الخميس، 28 يوليو 2016

قصيدة النثر ضبابية المصطلح والرؤى الحداثية / للناقد العراقي // الهانئ بن عقيل

........(قصيدة النثر ضبابية المصطلح والرؤى الحداثية )
-
-
-

ممالاشك فيه ان التناول التنظيري لقصيدة النثر الحداثوية ليس بالامر الميسر فهو تنظير شائك لابد لمن يتصدى له التسلح بكل معطيات الدرس التنظيري الحداثوي ووفق ذلك نتوخى عرض الامر وفق تسلسل منطقي قدر الامكان وذلك من خلال الاعتماد على جملة مرتكزات مسلم بها في الدرس الحداثوي ولاضير من تجاوز التقدمة التاريخية لهذا التنظير وفق اعتبارات كثيرة منها اننا نوجه مقالنا هذا للمتلقي النخبوي الذي لا بد من توافر تلك النبذة لديه .
ان انبثاق فكرة التغيير في بنية الشعر العربي لم تكن طارئة او جديدة بقدر ماهي هاجس ملازم لكل الارهاصات الشعرية الادبية والايديولوجية التي تقمصها الاديب العربي منذ قرون خلت حتى تشابكت تلك الرؤى ووصلت الى ما وصلت اليه من غواشية عقيمة لابد من التصدي لها فمن خلال جملة من دراسات نقدية قمنها بها في دار النقد لقصيدة النثر العربية على طاولة القراءات الثلاث او القراءة الذهبية لمابعد الحداثة ومتابعتنا للمقالات العميقة والثرية للناقد العراقي الكبير سعد مهدي غلام ونعني تلك التي تهتم بغواشية الادب الحديث والتجنيس الادبي والحدود بين تلك الاجناس سوف نتطرق من خلال مقالنا هذا الى ثوابت علمية احتفلت بها قصيدة النثر العربية بصورة خاصة واخرى تمخضت عن رؤيتنا النقدية وهي وان طرحت ليس من المسلمات بقدر ماهي رؤى حداثية مطروحة تقبل النقض .
ان الثورة على القديم بكل اشكاله المطروحه لم يكن هاجسا معاصرا فهاهو القرآن الكريم ينضوي تحت هذا المسمى بكونه ثورة على البناء النثري في العصر الاسلامي وهو ثورة شكلية بلاغية بنائية وجنس مغاير لماهو مألوف لدى العرب من فنون النثر آنذاك لم يتقبله البعض ووصف بالسحر وتضارب مع الاجناس الاخرى ووصف بانه شعر لشاعر من خلال ذلك نصل الى حقيقة مفادها ان الادب العربي ادب حي ومتطور خلاق لايقف عند حد اوجنس معين او عقلية غير متنورة وبذا نحن ننطلق لبيان ثورة الشعر والنثر متمثلة بقصيدة النثر الحداثوية
------------------------------------------------------------------------------------------
1- ان قصيدة النثر برؤيتها الحداثوية ترفض الثبوت والانكماش كيفما كانت صوره واشكاله ونستطيع ان نستشف ذلك من خلال رفضها عنصر ( الحدث ) وبذا هي تخرج عن وصفها جنسا نثريا الى كونها رؤى شعرية حداثوية باذخة اذ ان عنصر ( الحدث ) هو من مستلزمات الاجناس النثرية ويعني الاحتفاء بحدث معين والوقوف عليه والثبات عنده بينما نجد ان قصيدة النثر تخرج عن هذا الثبات الى تحرر الرؤى وفتح عوالم القصيدة النثرية الى اوسع مايمكن وهذا من المسلمات والتي من خلالها نقول لابد من وجود حدود بين الاجناس يمكن من خلالها تناول النصوص الحداثية نقديا .
-
2_الزمن / لابد لقصيدة النثر الحداثوية من الاحتفاء بزمن يتحد والرؤية المكانية لاحداث تنقلات زمكانية داخل النص وهنا لابد من التوضيح لغواشية طالما لمسناها لدى شعراء قصيدة النثر اذ ان معظمهم يقوم بتلك التنقلات من خلال استحضار الماضي والحاضر والمستقبل والصاقه بثيمة النص التي يبنى عليها وهذا خطأ فادح اذ ان عنصر الزمان هكذا سوف يتوحول من حالة الانفتاح الى الركود والثبات والصحيح كما نرى ان يحتفى بالزمن وفق رؤى النص بشكل عام وليس الثيمة الام وهذا يحدث وفق اسس هندسية متطورة يحتفي بها النص هي خارج الاطر الرياضية التقليدية
-
3-الرؤية الشاملة للنص / في كثير من الاحيان يتبادر الى الذهن تلك الرؤى الجمالية التي تتمتع فيها المباني الحداثية التي تقيمها المعمارية الفذة زهاء حديد وطرح تساؤل كيف تسنى لها دمج تلك الرؤى الهندسية والجمالية خارج حدود المنطق التقليدي وبنظرة فاحصة دقيقة نجد ان رؤى التشظي الهندسية لديها لاتغيب العقل والمنطق بل تحتفي بهما برؤية شمولية لصنع تينك الجمال المعماري هكذا هي قصيدة النثر تحتاج الى رؤية شموليه خارج المنطق دون تغييب العقل وهذه ثورة حداثية تحدثها الاذرع الحلزونية المتوافرة حسب نظرية النسبة الثابتة
-
4_ التشظي والتجزوء / ان توافر عنصر التشظي في قصيدة النثر يودي بما لايقبل الشك الى تجزئة الثيمات النصية الى كينونات صغيرة داخل النص وهنا يطرح تساؤل غاب عن الكثير من شعراء قصيدة النثر ونقادها ومنظريها وهو ( ما الهدف من هذا التجزوء؟)
الجواب يحتاج الى استحضار الرؤى الفلسفية والرياضية الحديثة فكما نعرف ان الحركة الدائرية للنص النثري تقتضي وجود حركة حلزونية مخروطية تبدأ من قاعدة بناء النص وتنتهي الى نهايات مفتوحة هذه الحركة لاتحرك النص كاملا بقدر ما تحرك كينوناته المتشظية وبحركتها يتحرك النص كليا وبذا نحقق هدفين
الاول / فتح النص من خلال تلك الحركة الحلزونية الى عوالم قد لاتنتهي لدى المتلقي
الثاني / تقاطع تلك الاذرع او العوالم المنبثقة من ثيمة النص الام لصنع الدهشة والضربة الشعرية التي تعتبر من اهم المرتكزات الحداثية
5-عمل تاصيلات نصية بين وحدة الزمن والتراث واعادة صياغته وطرحة وفق رؤى حداثية وهذا يفتح امامنا الابواب مشرعة امام اعادة تصحيح ذلك التراث وتوظيفه برؤى حداثية مجدية
-
6_ الايقاع الصوري / هذه النقطة من اهم ماتوصلنا له بخصوص الايقاع في قصيدة النثر الحداثوية فبعد الايقاع اللغوي النبري باتت نصوص مابعد الحداثة تحتفي بايقاع الصورة فلقد وجدنا وفق دلالة الدال والمدلول ان لكل صورة ذهنية لمفردة لغوية متزامنة صوتية عند جمع تلك الصوتيات لنص ما تعطي بما لايقبل الشك توليفة موسيقية احتفى بها النص وهي توليفة مرافقة للصورة وبهذا لم يعد ايجاد ايقاع خارجي او داخلي نبري لغوي مهما بقدر توافره صوريا .
-
7_ عمل علائق غير منطقية لتوليد( تحسس ميتافيزيائي) لعمل معطى نصي صوري شامل للوصف الشعري وهذا لايحصل الا من خلال عمل موازنة رياضية بين ماهو داخل المنطق وخارجه فكثير من شعراء النثر يفتقد لتلك القدرة اللازمة لمسك تينك العلائق النصية وهذا مايؤكد ان البناء في قصيدة النثر يسير بتلك البنية الهندسية وفق تلك العلائق ضمن دائرة مغلقة ذات شكل متراص الغرض منه اعاد انتاج كل اشكال الحياة
-
-
-
............................( الناقد العراقي . هاني عقيل ) ...............................................

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق