الثلاثاء، 11 سبتمبر 2018

مجلة أنكمدو العربي للثقافة والأدب // موناليزا العراق // بقلم د . صالح العطوان الحيالي // العراق

صورة وقصة بنت المعيدي " موناليزا العراق "
----------------------------- د.صالح العطوان الحيالي - العراق- 5.9.2018
للوحة التي عشقها العراقيون نصف قرن منذ ثلاثينيات القرن الماضي وحتى سبعينياته، ظلت تلعب لوحة (بنت المعيدي) دورا جماليا وثقافيا مدهشاً في مخيلة العراقيين، كانوا يعلقونها على جدار غرفة الضيوف، إلى جانب صورة صاحب البيت، أو بموازاة صورة الملك غازي ثاني الملوك أو من تلاه من حكام العراق. بوصفها ملكة تتربع على عرش الجمال بلا منافس، صاحبة اللوحة ..التي يقال انها كانت تكنس عتبه الدار اثناء مرور مجموعه من الضباط الانكليز فسلبت قلب احدهم وما هي الا ايام حتى جاء الى اهلها مع بعض الوجهاء والمتنفذين في المدينة طالبا يدها للزواج وامام رفض والديها بسبب اختلاف الدين واسباب اخر!! استقتل الضابط الانكليزي واعلن استعداده لدخول الدين الاسلامي للاقتران بها و بعد عدة محاولات باءت بالفشل مارس الضابط الانكليزي ضغوطاً نفسية ومادية وحكومية تمت الموافقة وتم زواجه منها واخذها الى بلاده وقيل بانهما اقاما في لندن بقية عمريهما. (وكانت سابقة اجتماعية مثيرة للجدل انذاك في مجتمع لم يعهد ولم يستوعب هذه الحادثة ومن هناك ارسلت صورتها ذات العين الحزينه المشتاقه لأهلها وابناء وطنها لتيقى في الذاكره الأجتماعيه حكايه وصوره رائقة الذكرى .. وقد استعان زوجها باشهر الرسامين ليرسم جمالها في هذه اللوحه ) تفاصيل صاحبة الصورة توحي بترف لذيذ، وغنى فاحش،.. فهي تبدو سيدة في مطلع العشرينيات تتألق على جيدها ثلاثة عقود جميلة، الأول من حبات لؤلؤية صغيرة تشكل خمسة أطواق ينسجم بياضها مع بياض البشرة الناعمة، والثاني من خرز لؤلؤي أكبر حجماً، بينما يبدو العقد الثالث ذهبياً تتوسطه جوهرة كبيرة الحجم تتدلى على الجزء الأعلى من صدرها.وبطريقة ملكية بهية، تعلو رأس صاحبة الصورة قبعة على شكل تاج، تتألق في قمتها تشكيلات زهرية مصنوعة من قماش الدانتيلا والمصممة على هيئة عقال عربي. تغرق هذه التفاصيل المدهشة ببحر من خصلات شعرها البني التي تنتشر متموجة بغزارة على كتفيها لتغمر جزءاً من ثوبها الأحمر المطرز بخرز وأقراص لماعة. استلهم المغنون الشعبيون والمسرحيون من جمالها وحكايتها الحزينة أعمالا فنية لاقت رواجاً لافتاً، فهذا المطرب الشعبي البحريني عيسى بدر يقول في إحدى أغانيه (بنت المعيدي سافرت قطر أربعة شهور ما جاني خبر) وفي المسرح قدم المخرج العراقي محسن العزاوي مسرحية اعتمدت على أسطورة (بنت المعيدي)
احتلت بنت المعيدي كما كان يطلق عليها في الثلاثينات القرن الماضي شهرة واسعة وباتت حديث الالسن وكان السبب وراء الروايات التي نسجت حول هذه الفتاة المعيدية هو جمالها الاخاذ ومواصفات جمالية عالية جمعت فيها حتى ان بعض متذوقي الجمال
اطلق عليها اسم موناليزا العراق فقد وازت شهرة موناليزا دافنشي الايطالية التي لم تعرف ان كانت خيالا او حقيقة
اصل موناليزا العراق
ـــــــــــــــــــ اصل الموناليزا العراقية (صمانجي قيزي) يعود الى اسرة تركمانية من مدينة اربيل من الحي السكني القديم الواقع في احضان قلعتها التاريخية استنادا الى روايات موثوقة لاشخاص يعرفونها جيدا ويرتبطون بعائلتها بصلة القرابة يسكنون محلة قلعة اربيل..
قصة هذه الفتاة الحسناء :
ــــــــــــــــــــــــ 
تنحدر هذه الفتاة من عائلة تركمانية متعففة الحال ومن اب يعمل تبانا (صمانجي) وكانوا يسكنون محلة القلعة التي يعود تاريخها الى الاف السنين وفي يوم من الايام وعندما كانت تقوم بكنس وتنظيف عتبة الدار صادف مرور مجموعة من الضباط الانكليز!
بهر احدهم بجمالها وتسمر بمكانه مصدوما من فرط جمالها ومعجبا ببياض وجهها ورقتها وما هي الا ايام حتى جاء الى اهلها مع بعض الوجهاء والمتنفذين في المدينة طالبا يدها للزواج وامام رفض والديها بسبب اختلاف الدين واسباب اخر!!! استقتل الضابط الانكليزي واعلن استعداده لدخول الدين الاسلامي للاقتران بها و بعد عدة محاولات باءت بالفشل مارس الضابط الانكليزي ضغوطاً نفسية ومادية
وحكومية تمت الموافقة وحسب استحقاقات معينة في تلك المرحلة تم زواجه منها وكانت سابقة اجتماعية مثيرة للجدل انذاك في مجتمع لم يعهد ولم يستوعب هذه الحالة وبعد زواجهما باشهر غادر الزوجان مدينة اربيل الى لندن اثر انتهاء مهام عمل الضابط البريطاني في العراق وقيل بانهما اقاما في لندن بقية عمريهما وبما انها اشتاقت لاهلها
فقد استعان الزوج باحد اشهر الرسامين الانكليز ليرسمها (بورتريت) فاندهش الرسام ايضا بهذا الجمال الصارخ فانتجت فرشاته هذه اللوحة الفنية الرائعة..فارسلها الزوج من باب الوفاء الى اسرتها للتخفيف عنهم من وطأة فراقها فكان ان انتشرت الصورة بشكل سريع بعد ان قامت شركة طباعية بريطانية بطبعها وتوزيعها على نطاق واسع لتزدان بها بيوت قلعة اربيل على اعتبارها (بنت المحلة) ومن باب الافتخار او الفضول لتنتشر الصورة على نطاق واسع في المدن العراقية الاخرى وفي سائر انحاء العراق كما انتشرت قصة رحيلها الى انكلترا ولكن بروايات متعددة وبتفاصيل مغايرة ومحورة نسبت ايضا الى عدة اقوام ومناطق حيث ذهب البعض بانها عربية من السماوة فيما ذكر البعض الاخر بانها من مدينة الحلة او من البصرة او العمارة او غيرها من مدن الجنوب وحملت لقب بنت المعيدي .... بنت المعيدي التي جمعت الجمال الكوني اصبحت صورتها في كل بيت من الشمال للجنوب حيث كانت تعلق صورتها الى جانب صورة الملك فيصل في غرف البيوت وقد تم المقارنة بين لوحتي الموناليزا فالجيوكاندا التي رسمها الرسام الايطالي الشهير ليونارد دافنشي بين عامي 1500-1504 تعني بالايطالية الشمعة المحترقة بعد ان لاحظ على المدام ليزا مدى حزنها لانها تزوجت رغم ارادتها من رجل لا تحبه! اعتقد هنا نقطة التشابه بين اللوحتين في النظرة الحزينة المحيرة على خلفية الزواج الذي تعرضن له رغم ارادتهن.....فاطمة ايضا زوجت من ضابط انكليزي رغم ارادتها ورحلت الى انكلترا سرا ..... مسحة الحزن على الوجه المشرق الجميل كانت لربما احدى ميزات اللوحة التي عشقها جيل او اجيال من شبابنا كنموذج واصبحت فتاة احلام الفقراء والمتعبين من عامة الناس الطيبين الذين لم تفارق صورة بنت التبان جدران غرفهم واكواخهم وحقائبهم الخاوية وحتى محفظاتهم الجلدية في جيوبهم ولربما كانت هذه الصورة بلسما لوجعهم الدائم وشفاء مؤقتا للفقر الذي لازمهم منذ الازل رغم طوفان نفوطهم وكنوزهم الى الهامة ....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق