الأحد، 14 أكتوبر 2018

مجلة أنكمدو العربي للثقافة والادب // شرنقُ الماس .. تتحدى الخريف // للشاعرة : مرام عطية // سوريا

شرانقُ الماسِ .. تتحدَّى الخريفَ
*********************
انهارَ حلمُ الليلكِ الزَّاهي تحتَ مطارقِ الواقعِ العاتيةِ ، تهدَّم قصرُ الوهمِ البللوريُّ ، شظاياهُ جرحتْ فازَ قصائدي الشفافةَ، بكتْ عيونُ الزهرِ أغانيها المترعةَ بالحبِّ ، أُقفلتْ أبوابُ الرجاءِ في وطني المسروقِ ، أحمالي الثقيلةُ ينوءُ بها جسدي النحيلِ ،لامفاتيحَ لمنازلِ الغدِ لديَّ ، يبستْ أوراقُ الأحلامِ البنفسجيةِ، السَّواقي المبتسمةُ تصحَّرتْ في قلبي ، ضاعَ عقدي الثمين ، غامَ في المدى دربي ، ما أضيقَ رحبَ الكونِ في مقلتيَّ !
ذاكَ الخلَّبُ البرقعُ كنتُ أحسبهُ نهراً يسيلُ عذوبةً كما أوهمني سرابُ ثرائهِ، أذخرهُ ليبابِ أيامي ، أمحو بأمواجهِ الزرقاءِ سوادَ الليالي، كلَّما نضبتْ أمواههُ مددتُ إليهِ جداولي ، أرفو مزقَ قميصهِ ، أرتِّقُ ما انكسرَ من أباريقهِ ،أغسلُ شحوبهُ بتراتيلي ، أكحلهُ بميلي وأقراطي ، وأهديه أساوري ليبقى آية الكمالِ والبهاءِ، لم أكن أَعْلَمُ أني أحفرُ بئراً عميقاً لخطايَ ، وأبني قصراً جميلاِ هشَّاً من الأوهامِ سيتدمَّرُ على هامتي عند أولِّ انحدارٍ ألمَّ بزوارقي ، و يتركني جثةً هامدة بينَ ركامِ الخيباتِ .
مرَّ الْيَوْمَ واقعاً قبيحاً كالموتِ ، دامياً كالأشواكِ ، قاسياً ثقيلاً كالمصيبةِ دهسَ عصافيري بسيارتِه الفاحمةِ ، ورماني مع أكياسِ القمامةِ في آخرِ الحاويةِ ساخراً : ( المالُ لغةُ العصرِ ، اشتريتُ به أعلى المناصبِ وأفخم الشهاداتِ ، هذا قانون العدلِ في الحياةِ ، ابحثي عن منزلٍ لك بين الأوساخِ والمستنقعاتِ حيثُ رميتكِ ، دعي شهاداتكِ وقصائدك الخرافيةِ تنتشلكِ من الغرقِ ) يالألمي !!
ماذا أقولُ لروحي التي رمت بكلِّ أسلحتها في بحرِ النبلِ ، و أهدتْ كلَّ ذخائرها إلى السرابِ ، كم من الأعذارِ يحتاجُ قلبي ليسامحني ويعفو عنِّي !! وماذا أقولُ لعينيَّ التي رسمته نخيلاً يقرأُ تاريخ َ ياسميني ؟! أيُّ بلسمٍ سيداوي جرحي التليدَ ؟
مهلاً، أيُّها الخريفُ الطاووسُ ، طائرُ الفينيقِ يولدُ من رمادِ اليأسِ ، من سماد خيباتي ولدت شرانقي ، سنديانتي الفينيقيةُ تتحدَّى الريحَ تستعيدُ كنوزي ، تعيدُ صوغها، مزنُ الشتاءِ يسقي غراسي في الظلِّ ، تنمو شرانقي بسرعةٍ تحتضنها أمومةُ الشَّمسُ ، تخصب روحي بدفئها ، يتسللُ النسيمُ لمسامي ، ينهمرُ السَّحابُ غزيراً ، أرى شآبيبَ ماسةٍ تلمع في حقولي ، سأتحدى الرياحَ ، ماستي الفينيقيةُ ستخبركَ عن فصلٍ جديدٍ من الجمالِ و أقاليمَ خصبٍ، تتأوجُ الدُّنا .
_____
مرام عطية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق