الأربعاء، 27 يوليو 2016

ملف خاص بموسوعة المبدعين العرب والانسانية جمعاء / للاديب المبدع مهدي سهم الربيعي / العراق

الاسم ..مهدي سهم عباس الربيعي ..
السكن..العراق \بغداد..
العمر 48 سنة ..

بدايتي الادبية كانت مع الومضة والخاطرة وكتابة الحكمة ومن ثم الانتقال الى كتابة الشعر ..كتبت الشعر بانواعه جميعا ..لكن تخصصت في كتابة النصوص النثرية .

كتبت القصة القصيرة والمسرحية ..
وكانت احد المسرحيات (مقاتلان محاصران)..قد اداها فريق من الممثلين في الجامعة المستنصرية ونالت اعجاب الكثير من ذوي الاختصاص..
نشر لي في الكثير من المجلات الالكترونية والجرائد الورقية ..من اهم الجرائد ..جريدة البينة التي كرمتني في عيد تاسيها الثاني عشر بقلادة الابداع وشهادة تكريمية ..
وهناك جرائد ورقية اخرى اذكر منها البينة الجديدة ..المستقبل العراقي ..الدستور ..
المشرق ..

شاركت في الكثير من المهرجانات على مستوى العراق ...كما شاركت في بعض المهرجانات في مواقع متقدمة لجبهات القتال مع فصائل الحشد الشعبي  ..

شاركت في الكثير من المهرجانات التي اقيمت في المركزالثقافي البغدادي ..كان اهمها المهرجان الثقافي الكبير..مهرجان الحشد الثقافي الداعم لقواتنا الامنية والحشد الشعبي شاركت في الكثير من المسابقات الشعرية ونيلي الجوائز ..
كان اخرها .مسابقة الشعر التي اقامها منتدى المثقفين في دول امريكا وكندا ودول المهجر ..حيث كانت على اعلى مستوى ..والتي فزت بها بقصيدة جريمة العصيان ..حيث تم تكريمي بشهادة تقديرية ووسام الثقافة للابداع للعام 2015 ...

اصدرت مؤخرا مجموعتي الشعرية (جريمة العصيان ) في كتاب من 200 صفحة شاركت في الاصدار الاول والثاني في الديوان الشعري العربي المشترك (صدى الفصول

شاركت في دواوين عربية اخرى مشتركة اذكر منها ديوان كلمات وانهر ..


.لدي الان اربع مجموعات شعرية تنتظر النور ..هي في طور الاعداد ..

تاسيسي لمجلة شناشيل ابنة الجلبي الالكترونية للثقافة والادب ..
تراسي للكثير من المجموعات الثقافية والادبية ..

اما عن حياتي الخاصة ..فكنت انتمي للمؤسسة العسكرية ابان الحكم البائد وكوني متمرد واتبنى راي مخالف للنظام ..وقيامي ببث افكار اعتبرها النظام تحريضية ..
قام بزجي في السجون ..حيث تمت مصادرة اغلب كتاباتي التي كانت على الورق او تم احراقها من قبل عائلتي خوف ان تقع بيد النظام ..
بقيت هكذا بين اعتقال وهروب الى السقوط ..
خرجت لمقاتلة داعش انا واولادي الثلاثة ..عندما شعرت ان العراق في خطر ..
حتى استشهد ولدي البكر مصطفى ..

=======================================
========================
فلسفة الذات ، بين الموت وعقلنة النفس
في ديوان (جريمة العصيان)
للشاعر العراقي / مهدي سهم الربيعي
المقدمة بقلم(الاستاذ)محمد شنيشل الربيعي
كيف يتوصل الإنسان الى الإيمان بوجود ذاته مع محايثتهِ سوسيولوجية مجتمعية غير نافعة ؟ يبدو أن الاجابة تتسع في صعوبتها كلما وجدت لها مرفقا جدليا بين السطور ، سيما بهذا الكم من المعاظل الوجودية المضطربة والتي تتعامل طرديا مع قاعدة النفس البشرية ، لكن في لغة الشعر تظهر أكثر أنساقا وتجاوبا مع المخيلة الشعرية ، ويبدو أن النص المعاصر يتفق مع طرح الشاعر مهدي سهم وهو ينطلق من فلسفة ذاته ، وحتى يتلاقى هاتان العنصران(النص والذات) الحيان في الطبيعة فلابد أن تكون هنالك معادلة حياتية تجمعهما ، ومعادل موضوعي يجمع الطرح الشعري ، كما وأن الآراء في الكونيات البشرية تفيد هذا التشكيل المكون نسقا وجوديا لا يجد بُدّاً من تعريف هذه الذات للآخر لحلحة المشكلات الاساسية وهي طبعا تنطلق من فلسفة الشاعر الباحث عن إحترام هذه الذات ، ولأن أول الشيء معرفته ، كان الأولى البحث عن تلك الذات لمعرفة وجودها واسترجاعها .ونحن في كيفية البحث هذه نختلف مع بحث الثيمة الوجودية الغربية حول العلاقة بين الموضوع القائم أساسا وبين الذات والتي تستطيع أن تعرض حقائق عن معنى النفس والوجود ، والحضارة الغربية هي جزء كبير من المشكلة لان مباني إعتقادنا تعتمد معرفة الذات أولا وعقلنة النفس البشرية بكل تقسيماتها ثانيا ، فلا غرو أن يختلف الشاعر مع (جاك دريدا) في موت الذات ، والذي يؤصل للمبدأ القائم على تقويضها وبالتالي هدمها ويكون بهذا التقويض قد عمل على نسف الإدراك للذات ولحقيقتها الميتافيزيقية ، وعلى هذا الأساس قد تم القطع على مخالفة الحقيقة ، ودريدا يبحث في قاموسه عن بديل لتلك اللفظة(الذات) من أجل إسقاطها وتجريدها عن محتواها العقلي المهيمن كأصل بنيوي ومركزِ أشراقِ اللغة. وحسب "دريدا" فإنه: " قبل الحديث عن اختفاء الكلمة لا بد من التفكير فى وضع لها ، لإخضاعها في بنية لا تعود فيها السيد المطلق")جاك دريدا: الكتابة والاختلاف، ترجمة كاظم جهاد، تقديم: محمد علال سيناصرــ دار توبقال ــ الدار البيضاء، 1988ــ ص-107 وهذا ما نلمسه أيضا عند "ميشيل فوكو" وبهذا التقويض يكون كل من (دريدا) و(فوكو) قد ردا على (ديكارت) الذي يعتقد أن الذات هي الأنا وهي من مكملات العقل ، وعلى (كانط) المتفق الى حد ما مع ديكارت ، ونحن نسأل ديكارت ، هل هنالك علاقة بين الذات والانا ، وايُّ أنّا يقصد وفق التقسيم الفرويدي، وما علاقة الشاعر بهذا الطرح ؟ الاجابة مرتهنة بايضاح العلاقة بين الطبيعة والإنسان وحتمية معرفة الاشياء على حقيقتها في الوعي ، فهي من يقود الى معرفة الذات .سبق وأن أشرنا أن قيمة النص المعاصر تتحقق من رؤيته الكونية الى الموجودات ومدى قدرة اللغة على ترتيب مفرداتها في عالم كثير التحول ، كما أن السير وفق المنهج المعرفي لكُنْهِ الموجودات يتعلق بمعرفة الذات لذاتها ، والذات هي المظهر الخارجي للنفس ، أو الوعاء الذي يحتويها في تقسيماتها الثلاث  وليس كل النفس مجتمعة في معرفة جوهرها ، فهي الحاكم على السلوك البشري  وإن لم يُحدد ديكارت نوع الأنا وجمعها مع النفس ،فقد خالفه (كانط) حينما رأى أن النفس هي الصورة الشمولية للعقل في قول (أنا أفكر) فهي بالنتيجة عاقلة مفكرة تصل الى حدود الميتافيزيقيا ، ومن المتفقين مع (ديكارت) حول جزيئة الوعي هو (كانط) والذي يفكر عن طريق وعي الذات ، مماهات الذات للغة نعتقد أن كل عمل أدبي هو مماهاةُ أبداعٍ ، وهذا نوع من التناص في الوعي، ومتى ما انفصل عن تلك الممهاة أنتج كونا يتميز به ،هو الأسلوب ، والأخير يستحضرعناصره مجتمعة ليكوّن الاثر الفني ، واللغة حينما تجد الموضوع، تجتمع مفرداتها ، وجملها ، ودلالاتها ، فيكون (الإختيار) إحدى مكونات الأسلوب وهذا الامر مرده أن اللغة تسمو بالنص ، وقد أثبت تشومسكي ذلك بقوله:"الجُمل تولد عن طريق سلسلة من الاختيارات للكلمات داخل الجملة" راجع ــ النظرية التوليدية التحويلية لنعوم تشومسكي إن أخطر حالات الدفق المعرفي تلك التي تتصادم جزيئاتها مع اللغة مولدة قوة إنفجار تتحد مع قوة المخيلة الشعرية فتشكل مظلة لقاء مع العمق الفلسفي للشاعر ذاته ، ومن خلال إتحاد اللغة مع الحقيقة الشعرية القائمة على البحث الموضوعي والخلق الفني مما يؤهل الشاعر ان يُخرج النص بحرفيته العلمية ، ويضرب على مسامع القاريء جرس اللفظ الخاطف والمؤثر في منظومة التأمل لإستخراج الدلالة , فهو اذن محتاط في خصوصية (الاختيار) متحفظ على الدلالة الواحدة  مشارك في قولبة البعد النفسي . والعربية لغة الاشتقاق والترادف والتشارك والموسيقى , وهذا يفضي بنا إلى ان اختيار اللفظ مسؤولية تُلقى على عاتق الأديب نفسه , بل هي نشاط باحث عن الذات في داخل اللغة ، وليست بالامر الهين كما يبدو للبعض . إن اللغة التي يتناولها مهدي سهم الربيعي ، هي لغة تبحث عن وجود آخر ، لغة تنهض من توائم هيدجر(الانسان ، والموت ، والوجود) لتصوغ نفسها وتبدل حياتها بإستمرار الى حياة مثمرة ، تتبع ممرات الفكر والنفس فيعرضعها الشاعر على واقع يضج بالموت الملون يقلّب الحقائق الميتة ، ينزع ثوب قصيدته من منظومة المثال من أجل أن يلبسها واقعية الحدث ، فتؤرقه دلالاتها حتى صار يتجول فيها اصطلاحيا ، ثم يشير بها اما من دالٍ موجود صريح الدلالة .
/ فوق بؤرةِ الهلاك ...
أعمى....يرشد أعمى .. /
او على شكل سؤال مقدر( من أنت ؟) يتركه للمتلقي بعد أن يُعطيه الإجابة ويفتح له ضالة التأمل .
/ لستُ من هذا الزمن...
وُجدتُ متكئٓ العشبِ الاصفر...
مغروساً على أقمارِ زُحل .../
او مُخاطب مرئي قد كشف عن نفسه بالتقدير نفسه (هل أنت كائن أرضي ؟) وله حضور مخيف ، إنها الأرض وعتمة العيش وظلمة الذات .
/ ألأرضُ صخرةٌ ...
يحتضنُها الحديدُ السائل ..
ضبابُ البعوضِ يحتويها ../
او غائب حاضر يرفض النحت في السنوات ليتطلع الى أفق إنسانيته (أين ذاتك؟)  (أين إنسانيتك ؟) لكنه لا ينتظر أن تنضج السنوات ليعاودها أعواما ، بل هي كذلك منذ الزمن الازلي.
/ لستُ ثوراً يُقاد من خٓطْمِه ...
ليصلٓ مكتبٓ مراهنات ..
ألنتوءاتُ في أصداغي..
تٓستشعِرُ ذاتٓ ألألمِ الأزلي..
جسدي ينساب...
فوقٓ فرشةٍ...
من حجارةٍ مصقولة ..
بيضاء كبيرة ..
مثلُ بيوضٍ خرافية ../
يُثبت مهدي سهم هذه المماهاة ثم ينقش مستشهدا بعلامات مكتنزة ليدسها الفاظا تربط الانسان بأحداث الكون ، مكتظة الحركة والنزوع , يجد الكون علامات كله ودلائل يلتقطها من هذا النظام الذي لا يهدأ . إن الذات التي سُرقت من بين يديه ، تلاعبت بها قوة أكبر من حجمه ومن وقدرته (لستُ ثوراً)( ألألمِ الأزلي)( بيوضٍ خرافية) فهو الانسان المسيَر وغير المخير في الامتتثال لتلك الحقائق المرعبة وكأنه مسحور يسير كما الدمى دون أن يعرف معنى لتعطيل ذاته والتي يُدافع عنها دائما .
/ نشاطٌ محمومٌ حولي ..
نوعٌ من الافتتانِ الخرف ..
. . .
تزكمُ الانوفٓ ...
تعطرُ المشهد. ..
...
حيثٰ تغوصُ جزمتي ...
في حفرِ زيوتٍ حارقة ..
لذتُ بصمتِ الحوار ..
اضعتُ آخرَ الكلمات...
أمام مناجلٍ ..
تقطعُ الزنابقٓ الدامية...
والسمادلٓ المذهبة ...
ستظهر العلامة بدلالة التبرير لضعفه حينما يجد (الحجاج) هو الاقوى في الإفصاح  فكان نتيجة الألم هو ذلك السحر ، وعلى الرغم من التقديم فهو لا يستطيع ان يجد لها غير هذه الدلالة المصرح بها والتي لا تتحمل أثر مما أُحتجَ به فكانت علامة للتشيء ، والاستحالة الى الانقياد .
/ تحتٓ لعنةِ سحرٍ اسود ..
رائحةُ الشيطان .... /
يضيف علامة ثانية يؤكد بها انها  ليست بعيدة عن ذهن المتلقي(الذكريات) لكن دلالتها الصوتية والاشتراطية وضعت لها علامة التعرش ( الاقامة )الاعلى  فاحدثت العلاقة بين الماضي المتخم بالذات المفكرة بالمستقبل ، والمستقبل المتخم بالهبوط وبالتساؤل فقط
(أشعرُ أن أقدمٓ ذكرياتي ..
باتتْ ثُقليٓ الأكبر ...)
هذه العلاقة بين الصوت كجرس من الماضي المشترط وبين صور من الذكريات  هي نوع من الأماني المعطلة بسبب تعطيل الذات أحدثت نوع من التماهي للجديد الغائب ، حتّى بوجود حكاية الذكريات في جزيئة متن النص ، لم يصف الشاعر تلك اللواعج الدفينة ليبين لنا ماهية تلك الذكريات وأكتفى بوصفها فقط ، وهذا النوع من اليأس يثبط حالة قَبْلية باتت من هموم الحالات البَعدية المؤثرة على الذات والتي صارت بشكلٍ أكيد من تراكمات الأثقال النفسية ، والغريب أن الشاعر حمل معه همومه بحمله لتلك الذكريات ، فتعرض لصدمة الإنتقال الى البعد الذاتي المقيد والذي حسر ما كان حلما في اللاحق حتى أصبح المستقبل أشد وطأة من الماضي المؤجل .
الخلق الفني للذات
كيف حصل كل هذا في نسق الجملة الشعرية ؟ إستطاع الشاعر أن يجعل الفعل المضارع (أشعرُ ــ أضعتُ ــ تقطعُ) عناصرا لا تستغني عنهما الأنساق الشعرية ، ولا يمكن تجاوزهما في الجمل، فكانت أفعالا حركية دامغة، دالة لخصوصية تركيب الجملة ، بل تعدت الى العمدة في النسق وغيرها الفضلة .قوة المشهد الحياتي يقود الشاعر الى التحري عن حقيقة قلب الاشياء لعله نشاط جديد يجد فيه إستكناه ، ففي قلب الأمور تتضح الاشياء ! من خلال خلق معادلة رياضية مألوفة (السالب × السالب = موجب) فيخوض في البعد   الميتافيزيقي المدلل على الذات من تلك السلبية الأم ، لكنه يفشل في التعرف على ذاته مرة بعد أخرى . . فهو يرى الإعتباطية وهناً ، ليس من داخله ، وإنما من ضعف الإرادة والانحطاط والمظاهر المزيفة في الخارج
/ نشاطٌ محمومٌ حولي ..
نوعٌ من الافتتانِ الخرف ../
لذتُ بصمتِ الحوار ..
اضعتُ آخرَ الكلمات...
أمام مناجلٍ ..
تقطعُ الزنابقٓ الدامية...
والسمادلٓ المذهبة .../
جريمة العصيان ...
السماءُ غابةٌ مفعمةٌ بالعجائب...
داكنةٌ أحياناً...
كقلبِ أنسان...
أنا زمنٌ يتجول ..
الطريقُ طويل..
لستُ سوى مسافة..
تتدانى ..لأقتحام النهاية ...
دورانٌ في لحظةٍ...
مُجرد لُهاث...
مساءٌ يهبطُ كثيفاً...
يعبثُ في وجهِ المدينة...
دحرجاتُ حصاةٍ في قفزاتها الأخيرة ...
ضائعةٌ بين الحركةِ والأستقرار ...
ما زلتُ أتدحرج بعنف ...
ما زلتُ أتهاوى مع السفح المُسطح ..
تَستبيح جسدي...
كل النتوءات البارزة ...
تستوقفني بوخزاتٍ عارمة ..
مدمية...
أكاد لاأسمعُ من صمتى...
غيرَ صُراخٍ مشدوه ..
أطلقُ بلا قيود...
خميرةَ الاسطورة البشرية ..
وجداني مكبوتٌ...
تحتَ سياط المثالية...
اللاإنسانية ...
اتطلعُ بتوثب..
نحو أنفجارٍ دامع ...
آه..... لو أتمرد ...
آه..... آه ...
لو أتذوق طعم العصيان النادر....
في أرضِ الطاعة الشرقية ...
الخطأ مع الأنبياء مُسوغ ...
دماءُ القرابينَ كافية ...
لمسحِ آثار جريمة العصيان ...
الخروج عن جنةِ المثل المكتوبة ....
الأمُ الرؤوم...
لأقسى الرذائل وأشنعها ...
الحق مع السياف....
الأخطاءُ لاتُغتفر ....
جرمي أكبر ..
السؤالُ عن العيشِ كبشر ...
منذُ أن سُميت...
أصابعَ ميتة ..
تقذفُ بوجهي الأتهامات ..
تَلفظني ...
كـ لاشيء ...
أغورُ في باطنِ الذكرى ..
أنبثقُ من ثقبِ البوابة المغلقة ..
أتلمسُ التمرد ...
في كياني المُتحضر...
أستشعر الجرأة ....
في صوتي الطري ..
حين أستنهضتي ...
وجدتني أغرقُ في موجِ صوري ...
موجٌ تَحجر ...
رُسم لي ...
من خلفيةٍ ...لاتَقبل التغيير ...
الزمن الذاتي
فَقدُ الشاعر لذاته يعني عصيانه على القوانين الطبيعية وموت الظاهرة الزمنية في بعدها النفسي والاخلاقي بعد إستشراف الموت السريري للأمنيات ، وبالتالي هو القصد من إضاعة العمر العقلي الذي يعيشه الإنسان في الوعي والشعور والذي هو عمر الفكر وتحقيق  الذات في الانساق المعرفية التي تتجذر فيها قيمة العقل وتتضح بواطنه ، أي إننا قصدنا من الربط بين الظواهر هو أن البعد العقلي يتفاعل مع البعد النفسي عند الإنسان ، حيث يتلازما مع الواقع المعرفي ويكون الإتحاد مجتمعا في إرساء قواعد الوجود .والعقل قد يفكر بذاته لذاته أو لغير ذاته . لكن في حقل الشعر العقل لا يكون ذاتيا محضا قبل أن يكون جمعا شعوريا ، فيقف الشاعر بين أكثر من حوار وهو يرى خواء العدالة وتحركها عن موقعها وإنزياحها خارج منظومة الاخلاق وإبتعادها عن المثل العليا وتلك خصيصةٌ فلسفية تبعث تساؤلات الى العمق البشري وعلمية تنصهر في بوتقة البحث عن أزمنة حقيقية لتحيا فيها الذات .
السماءُ غابةٌ مفعمةٌ بالعجائب...
داكنةٌ أحياناً...
كقلبِ أنسان...
أنا زمنٌ يتجول ..
الطريقُ طويل..
لستُ سوى مسافة..
تتدانى ..لأقتحام النهاية ...
دورانٌ في لحظةٍ...
مُجرد لُهاث...
مساءٌ يهبطُ كثيفاً...
يعبثُ في وجهِ المدينة...
الأنا والذات
وصف الأنا في الشعر تكون من إحدى مصاديقها تعبير عن (أن هذه حالتي أنا) أنا المأزومة  في داخلي أو العكس ، والإنسان كائن أنوي في ذاته ، واخضاعه الى تجريده منها عمل لا يصح البتة، لأنه معروف بها كطرف أرضي يتنفس وجوده من خلال ذاته وقبل الدخول في صراع بين المركز المسيطر(الكون) والأطراف التي تتنفس وجوده(الكونيات الانسانية الصغرى) لنعرف سلوك الشاعر مهدي سهم وهو يرتب أوراق النص من خلال تثبيت صورة الواقع وما عليه من صراعات ، فلابد أن يرسمه قريبا الى المخيلة الذهنية للمتلقي، لأن تصورات الخيال الشعري لا  تنفصل عن العقل في التعبير ، ويبدو أن الخيال الواحد لا يكفي عند الشاعر مهدي سهم ، فيخط له طريقا من السريالية تسعى الى قلب المألوف وفق نظام اللاشعور للتحرر من الذات الواعية والشعور معا لإنتاج تساؤلات فوقية يُجيب عنها وهو يتماهى ذاته المأزومة
مُجرد لُهاث...
مساءٌ يهبطُ كثيفاً...
يعبثُ في وجهِ المدينة...
دحرجاتُ حصاةٍ في قفزاتها الأخيرة ...
ضائعةٌ بين الحركةِ والأستقرار ...
مازلتُ أتدحرج بعنف ...
مازلتُ أتهاوى مع السفح المُسطح .
تَستبيح جسدي...
كل النتوءات البارزة ...
تستوقفني بوخزاتٍ عارمة ..
إجابات منطقية لتساؤلات قديمة ــ جديدة ، لم يفصح عنها الشاعر وإنما أشار اليها ضمن الانساق اللغوية ليترك القاريء يستشفها من تأمله للاجابة ومن حيث الفنية ،فهي إسلوب يجسد مباني السريالية التي تُبيح للذاكرة أن تشط في عالم لا نفهمه إلا في القداس الشعري وهو يرفرف على مزاج الشاعر ، ويعطي الحق للسياف في لحظة اليأس .
/ الحق مع السياف....
الأخطاءُ لاتُغتفر ....
جرمي أكبر ../
إن الشاعر إذا كتب نصوصه وفق الدفق السريالي يكون عاجزا عن تفسير الشعور الصادر على شكل جرعات من العمق النفسي( أنه غريزة عميقة في الإنسان تنزع إلى تحطيم ما يشده إلى العالم كقوانين العائلة  والمجتمع  والدولة ، والجنس )عصر السريالية ــ ص 12ــ منشورات نزار قباني 1976 –بيروت )
الحق مع السياف....
الأخطاءُ لاتُغتفر ....
جرمي أكبر ..
السؤالُ عن العيشِ كبشر ...
منذُ أن سُميت...
أصابعَ ميتة ..
تقذفُ بوجهي الأتهامات ...
تَلفظني ...
كلاشيء ...
أغورُ في باطنِ الذكرى ..
أنبثقُ من ثقبِ البوابة المغلقة ..
أتلمسُ التمرد ...
في كياني المُتحضر...
أستشعر الجرأة ....
في صوتي الطري ..
حين أستنهضتني ...
وجدتني أغرقُ في موجِ صوري ...
موجٌ تَحجر ...
رُسم لي ...
من خلفيةٍ ...لاتَقبل التغيير ...
التوغل في فلسفة الشاعر حول موضوع الوجود يحتاج الى قانون معرفي لتلك الفلسفة ، ونعتقد أن الشاعر له خصيصة معرفية حول نظرية المعرفة بشقيها الأنطولوجي والابستيمولوجي فهو مؤول لظاهرة الايمان بوجود ذاته العاقلة التي تداهمها قوانين الطبيعة الجديدة وتنتزع من كبد قوسها تلك الفطرة ، هذه القوانين لم يتعرف عليها في مباحث الحياة أو أكاديمية الدراسة ، فلا تلازم بين الذات البسيطة في مطالبها والتي أُنشأ عليها الشاعر، وتلك الجديدة المخالفة في علو سقف مطاليبها والطامحة للمزيد سيما وأنها قد سعت إلى إيجاد مرافق فكرية وتعكزات نفسية تسد منافذ العودة . إن اشتغال الشاعر على تجانس القديم مع مخيلة تسكنها الصور الحسية المعاصرة ، ليس من باب التوازن النفسي ، وإنما طرح معادلة يصعب تحقيقها بعد أن استشعر الشاعر ضعف الموقف الروحي الإنساني وغلبة الجانب المادي ،وهذا الموقف يذكرنا بالشاعر الفيلسوف (هيدجر) الذي يؤكد على أهمية الشعر كمناويء للحضارة المادية وإفراز حالة الالم والسأم منها في سياق نقده لها وللانسان المعاصر الذي يعاني من مشكلات إجتماعية وخيبات نفسية . أليست الأزمة مع الذات هي في حقيقة أمرها أزمة وجود حقيقي للهوية .؟
أكاد لاأسمعُ من صمتى...
غيرَ صُراخٍ مشدوه ..
أطلقُ بلا قيود...
خميرةَ الاسطورة البشرية ..
وجداني مكبوتٌ...
تحتَ سياط المثالية...
اللاأنسانية ...
اتطلعُ بتوثب..
نحو أنفجارٍ دامع ...
آه..... لو أتمرد ...
آه..... آه ...
لو أتذوق طعم العصيان النادر....
في أرضِ الطاعة الشرقية ...
الخطأ مع الأنبياء مُسوغ ...
دماءُ القرابينَ كافية ...
لمسحِ آثار جريمة العصيان ...
الخروج عن جنةِ المثل المكتوبة ....
الأمُ الرؤوم...
لأقسى الرذائل وأشنعها ...
نصوص مهدي سهم الربيعي في هذا الديوان فيها رؤية شعرية متطلعة لمستحدث الفكر في النص الحديث ، مما يشدك الى ان تتابع تطور النص عنده ، وتتأمل ثرى مخيلته الشعرية ولغته المكتنزة ، وبعده المعرفي في استجلاء اللفظ وتوظيفه وفلسفته في الكيفية الوجودية والذات ....
محمد شنيشل فرع الربيعي
القراءة الثانية ..للدكتور انور غني الموسوي ..
قرأءة بقلم(الدكتور أنور الموسوي)

النصّ في جوهره مصداق جزئيّ للغة ، لذلك فان التمييز العلاماتي بين الكلام و اللغة لا يستند الى قاعدة واقعية ، نعم مجموع المتكلّم ( المرسل)  و المتلقّي ( المرسل اليه ) و النص ( الرسالة ) و قاعدة التخاطب ( المرجعية اللغوية ) يكوِّن نظاما جزئيا مصداقيا للغة و تجسيدا ظاهريا لها . من هنا فالمؤلف و المتلقّي و المرجعيات اللغوية و النصّ كلها من اللغة .حينما يكون الاستعمال مرجعيّا ، تستعمل الوحدات اللغوية المتقدّمة فيما وضعت له ، فيُلحظ المؤلفُ و المتلقّي و النصّ و قاعدة التخاطب بمعانيها و مفاهيهما المرجعية الاعتيادية .  اما اذا كان الاستعمال غير مرجعيّ و خارقا للمرجعيات اللغويّة ، فالخرق قد يكون على مستوى المؤلف او مستوى المتلقي او مستوى النصّ ، او مستوى القاعدة التخطابية .ان اللغة الفنية الانزياحية اما ان تكون تركيبية استعمالية  او  مفهومية مرجعية . الانزياح التركيبي الاستعمالي هو تعبيرية استعمالية ، اما الانزياح المفهومي فهو التعبيرية المفهومية . التعبيرية في عمقها   نقل الاحساس الى المتلقي ، وذلك بالتوظيفات التركيبية و الاستعمالية ، او بالتوسعة و التغيير في المفاهيمية و المعنوي حتى يصل حد التجريد في التعبيرية التجريدية .حينما ينجح النص في ان يشعرك بذاته و غاياته ، و حينما ينجح النص في ان ينقل لك احساسه بكل قوة و عمق ، حينها نكون امام نص فذ . (غرقُ الأنهارِ… شمسٌ بلا عذرية  )  نص للشاعر العراقي مهدي سهم الربيعي ، فيه من التوظيفات و القاموس اللغوي و التراكيب البنائية و التجاورات اللفظية و الصور الشعرية ، ما يجعلك تحس بالغرق ، و يجعلك تشعر بان العالم يتساقط و يغرق و انه لا مفر .
التعبيرية الاستعمالية في النص يمكن تتبعها في اربع مستويات
1-    المستوى القاموسي للالفاظ
2-    المستوى الاسنادي النعتي و الافعالي
3-    المستوى الجملي
4-    المستوى النصي الكلي
5-    المستوى  القاموسي
mahdi sahamفي النص سيل هادر من الالفاظ الموحية و الدالة :
( فصُراخٌ ،    تيهٌ   عارمٌ ،  ملتهبةٌ،  تتَناثرُ ،    يَسقُط… ،  ضَبابيةٌ قلقةٌ ..،  ضَياع…،  غَرقِ  … ،  يَطفو الشُحوب…  …،  كَشهقةِ مُحتضرٍ…،  جزرٌ مفقودة….،  مغروسةٌ   ، جُذوعُ خاويةٌ..، شَظايا حممٍ…، بركانٍ ،  مُتدفق.. ، تَكتسحُ…، السيلِ   )
لقد نجح الشاعر بقاموس الفاظه   ان يحقق غايات النص و ان يوصل الرسالة و الخطاب و ان ينقل الاحساس .لقد بينا مرارا ان نقل الاحساس هي من اهم و اصعب مهام المؤلف ، و انها تختلف عن التوصيل و الخطاب ، انها صبغ النص بمزاج معين مراد ، ثم نثر الكلمات فيه بصورة تجعل القارئ يعيش اجواء النص . لقد حقق النص ( القاموسية التعبيرية )
2-    المستوى الاسنادي
المستوى النصي الاخر كما بينا هو المستوى التركيبي الاسنادي ، في النعوت و الافعال  مثال (تيهٌ عارمٌ ، أفكارٌ ملتهبةٌ   ،  تتَناثرُ الخَطايا… ، عالمٌ يكادُ يَسقُط…  ، ضَبابيةٌ قلقةٌ .. ،  غَرقِ الأنهارِ…، يَطفو
الشُحوب…  كَشهقةِ مُحتضرٍ، جزرٌ مفقودة….،  جُذوعُ خاويةٌ.. ، شَظايا حممٍ… ،  بركانٍ مُتدفق.. ، دونَ القدرةِ.. على الوقوفِ… )
من الواضح ان تلك الاسنادات تنقل القارئ الى حقول معنوية و دلالية مشعرة بالتهاوي و النهاية و العجز ، حقول تحيط بفكر الغرق . لقد حقق النص ( الاسنادية التعبيرية ) ان اهمية المعجم القاموسي للنص و طبيعة الاسناد ، انها بنقل القارئ الى حقول معانيها فانها تولد لديه انثيالات مناسبة تعظم وجودك تلك المعاني في النفس ، و من خلال عمق و جهورية تجليات تلك لمعاني تترسخ الرسالة التي يحملها النص في داخل القارئ .
3-    المستوى الجُملي
المستوى الثالث هو المستوى الجملي ، المحقق للصور   ، و جعل النص و صوره تحمل القارئ الى عوالم معنوي شديد الوقع من حيث التبليغ و الاخبار ، مرسخة الرسالة في النفس ففي مقطع
(صُراخٌ …
تيهٌ عارمٌ بينَ الكلمات…
أفكارٌ ملتهبةٌ….
تتَناثرُ الخَطايا…
عالمٌ يكادُ يَسقُط… )
ان البوح عال هنا ، و التوظيفات الفنية و التعبيرية الاستعمالية واضحة في انزياحات و استعارات فنية فذة ، و مجاز قريب موصل للرسالة ، ابواب تعبيرية متعددة لنفوذ الفكرة و تجليها الى المتلقي ، وهذا الشكل من التعبير البوحي نسميه بلغة المرايا ، حيث تطرح الفكرة باكثر من شكل تعبيري لاجل تأكيد الرسالة و البلاغ .
و في مقطع واضح الرمزية و التوصيلية يقول الشاعر:
(في غَرقِ الأنهارِ…
يَطفو الشُحوب…
مُنتظراً رحيلُ الغَيم…. )
هنا تعريف نصي ، و تأريخي نصي علائقي يخالف المعنى الاصلي ، ما يحقق توسعة في المفهوم فتتحق التعبيرية المفهومية اضافة الى التعبيرية الاستعمالية . فهنا انزياح على مستوى الاستعال و التركيب و انزياح على مستوى المفهوم و المعنى المرجعي .
النص يحقق التعبيرية الجملية .
4-    المستوى النصي الكلي
المستوى التعبيري الرابع هو المستوى التركيبي النصي الكلي ، أي نظام العلاقة التجاوري بين مقاطع النص ، وهو اما ان يكون بشكل تصويري  او ان يكون بشكل سردي . ان الشاعر قد قسّم النص الى ثلاثة فصول ، تربط بينها علاقات دلالية ظاهرية و عميقة . كل فصل منها مكوّن من مقاطع تصويرية شعرية ، من هنا فالتعبيرية  التركيبية النصية هنا معتمدة على الشعرية التصويرية .و بمجموع ما تقدم و انظمة التداخل بينها حقق النص ( التعبيرية النصية ) ان نص (غرقُ الأنهارِ… شمسٌ بلا عذرية  ) نص حقق اهدافه و نقل الاحساس الى القارئ و نقل القارئ اليه و كان نموذجا للتعبيرية الاستعمالية .
النص
غرقُ الأنهارِ… شمسٌ بلا عذرية…

(1)
صُراخٌ …
تيهٌ عارمٌ بينَ الكلمات…
أفكارٌ ملتهبةٌ….
تتَناثرُ الخَطايا…
عالمٌ يكادُ يَسقُط…
يَلتصقُ الأسى …
دونَ أختيار….
ثوباً ..
تَستتَرُ بهِ عوراتُ الذنوب ..!!
ضَبابيةٌ قلقةٌ ..
تَهزأُ بوقعِ الحروفِ…
أكبرُ ضَياع…
حينَ فَضو بكارةِ الشمسِ…
بَعضُ أطياف…
المُثَرثرين الحَمقى…
(2)
في غَرقِ الأنهارِ…
يَطفو الشُحوب…
مُنتظراً رحيلُ الغَيم….
جَبهةٌ تَغتسلُ..
بأولِ أشراقةُ شَمس….
لَم تَحضر…..
ليلٌ جَبليٌ حالك…
بِلا أَنجُم….
يوشي بأطرافِ الأشرعةِ….
تَمرُ على الأنفسِ….
كَشهقةِ مُحتضرٍ…
3) )
شواطئُ جزرٌ مفقودة….
أجسادٌ مغروسةٌ هُناك…
جُذوعُ خاويةٌ..
تَشكو زَيفَ الرَبيعِ….
نَوماً قُربَ مَحارقٌ..
لَظاها شَظايا حممٍ…
زَمجرتُ بركانٍ مُتدفق..
تَكتسحُ…
برهبةِ السيلِ …
دونَ القدرةِ..
على الوقوفِ…


النصوص ..
1... أمطار شبه مؤجلة ..
========================
غيمةٌ خَضراء..
تُسقطُ قَطراتِ التَّأجيلِ.. على بيوتِ الَّذينَ سَيعيشونَ.. الشتاءَ القادمِ..
رَوائحُ الشواهدِ.. تَهبُ من صَحارى الفجيعة..
جَنائزٌ تُحملُ على أكتافٍ مُطهرةٍ .. باغتسالٍ قَديمٍ..
ليلٌ يخطئ في حسابِ أنفاسٍ.. لا تجهدها المُهودُ المغطَّاةُ بسكونٍ مُغبرٍ..
لا تستفزها المراودُ الراكدةُ في المكاحلِ..
تُطلقُ القَناطرُ.. صدى صُراخِ الصبا.. ثأراً لحُرمةِ الصَّمتِ..
ضياءُ أحمر مُلقحٌ.. اكتسبَ لونُ الدَّمِ..
تفوحُ في الأزقَّةِ روائحٌ ثَقيلة.. تَتسلَّقُ السواقي المسلوقَةِ بمياهٍ ساخنةٍ..
يَضجُّ في الخوفِ.. نقيقٌ هائجٌ... يدْلفُ إِلى الحُجرِ المُقببةِ..
فتُبرقُ الأسرةُ النُحاسيةُ....المحفورةُ بزغاريدٍ.. شَبعت موتًا..
تحتهُنَّ شَراشفُ صفراءَ.. اِكتَسبت صدأَ الأسرةِ..
كُتلٌ كَبيرةٌ... بِلا لونٍ.. بِلا مَعالمٍ.. يُحاربُها البصرُ..
رغَباتٌ مُتلعثمةٌ تَطرق الأبوابَ.. تَتنفَّسُ سوادَ اللَّيلِ الحالك ..
حداداً على الدِّفءِ الخشنِ..
تلجَ أنينَ النوابضِ في سهادِ الكوابيس..
أنفاسٌ تتحشرجُ .. حَشرجةُ ريحٍ في مِزرابٍ يابسٍ..
====================
مهدي سهم الربيعي.\العراق\...
2.. جُدْرَانٌ نخرة..
===================
وسطَ طابورٍ نَبتتْ لَهُ عِدةَ رؤوسٍ.. أُحركُ أقدامي بِلَا اِستقرارٍ..
في حركةٍ مُتواليةٍ.. تُشبهُ رقصةُ حِصانٍ..
اِحتكارُ الزَّمنِ.. تحْتَ صواري عجفاءٍ..
بِعُصيٍّ جَافةٍ طَويلةٍ..
يُضَخِّمُني الغضبُ..
يَتملكُني صَمْتٌ قسْري.. بَيْنما أسْمعُ تَعليقاتٍ واخزة..
مُضطراً أُسلِّمُ رأْسي.. لمناجل اليأس...
التي تُظْهرُ بِلَا مُبالَاةٍ.. مُتعمِّدةُ آثَارَ الأَحجار ..وكلُّ خُطوطِ البُكاءِ القديمِ..
أمْشاطٌ خَشبيةٌ.. تحْصدُ معَ المعوذات... معَ بِيظ النَّمْلُ.. شيبَ نسْياني..
للذين دَفَنتْهُمْ الأَفراحُ.. كي يُغلقنَ ثُقوبَ الجُدْرانِ بالشَّعْر..
اِرضاءً لغَيْمةِ المَقابرِ... يُتمتمنَ وهُنَ على المنائرِ الوبرية المُدبَّبةُ بالآلهةِ..
أُهَرِّبُ أَنْفاسي بِصُعوبةٍ.. كي لا يختل ثَباتي..
يَتخثَّرُ الدَّمُ في عُروقي.. يَتصلَّبُ..
بَعْضُ ذكرياتي قدْ نَجتْ منْ اِنهيارِ المخزونِ..
فيما تَلَاشي الجزءُ الأَكبرَ منْ وقعِ التَّراكُماتِ..
رُبَّما لمْ أَعُدْ أَنا... رُبَّما أَصْبحتُ أَحدَ أشباحِ جداريات الأهداف..
النِّصفيةَ والجانبيَّةَ ..أتفحَّصُ الوجُوهَ بِملَامحٍ قَلقةٍ..
مُفتِّشًا عَنْ ظِلٍّ يُقاسمُني الطَّريقُ..
====================
مهدي سهم الربيعي .\ العراق \
3... لوحاتُ مشاهدِ الحزن ..
=================
الحزنُ ..
رداءٌ طويلٌ....البٓسْتِني اياه ..لانعمٓ ببكائِك ماحييت ..
..
--------------------------
الحزنُ...
هو ان اشتاقٓكٓ كلٓ يومٍ ..اكذبُ على نفسي
واصدق !؟. اكذوبةٓ لقائِك.
..
-------------------------
الحزنُ..
قفلٌ كُسِرٓ مفتاحُه ..بينما الابوابُ لازالتْ موصدة ً..
..
------------------------
الحزنُ..
نوباتُ بكاءٍ ..استمتعُ بعزفِها كلٓ غروب ..
..
------------------------
الحزنُ ..
هو ابتلاعُ دخاني في وحشةٍ مرعبةٍ..لااقوى فيها على مبارحةِ مكاني ..
..
------------------------
الحزنُ
جلوسي معك كل ٓ ليلةٍ...نتجاذبُ اطراف ٓٓ
الحديثِ...نقهقهُ احيانا ..لاصحو على مجردِ حلمٍ .
..
------------------------
الحزنُ ..
مع نايٍ وبعضِ ذكرياتٍ...يثملني ..فأهوى الصراخٓ ..
..
-------------------------
الحزنُ ..
يجلدني بنقيعِ الملحِ .. سوطٌ من جهنمِ..ينزلُ على
جراحي المنفتحةِ ثغورها ..كلما دنوتُ من صورتِك التي على الجدار ..
..
------------------------
الحزن ..
يمتطيني كلٓ فجرٍ ..يعبث بي ..والناسُ نيامُ..
..
------------------------
الحزنُ ..
اني ادمنتك ..حيث لاوجودٓ لعقارٍ مهدئ ..غير البكاءِ ِ.
..
------------------------
الحزن..
اني في قمةِ احتياجي لك ... تــــــــــــرحــــــــــــــــــــــــــلْ ..
..
-----------------------
الحزنُ ..
يضربُني كالبرقِ ..يصعقُني ..كلما رايتُ خليلين يتعانقان ..
..
----------------------
الحزنُ ..
يؤرقني كلما سمعتُ صوتا يشبه صوتٓك ..او شممت عطرٓك الذي لازالٓ على بدلتِك ..
..
---------------------
الحزن ..
غيمةٌ سوداءٓ تظللُ رأسي وقتٓ الشروقِ ..وأنا اقرأ رسائِلٓك ..
..
--------------------
الحزن ..
كان اكذوبةً..لم اصدقْها يوماً.. الا بعد ان واريتك الثرى ..
..
--------------------
الحزن ..
ان لايبقى منك سوى رسمِك ..وبعض مرايا كنت تقف امامها ..
..
--------------------
الحزن ..
ان اشدٓ الرحالٓ كل حين ..متوجها اليك ..عندما يشتدُ بي الحنين ..بعد ك اضناني ..
..
-------------------
الحزن ..
امساكُ لحيتي كلٓ ليلةٍ ..اندبُ حظي ..ذلك الذي لم (يحويك )..
..
------------------
الحزن ..
ان ارى حبيبك الذي كان ....قد اعلن الهجرةٓ من حزنِك ..سافرٓ الى حيث الفرح ..بينما أفنيتٓ عمرك في حبِه ..
..
-------------------
الحزن ..
ان اعزي العيدٓ كلٓ عامٍ ..بموتِ عيدي..
..
-------------------
الحزن ..
ان لااجدٓ من يشاركني حزنٓك ..سوى من ولدتك ..
..
-------------------
الحزنُ
ان اناديك فلا تلبي ..وقد تقطعتْ سبلُ الوصالِ
بيننا
..
-------------------
الحزن ..
كيف اني لازلتُ عاقلاً..مع ان ملكٓ الموتِ جُن بك ..فاستحوذك ..
..
-------------------
الحزن ..
قطارُ المسافاتِ يمضي ..لم يبقٓ الا القليل ..لاصل محطتٓك ..
=====================
مهدي سهم الربيعي.\العراق\.
4... اشباح تجهض الزنابق..
=====================
لم أجدْ في رأسي خيالا خِصبا يحلقُ بي الى مرتبةِ التفكير ..
وسطٓ نوباتِ الكآبةِ المصاحبةِ للضجرِ والجنون ..
كياني يذوي ..كغصنٍ حُرِمٓ من الري ..
تتناوله فؤوسُ الرجالِ ..لصنعِ لوحٍ في تابوتٍ ..
يفتشون الازقةٓ المفتوحةٓ ..بحثا عن اصواتٍ تسمعها المخادع ُ
بينما تقفُ على رؤوسِ الشرفاتِ ديوكٌ خرس ٌ
النساءُ اللواتي ينشرن على حبالِ تلصصِهن ..
اكياسٓ وسائدِهن تحت الغيومِ ..
ينظرن بخبثِ الكونِ ..ليتناقلن حكاياتٍ عجيبة ..
عصاي المعروقة تستنطقُ الوسنٓ ..
تبصمُ السباتٓ بوقعٍ هائجٍ ..
ضياءٌ يهدرُ بقطرةِ مطرٍ ..
مساحاتُ زجاجِ غرفةُ نومي ..
تستنشقُ الريح ٓ التي ولدته ..
فتجهضُ الستائرُ زنابِقها ..
تتعاقبُ على وجهي المنكمشِ جملةُ تعابيرٓ مبهمةٍ ..
حفرتْ فيه اخاديدٓ حزنٍ عميقةٍ ..
على احاديثِ عتباتِ النميمةِ ..
يتخثرُ بياضي ..كما جميعُ الرجالِ في ليلٍ قادمٍ ..
ثمةُ همهماتٍ شبحيةٍ ..تطبقُها الهياكلُ لحجرتي المعتمةِ ..
كباقي الليالي المؤرقةِ .اعاندُ النومٓ ..
احتفظُ بسرِ امنيتي المفضوحةِ ...
==================
مهدي سهم الربيعي.\ العراق \..
5... احتضار الساعات ..وانا ..
=================
يُحرضُني..
صوتُ المطرِ .. يزدادُ حدةً في أُذٓنٓي ..
على ظهري العاري ..ملايينُ القطرات..
توحــــــــدتْ بالانتهاءِ نفسه ,, بالنغمةِ الصاخبةِ ذاتِها..
كلُ ليلةٍ تداهمُ ارتجافاتـــــــي الخائرةِ ..
لتستفزٓها في آخرِ قطرةٍ ..تعلنُ الاكتفاءٓ ..
لحظةُ فزعٍ.
أيقظتْ وجعٓ كلِ شظايا الحربِ في جســـــــــدي ..
قرقرةٌ تجوبُ أمعائي القاحلة ..
لاأشكُ في نزاهةِ الساعةِ على جداري ..
أحدقُ بامعانٍ...موتٓ عقاربِها ..
صمتٌ ثقيلٌ...
ألمٌ ينفخُ وجهي كالورمِ ..يخيلُ لي أني سأنفجر ..
غمامٌ من البخارِ يتصـــــــــــــاعدُ ..
تراءى لي ظـــــــــــــــلاماً باردا..
أمواجٌ تنهضُ من النهرِ ..تلتفُ لتبلعٓ نفسٓها ..
تغورُ في العمقِ المظلمِ,, لتـُــــقذفٓ من جديد ..
تزحفُ فوقٓ الجرفِ المتصلِ بأجزائي ..
تصطحبُ صراخي المبتعد ...
قد لاأكون حياً بعدٓ ساعةٍ ..
لأشهدٓ مراسمٓ التشييعِ الشبيهةِ بحفلٍ ماجن ..
تنفصلُ أطرافي ..أهبطُ الى القاعِ ..
على ظهري يجثمُ النهرُ بثقلِه..
يدفنني في الطينِ..
شاهدُ قبري ..سروالي الممزق ..
===================
مهدي سهم الربيعي.\العراق \
6... لقطاءُ العهدِ المُشوه ..
=====================
الكُتَلُ الحَيَّةَُ العَابِرَةُ تنكأُ عَذَابَاتِ الطُّرُقِ الَّتِي ثَكِلَتْ أَمَانَهَا...
بَصَائِرُ حَيَّةٌ، تَمُدُّ إِلَى المَدَى اِنْتِظَارَهُ اليَقِظ...
غَابَاتٌ شبقة تَتَكَاثَرُ، ساترةُ اِنْحِرَافَاتِ النَّهْرِ، نَحْوَ رَكَائِزِ الأَسْوَارِ الجَدِيدَةِ،، لِمَدِينَةٍ بَاتَتْ
عَلَى شَكْلِ سِلْسِلَةِ تِلَالٍ مُتَنَافِرَةٍ...
نَشِيجُ أَمْطَارُ النَّكَبَاتِ المبتعدِ عَنْ الجِهَاتِ المَرْبُوطَةِ،، بِخُيُولِ قَوَافِلِ النَّمْلِ الخَارِجُ مَنْ
بَوَّابَاتُ الحُصُونِ...
مِنْ التَّلِّ التَّائِبِ،، تُنْهَلُ الأَسْمِدَةُ،، كِي تُظْهَرُ لَهُ الحَمِيرُ المترفة شَمَاتَتُهَا، مُبْعَدَةٌ الذباب
بِذُيُولٍ مُطَوَّلَةٍ بسنابل مُذَهَّبَةٌ... أَدْعِيَةٌ جَشِعَةً للحفاة الجُدُد ..
خَنْدَقٌ عَمِيقٌ يُسْتَدْرَجُ النَّهْرَ، يَلْتَهِمُهُ دُونَ تَذْكَارٍ...
أَبْوَابُ تَفَتُّحِ للقش وَالبَيْضُ صَبَاحاً، تَتَحَدَّبُ قَامَاتُ الدُّخَانِ، تُعْقَدُ الغُيُومَ لِمَطَرٍ زَنِخ...
سَرَطَانُ الحُزْنِ تَوَرَّمَ فِي الأَوْرِدَةِ الفَخَّارِيَّةِ...
الَّذِينَ رَكِبُوا الوُحُوشَ الحَدِيدِيَّةَ، زَعَمُوا أَنَّهُمْ دَكُّوا تِلَالَ الرَّمْلِ المُتَحَرِّكَةَ...
لُقَطَاءُ العَهْدِ الشَّرْعِيِّ مِنْ نَسْلِ ذَلِكَ الرَّمْلِ، بَاتوا سُيُوفًا تُنْكَحُ الرِّقَاب..
=====================
مهدي سهم الربيعي .\العراق \..
7... عرابة الحزن ..
=================
استسلمتْ لصمتٍ مفترس ..اثكلها اجملَ مالم تبحْ به ذكرياتُها السائلة ..
تقطرُ من عينيها ذائبةٌ ..
منذ ان قررتْ فطمي .. جسدي المنهكُ باوراقِها الفجريةِ الحافلة, يرتجفُ لتشبعهِ الطويل
باجواءِ قرونِ الحزنِ التي مرتْ على زي فارسِها العتيق ..
بعد شهورِ ادماني على لذةٍ معربدة ٍ ربتها في دمي طوال معاشرتي الليليةِ لاطوارِ
مشاعرِها التائهةٌ في ازمنةٍ ..بذرتها الحقب المسرفة ..
مخيلتي المتحفزةُ ..تقبضُ على وقائعٍ هائمةٍ تستردُها ذاكرتي ..كلما القمتني حلمتٓها
المتجمرةِ بامومةٍ بربرية ..
طعناتٌ حقيقيةٌ نازفةٌ ..لايسكنها سوى حليبِ الدامياتِ الدسمِ الذي اشبعٓ كل ولاداتي ,
التي طردها الجوعُ من الذاكرةِ ..
امامُ المشهدِ المغتصبِ لليلتِنا ..باتتْ ترنو الى نبضاتِ قلبِها المتصاعد بين رغبةٍ وتمنعِ .
عكسٓ القمرُ شحوبٓه على وجهي ..اشعرُ بعطشٍ ناري .
اقتربتُ..طالبا المزيدِ ..تساءلتُ بصوتٍ سلخٓ الحزنُ نغمتٓه
توقفتُ...امامٓ تدفقِ دموعِها بغزارةِ شلالٍ ..ليس بحليبي ..؟!
وسطُ بقعةٍ طينيةٍ واسعة .. نشرتٓها الدموعُ حول قدمي .،اردفتْ بعد صمتٍ جعلٓها تبدو
كنافورةٍ حية ..
لن اسمحٓ لك بالمزيد ..انها حكايةٌ ناقصة ..
=====================
مهدي سهم الربيعي .\العراق\..
8.. خَطِيئَةُ المَوْتِ فِي الأَنْفَاق...
====================
الرِّيحُ تَحْنِي حُقُولَ السنابل،، تَمَوُّجُهَا كَالبَحْرِ الزَّاخِرِ، لَهَا هديرٌ يُخْتَرَقُ السَّمْعَ...
ثُمَّ....
رَانَ السُّكُونُ.. لَمْ يُبْقَ سِوَى صِيَاحِ البُومَةِ الجَالِبَ لِلبُؤسِ.. خُرَافَاتُ عَجَائِز...
أَقِفُ عَلَى رَأْسِ مُنْحَنًى.. بَيْنَمَا الصراصر تُرَدِّدُ غَنَاءَهَا الوَثِير.. أرْتَعِدْ كَقَصَبَةٍ جَوْفَاء..
تلوكني آسِنَانِ الظلَّامِ عَبْرَ نَوَافِذٍ سَوْدَاءَ... تدْفَعُنِي إِلَى فُوهَةِ الخَوْفِ المَغْرُوسِ فِي
جَسَدِي،، لِأُوَاجِهَ ذَلِكَ الهَيْكَلَ الشَّاخِصِ أَسْفَلَ تلةِ النَّمْلِ...
قَامَتِي المُسَمَّنَةِ بِبَعْضِ شَحْمٍ وَاهِي.. يَنْثَالُ مِنْهَا عَرَقٌ كبريتيٌ رَصَاصِيُ اللَّوْن...
(السَّرَادِيبُ) المُتَّصِلَةُ بِالبُيُوتِ غَارِقَةٌ فِي الدِّمَاءِ،، أُسَاقُ لَهَا، مَعَ قُطْعَانِ الحُمْلَانِ الَّتِي,
لاتتوقف عَنْ الصُّرَاخِ...
لَمْ تَعُدْ السَّمَاءُ زَرْقَاءَ صَافِيَةً الاديم... مَتَى تنضي الغُيُومُ عَنْ صَفْحَةِ القَمَرِ..
مَتَى تَمُوتُ الأَفْكَارُ كَمَا النَّاسُ يَمُوتُون.. يَسْقُونَ نَبَاتَاتٍهُمْ بِنَدَى الإِطْرَاءِ المُنَافِقِ.. يُحَلَّقُونَ
للاعلى.. عَلَى وَقْعِ اِنْحِدَارِي للاسفل... قُلُوبٌ قُدْتُ مِنْ الصَّخْرِ.. يُزَفِّرُ الدَّمَ حُقُدًا فِي اخشيم
نبضاتها... تُفْتَرَشُ مِسَاحَةُ لاتعرفها ذَاكَرَتْهَا المُعَلِّمَةُ بِالحَوَافِرِ وَالسُّيُوفِ وَالأَسْوَارِ...
لَأَزَلْتُ أُرْبَطُ بِحَبْلٍ طَوِيلٍ.. أُسْتَخْدَمُ فِي تَرْوِيضِ الرِّيَاحِ وَالأَعَاصِيرِ... أُقْذَفُ فِي البَحْرِ عِنْدَ
العَاصِفَةِ.. وَأُرْفَعُ بَعْدَ زَوَالِ الخَطَرِ...
========================
مهدي سهم الربيعي .\العراق \..
9... العذاب السادس ..
================
اقتفي أثرٓ الظلِ..أوقظُ الموتى ..أستيقظُ في عتمةِ الغبشِ ..أتلمسُ بقايا أحلامٍ مكروبة ...
أملٌ مرتعشٌ ..ألمٌ بليدٌ..
أنامُ منحرفٓ الأذرعِ والسيقان ..تحت عباءةِ اعتقاداتٍ سائدة ..
شرعتُ أهدهدُ على منزلقِ جبٍ واسع,,تحت ربوةٍ صخرية ..
انطفأتِ المشاعلُ التي تنيرُ السبيلٓ ..وتبددُ الظلمة ..
داخلٓ الجبِ ,, ظلامٌ قاسٍ .. ذبالة آخر المشاعلُ,,تعكسُ على وجهي انواراً باهتة ..
علي خوض غيبوبةً طويلة ..ضقتُ ذرعا بنفسي وذاتي ,, وانا ملقى في غياهبِ كوابيسِ ثقيلة ..
تجثمُ على صدري .. وسطٓ من آمنوا بالعيش ولو على عذاباتِ الآخرين ..
لم يأت اختيارا ..كان مقدراً ..فأنا أداة ,, كما الجميع أداة ..أسيرُ بقوةٍ لاأعرفُ كنهها ..
أهذي كمحمومٍ يترقبُ ساعةٓ الفرج ...
اختصرتُ طريقي للخلاص ...ساصلبُ غداً أو بعد غدٍ...
بينما انت احببت تطويل الطريق
لتسقط بعذاباتِ الشيخوخةِ ,, وامراضِ العجزِ ..والنتيجةُ واحدة ..
بانتظارِ العذابِ السادس ..فهو قادمٌ لامحالة ..
=========================
مهدي سهم الربيعي .\العراق \
10... رائحةُ النارِ والطينِ والقصب (نص سردي )
===================
أهربُ..من ماذا ..الى أين ..!
في الظلمةِ تحسستُ مكانٓ جسدي ,, الارضُ باردةٌ,, الرطوبةُ كثيفةٌ كلُ مافي المكانِ
متهريءٌ ,, في طريقه للزوالِ ..
رغم ذلك , كنتُ اتنفسُ بحيويةِ من يولدُ لتوه ..
في هذه الظلمةِ المشرقةِ ,, كنتُ حراً حريةً مطلقةً..
هذه العتمةُ اعشقُها ,,اجدُ فيها الالفةٓ التي افتقدُها ,, في بيتي ..في الشارع ..
وحيثما كنا .؟
ساوقدُ النارٓ ..
بدا المكانُ بانقاضهِ ,, برائحةِ التبنِ والطينِ المتصاعدِ منه كجسدٍ حي ..
رائحةُ النارِ تتفاعلُ مع الطينِ والحصيرِ ,, تثيرُ في النفسِ احساساً ..
ان شيئاً ما يولدُ ويتنفس ..
لقد بُعِثٓتْ الروحُ في هذا المكانِ المتهدمِ ..الغرفةُ حمراءٌ ..كأن دماءً تجري في عروقِها ..
احسستُ بدفئٍ لذيذٍ يسري في اجزائي ..قربٓ النارِ ,, اشعرُ ان العالمٓ يختفي وراءٓ هذه
الطمأنينةِ ..واني في هذه اللحظةِ بالذات ..اشكلُ حقيقةً اخرى ..
التصقُ التصاقا صريحا بالطبيعةِ ..لاول مرة ادرك ُحرارةٓ الوجودِ..
ادركُ اني امتداداً للترابِ ..للنارِ ..للصوتِ ..للريح العاتيةِ في الخارج ..
ثم لحمي الملتصقُ بين السماءِ والارضِ....
بهذا القربِ الساخنِ ..اعايشُ الاحداثٓ ..
=======================
مهدي سهم الربيعي .\العراق\.
11.. ساعةٌ خلفَ جُدرانِ الخَوف ..
===================
الخَامِسَةُ فَجْرًا.. عَيْنَانِ مَشْدُودَتَانِ إِلَى العَقَارِبِ المُتَحَرِّكَةِ بِبُطْءٍ...
الهُدُوءُ يَغْلِفُ المَكَانَ بِصَمْتٍ مُرْعِبٍ.. لَيْسَ هُنَاكَ مِنْ صَوْتٍ،، غَيْرُ ضَرَبَاتِ القَلْبِ...
تَنْتَظِمُ مَعَ وَقْعِ الزَّمَنِ...
فِي الغُرْفَةِ الدَّاكِنَةِ،، تَحَرَّكَتْ نَسَمَاتٌ شَتَوِيَّةٌ،، خَمَّدَتْ كُلَّ حَرَكَةٍ أُخْرَى...
جَسَدٌ قَابِعُ بَيِّنٌ رُكْنَيْنِ،، يَتَدَثَّرُ بِحَذَرٍ وَاِشْمِئْزَازٍ.. يُشَكِّلُ مَادَّةً أُخْرَى...
إِلَى جَانِبِ الاثاث المُسَجَّى بِعَبَثٍ... عَلَى مَقْرَبَةٍ مِنْهُ آلَةُ هَاتِفٍ مَسْكُونَةٍ بِالصَّمْتِ،، هِيَ
وَحَدَّهَا تَحْمِلُ كَلِمَةُ السِّرِّ. لِفَكِّ لُغْزِ الأُحْجِيَّةِ المُسْتَعْصِيَةِ مُنْذُ زَمَنٍ...
رَنِينٌ يُمْلَأُ رَحَبةَ المَكَانِ المُعَبَّأُ بِالصَّمْتِ،، اِمْتَدَّتْ اليَدَانِ بِحَرَكَةٍ سَرِيعَةٍ. مُرْتَبِكَةٍ... حَانَت
لَحْظَةِ المَصِيرِ.. اِغْتِيَالُ زَمَنِ الاِنْتِظَارِ.. ثَمَرَةُ اِسْتِسْلَامٍ مُتَوَاتِر...
صَوْتٌ عَمِيقٌ،، بَعِيدٌ،، يُرِدْ مِنْ طَرَفٍ مَجْهُولٍ مِنْ العَالَمِ...
يَدَانِ بَارِدَتَانِ...
مَنْ أَنْتَ..؟.
رَائِحَةُ السُّكُونِ مُوحِشَةٌ...
مَنْ أَنْتَ..؟.
رَائِحَةُ السُّكُونِ مُوحِشَةٌ...
شُعُورٌ بِالضِّيقِ حَتَّى الاِخْتِنَاقِ...
قَدْ يَكُونُ المَرِحَ وَجْهًا غَيْرَ مَأْلُوفٍ لِلحُزْنِ.. لَكِنَّهُ مَشْرِقٌ عَلَى أَيَّةِ حَالٍ...
سَادَ الصَّمْتُ مِنْ جَدِيدٍ.. يتسيد المَوْقِفُ المَشْحُونُ بِنَوْبَاتِ الخَوْفِ وَالهَلَعِ...
تَمطِّى الرَّعْبَ لِيَمْلَأَ رَحَبةَ المَكَانِ.. يَسِيرُ عَلَى الجُدْرَانِ.. يُطِيلُ ثِقْلُ السَّاعَاتِ...
الأَشْيَاءُ لَمْ تَعُدْ سَاكِنَةً،، دَبَّ الاظطرابُ،، السَّتَائِرُ تَهْتَزُّ،، حَتَّى الاثاث بَدَأَ يَتَنَفَّسُ...
أَمَّا الجَسَدُ..
أَصْبِحْ لَعْبَةً بِيَدِ الرِّيحِ.. تَرْتَجِفُ أَجْزَائِهُ.. يَسْتَقِرُّ الفَزَعُ فِي قَلْبِهِ...
السَّاعَةُ تُشِيرُ إِلَى السَّادِسَةِ..رُبَّمَا تَوَقَّفَتْ الأَرْضُ عَنْ الدَّوَرَانِ.. رُبَّمَا تَوَقَّفَ العَالَمُ عَنْ
الحَرَكَةِ...
====================
مهدي سهم الربيعي.\العراق \..
12....
رقابٌ آيلةٌ للقطع ..
===============
إقرأ على وجهي
سفرَ العذابِ الأعظم
حاملٌ بينَ جنبي المَ منفى ..
جسدٌ زائفٌ يسكنني
تعرى من ثوبِ الزهدِ والأمل
شفتاي الظامئة ..خلفت ينابيعَ غزيرة
انا الغريبُ الذي جفت مباهجَه
في صدرهِ شوكُ الأسى نامِ
كيفَ لاأشقى ..
ولدَ الضوءُ مشوهاً ..هاجرَ السنونو يتيما
تحولَ الماءُ خمرا .. النسيمُ العليل الى عاصفة
الهدوءُ باتَ أمواجاً متلاطمة
شاركتِ الارض الفضاءَ ,,تمايلت ..
أشعرُ بالدوار ..
يقيناً أنا في قطيع ..
أينَ تكونُ الأغنامُ , تكون الذئاب
آفةٌ كبيرةٌ , تأخذُ بتلابيبِ الضعاف
الجوع ..
أكبرُ اسبابِ الخطيئة
رقمٌ بين النفوسِ المكدسةِ في عنابرِ السفن
التي لاتكافأ إلا بلقمةِ عيش ؟
ممزوجةٌ بعرقِ الجباه وسياطِ الأسياد
لااطيقُ روائحَ المدنِ الآثمةِ ...عفنة
احتاجُ وقتاً طويلا للقضاءِ على عفونتها ..
==================
مهدي سهم الربيعي .\العراق\..
13... صِراطُ السلاطين ..
===============
أَوْقَدوا مَحارِقَ الفَوْضَى،، حَوْلَ شَجرةِ مِيلادِ عيدِ المَجانِين...
فَتحوا أَكْمَامُ الخَبَلِ،، عَلَى هدأةِ مُتونِ الرِّيح...
كانَتْ النجوى أَنّينَاً في مفازات القَضيَّة.. يَوْم جَاءُوا بِردائِها...
مَمرَّاتٌ عاريةٌ تَحلمُ بالخلاص...
إصبعٌ مَبتور،، خَطَ على صَفْحةِ ضياءِ النُّجومِ مَقْبرَة...
حَقيقةُ المَوْئِلِ الأَخير فَرسٌ جَموحٌ.. إسْتَحالَ تَرْويضُها...
في مَيْدانِ الصبا القابِلُ لِلمَوْت...
دُسَّتْ الأُمْنيَّات تَحْتَ شَراشفَ القُبح المُقدَّسة...
عَبيرُ الزَّهْرِ تواقٌ لتَقْبيلِ النَّدى...
قَوسُ مَواسِمِ الحَنين، تواقٌ لمُعانقَةِ سهامِ الرَّجاء...
نِزاعُ مخاض بينَ السَّطْحِ والقاع...
بِأَجْسادٍ مُنكسرةٍ خاليةٍ من الأَرواح...
صَرخاتُ الصَّمتِ تَختَنقُ في آخَرِ رَمق...
عَبثًا تطرَقُ أَبوابَ الهَواء...
عَبثًا تُحدِّثُ دَويًّا قُربَ مسامعٍ أَصابَها الصمَم...
سَتائرُ الغَسَقِ أَسْدَلَتْ ظُلمتَها...
على أُكْذوبةِ الفَجرِ العَتيق...
طُرُقاتٌ مُلْتَويةٌ غارقةٌ في فناطيس شُهُبُ الدُّجى...
فَضائها يَزخرُ بِبَريقٍ،، لِبَقايَا ذكرَياتٍ سرِّية...
سُباتُ الزمَن،، وُلدَ في لَحظاتٍ عاقرة...
آياتُ الشَّيطانِ تُتْلى بِتجويد...
أَنسامُ بَرزَخٌ منْ جَهنَّم...
تَهبُ بِرغَباتٍ وشَهواتٍ بهية...
في صَلابةِ عُودهِ يَرْتَجف...
صِراطُ السَّلاطينِ،، غَيرُ المُسْتَقيم...
=================
مهدي سهم الربيعي .\\العراق\\
14... جريمة العصيان ...
====================
السماءُ غابةٌ مفعمةٌ بالعجائب...
داكنةٌ أحياناً...
كقلبِ أنسان...
أنا زمنٌ يتجول ..
الطريقُ طويل..
لستُ سوى مسافة..
تتدانى ..لأقتحام النهاية ...
دورانٌ في لحظةٍ...
مُجرد لُهاث...
مساءٌ يهبطُ كثيفاً...
يعبثُ في وجهِ المدينة...
دحرجاتُ حصاةٍ في قفزاتها الأخيرة ...
ضائعةٌ بين الحركةِ والأستقرار ...
مازلتُ أتدحرج بعنف ...
مازلتُ أتهاوى مع السفح المُسطح ..
تَستبيح جسدي...
كل النتوءات البارزة ...
تستوقفني بوخزاتٍ عارمة ...
مدمية...
أكاد لاأسمعُ من صمتى...
غيرَ صُراخٍ مشدوه ..
أطلقُ بلا قيود...
خميرةَ الاسطورة البشرية ..
وجداني مكبوتٌ...
تحتَ سياط المثالية..
اللاأنسانية ...
اتطلعُ بتوثب..
نحو أنفجارٍ دامع ...
آه..... لو أتمرد ...
آه..... آه ...
لو أتذوق طعم العصيان النادر....
في أرضِ الطاعة الشرقية ...
الخطأ مع الأنبياء مُسوغ ...
دماءُ القرابينَ كافية ...
لمسحِ آثار جريمة العصيان ...
الخروج عن جنةِ المثل المكتوبة ....
الأمُ الرؤوم...
لأقسى الرذائل وأشنعها ...
الحق مع السياف....
الأخطاءُ لاتُغتفر ....
جرمي أكبر ..
السؤالُ عن العيشِ كبشر ...
منذُ أن سُميت...
أصابعَ ميتة ..
تقذفُ بوجهي الأتهامات ...
تَلفظني ...
كلاشيء ...
أغورُ في باطنِ الذكرى ..
أنبثقُ من ثقبِ البوابة المغلقة ..
أتلمسُ التمرد ...
في كياني المُتحضر...
أستشعر الجرأة ....
في صوتي الطري ..
حين أستنهضتي ...
وجدتني أغرقُ في موجِ صوري ...
موجٌ تَحجر ...
رُسم لي ...
من خلفيةٍ ...لاتَقبل التغيير ...
===================
مهدي سهم الربيعي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق