الأحد، 6 مارس 2016

الصورة والشمس / بقلم رسمية رفيق طه / سوريا

الصورة والشمس---------
في مدينة ما وعلى رابية من روابيها جلست تنظر إلى الشمس وعلى ثغرها إبتسامة ألم -جلست تنتظر صورة تخرج من عنان السماء وكبد الشمس --كانت قد إيقنت بإنها ستأتي لتقبلها قبلة الصباح وستحتضن منها كل الذكريات --أفراح وأتراح --آمال وأحلام هواجس وفزع وأمن وسلام ---هكذا أخبروها فخرجت تنظر وترتقب الصورة في كل يوم تبزغ فيها الشمس على الدنيا بخيوطها الذهبية ---من هذه الأشعة ستلتحف صورة وطيف زوجها وسيكون اللقاء بهمس الدمع وجمال الماضي شاهدا على خلود الحياة --فجلست بوشاحها وثوبها الأبيض الخلاب وكأنها قطعة ثلج تنتظر لسعة دفء تفكك خلاياها وتحقن شراينها بلقاء يبث الدم فتنتعش الدنيا من جديد في عينيها المحملتين بالدمع --جلست بثوب ناصع البياض كانت قد ارتدته في زفافها لترتدي بعده سواد الموت --جلست وعيونها تسافر -تلاحق كل وهج وخيط تفرزه الشمس علها ترى حبيبها فيحضنان البساط الأخضر السندسي الذي يتراقص مع نسيمات الهواء العليل فيدق على شفاه كانت قد جفت من قلة ينابيع الحنان --فحبيبها مات وماتت الدنيا في قلبها حتى قالوا لها بأن الشهيد حي عند ربه وفي جنة الخلد يسكن بالفرح -وبالفرح سيأتي من الشمس ليحضن أحبته فاخرجي إليه في كل طلعة شمس وانظريه واطربي بالماضي والحاضر ---فالشهيد عند ربه مرزوق بالدنيا وبالآخرة فاخرجي إليه فإنت زوج الشهيد وأم الدنيا فدمعك طلقات رصاص نحملها فنموت ليحيا الوطن ---اخرجي لتشاهدي نسوة واطفالا" غطوا كل العشب ليروا صورا" في الشمس تقول أنا اليوم احمل صور سورية وغدا" قد أحمل صورا أخرى عربية --

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق