الاثنين، 17 يوليو 2017

طِفْلَةُ الشّتاءِ../ بقلم الشاعرة المبدعة : فاطمة سعد الله // تونس

طِفْلَةُ الشّتاءِ...
عندما تَتَلَيَّفُ الذّاكرةُ، تتعلَّقُ القصيدةُ بأذْياًلِ ذُكاء،لا يشُدُّها إلّا خيْطُ عنْكبوتٍ أوْهى منَ التّذكّرِ..تتَوهَّجُ الأشعَّةُ والذّاكرةُ قَدِيدُ شَمْسٍ هارِبةٍ منْ مدارها..تَتَليّفُ الذكرياتُ..تتوالدُ الكدماتُ والمُنْعرَجاتُ في متاهاتِ مساري..أرْكُضُ خلْف ظلّي..ألْحقُ به..يسْبِقُني..أرْكُضُ...أمُدُّ أصابِعَ الأخْطبوطِ لأُمْسكَ حفْنةً منْ سَنَواتٍ عجافٍ لمْ تُسْعِفْها نبوءَةُ يوسف أو قطْرةُ حياةٍ تجودُ بها غيْمةٌ عابرةٌ..
فلا أظْفَرُ إلّا برَغْوةٍ جُفاء يتيبّسُ ملْحُها على شفَتَيَّ..يشُدُّني الطينُ إلى الطينِ ..أزْدادُ عطَشًا إلى التحْليقِ كطائرٍ لا يعْرفُ القرارَ..سُلِبَ أحدُ جناحيْهِ ولم يتعطّلْ عشْقُ الهجْرةِ لديْهِ...أعالي الجبالِ تسكنُه...
أبْحثُ عنْكِ أيّتُها الساكنةُ في أنساغِ الصّمْتِ،سكينةً تغوصُ في دوّاماتٍ موْجِ العيون..أيّتُها الضاّربةُ في جُذور الغيابِ..
أيّتُها اليَمَامةُ الهائِمةُ بيْن حقولِ القمْحِ..
وجُزُرِ الملْحِ،،،
أرْسُمُكِ وشْمةً على جبين لوْحةٍ ...حياةً تتقفّى حياةً...
سأظلُّ أتقفّاكِ غَمامَةً موْعودةً بالهطولِ..في مُفْترَقِ الصّمْتِ والكلامِ.
عندما يذوبُ ثلْجُ الحروفِ على قِمّةِ الرّفْضِ وينْسَكِبُ ماءً سماوِيًّا ثجّاجًا..
ستُبْعثين من جديد..
حقْلَ أحْلامٍ..
أقْراصَ جمالٍ خضْراء..
شهيَّةَ المذاقِ والشذا..
أبْجديَّةَ همْسٍ..تؤسّسُ لدُسْتورِ البدْء والشّروقِ..
ستعودين أيّتُها الذاكرةُ..عُشْبةً تمْتصُّ الاخضْرارَوتعِدُ بمواسمِ الحصاد..
حصادًا يانعًا رغْمَ الصّمْتِ..
رغْم كثْبانِ الملْحِ تهيلُ قذائفَ الموْتِ ..سَتَعودِين..
أيّتها الفراشةُ الملوّنةُ ..ستجوبين حقولَ القمْحِ توزّعين الفرحَ..تُلْقِمين عصافيرَ البطونِ قوْسَ ألْوانٍ وبذورَ شَبَعٍ..
أيّتُها الغيْمةُ الغافيةُ بين شتاء الغيابِ وشمسِ اليقظةِ..أيّتُها الزهْرةُ الحمراءُ المخَبَّأَةُ بيْن طيّاتِ العُمْر..أنْتِ تسابقين أوْراقَ الفناء شحوبا..وأنا أرْكضُ خلْفك نحو الأنا..أبحثُ عن إكسير الرّوْحِ والريْحانِ ..شُحْنة بقاء ..لمْعةَ صفاء ..أبْحثُ عنْكِ أنا ..
على أنْ نلْتَقِيَ في منْتَصَفِ الدّهْشةِ ..خلْفَ شهْقةِ شجرةِ اللوْز الجرْداء عندما يباغتُها الربيع..
وفي سلّةِ طفْلةِ الشتاء تتجمّعُ الذكرياتُ طوْقَ ياسمين..تبشّرُ بولادةٍ جديدةٍ..
فاطمة سعدالله/ تونس (20/6/2017)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق