الأربعاء، 26 سبتمبر 2018

مجلة أنكمدو العربي للثقافة والأدب // قراءة ذوقية للنص المثير للجدل / سايكس بيكو جديد وقصائد مومسة : لخضر خلفاوي / الجزائر : بقلم حسين الباز / المغرب

قراءة ذوقية للنص المثير للجدل "سايكس بيكو جديد وقصائد مومسة" لشاعر المهجر الجزائري لخضر خلفاوي..
..وهو عبارة عن نصوص كتبت لفترات متباعدة ثم جمعت في نص واحد، ومن أهم النصوص وأطولها بديوان "حالة عصيان..وفرار".
..كما أنه شكلا مؤثر بجميع تقنيات السرد الحداثي، وبعيد كل البعد عن النمط التقليدي لهذا النوع الأدبي، ويتمثل ذلك سواء على مستوى الصورة أو على مستوى الإيقاع، مما يعكس تفرد الرؤى واستخدام الأسلوب الخطابي المباشر بأهميته لإضافة الجديد، وأما على مستوى المضمون فهو يهتم بالعالم الإجتماعي ويصور بنحو رائع محاولات الإنسان الدائمة للتكيف مع الآخر ورغبته في تغييره..
..رؤيا الشاعر ببعدها تتميز بالنظرة العامة الشاملة للمجتمع العربي (حالة الوضع العربي الراهن تزامنا مع الذكرى المئوية لاتفاق " سايكس بيكو" واضعا في قفص الاتهام دور المثقفين) من خلال شعرائه، بالسعي على اعتراف الأفراد وإدراك العلاقات المشتتة بغية لملمتها..
..على امتداد السنوات الطويلة التي قضاها شاعرنا بالمنفى مغتربا عن الوطن، وبفضوله وتعطشه دوما للتغيير، جعلا منه عالما خاصا للكتابة، فما أن يجتاحه ضجيج القهر والتهميش والخذلان حتى ينكب بجرأته مفرغا سخطه وتمرده الدفينين، وينغمس في تطويع اللغة وختمها بطابع "خلفاوي" انتسابا إليه، ولما يزل متوغلا في الحداثة حتى دفعت به الى كسر "الطابوهات" وارتياد آفاق جديدة قد لا تمت بصلة للحداثيين، بجرأته على القول المباشر بأحرف فضة ميالة للقذف والهجاء ،يجدر بنا أن نخصه بالذكر في هذا المجال، ونعتبره من بين أجرأ شعراء عصره..
..كتب شاعرنا نصه "سايكس بيكو جديد.. وقصائد مومسة" وصاغه في طابع فني بديع من حيث -الدال والمدلول- مما جعلت رؤاه تحمل أبعادا ذات عنصرين: عام وخاص، فأما العنصر العام باعتماده على رمز معاهدة "سايكس بيكو" عنوانا للمؤامرات، وأما العنصر الخاص بارتكازه على ذم خذلان العرب في "قصائد مومسة" بجعل الشعراء رمزا للتدني والخضوع.
..محاولاتنا في التركيز على الأبعاد حسب انطباعنا، وجهدنا المتواضع في معرفة النص - تاركين محاولات أخرى لقراءات عديدة- تنأى عن أنماط الجمال الفني المعتمد أكاديميا، بحيث نضع النص في ميزان نزيه، وحتى تثبت لنا الرؤى واضحة (اذ عند التوقيع يواجه القارئ تركيبة من العناصر التي عليه تخمينها، والتي تفاجئه دائما في النهاية، ويتابع التحقيق عبر احدى الشخصيات في الغالب فينتقل بين البطئ في سير التحقيق ومأزق المنطق الاستدلالي في الاستنتاج والاختصار اللامعين أحيانا، والتداعي المؤكد أو القليل الاحتمال) * "المصدر" بحث القارئ -قضايا أدبية عامة- عالم المعرفة ،فبراير ٢٠٠٤
..
أبعاد العنصر العام "رمز سايس بيكو" الاجتماعية والسياسية والعقائدية والنفسية تصب دائما في ينابيع أبعاد العنصر الخاص "رمز قصائد مومسة"، وتسري في عيون أبعاد عناصر صغرى فكرية وفلسفية وفنية وجمالية ،تحمل آثار إبداعية (شكلا ومضمونا) ومن خلال استعمال أدوات سهلة التناول أو السهل الممتنع كما اصطلح عليه (لغة وأسلوبا) ،مفهومة من كل الفئات الشاربة (القارئة) ، ويبقى بحر الشاعر برؤاه هو:
الشاهد، الحاضر الغائب، السائل المجيب، الحائر المحير، الواصف والموصوف، الموثق، المبهر والمبهور، الشاتم والمشتوم، القارئ والمقروء، هو السارد الشاعر..
-حسين الباز/ المغرب-

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق