الأحد، 26 مارس 2017

ملف خاص بموسوعة ينابيع الأبداع العربي والأنسانية جمعاء // للأديب المبدع شلال عنوز // العراق


الشاعر  شلال عنوز
مواليد 1950 
بكلوريوس قانون
سبق وان عمل في وزارة الثقافة والاعلام العراقية منذ عام 1974 ومارس الوظائف التالية:
1- مدير الدار الوطنية للنشر والتوزيع والاعلان في النجف
2- مدير الدار الوطنية للنشر والتوزيع والاعلان في ذي قار
3- مدير الدار الوطنية للنشر والتوزيع والاعلان في محافظة القادسية
أحيل على التقاعد عام 1990
يمارس مهنة المحاماة
يكتب الشعر منذ عام 1968
له حضور فاعل في المشهد الثقافي العراقي والعربي
صدر له:
1-  مرايا الزهور...ديوان شعر
2-الشاعر وسفر الغريب...ديوان شعر
3-وبكى الماء...ديوان شعر
4-  ديوان حديث الياسمين ...مجموعة مشتركة مع شعراء عرب وعراقيين
5- ديوان صدى الربيع ....مجموعة مشتركة
6-  السماء لم تزل زرقاء ...ديوان شعر في المطبعة الآن
7- امنحيني مطر الدفء....ديوان شعر قيد الطبع
8- أيها المحتمي بالأرق....ديوان شعر عمود قيد الطبع
9- عش الشيطان....رواية في مراحلها النهائية
ترجمت بعض قصائده الى اللغة الانكليزية واللغة الكردية واللغة الفرنسية
عضو اتحاد الادباء والكتاب في العراق منذ 1985
عضو الاتحاد العام للادباء والكتاب العرب منذ 1992
عضو مؤسس في اتحاد ادباء النجف منذ 1985
عضو اتحاد الصحفيين العراقيين
عضو نقابة المحامين في العراق
عضو اتحاد الحقوقيين العراقيين.
رئيس تحرير مجلة الطف سابقا
رئيس تحرير مجلة المنهال سابقا
صاحب الامتياز ورئيس تحرير مجلة ذكوات الادبية في النجف المتوقفة عن الصدور حاليا
عضو الهيأة الاستشارية لمجلة اطلالة الورقية التي تصدر في القاهرة
عضو مجلس ادارة شبكة قصيدة النثر العربية الالكترونية
مساعد رئيس  البيت الثقافي العربي في الهند
يكتب الشعر بأنواعه : شعر العمود والتفعيلة وقصيدة النثر
كتب ونشر في الكثير من الصحف والمجلات العراقية والعربية والاجنبية
شارك في اغلب المهرجانات المقامة في العراق  :
مهرجان المربد و مهرجان المتنبي  و مهرجان الجواهري و عالم الشعر في النجف وغيرها...
تمت دعوته للمشاركة في  مهرجانات شعرية عربية وعالمية  مهرجان الدبلوماسية الثقافية والانسانية في الرباط في المغرب ومهرجان سماء الثقافة في الدانمارك واحتفالية اتحاد الأدباء الدولي في تونس وقرأت قصائده بالنيابة لعدم تمكنه من الحضور   ..
كتب عن شعره الكثيرمن الدراسات النقدية و التحليلية وتناول شعره في بعض رسائل الماجستير والدكتوراه...
كما وردت له تراجم في مؤلفات كل الذين أرّخوا للحركة الشعرية والأدبية في النجف والعراق...
حاز على الكثير من  الجوائز التقديرية  من وزارة الثقافة والاعلام سابقا وجامعة الكوفة  ووزارة الثقافة في العراق عام 2006 .واتحاد الأدباء والكتاب في العراق واتحاد الأدباء الدولي..
كماحصل على جوائز تقديرية ودروع ابداع من منظمات ثقافية عربية وعالمية ومواقع مرموقة...
وفازت قصيدته وبكى الماء بالمركز الاول للنصوص النثرية في مسابقة منتدى المثقفين في امريكا وكندا ودول المهجر...كما فازت نصوص اخرى له بالمراكز الاولى في مواقع ثقافية مرموقة...يلقب ب(شاعر الوطن )لكون أكثر كتاباته عن هموم الوطن الوطن والانسان...يعد في طليعة شعراء الحداثة المتميّزين  في الوطن العربي بشهادة نقّاد كبار...
منح في 4مارس عام 2017 شهادة الدكتوراه الفخرية في اللغة العربية وآدابها من قبل الهيئة العلمية في مركز الحرف للدراسات العربية في جامعة ستراتفورد الأمريكية لاسهامه في إثراء المكتبة العربية وأبداعه وتميّزه الشعري ولترجمة نصوصه الى اللغات العالمية.... 

دراسات نقدية
_________

التوتر الوجداني  في تركيب  الصورة  الشعرية
قراءة  نقدية  لنص ( مليكة  الأقحوان)  للشاعر شلال عنوز
بقلم الناقد /عباس باني المالكي

مليكة الاقحوان
.......نص/ شلال عنوز
...1...
بقوة خذيني...
دعيني ... أتوهُ... ...
في عبق وشوشة الحب ...أثمل في تأجج غبش اللقاء
أُعانق همس أنفاسك
أغرق في زُرقة الأماني
يُسكرني عبق مياسم النَّدا
..... تشربني النشوة
............. لذائذَ ضوع مُستفز
.... طائراً أحطُّ...
على جبل غنج  البرتقال
أمسكيني ... تعلّقي بي
أنا طائرٌ  ... ...لايحط الاّ على انوثة المدن
ولايطير الاّ في سماوات الزُّرقة
أُقبّلكِ مِن أخمص قدميكِ المُزجّجتين
....حتى جبهة القَمْر
...فما خُلِقتِ الّا لتكوني مثابة للقُبَل
سيّدتي يامليكة الاقحوان...
........2........
ياأميرةَ الثلجِ...التي أدمنها الزّمهرير
متى تشتعلين براكين شهيق تكتسح شراسة البرد ؟
تضجّين عاصفة من عصافير؟
أغطّيكِ بعنف غليان العناقِ
أيّتها الأُنثى القُطبيّة الغافية في
..................... هدهدات الحُلم الخريفيّ
................الموغلة في عبث الحروف
.............................أنهاراً من مساءات حالمة
......أيتها المتربعة  على عرش سعار القلق
أشعلي حمحمات الصهيل لتلدَ
...................قوافلَ أمنيات خضراء...
...................مهرجانات  فرح
................كركرات يتبعثر عليها صخبي.

أن التجاذب النفسي مع الرموز    التي  تقربنا من أحساسنا  الداخلي  تجاه  كل  الأشياء  التي نعيشها  ,  تخلق فينا  معانٍ تتوهج  حسب  المشاهد  الروحية ووفق أنتمائها  الى  الذات ، حيث تصوغ هذه  الرموز  هواجسنا  بالمعاني التي  تعبر  بشكل  كبير  عن عواطفنا  تجاه  من نحب  أو نكره حسب  تقارب تلك المسميات  أو بعدها  التجاذبي  مع الدفق  الشعوري التصوري ،  وهنا نجد  الشاعر  شلال  عنوز في نصه  (مليكة الاقحوان ) أستطاع  أن يحكم المسافة ما بين الذات وتلك   المسميات  بشكل عاطفي مفعم   بالتوهج  داخل  مساحات ذاته   , أي أن النص لدى الشاعر هو مساحة الصدق التي تنتمي لذاته وفق أمتزاجها  أو تطابقها كليا مع أحساسه الوجداني، و تكون ذاته هي المعبرة عن  مخاضها تجاه كل ما يشعر  دون أن  يترك  تلك الأحساسات  تأخذ نمطها الحسي  في تركيب  تلك المشهدية  ،  و الشاعر يعيش  ضمن أنماط ذاته  الروحية  والتي هي تعبّر بشكل كامل عمّا يريد أن يضع  مشاعره ليس في  أحساساته الجسدية  بقدر ما يريد أن يرى  شعوره  الروحي , أي  أن النص لدى الشاعر  هو  التخيل  الروحي تجاه مخاض الشعور التأملي  ضمن دلالاته  النفسيه  ، التي تعطي الرمز  طاقة روحية تأخذ كل  المساحات  الرمزية تجاه ما يحب  ، وبهذا يتحول  النص عند الشاعر الذي هو قلق  روحي تجاه سياقات  ذاته الحالمة بأنفتاح   العالم  على شعوره  الروحي الى مايروم  نمط تصوره   الفكري ...

...1...
بقوة خذيني...
دعيني ... أتوهُ... ...
في عبق وشوشة الحب ...أثمل في تأجج غبش اللقاء
أُعانق همس أنفاسك
أغرق في زُرقة الأماني
يُسكرني عبق مياسم النَّدا
..... تشربني النشوة
............. لذائذَ ضوع مُستفز
.... طائراً أحطُّ...
على جبل غنج  البرتقال
هنا  يحدد كل ما يريد أن يصل إليه  من خلال  ما يحب في تلك اللحظة  والتي  يريدها  تأخذه  الى  حد تفجّر  السكون الذي يعيشه من الداخل  من  خلال  البؤرة الأنفجارية والدلالية  التي  تربط  ذاته  من الداخل و مع مايرسمه ومايمتلكه من تصور للحبيب ، وهذا يأتي من خلال الحركة  الأستدلالية التي تعيشها ذاته  وسط  هذا الصمت   والركود  المتراكم   في ذاتية   الأحساس نحو  كل شيء  في  ذاته   والتي تسعى   الى أيصال    هذه الذات الى مشارف  الأنفعال   لكي يحقق  السرور   الداخلي والنشوة ، وما يجعل من مناشداته   إلا  أيجاد  التحرر  الكامل من هذا السكون من خلال  الأغراق  بمن يحب لأنه  يجد أنه لا يستطيع أن يحقق   التحرر  الكامل من جموده النفسي  إلا  بالطاقة   الحركية لفعل  الذات  تجاه   الحبيب  لأنها تجعله  في حالة ترابطية حميمية  و يعيش العنفوان  والنشوة الداخلية (بقوة خذيني... /دعيني ... أتوهُ... .../في عبق وشوشة الحب ...أثمل في تأجج غبش اللقاء /أُعانق همس أنفاسك /أغرق في زُرقة الأماني /يُسكرني عبق / مياسم النَّدا /..... تشربني النشوة) أي أنه لا يستطيع الخروج من  أزمته إلا  من خلال  الأغراق  بمن يحب لكي يصل   الى  حدود النشوة  العامرة  بالتيه  و  من خلال  التلاشي  والذوبان  فيها ،  والشاعر شلال  عنوز  أستطاع أن يحقق  من خلال  اللغة المتوهجة ذلك الترابط  الحي  والصوري  ضمن مساحة  تصورة   الفعلي  بالرغبة  الى من يحب ،  ونشعر أن الشاعر أعطى لمفردات   اللغة  ذلك  الدفق الشعوري الذي  يضيء  كل زويا الذات التي لا تستطيع أن تصل الى هدفها   إلا من خلال  الأخر ،  لأنه يشعر أنه متلاشي داخليا  لا قدرة  له على النهوض  بذاته إلا من خلال الأمتزاج   بحبيته  ،  لكي يصل الى عالم نابض  بالحياة (في عبق وشوشة الحب ...أثمل في تأجج غبش اللقاء )والشعر  ليس تحكمات   مجازية  ودلالية  بل  هو أيقاع  أنفعالي  مرتبط  بالتوتر  الوجداني  الذي يوصل  الى  الصورة  الشعرية المجاورة   الى أحساس  الذات  بأنتمائها   التصوري ،  لهذا  نجد  الشاعر  شلال  أستطاع  أن يبني  نسقه  الشعري   ضمن النسق الشعوري  لهذا  التصور   وهذا  ما جعل  النص  لدية صورة متاليه  مرتبطة مع بعضها  من  خلال  المعنى ...

أمسكيني ... تعلّقي بي
أنا طائرٌ  ... ...لايحط الاّ على انوثة المدن
ولايطير الاّ في سماوات الزُّرقة
أُقبّلكِ مِن أخمص قدميكِ المُزجّجتين
....حتى جبهة القَمْر
...فما خُلِقتِ الّا لتكوني مثابة للقُبَل
سيّدتي يامليكة الاقحوان...
ويستمر  الشاعر  بمناشدة   الحبيبة أن تعطي كل لحظات  العنفوان , وهنا  الشاعر أعطى الى أبعاد  الأستعارة الصورية أبعاد نفسيه , فالأنوثة ما هي  إلا أبعاد  الترابط  بين وجدانية الفكرة لدية  ومجازيةالأحساس  التي تتمثل مع  رموزه  الحية  داخل ذاته (أمسكيني ... تعلّقي بي /أنا طائرٌ  ... ...لايحط الاّ على انوثة المدن ) والأنوثة  هنا التصور  المجازي تجاه الحياة  ، فهو طائر لا يحط إلا على انوثة   المدن ، أي الفعل  لدية ما هو إلا مسك  أنوثة   الأشياء  ومسمياتها  الحياتيه , لكن من خلال اللحظات الصافية (في  سماوات الزرقة ) واللحظات  التي تمثل  أنتماء ذاته الى   النقاء  والصفاء  كالسماء  الرزقاء  ،  وكل ما يريد  الشاعر أن يعبر عنه هنا  ، أن لحظة الأنتماء هي لحظات  الخلاص  والأنفكاك  من  لحظات  السكون  الى اللحظات  الأكثر حيوية  وأكثر أقترابا  من ذاته  التي ترى الأشياء  وحسب صفائها  ونقائها ، أي أن لحظات  الجذب عنده هي اللحظات  التي يرى فيها  نقاء الأنتماء  ،  لأنه لا يعيش   إلا بالأنتماء الحميمي تجاه من يحب (ولايطير الاّ في سماوات الزُّرقة /أُقبّلكِ مِن أخمص قدميكِ المُزجّجتين /....حتى جبهة القَمْر/...فما خُلِقتِ الّا لتكوني مثابة للقُبَل /سيّدتي يامليكة الاقحوان...) فلحظات  الكشف  تبدأ  من الأرض( أخمص قدميك)  الى  السماء جبهة القمر )  لهذا تتسع عنده  الفكرة الأستعارية في مجازية تحديد كل ما يوصل ذاته  الى عمق الأرتباط  مع من يحب ،  أي أنها ليس لحظات عابرة بقدر ما هي لحظات  حميمية ترابطية ،  لأنه  لا يجد  نفسه إلا من خلال  هذا  الترابط  الصميمي الذي  يؤدي بذاته الى العنفوان  والنشوة الحقيقية ...
            ياأميرةَ الثلجِ...التي أدمنها الزّمهرير
متى تشتعلين براكين شهيق تكتسح شراسة البرد ؟
تضجّين عاصفة من عصافير؟
أغطّيكِ بعنف غليان العناقِ
أيّتها الأُنثى القُطبيّة الغافية في
..................... هدهدات الحُلم الخريفيّ
................الموغلة في عبث الحروف
.............................أنهاراً من مساءات حالمة
......أيتها المتربعة  على عرش سعار القلق
أشعلي حمحمات الصهيل لتلدَ
...................قوافلَ أمنيات خضراء...
...................مهرجانات  فرح
................كركرات يتبعثر عليها صخبي
أن التلاصق  المعنوي مع  الهاجس الذاتي  يتيح للشاعر  أن يأتي بصور تخيلية قريبة  الى أحلامه والتي نراها في المسميات كحالة  رؤيا مجازية  لكي  يرتب الفكرة الشعرية  وفق  تلك الهواجس التي  يعيش مخاضاتها  من الداخل (ياأميرةَ الثلجِ...التي أدمنها الزّمهرير /متى تشتعلين براكين شهيق تكتسح شراسة البرد ؟ /تضجّين عاصفة من عصافير؟ /أغطّيكِ بعنف غليان العناقِ /أيّتها الأُنثى القُطبيّة الغافية في /..................... هدهدات الحُلم الخريفيّ /................الموغلة في عبث الحروف /.............................أنهاراً من مساءات حالمة) والشاعر هنا بقدر  ما يريد أن يحقق  التوهج  الكامل  بالحبيبة  ولكنه  يريد هذا  كلحظة صافية  نقيه (تضجين  عاصفة من عصافير )  أي أن الأشتعال عنده هو زمن أقتران كامل  مع من يحب  , ولكن لا يتحول هذا الأشتعال الى عبث رمادي ، أي يريد أن يحافظ عليه من  خلال الأنتماء  الحقيقي  ويتم  هذا  من خلال  تمسكه  بها  كأنها لحظة  لا يهدهدها  الخريف ،   لأنه  يرى فيها ذاته التي  تسعى الى  النقاء   لكي  تبقى   لحظات  أشتعاله   مستديمه لا يهزمها أي زمن وتكون خارج  الزمن العابث بمصرية أنتمائه  لحبيبته  (هدهدات الحُلم الخريفيّ /................الموغلة في عبث الحروف )  رغم  أنها  أنهار من مساءات  حالمه   لكنها الحقيقة التي يعيشها  ومتمسك بها (أيتها المتربعة  /على عرش سعار القلق /أشعلي حمحمات الصهيل لتلدَ /...................قوافلَ أمنيات خضراء... /...................مهرجانات  فرح /................كركرات يتبعثر عليها صخبي ) فهو يريد  من كل هذا   الأشتعال والأمتزاج أن يصل  بكل زمنه  الى  قوافل  الأمنيات  الخضراء  ومهرجانات  الفرح  , وتحقيق   هواجس ذاته   بالأمنيات  التي توصله الى الفرح الحقيقي  رغم ان هذه  الأمنيات هي أمنيات  مسائية لكنها تمثل  له كل  الأماني التي يريد  أن يعيشها فهي تمثل له الفرح  والكركرات   ، وطبعا هذا  لا  يأتي  إلا من  خلال الأمتزاج  والأشتعال   الكلي  مع حبيبته (مليكة الاقحوان)  التي يرى فيها كل ما يخلص ذاته  من كل هذا السكون  الداخلي كي يصل الى مشارف  النشوة  والفرح .
            الشاعر  شلال  عنوز يركب  الصورة الشعرية  ضمن الوعي للهاجس  الوجداني  الذي يعطي أمتداد أفقي  في  تركيب   جملته  الشعرية ،  وهذا يأتي من خلال  الوعي اللغوي بقيمة المفردات وتراصفها لكي يحقق  الأيقاع المتوتر  ضمن هرمونية  فكرة النص  والذي يمتد بأمتداد الرؤيا  التي تثبّت الدلالات  بشكل يقربها من مدلولها  الأشاري ، كي يحافظ على  توهج تواتر الدلالة المعنوية داخل  وجدانية   الرؤيا للنص .


  دراسة نقدية
 للناقدة والتشكيلية التونسية خيرة مباركي..
 بلاغة التخييل في سمفونية العشق .."أميرة من ضوء "
             للشاعر العراقي شلال عنوز

قصيدة جديدة يطل علينا من خلالها الشاعر شلال عنوز بإشراقات "أميرة من ضوء".. تعبق بشفيف الهمس ..بضفائر أمواج البحر المترنح بكركرات القبل ..ترفعه إلى معاريج الوجد ..فيترنم بالعشق ويناجي الشوق ...هي قديسة من عوالم النبوءات ترفل على أوتار الخلود ..إنها بنت عشقه ..أنثى من ذاته خلقها وبمخاضاته أنشأها ..وبحروفه سواها كيانا سويا ..أنشدها لحنا من الأحلام لترتقي في خياله طيفا من السحر ..ولونها بلون الأشواق ..وهذا ندركه من خلال نسيج النص الذي أقامه على دينامية نفسية عبر عنها الخطاب ..فكل القصيدة لا تعدو أن تكون ثلاث لحظات لم تتجاوز حدود ذاته الباطنة ..ارتبطت الأولى بالنداء الذي أفاد معنى المناجاة :
أيتها الممهورة بسناء الندى
الراقصة كما فراشات الزيزفون
بهذا النداء يتحول الخطاب إلى مناجاة ..وعمل صلاة ..وتتحول الأنثى إلى قديسة جثا في محرابها يصلي ..يرتل تسابيحه ..هو خطاب من "أنا" عابد إلى "أنتِ" المعبودة ..من الساجد في الحرم إلى ذات الربة ....من المُحِب إلى المحبوب
لقد تجلت لقلبه بها خفايا الخلود ..كذا قلبه يكتبها لحنا على شرفات التوق ..إنها أنثى ارتقت في خياله لتعلن مدائن العشق ..لعلها غادة من النساء ولكنها تتحول إلى مطلق المرأة في مطلق الحسن ..أما اللحظة الثانية فقد ارتبطت بالطلب والدعوة إلى الفعل (دعينا نحلق ..نكردس ..دعينا نتوسد ..نلثم ..نمسد نبعث للعاشقين ...دعينا نغني ..) وقد اشتركت هذه الأفعال في التعبير عن الرغبة لبناء عالم لا متناه ليكون الوقوف على عتبات الحلم ومعانقة المطلق .. فتغدو معراجه إلى جنان الخلود تعانق هسيس الخزامى وعبق شفيف الهمس على أوتار عزف القلوب .باللحن الماطر بالقبل على أناغيم صوت العالم الأبدي .. سمفونية الفرح الكوني وعوالم الجمال السرمدي ...لعلها عشتاره بعثها في جو من الأساطير ..في عالم من الأوثان .. هي آلهة .. الحسن سناها والحب لها شرعة ..بينها وبين البشر ما بين الرباني والإنساني ..جمال الفراديس في رموشها . وعلى شفتيها توقد شموع الميلاد ..هي الخصب والخبز وخرير الماء حين يعانق هديل اليمام ..أما اللحظة الثالثة فهي لحظة الحاضر التي يعلن فيها انهزامه أمام أفيائها... عاشق تفتنه الحبيبة ويفجعه فراقها ..يورق سناها بالتوق . بالشوق .. باضطهاد
ما تتولد من وقعها فينا ..حسيس من رنين المباني تردد أصداء المعاني ..تجعل من القصيدة نفحة من نفحات الصوفية تحلق بنا في فضاءات ساحرة تصل حد الانصهار والتماهي مع اللامتناهي ..لعلها انثيالات الشاعر الشعرية ..أو لحظة من لحظات نفسه التي رغبت في معانقة المطلق ..حتى حسبته المطلق ..بهذا نتساءل هل يمكن أن تكون هذه الأنثى مجرد صورة مذهلة من قوة الإبداع وبلاغة التخييل ..إنها قدرة شاعرنا على توليد صور حسية من أخرى روحية ..بهذا قد تكون بلاغته مبنية على الوهم ولكنها بلاغة وجودية عضوية وجسدية حيوية ..بذلك فهذه المرأة قد تكون معشوقة ولكن ليس لها أي وجود في واقع الشاعر ..لعلها المرأة التي يبتغيها فتحلق في أحلامه وينسج لها رداء العشق فيتحول هذا الأخير إلى مجرد مقاربة جمالية وهنا يتقاطع الخطاب الشعري في القصيدة مع الخطاب الصوفي ..باعتبار أن البعد الروحي مسلك آمن لبلوغ عالم ميتافيزيقي عبر القوة التخييلة ..بكل ذلك هل يمكن أن يكون هذا العشق مجرد ولادة اضطرارية في نسيج النص يفصح عن أشياء ثاوية في أعطاف الكلام ..من هذه التي غرق فيها بأبجديته ..؟ هل هي بقايا عشق عمري أو غزل نزاري تفصح عن رغبات تضرم فيه أشواق الروح وتوغل في مراقبها ..وتشده بسحر جمالها من حواسه إليها في خلد جنتها ..أم هي صورة العشق في عنفوانه يروض من خلاله نفسه في نوع من الجهاد الصوفي ..وهل الدنيا تدعوه إليها ..أم هو يدعوها?

النص:


أيّتها الممهورة بسناء النّدى
الرّاقصة كما فراشات الزيزفون
دعينا نحلّق في فضاءات الحلم
 نكردس كلّ أمانينا
            في موانيء الغناء
 فمازالت الأرصفة
        تلمّ رقص الخطى
تعانق حنوّ هسيس الخزامى
     وعبق شفيف الهمس
                على أوتار عزف القلوب
دعينا نتوسّد
        شطآن اجتياحات الرّبيع
     نلثم دفق النّسيم
             عند بوّابات  احتدام الشّروق
نمسّد انثيالات أحلامنا
على ضفائر موج البحر
نبعث للعاشقين
        كركرات الماء
             في صباحات الانبهار
دعينا نغنّي
 فما زال لحن التراتيل
 يبشّر بيوم ماطر بالقُبل
 خذيني خبزا ...ساقية ...هديل يمام
 لألمّك نغماً يتهجّد
       في ناي قصائدي
فقد مللت الحبوَ
       في الدروب الأفعوانات
 أشعلي قنديلك المعلّق
              في ركن الرّوح
لتنهمر على شُرفات بوّاباتنا
زخّات  عسل الدفء
وتعلن مدائن العشق
       انطلاق العناق
دعيني أكتبك لحناً ...قصيدة
لتلتحفيني حناناً
          يورق بالتوق
لاتقولي صبّاً أنت ؟
أنا كلّ يوم يوغل بي
            اضطهاد الحنين
 فأفتح لك قلاع مدائني
لتتسلطنين في أفيائها
            أميرة من ضوء


نصوص مختارة
_______________

وبكى الماء
لوحتان من مدوّنات عام 2003
نص / شلال عنوز

(1)           
وانت تغذُّ السيرَ
مهزوماً
يضجُّ بكَ الطريقُ ،
تبتلعُ كلَّ صراخ المواسم
          جراحات التسكّع
             موائد الوجع
تهرول في الطريق الذي
                يشربُ صحوك
               أدمنتهُ الخُطا
                      والعذابات
   يُولولُ في فضاءٍ
          لا وجودَ للبوحِ فيه
يُريكَ انكساراتِهِ المتوالية
            على منضدةِ الرمل
تَشيطَنَ الغدرُ
          على أديمِهِ
كُلُّ ذرّة رمل
     تريكَ مصرعَ عِشقِها
تنتحبُ باكيةً هذا
               الانهيار
              الانحدار
      هذا المأزق المريعْ
لا أحد يحسُّ
      بهذا البركان الذي
              يتفجَّرفي أعماقك
              يستعرُ زفيراً
                     مُدُناً من لهب
يتأجّجُ ولا مدىً
        لحدودِ حرائقِهِ
            الموغلةِ في صمت الغابات
أنت وحدك
 تصفعُكَ الخُطا المخذولة 
                   البلهاء
                    في الطريقِ المفجوعِ
                                  بالحواجزِ
                                 بالموانع
                      بالعسكرِ الذين لاترى
                      في وجوههِمْ وطنَك
تُجيلُ النظرَ في
       جرّافاتِ الأماني .
              فتموتُ الفَ ميتةٍ
تحتَ سُرَفِ دباباتِ
            الليلِ الغازي
توغِلُ مسافراً في رُؤاكَ
                     المُمَزّقة
فينامُ في جُرفِكَ
       الهوَسُ المُريب
أنتَ الغريبُ هنا
لا الدرب دربك
       لا المسافات
تذرفُ دمعةً يائسة
سُجن فيها الوطن
مَن يبكي معك؟!
أنت ضحيَّة
       جنون السلطة
       نياشين (الجنرالات)
      الهتاف الفارغ
مَن يُواسيك؟!
كُلُّ الاماني تحترق
  البلاءُ المدَجَّن
  الموتُ السريع
  هذا النزيفُ الجماعيُّ الذي
              كُلّما نامَ أيقظَتْهُ الفتنة
                         وهي تُكثرُ القولَ
                         هل مِن مَزيد؟
  القصيدةُ شوّهَتْها
             وجوهُ الغرباء
ما عادتْ تُغنّي
صارتْ كائناً ممسوخاً
                  لا حقيقةَ له
لاترى غير بعضٍ
مِن وطنٍ مطعونٍ أدمَتهُ
                سياطُ العُقوق
               تآمرَ الأخوةُ ألأعداء
وبعض مِن أثرٍ يقول:
                كان هُنا مَن نُسمّيه ) جيشاً)
كلُّ شيءٍ يعبَثُ فيه السّواد
تلكَ اليمامةُ مكسورةُ الجناحِ
         تئِنُّ لاعنةً هذي الهزيمةَ النكراء
        تَطشُّ بُرازها على التواريخِ المزيَّفة
                       ترفرفُ ياللعارْ!!
 شجرةُ السِّدر
         تجرُّ أذيالَ أغصانِها
          مُطَأطِئةً
         غادرتها الخُضرة
        هجرَتْها الطيور
دبّاباتُ نصرِنا المهزوم
           مَركومةٌ على ضفافِ الوجع
سلاحُ الأيامِ الصعبةِ
         مهانٌ على  كُثبانِ الجدب
عتادُ دمي
       يتفجّرٌ في روحِ ازمنتي
                            المُدبِرة
         ذَليلاً مُشاعاً للراغبين
أنتَ أمامَ كارثةِ
             الهروبِ الجماعي
       وبقايا جيشٍ تَبَخّرْ
عشيّةَ يومٍ بكَتْهُ السماء
وحدكَ تبكي
          دَماً
        وجعاً
   صارخاً :
        أينَ الوطن ؟!

(2)         

آه  ياوطني...
     خيولك الهاربة في كبد
                     الصحراء
    أخرسها الصهيل
مُستفزَّةً أكلت حوافرها
قلوبها مشرئبة صوب
صومعة من خيال
                  متعبة
العواصف تغلي
النكوص يزدري السارية
المدائن جراح
ايها الوطن المبتلى
يامَن كان مثابة لألق العنفوان
وزهو الذرى
كيف ابتلع المدى المذبوح
                      اناشيد قومك ؟
                    أهازيجهم التي ازدردتها
                          الافواه الجوعى
                              لأسراب جراد التآمر
هذه الغربان التي
            حفّت بها شرور
                   أزمنة الضياع
تجوب سماءك مستهزئة
                  برايتك المنكّسة
لا أحد يواسيك ايها الوطن المُدمّى
                  كلّهم رجال من وهم
الاّك ياوطني
أنت صوت الحقيقة الذي
                     تحمله الرياح
ليشرق كتلاً من ضوء
رغم جُدران اليأس
ايها المخذول حدّ الموت
منذُ انتصارٍ مهزوم
وأنت تحلم بالانعتاق
ترشُّ الاماني
         على الدروب
             التي روّعتها الخُطا
تغني للأبواب الموصدة
         مدن الوجع
وأنت تمسك نبضك
تجرجره صوب احلام
تتناسل بلا أفق ولادة
سوى
      دخان
      تطاحنٍ
      موتٍ سريع
نبذتك كلُّ مدن القنوط
حتى انهار حلمك
          ذات حقيقة مرّة
         فزَّ فيها صحوك
فابتلعه الفضاء
عندما بكى الماء
بملح الرمل
شربته الكثبان
ايها الماء الذي
كلّ شيءٍ منه؟
لماذا نحن بلادٌ
           من عطش؟
       أنهارٌ بلا ماء؟
ايها الماء الخالد
هل رأيت وطناً بلا بندقية؟
           بيادرَ من ذهبٍ
                هرب حرّاسها عراة
                  بأول صافرة
                       من لصٍّ دخيل؟
 ايها الماء
لاتكترث لهذا اللغو
                     الهمجيّ
فصوتي هو الحقيقة
الآتية من
         أعماق بابل
         تشظيات كلكامش
         وجع عليّ
         حرارة دم
                  الحسين
 ايها الماء الخالد
لماذا نحن دون خلق
                       الله
        نصفّقُ للأشباح
       ننشدُ للمهزومين؟
       نقدّس طغاتنا
       نُظفي على القاتلين
                 العصمة ..والعظمة؟
لماذا نستبيحُ
         دماء الاحرار؟
كم دمٍ بريء
نقيّ اريق على ضفافك
                         ظلماً
                         بغياً
                        عطشاً ؟
منذُ وجعٍ
وانت تسافر في
            دهاليز العتمة
     تلوّح للريح
     تستنطق آهك
متى تسريح؟
نيامٌ قومك والغزاة
ساهرون
ينسجون الليل في
             مدنك المسوّسة
كلّ خيولك
          صادرتها العواصف
دوّنوك في صحيفة
         ذوي الاحتياجات الخاصة
آه .....ياعراق
              مشلولٌ أنت
باعوك في
        اروقة النخاسة
متهمٌ كلّ من فيك
...حتى الهواء وهذأ
                الماء الذي
                      يزدري عطشك
منذُ وجع
      وأنت وحدك
          في المنفى
لا مِن خلاص
مَن استودعته حلمك
 سرقه ليلة
          كان القمر
              مكبَّلاً بالغيوم
بين نزفك
        وصراخي
عمرٌ من خيباتك
              المتلاحقة
تلك الوجوه المكفهرّة
           تُنكربحور القصيدة
           تذبح الغناء
           تستبيح المُنى
أجبني ايها الماء الخالد ؟
             هل رأيت أمّة
                 تتوضّأ بالدم؟
               تُنشيء مصانعَ
                     للكراهية؟
            تقاوم الحبَّ
               بالسلاح لتصادر
                           الأمل؟
هل رأيت أمة
          تذبح البراءة
          ليتناسل الاجرام؟
منذ صرختي الاولى
وأنا أمنّي النفس
             أن لابدَّ من
                        تغيير
كل احلامي تتجه
           نحو الشروق
          تهرول صوب بوصلة
                           الشمس
هل هي دقيقةٌ بوصلتي
لأتّجه الوجهة الصحيحة؟
اجبني ايها الماء الخالد؟
مازلتُ واقفاً
       على الضجيج
             أُلوّحُ للأملِ
                      المُستفزِّ
                      المغادرِ
                          أن يعود

من ديواني الشعري وبكى الماء

زرقاء اليمامة

خذ وجعي
دعني اتوارى
خلف اقبيةٍ
         طرقاتٍ
وحوار بنيوي
ومآذن
لا تخف موتي
فللاهات موقد
لم يزل يرسلُ جمراً
                   وحريقاً
                   وخرابا
وعلى فوهة بركان جنائز
ص28
كان ينتظر القيامة
             هاتِ زرقاء اليمامة...
ابحري, وافتحي عينيك
                 للآتين
أفصحي...
ثرثري...
ماذا ترين...
         القادمُ الليليُّ
غبشٌ تسربلَ بالضجيج
ماذا أرى؟
أأشجار تسيرُ الى الحتوفِ
                ام الضحايا
ماذا أرى؟
واحانكم زحفت اليكم
يابني أمي
        وها قد حان موعدنا
صحرائكم مدد عليكم
             لا إليكم
ص29
فلتفق الآن اجراس المآذن
ولتمد الارض
تستجدي هوى الاجداد...
                موتانا
مدد عليكم يابني امي
فخلوا النوم للحالم
دعو الغثيان واستبقوا...
أعاصير جنون النوم
                والغفلة
صحرائكم زحفت اليكم
            يابني امي
نموراً ثعابينَ
منايا
صدقوني انه الخبرُاليقين
لا تهزؤا..!!
فالهازئون الخاسرون
جيوش الليلِ تزحفُ
وهي في مرمى بصر
ص30
أسرجوا كلُّ الخيول
              تمنطقوا
ودعوا الهراء
هاتِ زرقاء اليمامة
نحن أميون عميٌ
لانرى الا وجوه الفاتنات
...موائد السُمّار
فاتورة الملهى...
        نقيق الادميّين
        سُكارى
وصراخ السوق
          والدولار
          والحُمّى
عُميٌ نحن يازرقاء
قد مُسخت رؤانا
واستبدّت في دمانا
سرطانات البضائع
ص31
أرَضات نحن يازرقاء
نعتاشُ على بعض دمانا
صُمَّتْ مسامعنا
فلا صوت سوى الحوذيِّ
يرعدُ في دروب الليل
ترقصنا اغانيه البليدةِ
          كالعواءِ
ونعانق الاشباح في كبدِ
          النهار
نيام نحنُ يازرقاء
ما برِحت وسائدنا تنوءُ وتستجير
يالهول الامس
في أسمالِ من مرّوا
من أفاقَ ومن يفيق
أزفت الآزفة
وانشقَّ القمر
أمحاصر هذا الزمان
           فلا غرابة.....
ص32
هاتِ زرقاء اليمامة
هل ترينَ اليوم (بيجماليون)
يعدو في أزقتنا
وينحت وجه إمرأةٍ
               بتول
لم تلدها الأمهات
هل ترين الآن ابخرةً
                 شموعاً
                 وذراعاً ممسكاً وجه الحبيبة
                 وإحتراقاتِ قصيدة
هل ترين ؟
إنها من قبلةِ الشمس
ومن طفحِ الفرات


 21/12/1991
النجف الاشرف
ص33
من ديواني الشعري  (مرايا الزهور) المطبوع عام 1999  / مطبعة الادباء في النجف الاشرف





الشاعر وسفر الغريب

مُسافرٌ عبرَ حُلمٍ مستفزٍّ
توكّأ على جُرحٍ نامَ في دمهِ
فشكاهُ السرير
شاكسَ كلَّ الطرقات
التي روّعتها الخُطى
فأرتَوت ُّذُعراً
تلفّتَ للسائرين
حيثُما يرقصون نياماً
الرقصُ دُخانٌ تعرّى وجفَّ
على الدروب
   يندبهُ العابرون
      الذين تعطّروا
           بالغناء
               بالبكاء
بالحظوظ المهاجرة
الغناء البكاء
البكاء الغناء
ص60
ما تخطّى الشفتين
يبكي على مزمارهِ المسروق
يغازلُ الشاعرَ...
المسجّى في مجاهيل القصيدةِ
لا شاهدٌ سوى دمعةِ الشمس
الغريبُ بين فكيّ رحى
                 تدور
                 في صوَر العصور
ترجّل أيُّها الشروق
فقد تاه الكِبرُ
في زحمةِ الدياجير
ترجّل أيُّها الرحيل
الذي قاتلَ المستحيل
ترجّل فلا صوتٌ سواكَ
   يلمُّ دمَهُ
        وكلُّ أسى كربلاء
              تلك الرمالُ شواهدٌ
                   تلك القِبابُ والطائفونَ
              والسناءُ وماءُ الفرات
         وبينَ تلكَ وتلكَ
ألف ليلةٍ وليلة
ص61
تُرى متى يرجعون؟‍‍‍‍‍‍‍
الملحُ في العيون
(الناطورُ)نائمٌ على الجرف
ينسجُ بشاربيهِ العنكبوت
شاخَ الطريقُ
القطارُ الذي تفصّدتْ عرباتُهُ
ما زال يعدّ المحطّات
التي هدّمتها الطقوس
حُلُمٌ مستفزٌّ
    يجهشُ باكياً
        عند بئر مُعطلةٍ
              غاد‍َرها الأعراب
                   عند سدرةٍ عُريانةٍ
كتبَ الوقتُ على جذعها
راحِـ ..... ـلون
الثلجُ ما زال يغزو مِفرقَيهِ
يعدُّ النجومَ
علَّ الأمّهات يلدن
فيأكلُ
    من نذرِ (الخُضرِ)
         و(سفرةِ) زكريا
ص62
منتظراً (بنات نعش)
حالماً بالبابِ العاجيّ
الذي لوّثَهُ الطارقون
الذين يمسكون بمدياتٍ
ما ارتوت من دماءِ الأضاحي
    يتملّى الأُفقَ ويُعبَأ السرابَ
    في بئرهِ
والطيرُ ما زال مُعلقاً
في ثُقبِ الأوزون
عندما صاح الغريبُ
تمسّكوا بحبلِ اللهِ
كونوا أحراراً
خرجَ الشيطانُ
واحتزَّ رأسهُ
صائحاً
لا نُريد من يعرّفنا بأنفسنا
الحقيقةُ أشدّ من القتل
صفّق النخَّاس
وخطبَ الجفافُ
فتساقطَ الجّدبُ
على الرمحِ
صاحَ رأسُ الشمس
ص63
أيها الشاربون ضياءَ البصيرةِ
ألا لعنةُ الله على
ذابحي صحوة الفجر
      لكنّ الغيمَ الهمجيَّ
          عطشٌ تمدّدَ في الظلام
               دقّت الطبولُ
               وصوتُ الغريب ينمو
               في كبدِ الريح
الريح تمرُّ على
باب حلمٍ مستفزٍّ
وطرقات المدينة مشتعلة
بالأجناس التي تنتمي إلى الضجيج
موكبُ الحقيقةِ يدورُ
في الأزقّةِ الحُبلى
يسافرُ من بلدٍ إلى نجمٍ
يرتدي البياضَ
الريحُ تطرقُ باب الشاعر
فأودعها عصفورهُ
المدلّل
وهو موغلٌ في تذكرِ ملامحِ
                     وجههِ
ص64
                  يرصدُ الشجرَ العاقرَ
              حيثُ
          لا طيرَ ينادي
      سوى ذاك الذي

ما زال معلقاً في ثُقب الأوزون

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق