الخميس، 6 سبتمبر 2018

مجلة انكمدو العربي للثقافة والأدب // دُخَّـــــــــان // للشاعر د. المفرجي الحسيني // العراق

دُخَّـــــــــان
------------------
طقس بارد وخامل، لا ريح أو حتى نسيم يُضجع نوم الغيمات فتهلُّ بالمطر، ولا حتى هبّات من رياح الخريف الساخنة، ليتراجع الصقيع وتُخمد قواه، بين الجموع أبصرتهُ يهمّ مسرعاً بعبور الشارع، يرتدي معطفاً وحذاءً شتوياً داكن اللون، عند أول خطوة في ممر العبور، انفتحت حقيبتهُ التي يحملها بيده اليمنى، انفرطت أسراره على الأرض، يده ترتجف على مقبض الحقيبة، تقدمت إليه وساعدته في لمّ أشياءه المبعثرة
لاحظت وجهه على نحو صريح، من خلال نظارتهِ الطبية السميكة
في فمهِ سيجارته ينفث دخانها متسارعاً، من فمه مما أزعجني وجعلني أسعلُ، أكره السيجارة والتدخين اعتذر منّي، شكرني على المساعدة وقال لي: أنا رسّام متخصص برسم الأشخاص، أرجو أن أقدم لك هدية أرسمك الآن! قلم فحمٍ وورقاً من الحقيبة بدأ يرسم، سيجارته تتدلّى من فمه لا تفارقه، : سأسمي هذه الصورة «دخان» :لِمَ "دخان" : لأنها لحظة وتتطاير كما الدخان، جميل أن تتبخر اللحظات، إن تكررت لن تبقى في الذاكرة لحظة جميلة، لكنها ستموت بالتكرار
*****
د.المفرجي الحسيني
دخان
العراق/بغداد
30/8/2018

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق