الخميس، 30 مارس 2017

ملف خاص بموسوعة ينابيع الابداع العربي والأنساية جمعاء // للروائية رولا خالد محمد ظاهر / فلسطين الشقيقة

سيرة ذاتية

الاسم: رولا خالد محمد ظاهر(غانم)
العنوان: طولكرم،الحارة الشرقية،شارع بور سعيد،قرب الاتصالات.
تلفون المنزل: 2670262
جوال: 0599234603   
البريد الالكتروني: rola369ganem@gmail.com
المؤهلات العلمية: بكالوريوس في اللغة العربية وآدابها/جامعة النجاح الوطنية/نابلس/تقدير جيد جدا
ماجستير في اللغة العربية وآدابها/جامعة النجاح الوطنية/نابلس/تقدير جيد جدا،مع الحصول على درجة(a)في الرسالة بدون اجراء تعديلات على الرسالة التي بعنوان(الاخر في شعر المتنبي).
الالتحاق ببرنامج الدكتوراة في جمهورية مصر العربية، تخصّص أدب عربي حديث.

الدورات التدريبية:
_برنامج النوافذ windows.
_برنامج التشغيلdos.
_برنامج معالجة النصوصwin word.
_برنامج الجدولة الالكترونيةexel.
_دورات متعددة في الصفوف الافتراضية.

الخبرات العملية:
العمل لمدة ثلاث سنوات في وزارة الحكم المحلي/طولكرم.
العمل كمشرفة أكاديمية في جامعة القدس المفتوحة لمدة خمس سنوات/طولكرم.
المشاركة في ندوات أدبية تعقد شهريا في مكتبة في بلدية طولكرم بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم.
العمل كمحاضرة في جامعة فلسطين التقنية خضوري لمدة أربعة فصول.
العمل كمحاضرة في جامعة النجاح الوطنية .
اختياري كعضو في لجنة مناقشة مشاريع التخرج في جامعة القدس المفتوحة لعدة سنوات ولغاية الان.
كتابة رواية بعنوان (الخط الأخضر) صدرت عن دار الجندي للنشر في القدس
كتابة رواية بعنوان (مشاعر خارجة عن القانون ) صدرت عن مكتبة كل شيء في حيفا

الانشطة :
عضو في جمعية دار اليتيم العربي
عضو في منظمة تطوع للتنمية المجتمعية الخيرية
عضو اتحاد كتاب
مديرة العلاقات العامة لمؤسسة السلام للثقافة والفنون في الضفة الغربية
سفيرة الأدب العربي في فلسطين .
عضو في مؤسسة سنتر فن النعمانية العراقية للسينما والمسرح .
حاصلة على عدة شهادات تقدير من عدة دول عربية من ضمنها مصر والعراق .
المشاركة في مؤتمر المحروسة الدولي كممثلة لدولة فلسطين في القاهرة .
المشاركة في مسابقة كتارا الدولية للرواية العربية برواية (مشاعر خارجة عن القانون ) .
الحصول على عدة دروع وتكريمات من قبل الوزراء والمسئولين في فلسطين


اللغات:
_اللغة العربية الأم/ممتازة
_اللغة الانجليزية/جيدة جدا
_اللغة العبرية/جيد

المعرفون
_د.عبد الخالق عيسى محاضر في جامعة النجاح الوطنية جوال رقم:0599186815
_د.محمود صبري عودة مشرف أكاديمي في جامعة القدس المفتوحة جوال رقم:0599644923
_د.عماد أبو سعدة مشرف أكاديمي في جامعة القدس المفتوحة جوال رقم:0599846707.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

:محمد علي سعيد
قراءة في رواية "مشاعر خارجة عن القانون".
صدرت رواية "مشاعر خارجة عن القانون" للروائية الفلسطينية رولا خالد غانم في أواخر العام 2016 عن مكتبة كل شيء الحيفاوية.
• بداية اسمحوا لي أن أوضح باختصار شديد المصطلح الذي اجترحته في قراءاتي النقدية، وهو " العزف على وتر الابداع".
كل منجز إبداعي من أدب أو فن، هو نتيجة عزف المبدع على وتر يمتد من الواقع الحياتي الى أفق الخيال، من الواقع الحياتي اليومي والحرفي الذي يعيشه المبدع، تجربة مباشرة أو غير مباشرة الى أفق الخيال، الذي تسمح به موهبته وثقافته وخياله.
"أقول أفق الخيال بقصد واع، لأنه لا ينتهي، كما هو الحال مع الابداع الصافي والمطلق، فهو كالأفق كلما اقتربنا منه ابتعد ولن يصله أحد. وهذا من عوامل تطور الابداع مضمونا وأسلوبا ومبنى وتعريفا، ومن دواعي بقائنا في حالة طموح للتطور وللتطوير."
ومكان عزف المبدع هو الذي يقرر موقعه الفني في الابداع والمدرسة التي ينتمي إليها. ومن أجل التوضيح وللتدقيق، قمت بتقسيم المسافة بين طرفي الوتر، حرفية الواقع وافق الخيال الى ثلاثة أقسام / مساحات أساسية (بالإمكان زيادة عدد الاقسام، لمزيد من الدقة). 1- مسافة الثلث الأول وهي الدلالة المباشرة، وتكون الأقرب الى حرفية الواقع الحياتي الذي يعيشه المبدع، ويكون فيها المنجز الابداعي (أدبا ورسما ونحتا) غالبا تصويرا فوتوغرافيا أو تقريرا اجتماعيا للواقع، ومن مميزات هذه الدلالة: التصريح والمباشرة والخطابية.
2- مسافة الثلث الثاني، وهي الدلالة المجاورة، ويكون المنجز فيها متحررا من تصوير الواقع بحرفيته ومبتعدا عنه بنسب متفاوتة ومن مميزات هذه الدلالة: الضبابية والرمزية والتلميح والانزياح اللغوي.
3- مسافة الثلث الثالث: وهي الدلالة المغايرة. ويكون المنجز فيها متحررا كثيرا من الواقع التقريري المباشر، ومن مميزات هذه الدلالة: نسبة التلميح عالية لدرجة الضبابية التي تصل درجة الغموض، والحداثة ويكاد أن ينقطع عن الواقع، والتوقع لاستمرارية مضمون الوحدة الفكرية الواحدة أو الجملة أو الفقرة.
• ويرتفع السؤال حادا ومستعجلا، أين تعزف الروائية رولا خالد غانم؟.
بداهة، تكون إجابتي بعد قراءة الرواية التي أنا بصددها. أتناول الرواية، ويكون لقائي الأول مع عنوانها، وهو: "مشاعر خارج القانون". والعنوان هو عتبة النص الأولى ومن أبرز مفاتيحه الأساسية، ويتألف عادة، من عنصرين وهما: العنوان الكلامي والعنوان الفني.
- العنوان الكلامي للرواية: هو معطى من ثلاث كلمات: " مشاعر خارجة عن القانون"، ومجالين دلاليين، وهما: المشاعر والقانون، وبينهما علاقة ثنائية ضدية نستدلها من كلمة خارج. المشاعر تمثلها شخصيات ترمز الى الحرية والانفعال والانطلاق وتحقيق الذات، بينما القانون وتمثله شخصيات ترمز الى الثبات والطاعة والالتزام بالضوابط والسلطة. "أقول شخصيات باعتبار أن الشخصيات غير البشرية قد تشيأت أو تشخصنت." وعليه فنحن بين مجموعتين من الشخصيات: الأولى تبني وتعمل لتحقيق ذاتها، والثانية تهدم وتعرقل لتفشل المجموعة الأولى التي تبني. وهكذا ينمو القص السردي دراميا، بين البناء والهدم.
- العنوان الفني للرواية: وهو اللوحة المرسومة، عجوز تنظر في الأرض وتسند رأسها بكفها، وفتاة منطلقة ومتحركة تشير بيدها نحو الشمس، وباليد الأخرى نحو العجوز. ونظرة متبصرة في اللوحة تخبرنا بالكثير، فالفتاة واللون الأحمر المتماوج والمتدرج والمضبوطة بمساحات الضوء والظل وانحناءات الخطوط، لوحة ترمز الى الجيل الجديد المنطلق بمشاعره الحمراء المتوهجة والجياشة نحو المستقبل، نحو الشمس نحو النور لتحقيق ذاته، والعجوز ترمز الى الجيل القديم المتشبث بعاداته وأفكاره السوداء (لون رسمة العجوز) ومواقفه، والذي يميل الى الثبات والخوف من الجديد ويحاول عرقلة الجيل الجديد بقوانينه العرفية، إنه صراع الأجيال. ولكن إطار اللوحة جاء أبيض يوحي بالتفاؤل والنقاء. وهكذا يكون التناغم والإثراء المتبادل بين العنوانين: الكلامي والفني. واسمحوا لي أن أعبر عن تقديري غيرِ المجامل أبدا للفنان الفلسطيني الرائع: د. جمال بدوان، الذي أبدع لوحة تدغدغ المشاعر وتحاور من يتأملها متبصرا، له مني تحية عميقة الصدى ودافئة الألوان.
بعد هذه القراءة الاستشرافية للعنوان غير المحايد، أتوقع أن أقرأ رواية فيها صراع بين طرفين، وهذا الصراع لا يعتمد كثيرا على درامية الحدث الفعل "ودليلي كلمة مشاعر ورسمة الفتاة" والطرف الثاني ليس بالضرورة أن يقتصر على القانون المُشرع والذي تعمل به المحاكم "ودليلي هو رسمة العجوز."

• قرأت الرواية، فوجدت فيها العديد من النصوص الموازية أو المرافقة، ومنها: العنوان، الاهداء، الاسطورة، الابيات الشعرية قبل كل قسم وقسم، التظهير. وقررت أن لا أتطرق الى هذه النصوص باستثناء العنوان، وذلك حتى لا أتأثر بأي عامل من خارج نص الرواية المتن، وكلنا يعرف بأن هذه النصوص غير بريئة لأنها غير محايدة، وهي تبغي التأثير على فهم القارئ للنص، من خلال التوجيه.
• بعد قراءتي للرواية، وجدت أن العديد مما توقعته من تحليلي لسيميائية العنوان قد تحقق، ومن أبرزها: طرف القانون في معادلة العنوان، والذي يمثل عناصر الهدم: (لم نجد ذكرا للقانون المشرع إلا في طلاق أم مؤيد وأوامر الجنود في حواجز الاحتلال)، وشمل هذا الطرف: الأب أبو رفيق، والجدة، والعادات، والأفكار المقولبة، الاحتلال، مروان، التقاليد والعرف الاجتماعي، الامثال الشعبية، والصفات السلوكية السلبية كالأنانية عند مروان، وغيره.
وطرف المشاعر الخارجة عن القانون، وشمل عناصر البناء وتحقيق الذات، المتمثلة في: أحلام، بهاء، أم مؤيد، أمجد، المشاعر وأحلام اليقظة.
وأما الجوال أو الانترنت فكان محسوبا على الطرفين وذلك بحسب استعماله.
• بعد وقوفي على مضمون الرواية، وتحديدي لشخصيات طرفي معادلة العنوان من هدم وبناء. وجدت أن الروائية رولا غانم عزفت إبداعها في مسافة الثلث الأول من وتر الابداع، في الوسط والطرف الأعلى من مسافة الدلالة المباشرة والمتماسة مع بداية مسافة الثلث الثاني من الدلالة المجاورة.
تستمد الروائية رولا أحداث روايتها الأساسية (أي المادة الخام) من الواقع الحياتي الذي تعيشه مع أهلها وصديقاتها، وكذلك الواقع الذي يعيشه مجتمعها "شعبنا الفلسطيني الصابر والصامد لأنه شعب الجبارين."
وهكذا هو الأديب يعيش في علاقة جدلية قلقة مع الواقع، وتندمج الأنا مع النحن، وتتمازج شخصيته الفردية مع الجمعية، ويحمل موقفا فكريا رافضا للواقع وغير مصالح معه، لأنه يحمل في داخله شهوة تبغي إصلاح مجتمعه ويدرك وظيفته في صياغة المستقبل، وذلك من خلال أدبه الذي يريده أن يثير في القارئ حركة شعورية وفكرية من شأنهما مساعدة القارئ في تحقيق ذاته وتجعله إيجابيا وفاعلا في دفع مجتمعه نحو الأجود والأفضل والأجمل.
ولأنني أميل الى النقد الذي يهتم بكيفية التعبير عن المضمون (عن ماذا نكتب)، أي كيف نكتب الماذا؟، وليس الى النقد الذي يهتم بالإجابة عن السؤال: من الذي يكتب؟ لأن الكاتب يموت مجازيا بعد نشر ابداعه بحسب رولان بارت، كما، وإنني لا أميل الى النقد الذي يهتم بمضمون الكتابة، ويجيب عن السؤال: ماذا يكتب؟، فالمضمون هو شأن الكاتب، ولكن بشرط أن يكون شريف المعنى، وطنيا وتقدميا وانسانيا ومتفائلا. وهكذا كان ولما يزل أدبنا الفلسطيني عامة، وكما قال شاعرنا الفذ: محمود درويش: من حقنا أن نحلُم ونربي الأمل. وعليه، فإني أهتم بالإجابة عن السؤال: كيف يعبر عن الماذا؟ أي: كيف يكتب الكاتب المضمون؟
• فيما يلي بعض الأساليب والتقنيات التي وظفتها المؤلفة: رولا خالد غانم، في بناء الرواية.
- الرسم بالكلمات: أوردت الكثير من التفاصيل لدرجة أنك لو أغمضت عينيك لرأيت بخيالك لوحة فنية، وكأني بها ترسم بالكلمات. ومثال ذلك: ص7و9: تفاصيل وجه أحلام وهي واقفة أمام المرآة، وص11: ملابسها، وتفاصيل الطريق من بيتها حتى وصولها الجامعة، وص48: سوق السباط في جنين، وغيرها. وهكذا تطورت الرواية صعودا أو هبوطا من خلال لوحات متلاصقة أكثر منها متناسلة من بعضها البعض، بالإضافة إلى تقديمها التفصيلي للبعد المرئي في اللوحات، وظفت الحالات النفسية المرافقة للوحة والمتضافرة معها، وذلك من خلال وصفها للمشاعر والصفات والميول، مما خدم الامتاع والاقناع لدى الكاتبة وساعدها في تحقيق هدفها.
- دائرة الأحداث المقفلة: اعتمدت الكاتبة تقنية تشويق معروفة في البناء القصصي التقليدي، وهي دائرة الأحداث المقفلة، فالرواية بدأت بلقاء أدى الى حب بين أحلام وبهاء حارس الأمن، وأحبا بعضهما البعض، وتطورت الاحداث بين البناء والهدم ولكنها انتهت بتحقيق الهدف، وهو لقاء الزواج ( كما هو المفروض)، ولاحظوا معي إقفال الدائرة. وكذلك نمو العلاقة بين أمجد وأم مؤيد، نظرة البداية وتطور أحداث وانتهاء بالافتراق وليس باللقاء، وهنا، يحضرني بيت أحمد شوقي من قصيدته: خدعوها بقولهم حسناء:
نظرة فابتسامة فسلام === فكلام فموعد فلقاء.
- نظام التفجية: وظفت المؤلفة تقنية: نظام التفجية، بأسلوبيه: التأجيل المغلق والـتأجيل المفتوح. في بداية الرواية ص10 أخبرتنا عن علاقة حميمية مع قلادة تحمل حرف الميم المستلقي على صدرها، وطوال الرواية أجلت شرح العلاقة مباشرة إلا في النهاية، حيث أغلقت الفجوة التأجيلية بإخبارنا بأن حرف الميم هو الحرف الأول لصديقتها التي استشهدت، (هذه التقنية من شأنها أن تجعل القارئ يسترجع حكاية الرواية بحثا عن العلاقة) واسترجعت الرواية فوجدت علاقة تلميحية ذكية مع صديقتها الشهيدة من خلال الآخرين، (والشهيد - أيها الأحبة- هو أول القتلى وآخر من يموت). وبأسلوب التفجية بالتأجيل المفتوح، يحضرني اختيار القميص الأبيض والبطلون الخمري والفستان الاحمر، لماذا هذه الألوان؟ وبقيت الإجابة مفتوحة، وانتهت الرواية، ولم تخبرنا الكاتبة بالإجابة. لأنها تحب هذه الألوان، بالنسبة لي هذا لا يكفي، فالتعبير الابداعي الراقي لا يكون هكذا، يجب أن تكون عناصر المنجز الابداعي من هيكلية المبنى وكيفية التعبير ولغته ومعطيات المضمون محكمة البناء ومحسوبة بدقة ، ولا يأتي أيّ معطى مصادفة، وهذا هو الفرق بين رواية الحياة الواقعية المليئة بالمصادفات واللامنطق، ورواية الحياة الفنية أي الكتاب، وتكون منطقية.
- العلاقة بين التعبير والمعنى: لنقرأ معا هذه الجملة فقط في ص31: "جو الانفتاح هذا (المقصود جو الجامعة) يمنحهن الحرية والحب والحياة، بدت أحلام مع الأيام أكثر بهاء". لاحظوا العلاقة السببية والإثرائية بين دلالة بهاء هنا وبهاء اسم الحبيب. (قد قد يقول أحد: إن الكاتبة لم تقصد هذا؟، ولكنني شخصيا ممن ينادون بالتوفيق بين السلطات، وإن كنت أميل أكثر الى سلطة القارئ في السؤال الأبدي لمن السلطة في النص؟ للكاتب أم للنص أم للقارئ.
- براعة النهاية. لدى بعض كتاب السرد القصصي بأنواعه المتعددة، تسير الأمور صعودا أو هبوطا على ما يرام (كما يقولون)، ولكنني لا أعرف ماذا يحدث لبعضهم في الخاتمة والنهاية، وكأنهم يريدون التخلص من ثِقل الإبداع الذي عذبهم، فتأتي فجة وغير مثيرة وغير مستفزة (ويبدو لي أنهم نسَوْا بأن الكتابة عامة هي سيرورة وليست منجزا، فكم بالحري إذا كانت إبداعية)، وللأسف يصدق فيهم قول الشاعر: لقد أفسدتها في بوزع.
ولكن النهاية في رواية: رولا غانم، أعجبتني جدا (وأنا لا أجامل وإن كنت أحيانا أجامل، من باب دفء العلاقة الاجتماعية). فقد اعتمدت نظام التفجية بالتأجيل المغلق وكشفت أسباب رفض والد أحلام قبولَ بهاء زوجا لأحلام لأنه لاجئ وابن مخيم، تماما كما رفض والده أن يزوجه من حبيبته أيام شبابه؛ لأنها لاجئة وابنة مخيم. ويا للمفارقة الجميلة والمثيرة والصادمة لقد كانت حبيبته في شبابه هي أم بهاء وهي اللاجئة وابنة المخيم وابنة البواب، لقد رفضها والده (جد أحلام) وابو أحلام أطاع والده في حينه ونكث بوعده مع أم بهاء، وتزوج غيرها تلبية لرغبة والده، وكأني بالكاتبة رولا غانم دكتورة في علم النفس العلاجي، فقد صدمت والد أحلام، وكشفت حقيقته أمام نفسه ليراها بنفسه أمام أم بهاء التي كانت بمثابة المرآة، فتيبّس في مكانه ورجع قلبه الى حيث خفق أول مرة (ومشى الملك عاريا). – النهاية شبه المفتوحة: أخبرتنا الرواية بأن والد أحلام بعد مرض ابنته وافق على أن يناسب اللاجئ وابن المخيم بهاء، ولهذا حضر بهاء وأمه ليطلبا يدها، وكانت المفاجأة، ولكن الكاتبة لم تخبرنا بجواب السؤال: هل وافق وبارك والد أحلام بالفعل، كما كان يجب أن يحدث قبل اللقاء القنبلة، أم أنه تراجع لأنه اكتشف بأن أم العريس هي حبيبته التي ما زالت تخطر على باله، وهي كذلك. وكان السطر الأخير في الرواية: "هناك عند مفترق الدرب لكل منا ذكرى تلاحقه كظله، ذكرى لا يمحوها العمر، ولا شقاء السنين". وهكذا انتهت الرواية وبقي السؤال يطارد القارئ: هل بارك أم لم يبارك؟، إنها نهاية مفتوحة أو شبه مفتوحة، والبطل هو نصف بطل، لأننا لم نعرف النتيجة.
حقا، لقد كانت نهاية غاية في البراعة.

- الأسلوب: جاءت اللغة مألوفة المفردات وفصيحة فسيحة، ومطعمة بالمفردات أو التراكيب العامية المحكية، والجمل صحيحة النحو وواضحة، وبعضها تراوحت بين جملة النثر التي تمشي وتتمخطر وجملة الشعر التي ترقص فتدهش، فبعض الفقرات جمعت بين التعبير الشعري والنثري، ولقد اقترحت على هذا الأسلوب مصطلح: "الشعثرة= شعر+ نثر". وطول الجملة كان يراعي الحالة النفسية المرافقة، فتأتي قصيرة وسريعة عند التوتر وتتابع الأحداث وطويلة عند الوصف أو النص الساكن. ولقد عبّرت بنجاح ما، باختيار الأسلوب الملائم من سرد أو حوار، لمعطيات المضمون من حدث أو حالة أو وصف.
كما ووقف على الكثير من التراكيب اللغوية المبتكرة والصور المدهشة.
• وأخيرا وليس آخرا.
لم اتطرق كثيرا الى المضامين فهي في الاساس قصة حب ومن خلالها تطرقت الكاتبة (من خلال وعيها لرسالتها وفهمها لمعطيات الواقع والتزامها بقضايا شعبها ووطنها الاجتماعية والسياسية) الى العديد من المواضيع الأخرى كالاحتلال وحياة الجامعة والمجتمع بعاداته وتقاليده وطبقيته وصراع أجياله وغير ذلك،.
لم أتطرق لأنني اهتممت بالإجابة عن السؤال كيف نكتب الماذا؟
وفي الوقت نفسه لم أتطرق الى ما لي من مآخذ على الرواية، ولكني سأخبرها مباشرة وبكل صراحة.
- أقول وبصراحة يعرفها فيّ كل من يعرفني: لقد قرأت رواية تستحق القراءة، وستجد لنفسها المكان والمكانة، وهذا ليس بالأمر السهل والمفهوم ضمنا وخاصة أننا نعيش حالة أدبية مفزعة من فقر الفكر وفكر الفقر أسميتها حالة الإسهال الأدبي، بسبب سهولة النشر والفوضى، وكأننا في حارة كل مِن إيدو إله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جميل السلحوت:
مشاعر خارجة عن القانون والحبّ المتعثّر
عن مكتبة كل شيء الحيفاويّة صدرت أواخر العام 2016 رواية "لحظات خارجة عن القانون" للكاتبة رولا خالد غانم. تقع الرّواية التي تزيّن غلافها الأوّل لوحة للفنّان التشّشكيليّ الفلسطينيّ العالميّ جمال بدوان، تصميم ومونتاج شربل الياس في 130 صفحة من الحجم المتوسّط.
وهذه الرّواية هي الثّانية للكاتبة غانم فقد صدر لها قبل هذه الرّواية روايتها الأولى "الخطّ الأخضر".
استوقفني عنوان الرّواية"مشاعر خارجة عن القانون"، وتبادرت لذهني عدّة أسئلة عندما رأيته منها: هل تخضع المشاعر للقانون؟ وهل القانون يستطيع محاصرة المشاعر والأحاسيس؟ وهل من الممكن محاصرة الحبّ بالقانون؟ أم أنّ المقصود "بالقانون" هنا هو العادات والتّقاليد والعرف الاجتماعيّ؟ وأعتقد أنّ هذا ما قصدته الكاتبة عندما اختارت عنوان روايتها، وهذا ما تشي به أحداث هذه الرّواية، التي احتوت على أكثر من حكاية حبّ متعثّرة.
ويلاحظ أنّ الكاتبة استطاعت تطوير البناء الرّوائي في روايتها هذه، بطريقة متشابكة من خلال الخروج من حكاية حبّ إلى أخرى، لتعود وتسترجع الحكايات السّابقة بطريقة مشوّقة ومتشابكة ومرتبطة ببعضها بعضا بخيط شفيف دون أن تثقل على القارئ أو تشتّته، وهذا يثبت أنّها متمكّنة من الفنّ الرّوائي.
الهدف:
واللافت أنّ الكاتبة لم تكتب روايتها هذه بطريقة عبثيّة، بل كانت تريد أن تبعث رسائل اجتماعيّة بطريقة غير مباشرة بعيدة عن الوعظ، ممّا يجعل المضمون يصل إلى وجدان وعقل القارئ بطريقة سلسة، ومن هذه الرّسائل أنّ تدخّل الآباء في خيارات أبنائهم وبناتهم للزّواج قد يكون سببا لتعاسة أبنائهم ذكورا وإناثا، ممّا يعكس نتائج ذلك السّلبية على حياة الوالدين والأسرة بكاملها أيضا، كما كان واضحا النّقد اللاذع لموقف بعض الآباء من أبناء المخيّمات! واتّخاذ مواقف سلبيّة من مصاهرتهم فقط لأنّهم لاجئون! وكذلك الموقف الطّبقي إن جازت التّسمية وهو ما يتمثّل بالمصاهرة بين العائلات الثّريّة والفقيرة، والفوارق التعليميّة بين العروسين، فمثلا أحلام ابنة عائلة ثريّة وهي طالبة جامعيّة، ومن عشقته وأحبّته وتزوّجته في النّهاية بعد مكابدة شديدة حارس في الجامعة وسليل أسرة فقيرة.
وحملت نهاية الرّواية نهاية مفاجئة ومفجعة، عندما يكرّر التّاريخ نفسه، وإن بصورة معكوسة، فبهاء الذي أحبّ أحلام ابنة أبي رفيق، عندما جاء برفقة والدته لخطبتها بعد معاناة طويلة، تبيّن لوالدته أنّ والد أحلام هو من أحبّها وعشقها وهو "الذي وعدها بالزّواج ولم يف بوعده، حين سمع كلام أبيه ورفض ابنة المخيّم، ابنة البّواب، فكان ابن أبيه حين رفض زواج ابنته من بهاء في البداية" ص 130.
صفحات التّواصل الاجتماعيّ:
لفت انتباهي أنّه كان لصفحات التّواصل الاجتماعي" Face Book " دور في هذه الرّواية، وقد ورد التّواصل من خلاله بين أكثر من شخصين، خصوصا بطلي الرّواية الرّئيسيّين أحلام وبهاء، وهذا يؤكد من جديد أنّ الكاتب ابن بيئته وعصره.
بطش الاحتلال:
لم تغب الممارسات القمعيّة للاحتلال عن الرّواية، فالحواجز العسكريّة التي تعيق حركة المواطنين لا تترك النّاس وشأنهم، بل تمتهن كرامتهم، وتؤخّر وصولهم إلى أعمالهم ومدارسهم وجامعاتهم، وكذلك عمليّات القتل العشوائي ومداهمات البيوت والاعتقال وغيرها.
الكتابة عن الذّات:
ليس جديدا القول بأنّ أيّ كاتب يكتب شيئا من سيرته الذّاتيّة دون أن يدري، أو أنّه يتعمّد ذلك، وهذا ما حصل مع كاتبتنا رولا خالد عانم، فحديثها عن بيسان صفحة 49 يؤكّد ذلك:" بيسان ابنة عائلة ميسورة الحال، إلا أنّها يتيمة الأمّ، لذا كان الحزن مرسوما في عينيها، تبدو وكأنّها وحيدة في هذا العالم" و "العالم بأجمعه لا يعادل لحظة دفء في حضن أمّ، رغم أنّني لم أجرّب هذا الشّعور، فقد فقدت والدتي وأنا في عمر السّنتين، لكنّني متيقّنة." وقد سبق للكاتبة أن كتبت بأنّها فقدت والدتها وهي في طفولتها المبكّرة.
اللغة والأسلوب: لغة الرّواية فصيحة بليغة، فيها جماليات تسحر القارئ، وقد استعملت الكاتبة أسلوب السّرد الانسيابيّ المتتابع، ولجأت إلى أسلوب الاسترجاع
مرّات جميلة، ممّا أضفى تشويقا بائنا على السّرد يجذب القارئ للمتابعة.
أخطاء: ورد في الرّواية عدّة أخطاء لغوية واملائية ومطبعيّة سأذكر واحدة منها فقط وهي""اصتدمت عينا أمّ بهاء"ص130 والصّحيح"اصطدمت".
1-1-2017








أنجيل لوقا روى // للاستاذ ابو منتظر السماوي /// العراق

,’,’,’ إنجيــــــل لوقــــــا روى ,’,’,’
"""""""""""""""""""""""""""""""""
ببحـــركَ الطامـــــي رمانــــي الهــــوى
ولا أجيــــد العَــــوم يــــوم النــــــــــوى
علـــــى الغــــرام القلـــب فيك انطـــوى
ولا ســــواكَ اليـــــوم لــي مـــــــــن دوا
"""""""""""" فأنتَ تريــــاقٌ لسقــــــــــــم الفــــؤادْ
"""""""""""" ثمــــود قِدمــــاً قــــد رَوَتـــهُ وعــــادْ
"""""""""""""""""""" قَبــــــــلَ الريـــــــــاح الصرصر العاتيه
أَمُضنِيَ القلــــب إتَّئِــــــدْ لا سِـــــــــوى
بقلبـــيَ الدامـــي غرامــــــاً حَـــــــــوى
لــــكَ َ الهـــوى والحـــــبّ فيه انضوى
فأطفــيء النيران يا مَـــــــن ضَــــــوى
"""""""""""" فلــــم يَـــــزَلْ يَســري بـــــيَّ الإتِّقادْ
"""""""""""" ويَحلــــو لي إعلان أعتـــــى الجـهادْ
"""""""""""""""""""" للنَيـــــــــل مــــن قطوفــــهِ الدانيــــــــه
لظـــى فؤادي بإتِّقـــــــــــادٍ ثَـــــــــــوى
مؤجَـــج الأعضــــاء والمحتــــــــــــوى
فيـــــا أسيــــل الخــــدّ قلبي اكتَـــــــوى
مُجاهـــــراً إنجيــــل لوقـــــــــــــا روى
"""""""""""" حبيــــب قلبــــــي باقيـــاً لـــــي مُرادْ
"""""""""""" بـــــــه أشــــدّ الأزر وهـــــو العمــادْ
"""""""""""""""""""" أو بَيرَقـــــــــاً ألفـــــاه والساريـــــــــه
بغَيركـــمْ ذا خافقـــــــــي ما ارتـــــــوى
ولا لهيفــــاء الخــــدود ارعـــــــــــــوى
كعقــــد ألمازٍ بجيـــــــد التــــــــــــــوى
لكــــــمْ هيامــــــي مُستَكينـــــــــــاً أوى
"""""""""""" مبارِكـــــــاً للحــــبّ ربّ العبـــــــادْ
"""""""""""" وضافيــــاً للعشـــــق روع الســــدادْ
"""""""""""""""""""" إذْ نَنهَـــــــــل السلسال فــــــي الساقيه
أسيركــــمْ قـــد جَـــــدَّ فيــــــــه الجــوى
ككلـــب صَيــــدٍ عاذلــي بــــــي عَــوى
فثَــــــلَّ أركانــــي وهـــــــدَّ القــــــــوى
ولا يُرائــــي فــــي الهــــوى , ما غَوى
"""""""""""" وباذلاً للعاذليــــــن العنـــــــــــــادْ
"""""""""""" مُهَيِّئـــــــاً جَيشـــــــي لهمْ والعتادْ
"""""""""""""""""""" أسقيهــــمُ نـــــار الوغـــى الحاميــــه
"""""""""""""""""""" ناراً بهـــــا يُصلَــــون فـــــي الهاويه
"""""""""""""""""""" لم تُبــــــقِ مــــــــن شَنآنهمْ باقيــــــه
"""""""""""""""""""" دَهمـــــاء سوداء الرؤى داميــــــــــه
((( ابو منتظر السماوي )))

ميزريات // للاستاذ كاظم الميزري /// العراق

ميزريات
وطني قيدوك
وانت عصفور
تستوحش الاقفاص
****************************************
يازهو نخلة 
آلفت طينها
مدت جذورها
شمالا وجنوبا
في الفراتين
مازال السعف يرتل
لحن الاوجاع العظمى 
****************************************
حنانيك
ياقامة من بياض
لهفي عليك
وردة أشعلتها الدموع
كاظم الميزري
العراق

نص // للشاعرة المبدعة أروى طلعت /// فلسطين

أكان حباً أن نلتقي ..
أم شوقاً مرَّ على دموع ..
كالأرضِ تبغي أن ترتوي ..
كالشمسِ تأبى إلاّ البزوغ ..
إحتارَ الهوى من وصلِه .. 
وأنتظرت جواباً لسؤاله .. ! 
أكان حباً أم خضوع ؟!
أروى طلعت ،،
فلسطين

نص // للشاعرة بركان العبيدي /// العراق

انهار من عسل 
تنهمر الذكريات 
وتتساقط وريقات 
اعمارنا
ومنحى منحدر 
تنزلق كااهات 
او كدموع حارقات 
ودواوين اشعارنا 
اتخمتها القافيات 
مطروحة على ارصفة 
الطرقات 
بركان العبيدي

ثلاث قصص قصيرة جدا // د. حمد حاجي // المغرب الشقيق

الاهداء.. إلى العظماء أصدقائي، صديقاتي..
------------------**************-------------------**************--------------------ا
ثلاث قصص قصيرة جدا 
................................ ايام نحسات ..........
1 -- زائر 
--------------------ا
دققت الباب،بادرني النائم تفضل..
ورفع السراج يتأمل وجهي، أدخلني كشربة ماء..
انتقى لي واحدا مخضبة لحيته بالحناء..
ساعدته، يسمّر بوجهي القناع حتى استوى..
وخرجت أبحث عن مكان مناسب لمادتي المتفجرة..!
...................ا
2 -- نرد الصغار
.........................ا
الصبيان يلعبون، يضربون العملات على الجدار..
تسقط بعيدا على الأرض، يصرخون، يتبادلون شتائم رقيقة،
ويعودون لهدوئهم..
كبيرهم ، رمى مرتين، تدور عملته وتحط، تتوقف إلى جوار أخرى
على بعد بوصة وكثيب، يضغط يضربها...
يصيح منتصرا، ولما يهم يرفعها العملة...
يأخذ الصبيانَ الانفجارُ...
......................ا
3 -- خمارة البلد
............................ا
باحدى الكازينوهات المضيئة، دلف..
فوق طاولة ركز الكأس ملآنة..مدّ وجهه..
أطلّت امرأة عاهر..
انفلتت منه قهقهة كالصهيل.. هتفت..
- قطع الله الارهاب .. وأهله..
وجلست جانبه تعاقره النبيذ والقبل..
جرّها من طرف تنورتها كي يراقصها ، امتنعت..
فجّر خصرها والصدر..!!

الأربعاء، 29 مارس 2017

بعد غد ...// للاستاذ حسن ماكني /// سوريا الشقيقة

بعد غد..........حسن ماكني
------
بعد غد بعيد
أو قريب 
أو ربّما الآن
لا أعلم الغيب
ولكنّني حتما سأغيب
فدعوني أملأ ذاكرتي بالوهم 
دعوني أعشق المستحيل
فالوهم جميــــــــــــــل
دعوني أعيد ترتيب الفصول
وفق أحلام الفراش
فالرّبيع أمسى شحيحا
والورد بطيء الوصول
دعوني أرافق النّجوم في رحلة الموت الأخير
فالنّجوم يليق بها عزاء فاخر
ألم نكن بالأمس, بشبابها نستنير ؟
دعوني أشرب البحر
ليعبر الحالمون بيسر
ولكي يعود الحمام إلى وطني الأسير
دعوني أحيا, كما أحيا
أحلامي كثيرة 
لكنّ هذا العمر قصير....

قهقات الشيطان /// للاستاذ مصطفى الحاج حسين // قصة قصيرة / سوريا الشقيقة

قهقهات الشيطان ...
قصة : مصطفى الحاج حسين .

صراخ أمي وأختي " مريم " ، جعلني أدرك أنّ أبي مات .
أسرعت إليه ، سرقت نظرة نحوه من النافذة ، ثم دخلت .. كانت أمي قد أسبلت جفنيه ، وكان وجهه المحروق بأشعة الشمس ممتقعا ، شديد الزرقة ، أسبوع وهو يعاني سكرات الموت ، من يوم أن أصيب بالفالج ، أنبأنا الطبيب بقرب موته ، ولكنني لم أصدق ، لا يعقل أن يموت أبي ، هذا الرجل الجبار ، إنّ صوته كفيل بأن يرعب ملك الموت "عزرائيل " ، انحنيت فوقه ، أردت أن ألثم جبينه البارد ، ولكنني اكتشفت أنّ عينيّ عاجزتان عن ذرف الدمع ، هالني هذا الإكتشاف .. لقد مات أبي .. وينبغي ان أبكي ، على الأقل مجاملة ، أمام أمي وأختي وزوجة عمي وابنتها ، حسدتهنّ على دموعهنّ ، المرأة دائما جاهزة للبكاء .. يالسعادتها !!!.
مات أبي ، تلك هي الحقيقة ، وعليّ أن أسلم بها ، وتيقنت أنّ الموت شيء رهيب ، أقوى من أبي ، النساء الأربع يبكينه .. ولا بدّ أنهنّ ينتظرن مني فعل ما يليق بهذه المناسبة ، ابتهلت إلى الله أن يمنّ عليّ بدمعة واحدة ، لعنت الشيطان الرجيم في سرّي ، صممت أذنيّ عن سماع صراخه :
ـ لقد أصبحت حرّاَ طليقا .
ـ ابتعد .. أيها الشيطان القذر ، فأنا أحبّ أبي ، رغم كل شيء ، لقد سامحته . 
لكنّ الماكر يهمس لي :
ـ هل تصدق بكاء أمك وأختك ، على أبيك ؟؟.. أم تصدق بكاء زوجة عمك و " سميرة " ابنتها ، إنهنّ يتظاهرن بالبكاء ، وهذا الدمع ليس إلآ حيلة نسائية ، لقد كان أبوك قاسيا عليكم جميعا ، فكيف يبكين عليه بصدق ؟؟!!.
ـ ابتعد عنّي ياخبيث ، إنّ الذي تتحدّث عنه ، هو أبي ، لقد أفنى عمره تحت أشعة الشمس اللاهبة ، من أجلي وأجل العائلة ، أنا من دونه لا أساوي شيئا ، لقد أصبحت يتيما ، لا معين ولا سند .
تحولت دارنا إلى مناحة بشكل سريع ، توافد الجيران على بكاء وصراخ النسوة الأربع ، ووصل الخبر إلى الأقارب ، فبدؤوا بالتوافد ، وها هي العجوز " أم صطوف " تنهضني عن صدر أبي ، وقفت حائرا .. ثمّ أسرعت إلى غرفتي ، وعلى الفور ، بللت إصبعي بلعابي ، ثمّ دهنت جفنيّ .
ما أشدّ حاجتي للبكاء ، حقدت على عيوني ، لأنها لا تسعفني بالدمع ، في هذه اللحظات الحرجة ، ماذا سيقول الناس عنّي ؟!.. لم يذرف دمعة على أبيه !!!.. ولكن أنّى لي بالدمع ؟!.. لقد تأمرت عليّ عينايّ .. الشيطان هو السبب ، ما يفتأ يوسوس :
ـ فليشبع موتا ... فليشبع .
حاولت أن أخنق صوته ، أن أهرب منه ، بسملت ، قرأت الفاتحة على روح والدي ، لكنه كان لي بالمرصاد ، راح يدغدغ أعماقي ، وها أنا أبتسم .. إبتسامة عريضة ، رباه ما هذا ؟؟؟!!!... أيعقل ... أن أبتسم ؟!.. أبتسم .. بينما ينوح الناس .. ويندبون أبي !!!... صفعت خدّي بقوة .. شددت شعري بعنف .. لتدمع عينايّ ، ولكن دون جدوى !!!... لقد كنت أبتسم ، وسمعت أعماقي تدندن أغنية ، لا تتناسب مع ما أنا فيه .. كرهت نفسي .. ألهذا الحدّ أنا حاقد وسافل ؟!.. البكاء في الخارج بلغ أوجه ، النادبات كثرن، وأنا مغلق على نفسي الباب ، لا أجرؤ على الخروج .. زوج عمتي يصرخ في النسوة ، أن يرحمن الميت من البكاء والندب ، فالبكاء يعذب روحه الطاهرة ، وعاد الشيطان يسألني :
ـ وهل تعتقد انّ روح أبيك طاهرة ؟؟.. وقهقه الوغد .
ـ نعم .. إنها طاهرة ، لقد عاش شريفا .. وشريفا مات .. لم يطعمنا إلآ من عرق جبينه .
همس :
ـ هل نسيت أنه سبب حرمانك من المدرسة ؟.. وأنه أجبرك على العمل في مهنة لا تطيقها ؟.. هل نسيت كيف كان يضربكم أنت وأخوتك وأمك ؟؟.. هل .. وهل ..؟؟؟!!!.
حاولت أن أجيب هذه المرّة بهدوء .. عساه ينصرف :
ـ مع هذا أيها الشيطان المحترم ، يبقى هذا الميت أبي ، كان يقسو عليّ حتى يصنع مني رجلا ، هكذا كان يقول لي ، أراد أن يعلمني مهنة شريفة .. ثم إنه لم يكن يبخل علينا بشيء ، صحيح أنه عصبيّ المزاج ، يده والضرب ، ولكنه بالمقابل كان حنونا .. ويحبنا ، إنه من النوع الذي لا يظهر عواطفه ، حتى لا نطمع .. أنا أفهم أبي جيدا .. وبخاصة في الفترة الأخيرة ، حيث صار يشتري لنا الطبخة على مزاجي .. قال لأمي :
ـ اطبخي .. ما يطلبه ويحبه " رضوان " .
ألا يكفي هذا التنازل ؟؟.. وفوق ذلك .. كان يفكر أن يزوجني " سميرة " ابنة عمي ، إنّ موضوع موافقته على زواجي من " سميرة " ، شيء عظيم وكبير بالنسبة إليّ .. إذاَ ابتعد عني أيها الشيطان .. فأنا خجلان من نفسي ، دعني أذرف دمعة واحدة أمام الناس بسلام .
جاءني خبط شديد على الباب .. وأصوات تنادي :
ـ " رضوان " .. افتح يا " رضوان " .
أيقظني هذا الصوت ، إنها أم " حسن " عمتي الغالية ، تهتف مرّة أخرى :
ـ أنا خائفة على الولد ... اكسروا الباب .
وجدت نفسي مضطرا لفتح الباب ، قمعت ابتسامتي .. ورسمت علامات الحزن والأسى ، فإذا "بسامح " ابن عمي ، يطالعني بوجهه الأصفر .. شعرت بالإبتسامة توشك أن تتسرب إلى شفتيّ ، فأسرعت لأرمي رأسي على صدره الضيق ، حتى أداري سوأتي اللعينة ، ضمني إلى صدره بحنان ، وأخذ ينتحب بشدة ، يبكي الجميع ألآيّ ، ألآ ما أشد خجلي وتعاستي .. ليتني كنت الميت بدل أبي .
خارج الدار ، كان الجميع من رجال العائلة ، والجيران .. مجتمعين ، شاهدت المغسل ، ثمّ التابوت ، فاقشعر جسدي لمنظرها البارد ، وتخيلت والدي ملقى على المغسل ، وهم يصبون فوقه الماء ، وتذكرت أنه لا يطيق الماء الساخن ، فخطرت في ذهني فكرة خبيثة :
ـ ماذا سيفعل أبي .. لو سكبوا عليه ماء ساخناَ ؟.. هل سيزعق في وجه أمي .. مثل كلّ مرّة ؟.. هل سيضربها ويلعن أباها ؟؟.
جعلتني هذه الفكرة أبتسم من جديد .. اقترب جارنا " أبو فجر " مني ، أخذ يدي بأسى :
ـ العمر لك يا بني ... العمر لك ..
وكادت تفلت مني قهقهة عنيفة ، حينما فكرت أن أردّ عليه ، لكني أحجمت بسرعة ، اللعنة عليك يا 
" أبا فجر " ، دعني وشأني ،أسرعت بالهرب ، عيون الناس تطاردني ، عبارات الأسى والشفقة والتعزية تثقبني ، وأنا هارب من النظرات التي لا ترحم ، والتي إن استمرت لكشفت حقيقتي ، وربما بصقوا عليّ لو رأوا ابتسامتي ، ربما ضربوني ، وداسوني ، الهرب .. الهرب أفضل وسيلة ، ولكن إلى أين ؟!.. إلى المقبرة .. وهناك .. سأنتظر مجيئهم حاملين والدي على الأكتاف .
في الجبانة ... جلست بمفردي ، أنتظر قرب قبر جدي " الحاج رضوان " ، في البدء تلفت حولي ، ولمّا أدركت أني وحيد ، في هذا المكان الموحش ، أزحت عن وجهي اللثام ، وصرخت :
ـ السلام عليكم ياجدي ... أنا حفيدك " رضوان " ، جئت لأزفّ إليك بشرى ، ابنك " محمد " توفي ، وهاهم يجهزونه .. ليدفنوه قربك ، هكذا أوصى قبل موته ، مع أنه كان لا يحبك ، كان دائما يردد :
ـ الله لا يرحمه .. ولا يسامحه ، والمقصود أنت يا جدي ، أتدري لماذا ؟.. لأنك ظلمته ..لكنه ياجدي بدوره ظلمني ، أنت قسوت عليه ، وهو مثلك تماما ، حرمني من المدرسة ، وأجبرني على الشغل ، في الصنعة التي فرضتها أنت عليه ، لقد انتقم منك بي .
حدثنا عنك كثيرا ، كيف كسرت يد جدتي " عيوش " ، يوم تأخرت عند والدها المريض ، وكيف صارت تحمل عمتي الصغيرة ، بأسنانها مثل الجروة ، لقد تعذب أبي معك كثيرا ، لذلك عذبنا أنا وأخوتي وأمي ، أنت سبب البلاء كله ياجدي ، فلا تطلب مني ان أحبك .
أنت بخيل ... إلى درجة لا تصدق ، أبي على الأقل لم يكن يبخل علينا بشيء .
كان أبي لا يشبع الطعام .. في حضورك ، مع أنه يعمل معك طوال النهار ، في حمل الأحجار ،حتى إنّ جدتي " عيوش " ، كانت تكمل أكلها في المطبخ ، بعيدا عنك ، ومن أجل المال بعت عماتي الثلاث ، فماذا تنتظر منّا نحن أحفادك ؟؟.. من حسن الحظ ، أنّك متّ قبل أن نراك ، رغم أني كنت أشتهي أن يكون لي جد كباقي الأولاد .
ومن بعيد ... لمحت جمعا غفيرا ، يتوجه إليّ .. صمت وانقبض قلبي ، حين أبصرت النعش محمولا على الأكتاف ، قفزت إلى ذهني صورة أبي محشورا في التابوت ، شعرت نحوه بالأسى والحزن ، نظرت إلى القبر المحفور قربي ، كان منظره مقرفا ومخيفا ، كيف سيدخل ابي هذا القبر الضيق ؟!.. لماذا لا نطلي جدرانه الرطبة بالإسمنت ؟.. إنّ الاستلقاء فيه على هذا النحو غير مريح .
في تلك اللحظة ... دمعت عينايّ ، شعرت بالغبطة .. والراحة .. تعمدت ألآ أمسح دموعي ، حتى تصل إليّ الجنازة ، لكن للأسف مازالت الجنازة بعيدة ، وهاهي دموعي تجفّ على خديّ .
مصطفى الحاج حسين .
حلب