الأربعاء، 29 مارس 2017

المنهج النقدي في فلسفة النص / قراءة في كتاب حكيم من اوروك / للباحث والناقد محمد شنيشل الربيعي / بقلم الناقد والكاتب حسي الساعدي / العراق

المنهـج النقـدي فـي فلسفـة النـص 
قراءة في كتاب 
(عبد الجبار الفياض حكيم من أوروك)
للباحث والناقد/محمد شنيشل الربيعي
بقلم/حسـين السـاعـدي 
الجــزء الثـالـث
كـونيـة عبـد الجبـار الفيـاض
يقول الفياض في احدى قصائده (أنما أنا كون/لاينحرف عن مدار/يستقطنه الشريان الابهر/لايقبل القسمة على رؤوس/....) .
أن النظرة الى الإنسان بوصفه قيمة عليا و"النواة الكونية الكبرى" كأنه ينطلق في هذه الكونية من قول الإمام علي (ع) (وتحسب أنك جرم صغير وفيك أنطوى العالم الأكبر) .إذن هي دعوة الى ما هو مشترك من قيم الفضيلة بين الإنسانية . لا أن يتحول الإنسان كما نرى اليوم الى جرم صغير بفعل الأيديولوجيات التي أحاطت بفكره وعقله فأصبح تابع لايقوى على الرد والتحرر من سطوتها . بالرغم من النظريات والكتابات المعاصرة التي ظهرت في العقد الأخير من القرن الماضي والتي تمثلت "بنهاية التاريخ" للمفكر الامريكي "فرنسيس فوكاياما" و"صراع الحضارات" للمفكر الامريكي "صومائيل هنتيغون" ، الذي بشر بموت الأيديولوجيات وتحرير الإنسان من هذه الأيديولوجيات وإذا به ينقله الى سيطرة أيديولوجية مركزية واحدة وهي أمركة العالم . 
الكون مفهوم كلامي تم تأويله بطرق متعددة وفقاً لنظريات مختلفة . فهو يدل على الحجم النسبي لمساحة الفضاء الزمكاني . وهذه الرؤية المتصلة بمعنى الكون مفتوحة وقابلة لأي أحتمال تفسيري وتأويلي .
أنّ البحث في الوجود يحمل ثلاث أطروحات : (الأولى: ترى أنّ الموجود هو الوجود بالمعنى الفعلي الذي يعني الكون ، والثانية: ترى أنّ الموجود هو الوجود بالمعنى الذاتي الذي يعني ماهية الذات ، أمّا الأطروحة الثالثة: فهي القول بأصالة الماهية بمعنى الكلي الطبيعي) . 
هناك ترابط ستراتيجي بين الكون ، وبين حركة الانسان ، وهذا الترابط ينتج ابعاداً تسهم في التفاعل الكوني .
(أن الإنسان في محاولة دائمة لا يعرف الأستقرار ، فهو لا يرضى بشئ ولا يقف عند حد ) كما يقول "نيتشة" . الوجود هو حضور الشيء مجسماً في العالم المحسوس في لحظة من الزمن . أي وجود الشيء في العالم الواقعي الذي نعيش فيه ونحسه ولكن لدى بعض الفلاسفة الوجود لا يساوي الواقع دائماً. لا يمكن التحدث عن كونية الوجود الإنساني الصغرى بمعزل عن كونية الوجود الكبرى . 
تقول "ندره اليازجي" في كتابها "مفهوم الكونيَّة" (لا يدعي إنسان بأنه كوني ، أو باحث في مفهوم الكونية، أو عالم بحقيقة الكونية، أو مدافع عن العالم في كونيَّته ، ما لم يكن كونياً في عمق كيانه وجوهره وحقيقته . لأن ما هو إنسانيٌّ في حقيقته هو طبيعيٌّ وكونيٌّ في جوهره ، فالقوانين الطبيعية هي قوانين كونية سعى الإنسان جاهداً إلى معرفة رموزها وتبنِّي قواعدها لتكون عوناً له على معرفة نفسه وسرِّ وجوده. والقوانين الإنسانية هي قوانين طبيعية وكونية تدعو الإنسان إلى تطبيقها لكي يتَّحد مع الوجود الكلِّي . لا يمكن أن نفصل الإنسان عن الكون، أو أن نفصل العقل الإنساني عن العقل الكلِّي الشامل . إن أيَّ أنتقاص من كونيَّة الإنسان هو أنتقاص من كونية الوجود.) . إذن الكونية هي تعبير عن رؤية للوجود وتصوير للواقع .(الشعر يجعل الإنسان كوناً يتشكل عبر تجمعاته وفق نسقاً حركياً قائم على أساس الوجود . مشكلاً "عقلاً جمعيا"ً ، يكون صورة العالم) ، وهذا ما يذهب اليه "هيجل":(أن تاريخ العالم نتاج حركة العقل ، الذي هو بالضرورة نتاج إنساني) .
يقول "مالبرانش" في كتابه "إضاءات حول البحث عن الحقيقة":(إن العقل الذي نستشيره حين نتأمل في أعماق أنفسنا هو عقل كوني) وفي الكتاب تأكيد على أن التأمل لا الإٍنفعال هو الطريق الأسلم نحو الكونية .
فالكونية تأكيد على ما هو قيمي من حقوق وحريات وثقافة وديمقراطية ووعي ومسؤولية فطالما أن المستقبل يبدأ من الحاضر كما أنطلق الحاضر من الماضي فإن الكونية إنخراط في بناء مستقبل أفضل للجميع رغم تعدد الأعراق والثقافات .
المبحث القادم في الجزء الرابع 
حكمة سومر أم فلسفة اليونان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق