الجمعة، 12 أكتوبر 2018

مجلة أنكمدو العربي للثقافة والأدب // صهيلُ الحبَ .. بارقة حبور // للشاعرة : مرام عطية // سوريا

صهيلُ الحبِّ .. بارقةُ حبورٍ 
_______________
موجتانِ متنافرتانِ تتنازعان الأممَ بلا هوادةٍ ، ، تشهرانِ قلمي على أعداءِ الجمالِ والحقِّ تستلانِ حرفي الذي تعمدَ بالنُّبلِ وتأرَّجَ بالانسانيةِ ، لفظتانِ متضادتانِ في معاجمِ الأبجدية ، تنهلانِ من شريانٍ مفردٍ في قلوبِ البشرِ ، شقيقتان متخاصمتانِ تقطنانِ في مملكةٍ وَاحِدَةٍ ، كما يتجاورُ الزؤوانُ والسنابلُ في حقلٍ واحدٍ ، فكيفَ أعيشُ مع أطفالي بفرحٍ و هناءٍ ، وصليلُ السيوفِ يقتحمُ الأرواحَ والرؤى ؟! 
ابتدأتْ حربهما الضروسُ منذُ صهلَ الحبُّ وزرعَ الفرحَ في النفوسِ الرماديةِ التي ثكلتها الحربُ ، وأشقتْ طفولتها ، كقابيلَ وهابيلَ اختلفتا في النهجِ والسلوكِ ، أنَّى تصارعتا حلَّ الخرابُ ، تزعزعَ عرشُ الهناء، و تهدمَ قصرُ السكينةِ
فمنذُ أشهرتْ الحربُ بندقيةَ الراءَ إلى صدرِ أختها المحبةِ ، و نبتتْ أظافرُ الموتِ في رحمها ، صارتْ مرتعاًخصباً للحقدِ والكراهيةِ والحسدِ ، فولدتْ الدمارَ والقنابلَ فكان الجهلِ والتخلفِ والثأرِ ، لبستْ رداء الموتِ الأسودِ ، وجنَّدت ْ أولادها لسرقةِ يواقيتَ وزمرُّدَ أختها الجميلة .
فما خيمتْ غيومها السوداءَ إلاقتلت طفلةً أو شرَّدت أسرةً ، أسقمتْ أجساداً غضةً وهتكت عذريةَ حسناءَ ، أمَّا ( أناملُ المحبةُ ) فقد رشَّت بذارها في كلِّ أرضٍ ، فصارَ سنابلَ عطاءٍ وجمالٍ ، وتموَّجتْ على سطحِ الكواكبِ فأثمرَ حضارةَ اتصالاتٍ ومنتدياتٍ ولقاءاتٍ مثمرةً لخير البشريةِ ، سحائبها الخصيبُة أحالتْ الصحارى خمائلَ وزهورَ ، وعقدَت الشَّجرَ على خصرِ اليبابِ فتدلى ثماراً شهيةً ، وحينَ مدّت ضفائرها ( أحبُّكَ) صارت أماسي ماسيَّة و كرومَ عنبٍ ودوالي خصبةٍ ، فصدحَ على أغصانها الكنارُ الطربُ
ومذ كحَّلتْ عينيها بالشَّوقِ والحنين ، وجرتْ مطارفَ الأحلام ، تكلَّلتْ فضاءً رحباً للعصافيرِ والعشَّاقِ ، وتأوَّجتْ عروساً فاتنةً للسلامِ ، وأبناؤها اليوم يدعونَ أبناء السَّلامِ ، تعرفهم من راياتهم البيضاءِ ، وقلوبهم النَّقية المترعةِ بالإيمانِ .
ماأجملكم أبناءَ السَّلامِ ، وسليلي المحبةِ ...!!
فالأبجديةُ لاتسمو ، و العلومُ لا تزدهرُ إلا حين تكتبُ بمدادِ الحبِّ ، وحين يصهلُ الحبُّ، فيصيرُ أمَّا، وأخاً وموطناً أميناً ، يغردُ على أغصانِ الطفولةِ ، يضمُّ المساكينَ والمقهورينَ ، يحررُ المطلومينَ من سجونِ العتمةِ، ويعتقُ الأسرى ، ترتقي الأممُ بحضارةِ القيمِ ، والأمةُ التي لاتستيقظُ على تصهالِ الطفولةِ، و تسيرُ أرزةً على خطا الصنوبر ، تعانقُ النَّخيلَ والسنديانِ أمةٌ عقيمةٌ ماتَ فيها المفكرونَ والعلماءِ .
--------
مرام عطية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق