الأربعاء، 29 مارس 2017

قراءة ذاتية /// للشاعرة المبدعة وفاء تقي الدين // سوريا الشقيقة

قراءةٌ ذاتية 
شيءٌ ما حوَّلَ ليلي لدراما مختلفة 
جَعلتني منغمسةٌ جداً ..حَثَّتني ِلأرَتِب دفاترَ قصائدي 
لأوشمَ ما بِذاكرتي بِدقائقِ الأُمور 
لئلاّ تهرب ذِكرى مِن عِقالها 
َوَتَغور في غَياهبِ النِسيان 
كثيرةٌ هي تِلكمُ الأَشياء
التي تُشغِلُ فكري ؛ وتحتلُّ نَفسي
أفكرُ كثيراً في قدري
وأبحثُ عنْ ماهيته
وأتغلغلُ بينَ أحداثهِ
كما العطر يتغلغلُ في نسغِ البتلاتِ فيطفحُ عصارةَ شذا تبَللُني ليفوح عطري
أستغرقُ بينَ السطور 
لحظةً أو دهراً لاأدري 
كم يستغرق مني ترتيبَ الأمور 
لأني عزمتُ على الترحالِ 
بينَ جنةِ الذكرى ونار البعاد 
بينَ الشمسِ والقمر 
إنْ غبتَ يُشِعُّ نوري
وفي حضرةِ حضوركَ أغيب ليضيء نجمكَ 
قبلَ أن أودعكَ أحسُّ أني بحاجةٍ لأهمس لكَ
عنْ حَنيني المتراكم الآسِر الذي اسْتولى مُنذُ سنين على كلِّ تَكويني 
وعن أثقالِ قلبي الذي أخافُ من شدةِ أحمالهِ أن يفنيني
وعن حاجَتي لِيفيضَ الإِحساسِ بما يكتنزُ من شعورٍ يُربِكُني
أريدُ أنْ أعترف أنكَ جعلتَ مني كوكبٌ دري 
وأنكَ من أوقَدَ شعلةَ شعري
ستبقى قصائدي تحكي قصةً لنْ تأفل ، وأمسياتي تُثري
كالليلِ تزينهُ نجوم تشع ؛ ترصِّع السماء
مثل آلاف الحكايا تطوفُ في الدجى تتناقلها الأرواح الهائمة 
كضياء الفجر كيف يقضم ظلام الليل ؟!
لأدرك بهاء الأنوار 
أنت وأنا وتُكمِل الأيام الدوران 
كم تمنيت أن تأخذني غيمة بيضاء
أحلق في مدارات وجودك 
لأهطل ورودا وأمطارا تروي ظمأ الزمان اليباب
لكني بعيدا في مسارات الكون تائهة 
قدري شد وثاقي بسلاسله الخفية 
أَستسيغ أن تكون قصتنا ، قصة يؤبدها الزمان
أودعكَ بحزنِ الكلام.. 
وبعدَ رحيلي سأضيءُ شمعَ القصيد 
وأقيمُ عاصِمةً لنا ، سُكانها همساتي وقصائدَ الصيد 
ضياؤُها حضوركَ المنفي من حياتي 
وأتَّبِعُ أَثَرَ الضوءِ الآتي إليَّ رغم الغياب 
صفحةٌ جديدة تضغطُ على روحي بأشجانها فتحدثني نفسي 
عن خوفي من عبثيةِ فوضى الحواسِ والموتِ 
وكلَّ ماهو بعدَ المسرّات آت
فمنَ الصعبِ علي أن أفهمَ 
كيفَ أتجاوزَ فجيعتي 
وتلكَ اللحظاتِ المريرة من الفقدِ المريع لكلِّ سكانَ قلبي ؟
كنتُ أظنُّ إلى طبيعتها ستعود الحياة 
بعد العودةِ ..لميزانِ ورتابةِ الإِيقاع 
لكني ، وكَأني نجمٌ هوى يبحثُ عن الذات 
منذُ البدءِ ورغمَ قناعتي بالنهايات
كنتُ أخشى هذهِ اللحظة
وكيفَ سَيكونُ وقعَها
كل الأشياءِ اختلفت 
وماعدتُ أعرفُ نفسي لأني تغيرت
وفي لجيةِ البحثِ غرقت 
أبحثُ عن ماهيةَ الفقدِ والموت 
وتلكَ الأوقاتِ الوضيئةِ في مسيرةِ الحياة
بلا افتعالٍ ولا زَخاريف 
كموجةٍ من عمقِ المحيطِ تقلع بلا تخاريف
حاملةً زادها من محارٍ ودرر للأعينِ قرة
يهذبها الموجُ ويشذب الزوائد
ويحرر الزوايا الحادة 
ويجعلها شمساً تضيءُ شواطئ الأرواح الصادقة المعذبةِ 
وينسحب بحكمة وهو للأعماقِ عائد
هذهِ الليلةِ أشعرُ برغبةٍ جامحة لايشبههُا شيءٌ للشعرِ والقصيدة 
أقلبُ في الدفاتر وأقرأ مزيداً من الصفحات الماضية 
أبحثُ وأبحثُ عن ذاتي الإلهية بين الكلماتِ بالعنبر موشومة 
لاأجدُ إلا مايجولُ بأعماقِ روحي وما يهذب فيضي 
لأعبرَ متونَ الحزنِ الذي أعرفُ بدايته 
ولا أدري أينَ يَأخُذُني معهُ 
ربما لوَطَني الذي يُذبحُ بيدٍ صلدة 
ولأمّي التي غادرتني على عجلٍ 
ذكراكِ أجبرتني 
لأقلب في الصورِ 
فأرى صوركِ الضاحكةِ 
لكني لم أستطع محوَ صورتكِ الأخيرةِ في منفاكِ القهري تحتَ التراب
التي احتلت أفقي وكلَّ جُمجُمَتي 
وأينما نظرتُ أرى تلكمُ العينين اللتينِ انطفأتا 
أحاولُ الهروبَ من كل مايدخِرُهُ محتواي 
ولكن أينَ المفر ؟
في ذات الزمن ، أنتَ أيضا من عالمي غبتَ 
وحيدة مع شعرٍ لاينضبُ بتُّ
كأني أزرعهُ قمحا لينبت سنابلاً
يحملُ في كلِّ سنبلةٍ سبعَ سنابلَ 
يستنزفُ حنيني ومشاعري
سأتركُ القلقَ جانباً 
لاأحبُّ أن أكونَ تقليديةً ولا استثنائية 
أحبُّ أنْ أَعْبُرَ ذاتي 
وأُقَلِّمَ أظافري 
وأَصدَحَ بالحقِّ ولا أُبالي
وأنشد القصيدَ تلو القصيد عن كل حكايتي مَعَ زماني
وفاء تقي الدين 
سورية دمشق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق