السبت، 25 مارس 2017

مقاربة مقتضبة لديوان (تسفارٌفي سموات ) للشاعر الناقد أحمد البياتي // بقلم الاستاذ علاء الدين الحمداني / العراق

مقاربة مقتضبة لديوان (تِسفارٌ في سموات) للشاعر الناقد أحمد البياتي
نصوص فوق الاستدراك
تَسبق الحدث الذي يسكن مكنونات روح الكاتب.. وكثير منا لم يضع ذياك الوجع ويدركه.. كما وضعه ولملم تلك المتناقضات والمعاناة فهمها وفهمته خبرها تجربة منهكة وخبرته .. 
مطواعة له الجمل.. افلاطوني النزعة.. شفيف العبارة.. ثورة ٌمن بركان وراء الكلمات.. يخمدها تارة وتارة يكاد يتطاير ذلك الشرر المستعر في خبايا الروح الصاخبة كالعاصفة لا تأبى الانزواء الا في استباحة كل هذا الكم المكبوت والمترسخ في تلك الهالة المرهفة. 
يستلهم تلك التراكمات مكاسب وعطايا باتت تعاصر محنة لا تابى
الزوال.. 
.. أبدع في استخدام الاستعارة المكنية
وصيرها مع هواجسه وانفعالته والتي تروم الانفلات وتقبض عليها روحه لحقيقة تغص بها نوازعه لِما آل اليه حال وطن واغتراب أَمَدَه تَجذرتْ حتى في طفولته.. وتَفَتّح مداركه قبل الأوان.
.. ما جاد به الشاعر حالات انسانية بحته. صيرها قلمه باسلوب ادبي معاصر تفرد في وضع بصمته. مستخدما البنية الرصينة للدلالات والديناميكية التي تمردت على روح الشاعر لِتخرج لنا نصوص بأبهى حُلةٍ
للرصانة وجذالة الالفاظ. 
.. مكننة النصوص وتوظيفها باسلوب بارع ومتمكن لم تك وليد الصدفة بل هي نتيجة تلك التراكمات والمحن 
وأسى وانبعاث من الذات بل انعكاسات لتلك الهموم الشاسعة عَبَر عنها تعبيرا صادقاً وباحساس عميق .
ما أود الاشارة اليه في استخدامه السلس والتوظيف اللفظي والايجاز المكثف للجمل المقتضبة والمرصوصة في معناها مما يعطي صور متكاملة غنية في موسقة الكلمات وتراكيبها بجمالية وحدة متكاملة مما يجعل المحسوس متجاوبا ومرئياً.. وبراعته في استخدام خامة الخيال والتي توحي الينا بحقيقة تلك المشاعر الغير مفتعلة والتي جاءت محض تجارب ومخاض ومكنونات تلقفتها السطور سواءً تلميحا او مباشرة. مما يحثنا ان نستقرأ تلك المعاناة وما يشوبها من شجن وعواطف.
.. ابدع في محاكاة الذات وتلك المرارة التي لا تفارق الازمنة ولا الامكنة الحبلى بالوهن مخلفة شظايا وركام وقف عليها الشاعر بكبر الواقف على الجراح. 
على الرغم من الامتعاض وحالة الكبت للتداعيات التى تتراءى امام عيناه تراه مبتسما بطيبة الانسان النقي متواضعا ونبيلا. فالحب لديه
قديس لم يزل يتلو في محاريب الطهر أجمل ترانيم الهمس الساحر الشفيف.ورحلة تسافربه لا تابى التوقف الا على محطات تكتض بأطياف قد تكون صعبة المنال في زمان شحيح الامانيات. 
... اخيرا وليس اخرا أبارك للصديق الشاعر الناقد الاستاذ احمد البياتي صدور منجزه الرائع والذي يعتبر أظافة مهمة لمتذوقي النصوص النثرية الرصينة والمتميزة راجيا له المزيد من التالق والنجاح.. 
اخترت لكم احد النصوص من مجموعة ديوانه أرجو الاستمتاع بقراءته. 
( فرح مغمس بالعذاب)
بين وحشتين
في دروب الريح
صمت متشظِ، مهووس
يصلب قطرة مطر
في شوارع مقفرة
صدىً مسموم يلتف على زهوري
في مسالك الرماد 
بغير هدىً أسير
أنظر من الوجود الى العدم 
أصوغ جزيئاتي من سيناريو دوّار
في شوارع الضياع
أيُّ رؤى تتسكع
وكاميرا الألم تتخفى وراء خطاي
رعشة نهر تدنس عميقا
في هيكل مدمج بالحرقة
على حبل الرغبة أغفو منفعلاً
أرتجي ذاكرة لا تحفل بالتراجع
أبحث عن فرحٍ مغمس بالعذاب
في خبايا العجب
تهبط شمس على جبل مدمى بالحلم
من سيدخلني في صلب لب الحكاية
نداء أسى حزين
ينصب للكلمات شباكاً
ينسجم مع لحظة حوار
يرصد أمواج البحر
يوزعها على جسدٍ مبلل بالندى
مع لحظة حوار انسجم
لا عذر لي بعد اليوم
سأهشم اسطوانتي المشروخة 
على قمر ساخر
. علاء الدين الحمداني الحمداني .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق