ها أنا لا قفة قمح، الريح بين القرى
وطن مزدحم بالوشاة، يختض، منهك
ورمالنا أوجاع ودموع
أمرّغ وجهي بترابك
انصت أكثر من مهجتي، أغني بلا حدود
كل ما نحبه في هروب
ما من أحدٍ يزيح الحجر، كالريش نتهاوى
يظل فينا الموت ،غناء شجوا
عند النهر حيارى، شفيفُ الحلمِ، يضنينا هياماً
نهرُ خيال، صمتُ يقطر حزنا،
نبعُ النهرِ بعيداً ،جرحاً
أنينٌ سقيم، نايٌ حزين،
فجّرت الالام، هبّت رياح اغتراب
نغني همسا، أحلامنا بصمت الشجن،
كالقمر ، تخفيهِ تلال الرمال
يحمل صوتنا في شِعاب، توابيت العناء
يتوالد، يتراكم صمت ضحايا الغباء
تتخافت ومضات النور في أحضانه
ضجرُ، رغبات، لوطنٍ
مغمّسٍ بدماء الجراحات
**********
د.المفرجي الحسيني
رغبات صوت متفجر
العراق/بغداد
27/5/2018

ايه ياوطني // للشاعر الاستاذ : حسن الشامي // العراق


..ايه ياوطني....
ضاعت الايام...
والاحلام صرعى....
وحكايات العجائز....
وعلى صوت احتراقي.....
وانبرى شد وثاقي....
زحفت نحو البلايا....
بنظام الالف جائز.....
يا بلادي...
رحلت مني....
محطات انتظاري.....
واشتهاءات الطفوله...
بين برد الامنيات .....
وعصافير الربيع النائيات.....
وكلانا نرتوي كأس الجنائز.....
ايه يا وطني...
على اسوارك العصماء.....
ناحت كل ثكلى....
وتشظى جرحي المبحوح....
في عسر الليالي....
ورأيت السوط جذلاناً.....
بقرعي لا يبالي....
والمنادي...
قال في همس ولمس...
ذاك فائز....
يابلادي .....
واستهان الصبر مني....
ودجى المنفى...
وامال والرياسه....
يابلادي...واسدلي الاستار....
في وجه البغايا....
وادعاءات الكياسه..
وازرعي الثورة بركان...
لارباب الملاهي والمفارز....

الدور الحضاري للهجرات الإسلامية في أفريقيا // بقلم د . صالح العطوان الحيالي // العراق

الدور الحضاري للهجرات الإسلاميَّة في إفريقيا
ـــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي - العراق - 27-5-2018
الإسلام في كل مكان وصلَ إليه قصة؛ تحكى جهود الأجداد في نشر الإسلام في ربوع الأرض، وبين كل البشر، ليعم الخير، وينتشر العدل، وتشرق الأرض بنور ربها. ومن بين البقاع التي نعمت بنور الإسلام في وقت مبكر، تلك الأرض الممتدة على الساحل الشرقي للقارة الإفريقية والأراضي القريبة منها كذلك، والتي تضم اليوم مجموعة من الدول هي إريتريا وإثيوبيا والصومال وكينيا وتنزانيا وأوغندا وجيبوتي وموزمبيق ومدغشقر وملاوي وزامبيا وزيمبابوي وبوروندي ورواندا وجزر القمر وموريشيوس وسيشيل وقد كان يطلق على الأراضي الساحلية منها أرض الزنج . قبل أن نخوض في العلاقات الوثيقة بين الإسلام وشرق القارة السمراء، نغوص معًا في أعماق التاريخ لنبدأ القصة من أولها، ولنكشف الستار عن الأحداث التي مهدت لهذه العلاقات الوطيدة التي جاء الإسلام ليثَبِتها ويوطدها، لا ليبتدئها أو ينشئها.
كان الحضارم - عرب جنوب شبه الجزيرة العربية - أول الشعوب العربية التي أتت إلى الساحل الشرقي لإفريقيا بغرض التجارة لا الغزو، وعلى الرغم من أنهم وفدوا في أعداد قليلة إلا أنهم داوموا في تجارتهم، واختلطوا بأهل الساحل، وتزوجوا منهم، وأقاموا محطات تجارية، وفي منتصف الألف سنة التي سبقت ميلاد المسيح بدأ الطابع العربي يظهر على طول الساحل، ولم يفقد هذا الساحل شخصيته المميزة، إذ كان يدعم بشكل دائم بالوافدين من جزيرة العرب والخليج العربي.
ويذكر مؤرخو الإغريق القدماء عن "الزنج" الذين كانوا يعيشون في سواحل شرق إفريقيا، أنهم شيدوا مدنًا ساحلية كانت على علاقات جارية راسخة مع شبه الجزيرة العربية والهند. ومن المرجح أن يكون عرب جزيرة العرب - خاصة عرب الجنوب - هم أقدم الشعوب العربية اتصالًا بالسواحل الشرقية الإفريقية، بحكم الجوار الجغرافي، وساعدهم على قيام هذه الصلات نظام الرياح الموسمية، والتي كانت تمكن السفن الشراعية الصغيرة من القيام برحلتين على الأقل في العام؛ ففي الخريف تدفعها الرياح الموسمية الجنوبية الغربية من خليج عمان وسواحل الجزيرة العربية نحو الساحل الإفريقي، وفي فصل الربيع تدفعها في اتجاه الشمال الشرقي، حيث تمكنها من العودة إلى قواعدها، وفي خلال دورة الرياح يتم التعامل التجاري. كانت تلك إذن هي بدء العَلاقات بين سكان شبه الجزيرة العربية وبين شرق القارة الإفريقية، وقد مهَّدَ هذا الأمر لوصول الإسلام ثُمَّ نَشْرِهِ بعد ذلك في تلك الأماكن.
هجرة المسلمين للحبشة
هجرة المسلمين للحبشة وقد كانت التجارة بين عرب شبه الجزيرة العربية وشعوب شرق إفريقيا ما زالت مستمرَّة حين جاء الإسلام، فلمَّا اشتدَّ أذى مشركي مكة للمسلمين أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبعض أصحابه بالهجرة إلى الحبشة، حيث يوجد بها النجاشي، ولقد وصفه الرسول بأنه لا يُظلم عنده أحد، ومن ثَمَّ كان اختيار الحبشة كمكان لهجرة المسلمين ابتداءً، وكان الاستقبال الحافل والحفاوة البالغة التي تمَّ بها استقبال المسلمين كَفِيلَة باستمرارهم، وتَكَرَّرت هجرتهم مرَّة أخرى بِفَوْج أكبر من الفوج الأول، فبلغ عددهم ثلاثة وثمانين رجلًا وتسعَ عشرةَ امرأة، وقد حاولت قريش الإيقاع بين المسلمين الذين هاجروا إلى الحبشة وبين النجاشي ومَن معه من النصارى، ولكن قوَّة الحُجَّة عند المسلمين وحُسْن تصرفهم حالَ دون هذه الوقيعة، وازداد تمسُّك النجاشي بهم وحمايته لهم.
وقد كان للعَلاقات الودِّيَّة بين الرسول صلى الله عليه وسلم والنجاشي، والمعاملة الطيبة التي لقيَها المسلمون المهاجرون إلى الحبشة أكبر الأثر في توثيق العَلاقات بين نصارى الحبشة وبين الإسلام، إلاَّ أن هذه الهجرات الإسلامية الأولية في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تترك أثرًا في حياة البلاد، وإن كانت قد تركت أثرًا في نفوس الأحباش، وأطلعتهم على الينبوع الرُّوحي الجديد المتفجِّر بالقوَّة والحياة، ووطَّدت الصلات بين الدولة الإسلامية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وبين الأحباش، وحين بلغ الرسولَ وفاةُ النجاشي صلَّى عليه هو وأصحابه؛ فعن أبي هريرة قال: نعى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم النجاشي صاحب الحبشة اليومَ الذي مات فيه فقال: "اسْتَغْفِرُوا لأَخِيكُمْ". وعنه أيضًا صلى الله عليه وسلم قال: إِنَّ النَّبِيَّ صَفَّ بهم بِالْمُصَلَّى فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا. وعن عروة بن الزبير رضي الله عنه ، عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما مات النجاشي كان يُتَحَدَّث أنه لا يزال يُرَى على قبره نور.
وفي السنة التاسعة من الهجرة، أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابي الجليل علقمة بن مُجَزِّز رضي الله عنه على سريَّة في اتجاه الحبشة؛ لأن بعض مراكبهم كانت تقترب من مكة بحرًا، ولكنه لم يَلْقَ كيدًا كما تَذْكُر الرواية. ومن هنا كانت منطقة شرق إفريقيا أسبق بقعة في العالم القديم في استقبال الدعوة الإسلامية الخالدة
لقد ارتبط اسم إفريقيا منذ فجر الإسلام بالهجرة؛ إذ هي أرض الهجرة الأولى، ومقصد المهاجرين الأوَّلين، ومأوى الطَّائفة المؤمنة المضطهَدة بمكَّة، ومنذئذٍ لم تفتأ إفريقيا تحتضن المهاجرين بأصنافهم المختلفة، وتستقطب بذلك الخبرات والحضارات المتعدِّدة، ولا شـكَّ أن الهجرات الإسلاميَّة كانت أهمَّ الرَّوافد التي أمدَّت إفريقيا بالمفعول الحضاري، وألهمت الأفارقة الوسائل والخبرات المتجدِّدة ليتبوَّؤوا مقعدهم ومكانتهم الحضارية في محفل الحضارة الإنسانيَّة.
كانت فاتحة تلك الهجرات المباركة إلى أرض إفريقيا بالحبشة هجرة ابنة صاحب النُّبوة - صلى الله عليه وسلم - رقيَّة - رضي الله عنها - وصـهره ذي النُّـورين الخليفـة عثمـان - رضي الله عنه - ودامت أربعة أشهرٍ (من رجب إلى شوال في السَّنة الخامسة من البعثة النَّبويَّة)، وبمعيَّتهما ثلاثــة عشر مــن المســـلمين ؛ منهــم: عبد الرحمن بن عوف، والزبير بن العوام، ومصعب بن عمير، وعثمان بن مظعون، ومن النِّساء: سهلة بنت سهل امرأة أبي حذيفة، وأم سلمة بنت أبي أمية زوجة أبي سفيان، وليلى بنت أبي حثمة امرأة عامر بن ربيعة، رضوان الله عليهم .
يقول محمد بـن إسحـاق: (لمـا رأى رسـول الـله - صلى الله عليه وسلم - ما يصيب أصحابه من البلاء والعذاب من قِبَل كفار قريش قال لهم: «لـو خرجـتم إلى أرض الحـبشة؛ فـإن فيـها مـلكاً لا يُظلم عنده أحدٌ، وهي أرض صدقٍ، حتى يجعل الله لكم فرجاً مما أنتم فيه»، فخرج من المسلمين في مكة أحد عشر رجلاً وأربع نسوة، كان منهم عثمان بن عفان وامرأته رقيَّة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان ذلك لخمس سنين من البعثة) .
ويظهر جلياً أن هذا التَّوجُّه نحو إفريقيا لم يكن توجُّهاً جزافاً، أو خبط عشواء يبتعد به المهاجرون عن منطقة الشَّر والاضطهاد إلى المجهول، وإنما كان توجُّهاً واعياً، واختياراً مناسباً من لدن صاحب الرِّسالة الذي وجَّه المهاجرين الأُوَل إلى تلك الأراضي، ففي شهادات هؤلاء المهاجرين تصديقٌ تاريخيٌّ لحصافة الاختيار النَّبوي لأرض الحبشة. تقول أم سلمة - رضي الله عنها -: «فجاورنا بها خير جار، أَمِنَّا على ديننا، وعَبَدْنا الله - تعالى - لا نُؤذَى ولا نسمع شيئاً نكرهه» ، فالنَّبــي - صلى الله عليه وسلم - وهو الأمين على الوحي الإلهيِّ لم يكن ليتصرَّف عن الهوى، ويُبعد أصحابه عن قريبٍ مالكٍ لأمرهم؛ ليُلقي بهم إلى بعيدٍ يتجهَّمهم دون أن يتثبَّت من الحالة الدَّاخليَّة للحبشة وخبرها ملكاً وشعباً.
كذلك؛ فإنَّ الابتعاد عن منطقة الشَّر والفتنة له غاية محدَّدة وهو أن يجعل الله للمهاجرين فرجاً ممَّا هم فيه، يعودون بعده لمتابعة المسيرة الدَّعويَّة؛ لذلك عاد المهاجرون فوراً لمجرَّد نماء شائعة إليهم بأنَّ الإسلام قد ظهر أمره بمكَّة ، فعادوا على الرغم من حسن الوفادة وكرم الضِّيافة اللذين حظوا بهما في كنف ملك الحبشة؛ حرصاً منهم على الرِّسالة التي خرجوا في سبيل حمايتها، وامتثالاً بوصيَّة صاحب الرِّسالة لهم، فلم تغرّهم حياة الدَّعة والفرص الجديدة في أرض الحبشة عمَّا خرجوا من أجله.
وتبعت تلك الهجرة هجرةٌ أخرى تضاعف عدد المهاجرين فيها إلى ثلاثة وثمانين رجلاً، وإحدى عشرة امرأة، وكان لها بُعدها السياسي المتميِّز في التَّعريف برسالة الإسلام، وسماحته، وكسب المزيد من المساندة الخارجيَّة كما هو معلوم في السِّيرة؛ إذ حاولت قريش إخماد تلك الهجرة، وإيغار قلب النجاشي على الإسلام والمهاجرين، فلم يفلحوا ، بل كانوا كما قال الشاعر:
وإذا أراد الله نشرَ فضيلةٍ *** طُوِيَـتْ أتاحَ لها لسـانَ حسُـودِ
لولا اشتعالُ النارِ فيما جاوَرتْ *** ما كانَ يُـعرَف طيبُ عَرْف العودِ
وبعد تلكما الهجرتَين الخالدتَين تتابعت هجرات المسلمين من جزيرة العرب ومهد الإسلام إلى أرض إفريقيا، وكانت لتلك الهجرات أثرها في الحفاظ على الأرواح المسلمة، وفي إشعاع الأراضي الإفريقيَّة بنور الإسلام وحضارته على أيدي المهاجرين، ومن تلك الهجرات:
* في الشَّرق الإفريقي:
كان الشَّـرق الإفريقـي - بحكـم قربه من الجزيرة العربيَّة - أوَّل الأراضي الإفريقيَّة في احتضان الهجرات الإسلاميَّة الأولى، وفي تتابُع العلاقات الاجتماعيَّة بين العرب وبين شعوب شرق إفريقيا، ومن تلك الهجرات:
- هجرة بني مخزوم القرشيِّين إلى الحبشة:
كانت تلك الهجرة في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وعلى رأسها ود بن هشام المخزومي، وقيل: إنهم كوَّنوا فيما بعد مملكة إسلاميَّة بأرض الحبشة سنة 283هـ .
- هاجر كذلك جماعة من المسلمين إلى الساحل الشرقي من إفريقيا؛ فراراً من بطش الحجاج بن يوسف الثقفي، سنة 65 هـ، وكان لها دورها في إنشاء المراكز التِّجاريَّة على الساحل الإفريقيِّ .
وعلى كل حال؛ فإن المقام يضيق بسرد تلك الهجرات الكثيرة إلى مناطق شرق إفريقيا؛ سواء الهجرات الجماعية؛ مثل: هجـرات الـهنـود المسلمـين والـهجرات الشيـرازيَّـة، أو الهجرات الفرديَّة، مما كان له الأثر الفعَّال في تشكيل حضارة مناطق شرق إفريقيا ونسيجها الاجتماعي والدِّيني، حتى أصبح من المستحيل فصل تلك المعالم الحضاريَّة لشعوب شرق إفريقيا عن الإسلام .
ومن أهم الممالك الإسلاميَّة التي قامت في شرق إفريقيا بفعل الهجرات: سلطنة «مقديشو» وأسَّسها المهاجرون الزَّيديون، وسلطنة «كلوة» وأسسها علي بن الحسن بن علي بن صاحب شيراز، ومملكة «شوة الإسلاميَّة»، وأسسهــا المهاجــرون المخــزوميُّـون، وممـلكة «أرابينـي»، و «بالي» و «دارة»، و «داوارو»، و «زنجبار»، و «سفالة»، و «ممبسة»، وجميعها ممالك إسلاميَّة معروفة تناوبت حمل لواء الدَّعوة، والجهاد في إفريقيا، وصولاً إلى العصر الحديث، وقيام ممالك جديدة إسلاميَّة، وحركاتٍ دعويَّة نشطة مستلهمة لرؤى تلك الحركات القديمة ، وقد أحبطت تلك الحركات الكثير من الخطط الاستعماريَّة الخبيثة في محاولتها القضاء على الإسلام ورموزه.
في الغرب الإفريقي:
إذا كان معظم الهجرات الإسلاميَّة في شرق إفريقيا هجراتٍ إليها، فإنَّ معظم الهجرات في الغرب الإفريقيِّ كانت هجرات منها نحو مهد الإسلام، أو استلهاماً لمبدأ الهجرة في الإسلام لدى أصحاب الحركات التَّجديديَّة والحضاريَّة في إفريقيا، فقلَّ من زعماء الحركات الجهاديَّة في إفريقيا مَن لم يهاجر بجماعته إلى منطقة معيَّنة في المرحلة التَّعبويَّة لحركته.
- هجرة الشَّيخ عثمان دان فوديو: كانت أهمُّ الهجرات الإسلاميَّة التي أسفرت عن تأسيس دولة إسلاميَّة في غرب إفريقيا، هجرة الشَّيخ عثمان دان فوديو (ت 1817م) الذي ندب تلامذته وأتباعه إلى الهجرة، ودعا إلى البيعة والجهاد حين وصلت استفزازات الملك الوثني قمَّتها بمهاجمة تلامذة الشَّيخ والإغارة عليهم في مدينة دِيغِيل شماليَّ نيجيريا، فحرَّر الشَّيخ وثيقة عاجلة بعنوان «وثيقة أهل السُّودان»، دعا فيها الأتباع إلى هجرة عاجلة واللِّحاق به في غُودو عام 1802م، وهكذا جرت الأمور، وأعجلت تلك الهجرة بسقوط الملوك الوثنيِّين تباعاً، وقيام دولة إسلاميَّة كان لها دورها المميَّز في حضارة إفريقيا .
- هجرة السُّلطان الطَّاهرو: وظهرت أهميَّة الهجرة ودورها السِّياسي إبّان استيلاء القوى الاستعمارية على الأراضي الإسلاميَّة في إفريقيا، واقتسامها فيما بينها، وقد أدركت القوات الاستعماريَّة خطورة هذا الموقف؛ فكانت تحول دون الهجرات الجماعيَّة للحاق بالمشايخ، وتقطع على المهاجرين الطُّرق.
ومن أهمِّ الوقائع في ذلك أنَّ السلطان الطاهرُو أحمدو، آخر سلاطين (مملكة صكوتو) الإسلاميَّة المشار إليها، ندب إلى الهجرة نحو الشَّرق وأرض الحرمين، ونفَّذها عام (1320هـ / 1903م) حين استولت القوات البريطانيَّة على الأراضي الإسلاميَّة في غرب إفريقيا، فكانت الأعداد تتزايد كلما انطلق نحو المشرق، وقد أزعج ذلك المستعمر البريطاني، وأدرك مغبَّة هذا الخروج العارم، والاتِّجاه نحو المشرق، وبلاد السُّودان الشَّرقي التي كانت الحركة المهديَّة ظاهرة فيها؛ إذ لو قدِّر أن تلتقي تلك الجماعات بالمهدي، وتعطيه البيعة، لكان في ذلك الخطر المحقَّق بالكيان الاستعماريِّ البريطاني.. وهكذا تعقَّبت الجيوش البريطانية السلطان وقتلته، وشتَّتت جماعته بعد ستِّ هزائم متوالية ألحقها جماعة السُّلطان بالجيش البريطاني في بُورْمي بالقرب من غُومْبي .
- هجرة المجاهد الحاج عمر تال الفوتي: من الهجرات التي كان لها أثرٌ ظاهر في مسيرة الحضارة الإسلاميَّة في إفريقيا هجرة الشيخ المجاهد الحاج عمر بن سعيد تال (ت 1864م)، فحين عاد الشَّيخ من حجَّته المشهورة وزيارته للشَّام والقدس الشَّريف، وقام بحركته الدَّعويَّة في منطقة فوتا (غينيا والسنغال حاليّاً)، ولقي إعراضاً من لدن الحكام، هاجر بجماعته وطلبته عام 1851م، وأسَّس بلدة جديدة سمَّاها دِنْغرايْ في منطقة خارج سلطة المامي.
ويظهر جليّاً استلهام نموذج الهجرة النَّبويَّة لدى تلك الجماعة في إطلاقها اسم «المهاجرين» على الذين انطلقوا مع الشَّيخ، ولقب «الأنصار» على الذي لحقوا به أخيراً ، وإطلاق اسم «طيبة» فيما بعد على حاضرة الدَّولة الإسلاميَّة التي تأسَّست على إثر تلك الهجرة.
وقد أعجلت تلك الهجرة بتوسيع نطاق دعوة الشَّيخ عمر، وخلوِّ الجوّ له لإعداد جماعته روحيّاً وعسكريّاً، وانفتاحه المباشر على القبائل الوثنيَّة في المنطقة، واستحواذه على الثَّروات الطَّبيعة اللاَّزمة لقيام حركته؛ فما لبث أن أسَّس مملكة إسلاميَّة قويَّة على غرار (مملكة صكوتو)، قامت بدور حضاريٍّ في الدَّعوة وإحداث تطوُّر ملاحظ، إلى أن سقطت على يد المستعمر الفرنسي.
-هجرات تلامذة الحاج سالم صواري: حدث في غرب إفريقيا توظيفٌ ذكيُّ لمبدأ الهجرة لدى الحاج سالم صواري (ت 1525م) وتلامذته في حركته الدَّعويَّة، قلَّما ظهر مثله في البقاع الأخرى من العالم الإسلاميِّ.
ويتلخَّص هذا في المفهوم الخاص الذي بلْوَره الشَّيخ عن مبدأ الهجرة فيما يأتي:
تقوم حركة الحاج سالم على الدَّعوة السِّلميَّة بالنُّفوذ في أعماق القبائل الوثنيَّة؛ والسُّكنى معها، ودعوتها بالقول والقدوة الحسنة، حسب برنامج مطوَّل من الألفة والتَّودُّد إليهم، وعليه اتَّبع الشَّيخ ثلاث استراتيجيَّات، هي:
– القراءة والتعلّم: وهي إعداد الطلبة إعداداً علميّاً وروحيّاً قويّاً على الكتاب والسُّنّة (الصحيحان والموطأ خاصَّة).
- الفلاحة: وهي العمل في زراعة الأرض؛ وقد لجؤوا إلى ذلك لأن طبيعة سكّناهم بين المدعوِّين كانت تستلزم مزاولة عمل يتكسَّبون به، ولم يكن بوسعهم مزاولة التِّجارة التي عُرِف بها الدُّعاة المسلمون في إفريقيا؛ لأنَّ فيها ما فيها من التَّنقُّل وعدم الاستقرار.
- الهجرة: وهي هجرة طوعيَّة، كان يقوم بها الدُّعاة الصُّواريُّون لتجديد عقيدتهم؛ كلَّما شعروا أنَّ بقاءهم بين أظهُر الوثنيِّين قد طال، وأنَّ بعض ممارسات أولئك تكاد تتلبَّس بالتَّعاليم الإسلاميَّة السَّمحة، فكانوا يتركون بعض الدعاة لمتابعة الدَّعوة، ويسافرون بعد ذلك إلى أهداف دعويَّة أخرى، وهنا خصوصاً المفهوم الخاص لمبدأ الهجرة الذي نحسب أنَّ تلك الجماعة قد اختَّصت به عمَّا سواها .
- هجرات المسلمين الأفارقة إلى أمريكا: كشفت الأبحاث التَّاريخيَّة أنَّ المسلمين هاجروا إلى أمريكا، خصوصاً إلى جزئها الجنوبي، قبل اكتشاف الأوروبيِّين لهذا العالَم، وكان من آثار تلك الهجرات الحضاريَّة في الأراضي الأمريكيَّة بزوغ الإسلام فيها، وتقويته بعد حادثة تجارة الرَّقيق الأفارقة المأساويَّة إلى أمريكا.
ففي البرازيل قامت دولة إسلاميَّة في (باهيا) على أيدي أولئك المهاجرين والرَّقيق المسلمين، حاربت العبوديَّة، ووقفت في وجه التحدّي الصليبي الذي كان يتعقَّب المسلمين، ويقيم لهم محاكم تفتيش على غرار ما في الأندلس، فنظَّموا الكثير من حركات الثورة ضد البرتغاليِّين خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وكان أعنف تلك الثورات عام 1807م – 1835م، على يد قبائل الهوسا والمادينغ، وتسمّى تلك الثورة «ثورة مـالي Male» نسبة إلى (مملكة مـالي) الإسلاميَّة القديمة، ولا تزال بصمات تلك الحركة منطبعةً على ثقافات شعوب البرازيل والجزر الكاريبيَّة، هذا إذا آثرنا الاختصار ولم نتعرَّض للدَّور العربيِّ الجليِّ في تلك المنطقة .
وتعود المياه إلى مجاريها؛ بعودة مجموعة من المسلمين المحرِّرين من البرازيل إلى إفريقيا الغربيَّة واستيطانهم منطقة داهومي (دولة بِنين Benin الحاليَّة)، وعلى أيدي هؤلاء تأسَّس كيانٌ إسلاميٌّ في تلك المنطقة، حيث بنوا المساجد والمدارس الإسلاميَّة، وإلى تلك المجموعة يرجع دخول الإسلام وانتشاره في تلك المناطق في غرب إفريقيا.
بالجملة؛ فإنَّ الهجرات الإسلاميَّة قد شملت جميع مناطق إفريقيا، وكانت ذات أثرٍ ملاحظ في تألُّق الحضارة الإنسانيَّة والإسلاميَّة في مختلف ربوع إفريقيا، وظهرت حركات دعويَّة وإصلاحيَّة كثيرة، استلهمت دروس الهجرة النَّبويَّة الخالدة في مشروعها الدَّعويّ الإصلاحيّ؛ فكان ذلك من أسباب نجاحها وسرعة تحقيقها لأهدافها.

الصورة الذهنية في ديوان الشاعر : علاء الدين الحمداني // زغبٌ ويطير // بقلم الناقد والكاتب حسين الساعدي // العراق


الصورة الذهنية في ديوان الشاعر
علاء الدين الحمداني
(زغبٌ ويطير)
بقلم/ حسين عجيل الساعدي
للشعر مداراته وآفاقه الفنية والإبداعية تؤثر وتتأثر بذات الشاعر وما يحيط به، فتشكل معادل موضوعي بين الذات والأفصاح الشعوري الذي يعتري الشاعر من جانب، وعالمه المحسوس من جانب أخر، فيفرغ ما في داخل وعيه من شحنات وأنفعالات نفسية، وعاطفية، يتخطى بها حدود النفس الى حدود اللغة، فيعيد تشكيلها وفق نظرة الباحث المنقب عن نظم لغوية بعيدة عن أدلجة الواقع وأفتراضاته، في سياق شعري جديد، بعد أن دفع باللغة الى التشظي والأنتقال الى أساليب شعرية جديدة ينقل بها النص الشعري من حالة الى حالة أخرى، ومن ثم ينأى بها بعيداً عن الأساليب والقوالب الشعرية الجاهزة المتقادمة، بدءً بالشكل والمضمون وأنتهاءً بمدارس الحداثة الأدبية ونزعاتها النقدية (التعبيرية، والرمزية، والتجريدية، وو..) ومن ثم الأنطلاق بها الى ما بعد الحداثة، ودراساتها التي دأبت على البحث في الجوانب الجمالية والفنية للنص الشعري المعاصر، وفق أعراف نقدية أحداثوية . والساحة المعاصرة لا تخلو من ظهور أطر نقدية إبداعية متقدمة، تملك خاصية التحليل والرؤية في قراءة النص، متمردة على الأعراف النقدية التقليدية، وهذه الأطر ظهر وجودها في دراسات رصينة قدمها نقاد أستطاعوا أن يكونوا منهجية عابرة للأعراف النقدية التقليدية في سبر أغوار النص، والكشف عن المرئي واللا مرئي في بواطنه، وأعادة قراءته وفق رؤى أحداثوية متطورة، ساعدت الناقد في أستبطان وأستنطاق النص الشعري . هذه المنهجية قد تجلت في كتابات بعض النقاد العرب، على سبيل المثال لا الحصر، الناقد العراقي "محمد شنيشل الربيعي" في كتاباته ومباحثه النقدية والابداعية، وكتابات الناقد المغربي الدكتور "مصطفى بلعوام"، وهذا متأتي لما أظهره بعض الشعراء في نصوصهم، من أنتقالات تتسم بغرائبية الصورة الشعرية وتفردها، وقد تكون، غير منسجمة مع الواقع الى حد أن أرتدت جلباب اللا معقول، وأخذت منحى سريالي، لم تكن واضحة لدى المتلقي إلا في ذهن من أنتجها، أو يفهمها متلقي على درجة من الوعي والمعرفة، هذا المنحى لجأ إليه شعراء المدرسة الرمزية والسريالية في التعبير عن أنفعالهم النفسي، فالشاعر (حين يستخدم الكلمات الحسية بشتّى أنواعها لا يقصد أن يمثّل بها صورة لحشد معين من المحسوسات، بل الحقيقة أنّه يقصد بها تمثيل تصور ذهني معين له دلالته وقيمته الشعورية) عز الدين إسماعيل، الشعر العربي المعاصر، ص13٢، ومن هؤلاء الشعراء على سبيل المثال لا الحصر الشاعر "جواد الشلال" والشاعر "جاسم آل حمد الجياشي" والشاعر "عبد الجبار الفياض" والشاعر "أمين جياد"، أضافة الى شاعرنا "علاء الدين الحمداني" وغيرهم، فهم يشتغلون على تكثيف المعنى في لغة ذهنية، لا يخشون من تشتت ذهن المتلقي عند قراءة نصوصهم، اذا توفرت القراءة الواعية لنصوصهم، لان النص مبني على التفكيك، يكفي ان يفكك المتلقي عناصر النص، فيعثر على دواخله وأستكشاف اللامرئي فيه، من خلال الأستيعاب والإدراك الواعي لمعنى النص، وهذا يعني هناك متغيرات طرأت على النص الشعري في تدشين مرحلة متقدمة في كتابته، ومن هذه المتغيرات الصورة الشعرية المتسمة بذهنية عقلية ورمزية سريالية مركبة. أضافة الى الجوانب الأخرى المكملة لهذه الصورة والمتعارف عليها من أشكال بلاغية من تشبيه وأستعارة ومجاز وأنزياح .
في الشعر المعاصر (لا بد للكلمة من أن تعلو على ذاتها، أن تزخر بأكثر مما تعد به وأن تشير إلى أكثر مما نقول، فليس الكلمة في الشعر تقديماً دقيقاً أو عرضاً محكماً لفكرة أو موضوع ما، ولكنها رحم لخصب جديد) تودوروف، الشعرية، ترجمة شكري المبخوت ورجاء بن سلامة، ص24. فاللغة في النص الشعري المعاصر هي لغة أشارية ذات محمولات ومدلولات متجددة ومتعددة، فهي أنعكاس لأزمة الإنسان المعاصر وأرهاصات الواقع المعاش . ويمكن لهذه اللغة أن تعطي القدرة للمتلقي أن يعيش الأجواء النفسية والذهنية المدهشة للنص، ونقله الى عوالم الشاعر النفسية، ومكامن النص الجمالية، الذي يخضع الى الكثير من الدلالات، متخذة أشكال متباينة، منها البلاغية والعقلية والنفسية، وهذه الدلالات خاضعة لمدارك المتلقي وفهمه للنص . نحن نقرأ في بعض الاحيان نصوصاً شعريةً متطرفةً في ذهنيتها وغموضها ورمزيتها، وصعوبة أن تتضح ملامح صورها الشعرية، وهذا الغموض قد نعزوه الى طبيعة الحياة وتعقيداتها وغموض مساراتها، التي تجعل من النص الشعري الذهني نصاً طارداً للمتلقي، نتيجة هيمنة النزعة الذهنية عليه، والمبالغة في صناعة الصورة البلاغية، أضافة الى محدودية وعي المتلقي في اقتناص المعنى من الصورة الشعرية. لذلك ينبغي أن يكون هناك توافق بين ذهنية المتلقي والذهنية التي أنتجت النص، لان النص الذهني لايمكن الوصول إليه، سوى شعراء الإبداع، الذين ينقلون اللغة من حالة الوضوح الى حالة الغموض والتأويل التي لا تصرح بشيء بسهولة، هذا النوع من النصوص لا يمنح نفسه لكل متلقي . لأنه ينتج تعددية في التأويل والأختلاف في الرؤى، لايمكن حصرها في دلالة ومعنى واحد، بل يترك المجال واسعاً أمام المتلقي في أستخراج دلالات ورؤى النص . يصف الاديب "جبرا إبراهيم جبرا" الصور الشعرية في الشعر الحديث بأنها (صـور غير مألوفة توحي بحالات ذهنية توصف بالغموض، وهـي تتصـل بالهزة النفسية أو الذهنية وبالتالي بالدهشة والعجب)، هذه الصور الذهنية لها مداخيل فلسفية وعقلية وسايكولوجية تشكلت وفق خيال واسع وتراكم نفسي ومعرفي وذاكرة مختزنة ومكتنزة بالذكريات، لأنها هذه الصورة من وجهة نظر علم النفس (إعادة إنتاج عقلية لتجربة عاطفية أو إدراكية ماضية ليست بالضرورة أن تكون بصرية).‏ هذا يعني أداة لأستكشاف النص، وتحول ملحوظ في تغيير نمطية الصورة الشعرية من الحالة الحسية الى الحالة الذهنية، أضافة الى أنها تعكس التجربة الإبداعية للشاعر وقدرته على التحكم بالبنية اللغوية والفنية للنص وفي خلق الدهشة عند المتلقي، من خلالها يمكن للشاعر أن يكون صور ذهنية، تأخذ أشكالاً رمزية ونفسية، وتنقل الصورة الى المتلقي بشكل لا تستطيع اللغة أن تنقله، وتطويعها دون الأرتكاز على الإيحاء والحدس في نقل ما وراء الواقع، لأن الصورة الذهنية هي ( الصورة التي يكون للذهن الأثر الأكبر في رسم أبعادها، فهو الذي يقوم ببناء علاقات جديدة بين الأشياء تمنح الصورة إيحاءً أو إثارةً ). وتحتاج إلى تقنية شعرية لغوية لها القدرة على الصياغة الذهنية والإبداعية التي تستند الى رؤية ودلالة ذات تكوين سايكولوجي .
لقد أعطى الشاعر والناقد "أدونيس" تعريفاً للغة الشعرية حين قال:( إذا كان الشعر تجاوزاً للظواهر ومواجهة للحقيقة الباطنة في شيء ما أو في العالم كله، فإن على اللغة أن تحيد عن معناها العادي.. إن لغة الشعر هي لغة الإشارة في حين أن اللغة العادية هي لغة الإيضاح..) د.عبد الملك مرتاض، تجليات الحداثة، مجلة، ص4/ع96 . فالنص الذهني هو نص عابر لحواجز اللغة المعجمية معتمد على سعة ثقافة الشاعر، وإمكانياته الإبداعية والشعرية في إستخدام تقنيات لغوية وجمالية لها دلالاتها، مثلت بؤرة أرتكاز في كتابة النص .
فالشاعر المبدع له القدرة على تحويل الصورة الشعرية إلى حالة أدراك ومعنى، وهذا يخضع الى التركيبة الشخصية والنفسية للشاعر المتجذرة في وعيه، حيث يمزج (الوعي) بـ(اللاوعي)، فالصورة عنده تعطي صياغة جمالية إذ بواسطتها يمكن أستنطاق المعاني الذهنية الكامنة فيها، لأن في تكوينها عابرة للحرفية المعجمية، في أخفاء بعض جوانبها في لحظة تأمل قد يكتشف القارئ ما خفي من معنى فيها . وهذا مصداق ما ذهب اليه عالم النفس "سيجموند فرويد" حين كتب عن العقل الباطن أو اللاوعي، كفهم خاص للعقل الباطن أو اللاوعي حين عده بـ(تأمل الإنسان لنفسه وعقله) . فهو يؤكد على أن (اللاوعي واقعٌ ديناميكيٌ مكونٌ من محتويات الإنسان النفسية المكبوتة)، وجانب مخفي في الإنسان، وأن الكثير من أفعال الإنسان وأفكاره لا تفسر من الوعي، لأن منبعها دوافع لا شعورية ولا واعية.
فالنص الذهني قد يكون رمزاً باطنياً أفتراضياً، يمثل واقع خارجي، نابع من تأملات العقل الباطن واللاوعي للشاعر، لانه يعمل دون أن يُشعر به، وينبغي أن يكون بعيد عن
المباشرة والتقريرية، لأنهما تقضيان على روح الشعر، وتجعل من النص قالب جاف . إذاً النص الذهني، نتاج عملية أستغراقية متولدة من أفكار ورؤى إبداعية في مخيلة الشاعر يشكل بها عالم من الجمال الشعري في أنتاج الصورة، يتجاوز بها حدود اللغة في كتابة النص الى حدود الرؤى التأويلية والفلسفية.
فالصورة ليست مجرد أداة لتزيين اللفظ وتوضيح المعنى، بل هي ( وحدة تعبيرية تجسد قصد الذهن بكثافة)، وأبراز حالة نفسية معينة للشاعر إزاء موقف معين في الحياة، فهي تعد من أبرز الأدوات المستخدمة من قبله في بناء نصوصه، والاداة التي يعبر بها عن أفكاره وتصوراته، فكان للشعراء المحدثين الأهتمام الواسع بها، فشكلت علامة فارقة في نصوصهم الشعرية، هي (لا تهدف إلى أن تقرب دلالتها من فهمنا، ولكنّها تسهم في خلق إدراك متميز للشيء، أي أنّها تخلق رؤية ولا تقدم معرفة)، أحمد يوسف،القراءة النسقية، سلطة البنية ووهم المحايثة،ص9 . في حين يرى جان كوهن أن (وظيفة الصورة هي التكثيف، فالشعرية هي تكثيفية اللغة، والكلمة الشعرية لا تُغير محتوى المعنى وإنّما تُغير شكله). جان كوهن، اللغة العليا، النظرية الشعرية، ترجمة:أحمد درويش، ص145، فالصورة هي المفتاح الذي يستطيع الناقد أو الدارس أن يفتح به مغاليق النص الشعري، ويلج إلى عوالمه الغامضة. فالذي (يعطي الصورة فاعليتها ليس حيويتها كصورة بقدر ميزتها كحادثة ذهنية ترتبط نوعياً بالإحساس) د. علي البطل، الصورة في الشعر العربي/ حتى آخر القرن الثاني الهجري، ص٢٧ .
وفق هذه الأطر والمفاهيم التي ذُكرت في المقدمة، تمكن الشاعر "علاء الدين الحمداني"من إثارة المتلقي في ديوانه البكر الذي حمل عنوان (زغبٌ ويطير)، ابتداءً بعتبة الديوان (العنوان) وهو مطلب أي شاعر عندما يكون العنوان هاجسه، لأنه يفتح بوابة الديوان من منظور سيميولوجي، فيشكل حضوراً ذهنياً غرائبياً إبداعياً، يترجم كينونة الشاعر وأنفعالاته بما يحتويه من دهشة وأنزياح وخيال واسع، يفتح الآفاق لدى المتلقي لقراءات ذات أوجه متعددة، وتنوع في رؤاه، وهذه ميزة جمالية في بنية نصوص الشاعر "علاء الدين الحمداني"، وقدرته على إيقاظ ذهن القارئ بالأنتقال من المألوف الى غير المألوف، يستفز ذهن القارئ، فيثير أحاسيس وأفكار ومعاني وتصورات، يعتمد الأستخدام الواسع للمجاز والخروج عن المألوف، في عملية توافقية بين خطابه الشعري وتقنية الصورة الذهنية، لأنه يريد أن يوجد حالة مغايرة في وضع عنوان يناقض ويغاير حقيقة طبيعة الأشياء، يعطي به دلالة فنية، لا دلالة حقيقية، وهذه مفارقة أن تجتمع المتناقضات، والأنزياح فيه، فتمنح العنوان رمزية ودلالة تعبر عن رؤيته. كذلك عنوان الديوان من العناوين الفرعية، جعله الشاعر مركز أستقطاب دلالي في المجموعة الشعرية، وهذا يعني أن مرجعية العنوان الرئيسي للمجموعة هي مرجعية النص الشعري ضمن نصوص أخرى، فعنوان (زغبٌ ويطير) جسد صورة إطارية مكثفة وممهدة للنص وهذا التكثيف في الصورة يصب في تنوع عتبات نصوص الديوان الأخرى، التي شكلت إيقونات بصرية ذهنية دالة على مضمون النص الشعري.
نصوص الشاعر"علاء الدين الحمداني" تعبر عن أغتراب وتمرد وتقوقع حول الذات، فهو يبحث عن ذاته في ظل فوضوية القيم السائدة المئدلجة، فهناك أنفعالات أو بؤر دلالية، خفية تتكئ عليها بنية الصورة الفنية الذهنية في داخل النص، نراه ينقب في ذاكرته بأعتماد أسلوب أسترجاع أطوار من حياته لتشكيل صوره الشعرية . فهو وظب موروثه الذي تختزنه الذاكرته، ليشكل رؤية تتناسب مع حاضره، فهناك زمن شعري يتشكل في صورته الذهنية يتنقل به بين أروقة الماضي والحاضر، هذا الزمن شكل محور مهم في عملية الإيحاء الشعري له، حين تجاوز به الأسلوب النمطي في صياغة الجملة الشعرية وأستخدام التعابير الإيحائية في تكوين أطر النص وبواطنه، وتصوير تأملاته الذهنية والعقلية وهواجسه وفق نسق شعري مثير للدهشة.
ديوان الشاعر "علاء الدين الحمداني" (زغبٌ ويطير) تجربة شعرية عميقة تدل على شاعرية الشاعر تستحق أن يقف عندها الناقد ويتأمل صياغاتها الشعرية وصورها، حيث أمتازت نصوصه بتعدد الصور وتكثيفها. فشكلت هذه النصوص فضاءً شعرياً أنفتح على صور ذهنية مكثفة، التي كشفت عن مدى قدرة الشاعر على خلق معاني يمكن أن يمسك بها من خلال فعل القراءة المعمقة له . فهو ينتقي ويقتني الكلمات المكتنزة بالإيحاء، ذات الدلالات التي تلامس مدارك الحس مستعين بلغة التكثيف والأختزال، التي تحتاج من المتلقي التأمل والأدراك حتى يتمكن من تفكيك مغاليق النص . فالشاعر"الحمداني" يحرك التراكم المعرفي والباطني فيه من أجل خلق فهم جديد للنص الشعري، ينقل القارئ في قراءته من الحالة (الستاتيكية) السكونية الى (ديناميكية) متحركة تبعث الحركة في النص نحو أحتمالات وتأويلات يرتقي فيها الى مستوى يقترب من المحتوى الصوفي في الكشف عن جوهر النص ضمن الإطار العام له .
فيبلغ في تصوراته آفاق ما ورائية ذات منطق دلالي في صياغة الجملة الشعرية خارج مديات اللغة المعجمية والتحرر من تبعاتها وإيجاد أشكال تعبيرية وصور شعرية في وضع المفردة في سياقها الشعري، يخترق بها سكونية اللغة والتلاعب في مدلولاتها، كاشفاً عن مقوماته اللغوية وقدرته الإبداعية في أخراج اللغة من محتواها الحقيقي الى محتوى مجازي أبداعي، لايتوقف عند الوظيفة اللغوية أو المعجمية للكلمات في تكوين صوره الفنية، بل يستند الى بنية النص الشعرية، يعبر بها عن المعاني التي تختلج في نفسه، لأن (النص ينبثق من ذات واعية، مدركة لخصائص وجود اللغة، واقعية التصور والاحداث، لها القدرة على التفعيل، والتركيب، والتحليل) حواضر في فلسفة النص / محمد شنيشل الربيعي .
أن اللغة الشعرية عند الشاعر "علاء الدين الحمداني" (ليست لغة معجمية، لأن الدلالة المعجمية لا يمكنها أن تمد الشعر بالإبداع، لأنها ساكنة مقيمة والشعر يظل على سفر، تقتله السكونية وتشعله حركية الوهج الإبداعي)، يتجاوز سكونية اللغة ووظيفتها التقليدية والمعجمية، نجد في نصوصه الصورة الشعرية الدالة على سعة الخيال مبتعداً عن التقريرية والمباشرة، في أشتغالاته على هذه الصورة، فهو لا يهدف إلى مطابقة الواقع بما يدل عليه من تعبيرات إنه (يستعمل الصور ليعبر عن حالات غامضة لا يستطاع بلوغها مباشرة أو من أجل أن تنقل الدلالة الحقة لما يجده الشاعر) مصطفى ناصف ، الصورة الأدبية، ص217 . وهذا يعني أن الشاعر تحرر من معجمية اللغة الى لغة أكثر حداثة تعطي بنية جديدة للنص الشعري، (فقوة الشعر تتمثل في الإيحاء بالأفكار عن طريق الصور، لا التصريح بالأفكار مجردة ولا المبالغة في وصفها ) النقد الأدبي الحديث ، ص376. قد يرى البعض أن لغة الشاعر "علاء الدين الحمداني" غير مألوفة وتنهك المتلقي ذهنياً، لأنها تأتي مكثفة ومشبعة بالإيحاء، وذات دلالة مرتبطة بمدلول ذهني، وهذا يدلل على إبداعه وموهبته في أخضاع اللغة لمشيئته، لكن القارئ الذي يمتلك الذائقة الأدبية أو الشعرية قادر على فتح مغاليق النص وأختراق حجبه والإحاطة بكل معانيه .
جزء من النص (زغب ويطير) ص 44
بين همسِ الاكتواءِ
وطعمٍ ربانّي لم يوجد بعدُ
ناديان ك ورقِ الوردِ
لو بلَّلَتْهُ نداوةُ الغبشِ
ساهمان كالوسنِ يداهمُ الجفونَ
كالشفقِ سرّحَ الضياءُ
حمرتَهُ للغروبِ..
يمامتان من زغبٍ تحتدمان
ترفرفان في اشتهاءٍ
لتعانقا السماءَ
يطيرُ بجناحي
نسرٍ
لهما تلهفي
أحتويهما فأغيبُ
يندلقُ الولهُ
كلُّه فتونا
يينعُ الدُراقُ
على دالياتٍ ثِقالٍ
تفترشُ خمرةَ عتاقٍ
تكتظُ... لتوحدَّ الانفاسَ
في ارتعاشاتٍ وخشوعٍ مهيبٍ
نحلّقُ باطيافٍ من جناحٍ
خفقُه يشقُّ عنانَ الرغبةِ
الزغبُ لم يزلْ
بالكاد يطيرُ
في سُكرةِ الانتشاءِ.
-----------------
جزء من النص (نشيج الكاس) ص 7
فُوهةٌ فاغرةٌ
كأسٌ مترعةٌ
تندلقُ ..
يقترُها برتابةٍ ..
وحشةٌ ...عيونُ العوزِ
يَنفذَ القطرُ
عواءٌ موصدٌ
مخبوءٌ
يختنقُ بآخِر وشالةٍ
معتقةٍ من سالفِ الحكايا ..
عويلُ الروحِ موجعٌ
لِآخرِ نبضٍ في الكأسِ
النشيجُ باقٍ ..
يستنفرُ الظلَّ ..خَلَفَهُ الليلُ
بقايا ضوءٍ من ضبابِ الرمادِ
يتسللُ المواربُ
دونَ خلسةٍ
باهتُ الملامحِ
موغلٌ في ذاكرةِ الريحِ
تصطكُ بصريرٍ ...
ثناياه ... مترهلةً...
تَعُبُ آخرُ القعرِ .
المنبوذُ المتجهمُ...
صاحبُ الزُق
يبيعُني نهرَ خمرٍ
قد ختمَها من وشالةِ العمرِ
أعبُّهُ وجَعِي
هو مَنْ يثملني .
-----------------
جزء من نص(إكتراث ما) ص 48
مددتُ أصابعَ مخيلتي
أطحتُ به .. هذا ما يخيّلُ لي
الجدارُ عالٍ
كلّما أرغبُ أجتياحَهُ
يتفتتُ كالضبابِ
لا أعلمُ كنهَهُ
أعودُ لأسفلِ الأجتياحِ
بينَ ركامِ أفكارٍ مجنونةٍ
حيث وِلِدَ السقمُ بأصابعَ شتىً ..
ونصفِ فمٍ وربّما .. انفٍ معقوفٍ ..
ورأسين ..
أحداهما مستاءٌ
والأخرَ مستاءً كثيراً ..
نعم ...
متناقضان في الإستياءِ
يفي بالغرضِ ...
لو أفقأُ عيونَ الوهنِ
أٌشَتِتُ عنجهيةَ الفكرِ
أتركُ مساحةً وسعَ أبتسامةِ طفلٍ
تتسيدني لبرهةٍ ..
كي أتنفسَ
أهوي بهذا الاكتراثِ اللعينِ
وإن طَوّحَ بِي
لدي بقايا عقلٍ
يكفي ويزيدُّ أنْ اقتاتَ بهِ
جنونَ الأخرين .
-----------------
جزء من نص ( زوايا العتم ) ص 12
أراهُ يستبيحُ
تَألهي ..
فأضربُهُ بالفلقِ
عَلَهُ يرعَوي
يَرتكنُ... بفكِهِ المعوَجِ
الّوِّحَ لهُ.. إنَّ مكانكَ
في غورِ العُتمِ
أيُّها السَقيمُ المنبوذُ
أخرجْ مِن بَقاياي
يَشرَئبُّ مُتوارياً بينَ الجدرانِ
يُزاحمُ ثُقبَ الدودِ في الزوايا الخَرباتِ
يأتزرُ بقيةَ حُزمٍ من ظلامٍ
تنزُ مَنْ فيهِ تمتمات
يساومني أنْ اكتبَ تداعياتٍ
من امسٍ ليسَ ببعيدٍ
لنّْ أجاريَكَ
فانا لي وحدي..
عقلي أستَرحْ..
ما زلتُ أملكني
ولَم تَزلْ همساتِي
رفيفَ فراشةٍ
تُداعبُ عيوني..
إنزوي... لا مجالَ
لاستباحةِ شاعرٍ طهور
يلوذ بالنورِ... شيطانٌ شِعرُهُ .
-----------------
جزء من نص (يومٌ أخر) ص 23
فرو الياقةِ وثيرٌ
يشبهُ قطيَ الأشهبَ العجوزَ
في الركنِ الدافئ ملاذهُ
يتوسَّدُ فردةَ من حذائي العتيدِ
ذياكَ الخيطُ لم يزلْ
يَعلَقُ داخلَ جيبي
كلّما مددتُ يدي
أجدُهُ في عتمةِ الدهليزِ
الفارغِ على الدوامِ
أذكرُ في يومٍ نحسٍ ما
منذ عامٍ
قطعتُهُ وحزنتُ ..
مخذولةً سبابتي والأبهامِ
تعوّدتُ انْ أُماحَكَ ذياك
الخيطَ الواهنَ
في أيامِ القحطِ الشديدةِ
وعدتُ نفسِي مراراً
أنْ أُلبِسَها ما يُليقُ
أو أصنعَ لها قبعةً
من جلدِ الأشهبِ العجوزِ ..
لعلني يوماً ما.. اشتري معطفاً
خوفي أنْ يكون بلا خيطٍ
لا ضيرَ ...
نسجُ مخيلتي الفُ خيطٍ
أو ربّما أدعي الجنونَ
---------------
جزء من نص (وهن الانتظار) ص 15
تمضينَ
باقٍ أنا
الوقتُ لن يقفَ
ساعةُ الجدارِ تُشيرُ...
الى مدِّ بحرٍ ونيفٍ
يدعوني للسأمِ
عقربُها القزمُ
قد أَهدمُ الجدارَ
تَشَفياً ..
هذا ما يُخيل لي
جدار بلا ساعة
سأكون عابثاً بالأنتظار
تأتين أم لا تأتين
كلّ ما في الأمر
أني ألغيتُ الوقتَ
تتلاشين مع كلِّ جُزُر
يمضي ألى القاعِ..
كم هي مريبةٌ...الأوقاتُ
الأكثرُ ريبةً منها ...أنا
تَذَكرتُ...منذ عقود
متوقفةٌ بلا حياةٍ
ساعةُ حائطنا المتهالكِ
أو بالأحرى
لا جدارَ هناك .

الجمعة، 25 مايو 2018

ملف خاص بمؤسسة ومجلة أنكمدو العربي للثقافة والأدب / برنامج شاعر الاسبوع : الشاعر رسول عبد الأمير التميمي // العراق

رسول عبد الامير التميمي العراق ./السماوة تولد عام 1961 الناصرية التحصيل العلمي .قسم الادارة .فرع المحاسبة .عام 1984 ودرست التاريخ في كلية التربية في المثنى عام 98 . اعمل موظف لدى وزارة الصناعة والمعادن . لي مجموعة شعريه تحت الطبع .بعنوان .معطفي المشبع برائحة الشعر .ومجموعتان سادفع بخما للطبع .هما . الحارس المكدود . ووطنني المفؤود حزنا . اجيد الخط العربي . وعضو في جمعية الخطاطين العراقين . بانتظار صدور هوية اتحاد الادباء العراقيين . كتبت قصائد في شعر التفعيلة وقصيدة النثر الذي ما زلت اكتبة. وانا اتفق مع رأي البريكان . ان قصيدة النثر ليست عدوة للشعر .بل عدو الشعر النص الرديء . الشعر، هو أن تقول شيئا في الحياة والإنسان. أن تكون فاعلاً في حروفك.. مخترقاً لا متفرجاً على أصنام الكلمات.. مايهم في الشعر، أن تخاطب الحياة بروحها وكائناتها، نشرت نصوصيالشعرية وومضاتي في العديد من الصحف والمجلات العراقية والعربية بالاضافة الى الالكترونية .وقراءات اخرى لعدد من النقاد لبعض قصائدي النصوص سيستطيبك الرب الهائل بعيش رغيد: عفوا فتاتي يا ابنة العشر سنين ماجت بك الاقدار والعوز اللعين قد تبتلين انه الزمن الرعين لم تكن موهبة تلك التي تسموك قدرا أو رزق عيش تحلمين لا تحزني اوتخجلي وأن ترين دهن الصباغ على اليدين يا حلوة العينين يا انقى جبين قد كنت أنظف من أظفارهم أعف من أفكارهم أبهى بياضا من سواد جباههم هم يلهثون ويسرقون ويذبحون دونما أستحياء هم عهر وفسق دون أخلاق ودين لكن وإن وعرت دروبك من أسى الزمن اللعين سيمنك الرب المكين رزقا حلالا دون شحذ تكسبين رسول عبد الامير التميمي العراق _السماوه نصوص 1 كأس. في نصف كأسي الفارغ تلمع صورتان بياض شعري المبكر وجرح وطني 2 النواب. أيامك تأتي وتغدو عيناك اللامعتان في انتظار أفق مؤجل الريل بطيء الوصول وحمد يدندن راعفا ما بين السنابل وغفوة القطا والمحطات بعيدة 3 شاعر . شاعر يرسم بحرا في حضرة النوارس يشرب نخب ظهور المد يقينا سيقرأ للسياب غريبا عن الخليج 4 منطق مختلف. عاشق يبتغي التوحد مع المطر يطرد زحم الكلمات ليبحث عن منطق مختلف 5 الآتي أسوأ. خبا ضوء القنديل الموقف بذيء جدا الغد بعيد جدا الآتي أسوأ لا شيء سوى صمت وحزن كبيرين 6 بالغة الهيئة. نحيفة يضمهما كرسي مؤطر بعدما أرتدت الساري الأصفر بدت بالغة الهيئة بمسائها المستحب وأنا لا أملك شيئا سوى النظر رسول عبد الامير التميمي العراق /السماوه وطني اقرأ في عينك سرا وفي وجهك المكدور لون ورائحة 1 إنتماء أنت إنتمائي الشاسع نسغي الجذير ولأنك مع الله تستكين روحي واسمك المرفوع بالصلوات فيه لذة روح هائلة 2 خررت حزينا ... أسفي أغتيل شمعك ليلا فقدت شرفاتك الأليفة والطريق الكان مستفيقا أخدك الحزن خررت وأنت تتمتم سر أنتهائك كما الأطلال حين تفقد جمال تضاريسها 3 راعفا أدندن ... ظريفا كنت يا وطني عائما في الجمال قصيدة هائلة الوجود في بلاد الله أقرأ ليلك في معناها الغامض أغنيك وجعا وأنا راعفا ادندن 4 وجهك ... مشحوب وجهك ياوطني جفناك أقامت فيهما حرقة الوجع ورائحة حزنك داكنة كلون معطفي الشتوي المنقوع بالأمل 5 مسودة أغتيال ... وطني سيدهم انت بمسافتك الممتدة طولا قتلك الغرباء ضاجعوا بغداد فجرا بميول بربرية حولوا أرضك لحدا صيروك عالما موبوءا وكتبوا للأتي من بعدك مسودة إغتيالك 6 نهر ... وطني نهر يفيض جراح تطفو على سطحه بقايا وجوه صبيغات بالدخان ولون الرماد 7 أنتخاب الغد موعد أت ونحن نبحر بقوارب منخورة تمتلىء حتى الفيض لنقتسم الهم 8 وطن أيأسه ... صديقي الشاعر المخدر يتنفسك حلما ينظر ليلك يعرف كل وجوه الناس يعرف أسماء طيوره المهاجرة ملامح كأسه الغامضة لم تعد لذائذه تشكل طعما وطن أيأسه وثمة من سنين ذهبن دونما احتواء 9 شاعر يحترق ... مفؤود أنت مأزوم أرتضيت التمرد بوجه قصيدتك القارصة ويومك الرديء حتى الفجر وكأن موت يباغتك 10 صديقي برفقة نفسه سكران محمر العينين والخمرة لما تزل تطوحه ما بين الشارع المطوي والارصفة المسنة 11 حمى الموقف ... أنت والشارع تحملان وجها واحدا صوتا واحدا تأتلفان حتى اللون تقتسمان الحزن والجراح من حمى الموقف لذا يرصدون فكركم بقلمي رسول عبد الأمير التميمي العراق / السماوه الى صديقتي النازلة بي جرحا حسيا عارما سيدة الحوار الأنيق سألمك بداخلي قصيدة من وراء حدود المعنى أوظفك مفردة طريبة اللفظ بأيقاع فهيم وجرس مدهش أضمك الى عالمي الرمزي عطشا حسيا براحة مطلقة شهية أنت كالخمر ليلا تنميك اللذة بعدما تعجنين جسدي الوجيع وتشاكسين صمتي وأنت تقرئين صفحاته بادراك ذهني وتسكبين من ضياء عينيك اللاهثتين أفقا هندسيا مدهشا فوق ضباب قصائدي ونثري المسجوع وجعا يعوض بعض من متاعبي ومن تكرار ثرثرتي الخارجة عن الحد بمزاياك المباشره وتأثير جرحك الوديع ما بين عواطفي الصادقة واعتراضك غير المتوازن أعترف وبعجب ما كان لجرحك من نفع محبب لنظام اشيائي وتعليل أمتداد طبيعتي المنشودة في الالم والرغبة ها أنت تنثين زفير عبيرك بانفعال أشد جرأة على نافذتي الصدعة من برد السماء دفئا غريزيا مختلفا وانا شاعر مجنون ببلوغ هواي لما ازل اتوضأ بماء اللذ

الاثنين، 21 مايو 2018

موت عوزائيل // للشاعر الأستاذ : حازم المتروكي // العراق

إلى صديقي علي الزيدي الذي كنس عوزه قلم رصين.
(موت عوزائيل)
١-الى أمي....
أماه في بلادنا


عمائم مختلف ألوانها أحجامها أشكالها

تكاثرت كالنار في الهشيم

أخ
تاري لي واحدة
كي يتقي رأسي بها مطارق الجهلاء.
٢- بلبل.....
تبني البلابل أعشاشها قرب نوافذ الفقراء
لتغرد لهم كلما تنفس الصباح
وتشاركهم طعامهم النفيس
البلابل هاجرت
لأن الهرة التي جاءت وأبنائها من وراء النهر
قد (فرهدت) قوت الفقراء.
٣- ولادة.....
للأنسان ولادة واحدة
وللقلم ألف ولادة
ولذلك نجد القلم يذرف الدمع حبرا
بعد كل ولادة على ورق الحياة
٤- عارف الساعدي
جميل انت في كل شئ
الا ان فيك سوءة واحدة
قالها الحاكم الأجوف
ان الساعدي يثرثر كثيرا
ويبكي مثلما الأطفال
وهو يقبل كف طفل حريرية
غيرت أديمها الشمس
ليضع فيها قرشا
يحميه
من أنياب القوادين.
٥- ضربة شمس.....
الشمس أمنا الحنون الرؤوم
والآخرون أبناء ضرتها
فهي على الدوام
تحتضننا بقوة بين ذراعيها
وتضربنا بهدوء بين الفينة والفينة
ولذلك لا يوجد سوى في العراق
ضربة شمس.

شخصية من بلادي // الشاعر سركون بولص // بقلم الاستاذ : موفق الربيعي // العراق




#شخصية من بلادي.500
سركون بولص
الشاعر سركون بولص ولد في مدينة الحبانية عام 1944 ، في سن الثالثة عشرة، انتقل مع عائلته إلى كركوك
* بدأ كتابة الشعر، وشكل مع الشعراء فاضل العزاوي ومؤيد الراوي وجان دمو وصلاح فائق ( جماعة كركوك ) . 
* في العام 1961 نشر يوسف الخال بعضاً من قصائده في مجلة ( شعر ) . 
* عام 1966 توجه إلى بيروت وقصد المكتبة الأميركية، طالباً أعمال آلن غينسبرغ وجاك كرواك وآخرين، وأعد ملفاً عنهم في مجلة ( شعر ) ، في بيروت التي كانت تعرف نهضة ثقافية، وانكبّ على الترجمة.
* عام 1969 غادر إلى الولايات المتحدة، وفي سان فرانسيسكو التقى جماعة الـ ( بيتنيكس ) أمثال ( ألن غينسبرغ، كرواك، غريغوري كورسو، بوب كوفمن، لورنس فيرلينغيتي، غاري سنايدر ) وعقد صداقات معهم.
* أسهم برفد المكتبة العربية بترجمات مهمة وأمينة لشعراء كثر ونشرتها بعض المجلات العربية مثل مجلة شعر ومجلة المواقف ومجلة الكرمل. 
* أمضى السنوات الأخيرة متنقلاً بين أوروبا وأمريكا، وخصوصاً في ألمانيا حيث حصل على عدّة مُنَح للتفرّغ الأدبي. 
* مؤلفاته
- ديوانه الأول ( الوصول إلى مدينة أين ) منشورات سارق النار أثينا الطبعة الاولى عام(1985) والطبعة الثانية عام (2003)
- ( الحياة قرب الأكروبول ) شعر / دار توبقال، الدار البيضاء الطبعة الاولى عام (1988) الطبعة الثانية منشورات الجمل بيروت عام (2008)
- ( الأول والتالي ) شعر / منشورات الجمل كولونيا (1992)
- ( حامل الفانوس في ليل الذئاب ) شعر / منشورات الجمل بيروت ، كولونيا (1996)
- ( إذا كنت نائماً في مركب نوح ) شعر / منشورات الجمل بيروت ، كولونيا(1998)
- ( العقرب في البُستان )
- ترجمة لكتاب إيتيل عدنان ( هناك في ضياء وظلمة النفس والآخر ) ترجمة شعر بيروت ،كولونيا (2000)
- مختارات شعرية مترجمة إلى الألمانية بعنوان ( رقائم لروح الكون )
- سيرة ذاتية بالألمانية بعنوان ( شهود على الضفاف )
- مختارات قصصية نُشرت بالعربية والألمانية بعنوان ( غرفة مهجورة ) .
- ( عظمة أخرى لكلب القبيلة) شعر / ( بيروت،بغداد ) عام (2008)
- النبي جبران خليل جبران ترجمة منشورات الجمل (2008)
- هوشي منه : يوميات في السجن ترجمة بيروت بغداد (2011)
-صدر له :ديوان بالإنجليزية بعنوان ( شاحذ السكاكين ) مع مقدمة للشاعر أدونيس، عن مجلة بانيبال
-(البرق الذي يدوم )عنوان مختارات من قصائده انتقاها وترجمها إلى الفرنسية الكاتب أنطوان جوكي ، وصدرت حديثاً عن دار سندباد - أكت سود في باريس ، وضمت المختارات مقدمة كتبها الشاعر اللبناني وديع سعادة. وعمد جوكي إلى اختيار قصائد من مراحل عدة في مسار الشاعر الكبير، تمثل حقيقة تجربته الفريدة التي كان لها أثرها في الشعر العربي الجديد. ومنح جوكي، المتمرس في ترجمة الشعر العربي، قصائد بولص لغة فرنسية جديرة بها، محافظاً على نَفَسها وإيقاعها الداخلي ومناخها الفريد.
بعد صراع مع مرض السرطان، توفي في برلين صباح الاثنين الواقع في 22 أكتوبر 2007.

فَيْضٌ مِنْ غَيْظٍ // للشاعر الأستاذ : محمد الناصر شيخاوي // تونس

بقلم : محمد الناصر شيخاوي/تونس 
* إعادة * على ضوء ما يجري ب غزة الصامدة 
---------- فَيْضٌ مِنْ غَيْظٍ ----------- أَعْدَاؤُكَ مَسْخٌ مِنْ نَسْلٍ قِرْدٍ بَغِيٍّ فَإِذَا آنَ الْأوَانُ وَ حَلَّتْ سَاعَةُ الصِّفْرِ وَ دَقَّتْ طُبُولُ الْمُوَاجَهَهْ فَاقْتَبِسْ مِنْ رُوحِي شِهَابًا وَ اقْذِفْهُمْ بِه مِنْ فَرْطِ غَيْظٍ يَا أَخِي رُوحِي

غَدَتْ قُنْبُلَهْ ... قُنْبُلَهْ ...... قُنْبُلَهْ ..........