الجاهلية الجديدة وتفكيرنا الموضوعي
لقد كان الخلط بين الذاتية او الانا وبين الموضوع او المنهج واحد من اهم الامور التي لابد ان ننتبه لها في بناء تفكيرنا تفكيرا موضوعيا , لان زيادة مساحة التداخل بينها ينتج لنا حياة جاهلية جديدة تشبه في مكوناتها الاساسية حياة المجتمعات القديمة التي تبلور تكوينها الاجتماعي على مكونات من الزعماء والاثرياء والاوثان والخرافات من جهة وعلى منهج اساسه الاعراف القبلية العائمة الغير محددة من جهة اخرى , لذا قد واجه الاسلام في بدايته معركة حامية من اجل ارساء وترسيخ المنهج والحقائق الواضحة واسبقيتها على الاشخاص والموروثات والتقاليد , فكان النبي صلى الله عليه وسلم وهو ما عليه من عصمة وسوية واستقامة وتضحية واندماجا مع المنهج وتمثيلا له, اول المبادرين للفصل بين ذاته الشريفة وبين المنهج الاسلامي اعلاءا واظهارا ورفعا لاسبقية المنهج على الذات , لانه ادرك وهو ما يجب ان ندركه في حاضرنا , ان الناس لما لا تجد منهجا واضحا يتعاملون على اسسه سينقلبون الى معاييرهم الذاتية التي تعظم الافراد والعصبيات والفئوية والمناطقية والقبلية ويكون تعاملهم على اسسها , لذا كان النبي (ص) حريص كل الحرص على ايضاح منهج الاسلام وتطبيقه على نفسه وبنفسه وعلى الاخرين الاقربين قبل الابعدين منظما كل القيم المعيارية للمنهج الاسلامي في نسق من الكمال الذي كان مفقودا في الحياة الجاهلية وما قوله تعالى ( اجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن امن بالله واليوم الاخر وجاهد في سبيل الله لا يستون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين ) الا ترسيخا لهذا النسق القيمي الذي اوجده صلى الله عليه وسلم والقائم على اساس الايمان والعمل الصالح والجهاد المدافع والدافع للاعتداء التي تكون المنهج الاسلامي وبين المنهج الجاهلي القائم على شرف سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام التي كانت قمة هرم منهج الجاهلية, وعليه فان الاسلام ارسى اعلى القيم وفي مقدمتها قيمة الايمان الذي اذا فقد من الشخص او المجتمع لا تبقى له فسحة لاجراء المفاضلة مع غيره ممن امن , بينما وضع معيار التفاضل بين المسلمين التقوى ( ان اكرمكم عند الله اتقاكم ) وان حيازة الجاه والمال او النسب او النفوذ لم يعد معيار للتفاضل بين الناس وبهذا هدم الاسلام السلم الاجتماعي للجاهلية وشيد اساسا لنهضة حضارية ذات معايير عالمية .
وقد بذل النبي محمد (ص) جهدا جبار للايقاع في حس المسلم و وادراكه وفهمه مبدا ان المنهج فوق كل اعتبار وان النبي نفسه تحت المنهج واقل منه تعميقا لفكرة ان المنهج الاسلامي عالمي لكل الناس وان الذاتية او الفئوية او المذهبية او الوطنية او القومية ما هي الا قيم ادنى من منهج الاسلام وليس هي المنهج لذا كان النبي دائما يذكر انه عبد الله مكلف منه بحمل رسالته الخاتمة للبشريةكما في قوله تعالى ( وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل فاين مات او قتل انقلبتم على اعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين ) وهي اية ترسخ وتنظم مبدا ان المنهج هو الاساس وليس شخص النبي وان من لم يدرك هذه الحقيقة ينحرف سلوكه كما انحرف سلوك المرتدين ومن يدركها يستقيم سلوكه كما هو حال ابو ابكر الصديق لما ادرك هذه الحقيقة بقوله ( من كان يعبد الله فان الله لا يموت ومن كان يعبد محمدا فان محمدا قد مات )
وكان النبي لا يقبل الطراء والتعظيم من الناس كما في قوله ( يا ايها الناس عليكم بتقواكم ولا يستهوينكم الشيطان , انا محمد بن عبد الله عبد الله ورسوله والله ما احب ان ترفعوني فوق منزلتي التي انزلني ايها الله عز وجل بقوله انما انا بشر مثلكم فما حدثتكم من الله فهو الحق وما حدثتكم فيه مني من قبل نفسي فانما انا بشر اصيب واخطئ وهذا فصل عظيم بين الذات والمنهج لذا لم تظهر جماعة من المسلمين تؤله النبي (ص) وتضعه فوق المنهج رغم وجود سوابق تاريخية كثيرة لتاليه الاشخاص .
وانطلاقا من احقاق الحق ولان الاسلام منسجم مع الاخلاق العالمية ومكملا لها فان (ص) كان يعزز القيم الموجودة في الجاهلية المنسجمة مع المنهج الاسلامي لاجل ان يجعلها جسرا لعبور الناس من ضفة الجاهلية الى ضفة الاسلام فما كان ثنائه (ص) على حلف اقامته قريش في جاهليتها لنصرة المظلوم ورد المظالم الا ترسيخا لمنهج الاسلام وتعزيزا للقيم المنسجمة معه, وما تصرفه مع سفانة بنت حاتم الطائي لما اسرت والتقى بها النبي (ص) وذكرها اخلاق ابيها ونبله في جاهليته ,فاطلق (ص) سراحها اكراما لخلق ابيها وليس لابيها ذاته بقوله ان خلق ابيها خلق مؤمنين ولو كان ابوك مؤمنا لترحمنا عليه, وهو قولا فيه الخط الفاصل الدقيق بين الذات والمنهج , فكان اكرام النبي لقيمة الكرم الذي اعلى من شأنه الاسلام فأطلق سراحها ولكنه لم يترحم عليه لانه غير مؤمن .
وما احوجنا الى ان نعود الى الفصل بين المنهج والذات وان نتحرى الفواصل الدقيقة في فهمها وهو ما يتطلب منا تفكيرها موضوعيا حيويا يساعدنا لاعلاء المنهج بتفاصيله العملية فوق الافراد والفئات والفكار والعادات والاعراف السائدة وبالتالي يمنعنا من اتخاذ اصنام ووثنية بشكل معاصر تنقلنا الى جاهلية جديدة
ستار مجبل طالع
لقد كان الخلط بين الذاتية او الانا وبين الموضوع او المنهج واحد من اهم الامور التي لابد ان ننتبه لها في بناء تفكيرنا تفكيرا موضوعيا , لان زيادة مساحة التداخل بينها ينتج لنا حياة جاهلية جديدة تشبه في مكوناتها الاساسية حياة المجتمعات القديمة التي تبلور تكوينها الاجتماعي على مكونات من الزعماء والاثرياء والاوثان والخرافات من جهة وعلى منهج اساسه الاعراف القبلية العائمة الغير محددة من جهة اخرى , لذا قد واجه الاسلام في بدايته معركة حامية من اجل ارساء وترسيخ المنهج والحقائق الواضحة واسبقيتها على الاشخاص والموروثات والتقاليد , فكان النبي صلى الله عليه وسلم وهو ما عليه من عصمة وسوية واستقامة وتضحية واندماجا مع المنهج وتمثيلا له, اول المبادرين للفصل بين ذاته الشريفة وبين المنهج الاسلامي اعلاءا واظهارا ورفعا لاسبقية المنهج على الذات , لانه ادرك وهو ما يجب ان ندركه في حاضرنا , ان الناس لما لا تجد منهجا واضحا يتعاملون على اسسه سينقلبون الى معاييرهم الذاتية التي تعظم الافراد والعصبيات والفئوية والمناطقية والقبلية ويكون تعاملهم على اسسها , لذا كان النبي (ص) حريص كل الحرص على ايضاح منهج الاسلام وتطبيقه على نفسه وبنفسه وعلى الاخرين الاقربين قبل الابعدين منظما كل القيم المعيارية للمنهج الاسلامي في نسق من الكمال الذي كان مفقودا في الحياة الجاهلية وما قوله تعالى ( اجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن امن بالله واليوم الاخر وجاهد في سبيل الله لا يستون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين ) الا ترسيخا لهذا النسق القيمي الذي اوجده صلى الله عليه وسلم والقائم على اساس الايمان والعمل الصالح والجهاد المدافع والدافع للاعتداء التي تكون المنهج الاسلامي وبين المنهج الجاهلي القائم على شرف سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام التي كانت قمة هرم منهج الجاهلية, وعليه فان الاسلام ارسى اعلى القيم وفي مقدمتها قيمة الايمان الذي اذا فقد من الشخص او المجتمع لا تبقى له فسحة لاجراء المفاضلة مع غيره ممن امن , بينما وضع معيار التفاضل بين المسلمين التقوى ( ان اكرمكم عند الله اتقاكم ) وان حيازة الجاه والمال او النسب او النفوذ لم يعد معيار للتفاضل بين الناس وبهذا هدم الاسلام السلم الاجتماعي للجاهلية وشيد اساسا لنهضة حضارية ذات معايير عالمية .
وقد بذل النبي محمد (ص) جهدا جبار للايقاع في حس المسلم و وادراكه وفهمه مبدا ان المنهج فوق كل اعتبار وان النبي نفسه تحت المنهج واقل منه تعميقا لفكرة ان المنهج الاسلامي عالمي لكل الناس وان الذاتية او الفئوية او المذهبية او الوطنية او القومية ما هي الا قيم ادنى من منهج الاسلام وليس هي المنهج لذا كان النبي دائما يذكر انه عبد الله مكلف منه بحمل رسالته الخاتمة للبشريةكما في قوله تعالى ( وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل فاين مات او قتل انقلبتم على اعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين ) وهي اية ترسخ وتنظم مبدا ان المنهج هو الاساس وليس شخص النبي وان من لم يدرك هذه الحقيقة ينحرف سلوكه كما انحرف سلوك المرتدين ومن يدركها يستقيم سلوكه كما هو حال ابو ابكر الصديق لما ادرك هذه الحقيقة بقوله ( من كان يعبد الله فان الله لا يموت ومن كان يعبد محمدا فان محمدا قد مات )
وكان النبي لا يقبل الطراء والتعظيم من الناس كما في قوله ( يا ايها الناس عليكم بتقواكم ولا يستهوينكم الشيطان , انا محمد بن عبد الله عبد الله ورسوله والله ما احب ان ترفعوني فوق منزلتي التي انزلني ايها الله عز وجل بقوله انما انا بشر مثلكم فما حدثتكم من الله فهو الحق وما حدثتكم فيه مني من قبل نفسي فانما انا بشر اصيب واخطئ وهذا فصل عظيم بين الذات والمنهج لذا لم تظهر جماعة من المسلمين تؤله النبي (ص) وتضعه فوق المنهج رغم وجود سوابق تاريخية كثيرة لتاليه الاشخاص .
وانطلاقا من احقاق الحق ولان الاسلام منسجم مع الاخلاق العالمية ومكملا لها فان (ص) كان يعزز القيم الموجودة في الجاهلية المنسجمة مع المنهج الاسلامي لاجل ان يجعلها جسرا لعبور الناس من ضفة الجاهلية الى ضفة الاسلام فما كان ثنائه (ص) على حلف اقامته قريش في جاهليتها لنصرة المظلوم ورد المظالم الا ترسيخا لمنهج الاسلام وتعزيزا للقيم المنسجمة معه, وما تصرفه مع سفانة بنت حاتم الطائي لما اسرت والتقى بها النبي (ص) وذكرها اخلاق ابيها ونبله في جاهليته ,فاطلق (ص) سراحها اكراما لخلق ابيها وليس لابيها ذاته بقوله ان خلق ابيها خلق مؤمنين ولو كان ابوك مؤمنا لترحمنا عليه, وهو قولا فيه الخط الفاصل الدقيق بين الذات والمنهج , فكان اكرام النبي لقيمة الكرم الذي اعلى من شأنه الاسلام فأطلق سراحها ولكنه لم يترحم عليه لانه غير مؤمن .
وما احوجنا الى ان نعود الى الفصل بين المنهج والذات وان نتحرى الفواصل الدقيقة في فهمها وهو ما يتطلب منا تفكيرها موضوعيا حيويا يساعدنا لاعلاء المنهج بتفاصيله العملية فوق الافراد والفئات والفكار والعادات والاعراف السائدة وبالتالي يمنعنا من اتخاذ اصنام ووثنية بشكل معاصر تنقلنا الى جاهلية جديدة
ستار مجبل طالع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق