السبت، 26 مارس 2016

ظل عفريت / الاستاذ هادي المياح / العراق / قصة ..قصيرة

ظل عفريت
قبل ان تغادر المنزل نادته أمه بصوت عال: 
-لا تنسَ ما قلته لك؟..
وإختفت على الفور. لم يتذكر بعد ذلك، غير صوت إنغلاق الباب . 
ثم دقت الساعة الجدارية اثنتا عشرة دقة.
دقّات متتالية، ومروّعة. يحسُّ بها خارجة من رقاقات أضلاعه..لم يتمكن من سماع الدقة الاخيرة ، كان يحس بغياب غير معهود. مابين اليقظه والمنام تأرجحت أفكاره المشتتة..وراحت تحوم في فضاءات شاسعة من التيه..تروح وتغدو في فلك مضبب، وكأن عفريت تربع على كتفيه.. شعر بما يشبه الانسلاخ من كيانه ، وثمة اشلاء راحت تندمج مع بعضها. العفريت يبتعد ، البيت يتحول الى مجرد زوايا مظلمة ومتاهات..ماتبقى منه يسبح في بركة اشبه بالسراب..يسمع من جديد دقّات الساعة الجدارية .. ينهض بقليل من الوعي ، يلمحُ بقايا ظل لكائن إختفى لتوه بسرعة ..يبحث عنه بما لديه من إرادة،في كل زوايا البيت، المظلمة منها والمتروكة، البعيدة منها والقريبة..ثم ينتقل الى غرف النوم، غرفة الأطفال، والمخزن.. يراقب خزان ألماء فوق السطح، ويتابع مسقط ظلّه على الارض..تَمثّل له الّظل بهيئة سحابة سوداء تشبه الكبش، سمع صوت مأمأة تخرج من رأس السحابة ..قطرات من الماء تهطل علية فتلتصق بوجهه..يمسحها، يطيل النظر في يده ، سيل يلتمع من الرطوبة في كفه.. وعلى الارض ،أسفل الكبش ، تتدحرج كرات سوداء صغيرة..تبادر الى سمعه همهمات خلف الباب..حوّل بصره الى الباب، انطبعت الكرات السوداء عليه، صار الباب أشبه بثوب إمرأة متقدمة في السن.. فكرة وجود أحد اقتحمت توقعاته..الباب الخارجي يحتّج على وقوف هذا الأحد خلفه، ملّ منه ، فقد بد له ثقيلاً..صرّ الباب قبل ان ينفتح ، ظهرت أمه، اختفى العفريت.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق