السبت، 30 أبريل 2016

ركام الحروب / للاستاذ قاسم الذيب / العراق

ركام الحروب ..
.....................
فمثلكَ يصهل بمراثيهِ
وَروحه تتشرنق
بعقاربِ ساعات
رَقصَتْ بركامات الحروب وقمامات 
مارشاتها العسكرية
فمثلكَ يترقب الريح
وآلهته مشغولة بتلاواتها الكاذبة
تزفر سماوات سوداً
فمثلكَ دائم السفر
ولم تبقى في ذاكرة وردته 
إلا لسع نحلة
فمثلكَ غجريّ
يصهل بأساطيره
ليعزف سمفونية خيوله العرجاء
يعزف للحرب
التي هربت طبولها
وتمزقت فرائص
عازف إيقاعها 
فمثلكَ
همسات أنفاسه
مُبللة بالفراشات
فمثلك
وَمكانك
وَروحك 
وسرابيلك ..
فمثلكَ
يَتشابه عنده
الوهم 
والليل
وغرغرة الربابات ...

شعر / الاستاذ نشاة ابو حمدان / سوريا

جموح حنيني
وتهاطل الرؤيا،
حين يستعبدُ طيفَكِ ذاكرتي،
تتخطى طقوس الشوق 
جذوتها.
يصبح للهذيان جذور
تنغمس في أعماق نبضي،
تورق أغصان ،
في موسم عشقي
ينعقد ثمر الليمون.
يمارس عطرُك هوايته،
يراقبني.
حينا
يحجب عنّي نسائمه،
وحينا
يمطرني غيمة
ترسمك،
في حبة...
مطر...
.............
عيناك
وأنا أزاول شوقي
وقد أزم الحنين .
تعكسان ابتسامتي،
أتلهّى بالشرود
وأردفُ الصمتَ بإلتفاتةٍ
أقرأ المكان،
هناك حيث يستعيرُ المكان
من بعض طيفك
ومضة ضوء
يتلقفها المساء كلهفتي
ويمضى، يحاورني
لغتان مختلفتان..
لكن في أبجدية عشقٍ،
واحدة.....
‫#‏نشأة‬

ذات مساء / للاستاذة جنان السراي / العراق


ياقائد الروم / د. محمد القصاص / العراق

يا قائدَ الرُّوم 
قصيدة
بقلم – الدكتور الشاعر محمد القصاص
1
يا قائدَ الرُّومِ أنبيء خالدَ العَــــــرِبِ *** القومُ بعدكَ من حالٍ بهم عَجَـــــــبُ
بوهانُ بعدك قد هنَّا بلا سبـــــــبٍ *** لم يعرف الناسُ يا بوهانُ ما السَبَبُ؟
بل أصبحَ الذُّلُّ والتشريدُ ديدننــــــا *** تلك السُّيوفُ وخيلُ الحقِّ تَـرْتَعـــبُ
شذُّوا عن الحقِّ والإلحادُ منهجهُــم *** من منبعِ الذُّلِّ يا بوهانُ قد شربــــوا
مما ألاقي لا أشكو بلا سبـــــــــــبٍ *** فالقلبُ يُقهرُ والعينانِ تَنتَحِــــــــــبُ
يا للعروبةِ للمُحتلِّ مذ رَكَعَـــــــــتْ *** تأتي المصائبُ والإذلالُ والنُّـــــوَبُ
يا ابن الوليدِ فقمْ للنهرِ واسألَـــــــــــهُ *** قد لا يجيبُكَ يا مَسلولُ مُغتَصَـــبُ 
هل يعتبُ النَّهرُ والأَصْفادُ تُثْقِـلُــــهُ *** أم يشتكي الطيرُ والأمواهُ تَضطَرِبُ
يا ابنَ الوليدِ فإنَّ العُربَ من سَغَـبٍ *** في لُجَّةِ الذُُّّلِّ قد أوهَاهمُ السَّغَــبُ 
ويحُ العروبةِ من حكامها سئمـــتْ *** أما الشُّعوبُ فقد أوهاهُمُ التَّعَــبُ
يا ابن الوليدِ فجندُ اللهِ قد غُلبــــوا *** بعد الوقيعَةِ يا مَسلولُ بلْ سُلِـبُـــــوا
الخيلُ غارتْ وحتى اليومِ ما رَجَعَـتْ *** ولا الفوارسُ يا مسلولُ مذْ ذهبــوا
أبا عبيدَةَ إنَّ القومَ قد جَبُنُـــــــــــوا *** من جُندِ إبليسَ في خوفٍ وهتْ رُكبُ
يا ويحَ عَمرٍو إذا ما فـزَّ من كفـــــنٍ *** أما يَـزيـدُ إذا ما هزَّهُ الغُلُــــــــــــــبُ
حتى الفوارسُ من أجداثهم نَـسَلـوا *** قاموا إلى البعثِ إذ ينتابُهم غَضبُ
فلا القُصُورُ ولا الجَنَّـاتُ تُسعدهمْ *** ولا الملايينُ ما المطـلـــــوبُ والأربُ
يا للملوكِ من أعلوْا وسائدَهُــــــــمْ *** أما الشعوبُ فقد أضناهمُ التَعَـبُ
أمُّ المعَاركِ يا يَـرْمُوكِ قد نَسَجَــــتْ *** عَباءةَ النصرِ لليرموك تَنتـســــــبُ
عساكرُ الرُّومِ للأبطالِ إذ عَرَضُـوا *** في بطنِ عِشَّةَ واليرْمُوكُ يصْطَخِبُ
ما كان خالدُ يومَ الزَّحْفِ منشغلا *** في طيِّبِ العيشِ بل للزَّحْفِ يَرْتقِــبُ
يا أمَّ قيسٍ فهل قيسٌ له أمَـــــــــــــــلٌ *** أم أن قيسَاً كباقي العُـرب مرتعِـــــــبُ
أيدي العُروبةِ بالأصفادِ نازفــــــــةٌ *** من بعد عشَّةَ حتى اليومَ تـنتحـــــــبُ
أما فجُرحُكِ يا جَوْلانُ نازفـــــــــةٌ *** بل ينكأ الجُرْحَ يا جَوْلانُنا العَـتَــــــــبُ
من يبتغي العيشَ واليرموكُ يآســرهُ *** لأقذر الخلقِ يا يرموكُ يَنْتَســــــــــــبُ
لو طاب عيشٌ إلى الحكام يشغلهم *** لن يهنئوا الدهرَ والجَوْلانُ مُغْتَصــــبُ
يا أمَّةَ العُرْبِ هل ترضون في وهنٍ *** تستمرئوهُ ونورُ الحَقِّ يْحتجِــــــــــــبُ
البعضُ يحيونَ والأموالُ غايتُهــــــــمْ *** في مَرْتَعِ السُّوء فالآثامُ تُرتَكَــــــــــــبُ
حُكامُ للبذخِ والشَّيطانُ غايـتهُــــمْ *** أما الشُّعوبُ ففي أوطانهِمْ غُــــــرُبُ
لم يبقَ في العيشِ يا رباهُ من طمــــــعٍ *** حتى من العدلِ من شيءٍ لنا يهبــــوا
إن ماتَ عدلٌ أو الإحسانُ في وطنٍ *** حلََّّ العذابُ وأنتمْ .. أنتم السَّبَـبُ
من جانب الويلُ فالنيران موعدُكُـمْ *** يومَ النشورِ لا غازٌٌ ولا حَطَــــــــــــبُ 
لا تُمعنوا الظُّلمَ يا حكامُ ويلكـــــــــمُ *** قد يأتي اليومُ لا أصلٌ ولا نَســـــــبُ
فلا ظلامَ تظلُّ الدَّهْرَ عتمتُـــــــــــــهُ *** حتما سيُجلَى أمام النورِ ينْسَحِــبُ

زرقة / للاستاذ هاني النواف / العراق

زُرْقَة..
...............
مَرميٌّ أنتَ وليس سِواكَ
ياعابرَ السَّديم ِالقَديم ِ 
يقظةٌ حُبلى تَرفُّ عليكَ 
تَقطفُ التواءَ الأقاصي 
كَنهوضٍ عَصيّ الرّياحِ
فلا تَتبعُ زرقةَ المُنحَنى النَّحيل
غيَّرها تمرّدُ المَدى التَّائهِ 
سَاحباً مَعها 
عَويلَ الدّهورِ.

ولاية القحط / الاستاذة سناء السعيد / العراق

ولاية القحط
...................................
تتباينُ لحظاتُ الترقبِ
بين التوجسِ والفوران
كبركانٍ على وشكِ الأنفجار
فلابد بعد كظمِ الغيظِ من ثورةٍ
قبسها أضلعنا وحَطبُها الظالمون 
تقلعَ الخرسانة من أفواهِ الشوارع
وتغرسُ النخيلَ
فنرى تعانقَ غيماتِ الشجبِ
تبرقُ حسرةَ القلوبِ 
تهطلُ وابلاً
فتشرئبُ مخضبةُ الزهرِ 
لترتَشِفُهُ رياً سائغاً
لعلَ إلى خلاصٍ من سبيل
فالاماني تعلقت بحبال الرفضِ
لتفزعَِ رنقاءَ الطيرِ عن بيوضها الفاسدِةِ
فلا زلنا ننتظرُ قائداً
يوفرُ لنا ...
أمناً.....
ورفاهاً.....
وخبزاً لجياعنا.....
وإلافأنتم مكفورٌ بولايتكم
إلى يومِ الدين.
..........................................
سناء السعيدي

سلسلة / للاستاذ كمال الشاطي / العراق

سلسلة
رماد الإحتراق سنين هاوية واجساد مهشمة السقوف سِيَّرُ وصور لوجهين خارطة العالم وإنسان ..
الفضولي المشاكس أنامله عابثة أو معمرة لكل الأشياء والموجودات على وجه البسيطة .. 
أرض بكل معالمها على السطح تحتها عمق سحيق وصخب الحياة .. 
صرخة دخول ثم قوة فجمال التشبث بما موجود بعد ذلك شهقات الخروج ..
هدوء تام وسكون بلا حراك والكل مرئي من الروح .. 
هالة وصور لمرايا الوجوه خلفها وجوه أخرى على مر الزمكان.. 
وجهان ليل خلف نهار يتعاقبان على الأرض محركهما قوة دائمية واحدة ..
واحد أحد يخلق من القوة ضعفاً ومن الضعف قوة لاخطأ في صنعه فأصغر الاشياء التي لاترى بالعين المجردة تشبه اكبر الأجرام حركةً وشكلاً ..
تلك سلسلة تتوالد حلقاتها من بعد فناء ..
حقيقة أبدية كزرقة السماء والبحار..
كمال…

انين الكوخ / شعر الاديب الهانئ بن عقيل / العراق


أدري / للاتاذ علي حمادي الناموس / العراق

(أدري)
أهواكِ أدري الصمتَ قْطَّعَ مهجتي
حتى فُرِضْــتِ تَشهُــــداً بصـلاتي
أهــواكِ أدري البُــعْدَ يــنأى بيــننا 
والقــلبُ يَطـوي الارضَ والفلواتِ
والـروحُ إنْ شــقَّ المـزارُ تَقــارُباً
رَغْــمَ الصـدودِ لــتعزفَ الآيـــاتِ
وتلوذَ بالصمتِ الرهيبِ قصائدي
خــوفَ الوشــاةِ فَلـمْ تصلكِ هِبْاتي
ليُـعانــ،قَ القـلمُ الحَبــيسُ انامـــلاً
خَـطَـتْ نَــداكِ تَحَـدَّتْ الرَجَــفاتِ
ثارتْ على صمتي هَواطلُ ادمعي
واستــنـطَقَتْ خُرسَ اللسانِ دواتي
فَــخُـذي مَجامـرَ لوعـتي ولهيبِـها
سَــتُنــيرُ كــلَّ الكـونِ والظُلمـاتي
لأصـوغَ مـن دمـعي قلائدَ عاشقٍ
نَـظْـمَ الـجـمانِ لجــيدِ احـلى فـتاةِ 
خوفي إذا اشتاطَ القصيدُ لهَجرِكم
قَــطْعَ النــياطِ وهجعـةُ الامواتِ
بقلمي
علي حمادي الناموس
30\4\2016

خلف مدن الهزائم / للاستاذ صدام غازي محسن / العراق

خلف مدن الهزائم
_______________________________________
ولأعرف
أني ابتعدت أكثر مما يجب
وأني غمامة كنت بدونكِ فجدبت
في زمن الصبر
نزرع الريحان ونحصد أشواك الصبار
ونصبغ جدران مدن الهزائم
ونعطر الهواء
ونبحث عن أنفاس 
تحملها أجنة خيبات الأمل
من أجل الأمل
ولأعرف
أني ابتعدت كي أبتعد ولم أبتعد
وأني هجرت كي أنسى ...
فتذكرت
أن كفي الريح وخصركِ غيمة
وصلصال حضارتكِ هو النشأة الأولى
وأنكِ النخلة
وأنكِ الزيتون
وأنكِ الخمر
وأنكِ عصياني
وأنكِ تمردي
وأنكِ الصلاة والتوبة
ولأعرف أني ابتعدت كي أهرب من ملح الجرح
ونسيت أن مدن الهزائم
أول ما ينثر عليها هو الملح .
____________________________________________________ بقلم
_____ صدام غازي محسن

ظل البنفسج / للاستاذ كاظم الخطيب / العراق

ظل البنفسج
.............................
مازالت المسافاتُ شاسعةً
كيف لي أقبّلُ
عروق كفّيكِ
وهذهِ الطاولةُ
تفصلُ بيننا 
النادلُ منشغلٌ بنا 
وتحت أقدامهِ
تهشّمت أقداح الشاي
التي تراقبنا 
أما قلتُ لكِ
أن تخلعي الجمالَ 
هذا المساء
كي لاتراكِ غير عيوني 
انظري 
هؤلاء المعجبين المتسكّعين 
يجهلون لغة الورد 
أما ترينَ باقاتهم 
اختلطت الوانها 
فأرجعيها قبل وصولها 
هي لا تحمل معنى 
ما زالوا يلاحقوننا 
كالمتسوّلين 
دعينا نغادر المكان 
لنحتمي بظل البنفسج
.............................
كاظم مجبل الخطيب -بغداد

الجمعة، 29 أبريل 2016

النقد والمكاشفة النقدية / الناقد والقاص الاستاذ صالح هشام / الرباط المغرب

النقد والمكاشفة النقدية !!
بقلم الاستاذ : صالح هشام !!
إني أشارك رولان بارت في جريمة قتل المؤلف وإقصائه من أجل تتويج القاريء الحاذق الذي يعرف كيف يقوم بالتقطيع والتجميع والهدم والبناء وإعادة تشكيل النص ليكون إبداعا على إبداع فالنص ابداع والنقد ابتداع ، النص لغة والنقد لغة اللغة او متالغة ، النص خطاب والنقد متاخطاب !
**اعتقد أن المكاشفة : ان يكون فعلا الناقد قادرا على الحفر في جسد النصوص ، للوصول إلى أبعد الطبقات النصية الغائبة المترسبة منذ أقدم العصور ، والتي تكون لحمة النص المدروس رغم استقلاله ببنيته الخاصة !
**المكاشفة : أن يمارس الناقد القاريء الإبحار في مجاهيل اللغة للوقوف على جمالياتها من خلال الكشف عن أسباب الانزياح وبلاغة الغموض التي تخلق الصور الرائعة من خلال سياقات جميلة مملوءة بالحياة !
**المكاشفة : أن ترحل مع الشاعر في صحرائه التي تعوم رمالها في الفراغ الابدي ، فيمارس فيها لعبة الاختراق والعبور إلى الأجمل والجميل !
**المكاشفة : أن يحلق الناقد في عالم الشعر وعالم الشعراء وأن يمارس جنونهم وأن يوظف لغتهم وأن يرضى بها رغم أنها لا تخاطب إلا نفسها وأن يكون إلى جانبهم لا مع أفلاطون الذي طردهم ولم يرض بمجاز لغتهم ورفض جنونهم حتى لا يشوشوا على المعنى الذي يحتفل به اللوغوس ، فماذا فعل بعقله ، وتعقله فما هذه الرؤية التي تحتفي بالمعنى الإ تكريس الانغلاق ، وعدم انفتاح النص على تعدد القراءات وعدم انغتاحه على الاختلاف ، والاعتماد على الاختلاف والتضاد من أهم اسس الانزياح وتكسير منطق اللغة المألوف ،والهروب عن النمطية والابتدال وهذا هو الذي يضمن للنص هذا الانفتاح الذي يمده بالحياة ، بالقراءة المنغلقة حكم عليه بالموت ؟!
** المكاشفة : أن يتحد الناقد بالمبدع ويحل أحدهما في الآخر ويشتركا في الشطحة الصوفية وأن يشعرا معا بنشوة الكشف ولذة متعة الابداع والخلق على المستويين النقدي والإبداعي ، وأن لا ينساق هذا الناقد وراء المناهج النقدية والمدارس ، فلا بأس من الاستعانة بها ومعرفتها معرفة جيدة و لكن لا يجب أن يطبق أدواتها ومفاهيمها لان هذا السلوك يحد من إبداع الناقد كقاريء متذوق خصوصا إذا كان ذلك بالحرف والنقطة والفاصلة !
المكاشفة : أن يبصم الناقد على النص ببصمته الشخصية التي تميزه عن قراءات الآخرين لأن النقد هو فعل قراءة موثقة ، هو ممارسة كتابة مقننة ، هو تعبير عن مواقف وإبراز مواقف و هو ليس آلة يطبق مواقف غيره ويتذوق بذائقة غيره ،اقول الاستعانة بالمناهج والمدارس النقدية ومعرفتها مسألة من الأهمية بمكان !
،**المكاشفة : في نظري الشخصي أن يمارس الناقد الجنون ، الجنون الابداعي يقول دريدا ‏‎frown‎‏ رمز تعبيري وما اللغة الإ جنون له لذته ) ويقول كذلك نتشه في كتابه هكذا تكلم زرادشت:(اللغة نوع من الجنون العذب عند الحديث بها يرقص الانسان فوق الاشياء ) فكلا الهرمين لم يحددا اي لغة يقصدان اللغة أم المتالغة ، و أعتقد أن لا تنجح العملية النقدية إذا كان المبدع يحلق في عالم الخيال والناقد متمسك بجاذبية الأرض فلا يجب ان يشكلا خطين متوازيين لا يلتقيان ، فإما إن نجن جميعا أو نعقل جميعا نقادا ومبدعين ! 
**المكاشفة : أن تشعر في نفسك بالقدرة العلمية والمعرفية ،لأنك ستحفر في طبقات نصية متراكمة منذ أمد بعيد ، أشبه بالطبقات الرسوبية ، ومن هذه النصوص المخفية يمتح المبدع ، لأن ( النص هو امتصاص أو تحويل من نصوص أخرى ) كما تفول جوليا كريستيفا، فهو إذن يتكون من خلال عملية امتصاص ، لعشرات النصوص ،الغائبة والتي ستشكل لحمته ،تناصا أو تضمينا أو حوارا أو اقتباسا ، والناقد ملزم ، بالحفر في مناطق صمت الصمت في النص ، ومساءلة ارشيفات الذاكرة و تاريخ وجغرافية تكوين النص ،إلى أن يصبح ظاهرا ، قابلا لتحقيق المنفعة الأدبية والمتعة الفنية ، هذه العملية تجبر الناقد على أخذ الحيطة والحذر لأنه سيسير فوق كومة من البيض أو من الزبد ، خصوصا إذا لم يترك المبدع إحالة أو إشارة إلى هذه النصوص الممتصة ، فيحول عدم المعرفة الكافية لهذه المستغلقات الدقيقة جدا القراءة النقدية إلى كارثة تدمر النص ، ففاقد الشيء لا يعطيه ،فمعرفة بروميثيوس تستوجب معرفة زيوس ، وهكذا ذواليك . (فاليوث )مثلا كان يفتخر بهذا النوع من الامتصاص النصي لأنه برهان على معرفته الموسوعية ،فالمفروض أن الناقد طبيب جراح خبير في تشريح كم هائل من الأفكار والنصوص التراثية من مختلف الحضارات التي سادت ثم بادت ، من مختلف الملل والنحل إذ يكون كمن يقوم بعملية تقشير حبات البصل !!
**المكاشفة : أن يؤمن الناقد ، قبل الإقدام ، على إدخال نصه إلى غرفة العمليات أنه مقبل على مغامر سندبادية في بحر عميق الأغوار بلاشطآن ،وربوع بلا حدود و أنهار بلا ضفاف ، وأنه سيمارس الاختراق والعبور في مجاهيل اللغة ، ومتاهات الحروف ،وعوالم لغوية تتشكل وفق ثقافات مختلفة ، وخلفيات دينية وأيديولوجية متباينة وهذه الامور تختلف من نص إلى آخر ، ففض المستغلقات وتفكيك الرموز وكشف المستور في النصوص ليس بالأمر الهين وانما مسؤولية ،مادام القاريء / قد حل محل المؤلف ! فالعملية مغامرة وخير ما يتمناه كل قاريء ناقد أن يخرج منها بأخف الأضرار !
، هذه وجهة نظري ، في لغة اللغة / المتالغة / في المتاخطاب ، كقاريء متذوق !
بقلم الاستاذ : صالح هشام / المغرب 
~الاربعاء ٢٧ ابريل ٢٠١٦ الرباط ~

ملف خاص/عن الاديب المبدع / حميد الساعدي / العراق






الشاعر في سطور
-------------------------
ـ حميد الساعدي
ـ مواليد بغداد / العراق 1965
ـ حاصل على بكالوريوس آداب في التاريخ من كلية الآداب بجامعة بغداد .
ـ بدأ الكتابة الشعرية عام 1980 .
ـ نشر قصائده في الكثير من الصحف والمجلات العراقية والعربية .
ـ عضو في الرابطة العربية للآداب والثقافة .
- عضو في مؤسسة تجديد الأدبية.
ـ أعماله المنشورة :
ـ أرقٌ يدق الباب / مجموعة شعرية / بغداد ـ 2016
ـ بوح أدرد / مجموعة شعرية مشاركة مع مجموعة من الشعراء العراقيين والعرب 2015 .
ـ حاصل على وسام الإبداع من مجموعة الرصيف الثقافي
- وسام الإبداع من مجموعة حديث الياسمين الأدبية.
والكثير من شهادات التقديروالتميُّز.
ـ يواصل الكتابة والنشر في الكثير من الصحف والمجلات الورقية والمواقع الألكترونية و عضو في الكثير من المجموعات الأدبية
ـ كتب عن قصائده الكثير من الدارسين للأدب . نصوص مختارة
----------------------
تسرقُني مني
-------------------

يبهرني هذا الإغواء

وفي عينيكَ اُطاردُ وهماً

لا يلبث أن يتحركَ ملء فراغي ،

الصورةُ تبقى رهن مداراتي ،

أصواتٌ أسمعها ،

لكن من يسمعُ صوتي ،

لا تفتح أبداً بوابة وجدي ،

كي أسقيكَ حنيناً يوجعني ،

من خللِ الريح ،

صرخاتي تشبهني ،

من يشبَهُكَ الآن ،

وكل الرفقة حزموا ورد حقائبهم

وابتكروا لليّل وعوداً ،

أنتَ الأرق الآتي برحيق أماني ،

تسرقني مني بقتامةِ ليّل ،

وتدسُّ خيالاً يطعنُ نوبات أنيني ،

لغزاً مسموم الفكرة ،

طبعُ خيالٍ في عتمةِ حائط ،

لا تُدرك عبر مرايا السحر

بأنكَ موؤدَ النظرةِ ،

مسروق الفطرةِ ،

تتلظى برياح الهجرِ

وتومضُ من إحساس القسوة ،

شرعنة النُدرةِ ،

في فقدِ مرامٍ لا توقظه الرغبات ،

تسرقني مني ،

يا لِصَّاً أحببتَ جنوني .

وجهك ِ
-----------
وجهك ِ الذي طالما ارتكب الغواية
لم يكن يدري انه رفيق الصعاليك
على تقاسيمه انغرست نظراتهم طويلا ً
لا تنقذهم منه إلا حسرات التمني
الأمواج التي رسمتها العيون
شعاع من السعادة
لحضور لم يألف إلا نفسه
حين تربكين الصباح
بقدمين لا تعرفان الصهيل.

مُراودَةْ
------------------------

أُحاولُ منكِ دنواً
فأوغلُ
في اللحظة المشتهاة
أعزفُ
عن نَكئ جرحٍ ألَّمَ بروحي
تيقنتُ أني الى فكرةٍ في المجاز
أعللُ
خيبات قلبي الكثيرة
وأركبُ موجة وَهمٍ
تطاردني في متاه السنين
سأركنُ للصمت
حين أروم إجترار الذهول
وأغلق بوابة القلب
حين تهبُ الأماني
فلا فكرة للمراكبِ تسري
ولا من اليه
أبوحُ بِسِرّي
تساميتُ من وجَعٍ
في الكهولة
أبقى على شفةٍ مُطبقة
وفي القلبِ
صوت إرتعاش تكَسَّرَ
في خفقةٍ لا تهادن
ومهما آرتشفتُ
من المُرّ
أبقى أُغني
لجُرحٍ أطَلَّ
تكَوَّرَ في قبضةِ المُنتهى .

أبجديةُ عشق
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
المساءات ُ
مالها موحشة ؟
والصباحات ُ
أغنية للغياب ...
ماله القلب
أرخى العنان
والدروب ازدحمت
بالتمني
أيّ أحجية
كانت الريح توصلها
في تشظي السؤال
بأرصفة ٍواجمةْ
ولي منك ِكل قراءة عشقٍ
وكل مواقيت أدهَشْتُها بالحروف
تُحبين أن أرتمي
في غيابة ليلٍ
ويا لاغترابي
إذا حَلَّ ليل بدون إرتجال
وظلَّ على فسحة الوقت
ظِلُ السؤال
أريدُكِ
أعرفُ أني أريد المُحال
وإن طريقي إليكِ خيال
وبي وجعٌ من بقايا حديث ٍ
تمرد في لحظة ٍلا تُقال
ببوحٍ يُسابقُ خطو الغريب
وصفحة وجد
تريدُ إكتمال .

تساقط
-----------   
لن يدنو أحدٌ بعد ألآن
من تقريظِ المواجع
فالمُدونات كُثر
والقُراءُ انتبهوا
ما زالت الفُسحةُ واسعة
بين الحلم وألأمنية
والبكاءون يجارون الصبوات
لليل الذي يهبط من سكونه
على سبيل التعزية
ليست إلا وريقاتٍ غضّة
تحفظُ اسماءَنا
من يدري بالمكتوب على ورق الصُدفةِ
غير الريح . لا شيء في إفقي
-----------------------
لا شيء غَيرَ الريحْ
كُوني وَردَةً
تَبكي الخَنادِقُ
في ثيابِ المَيّتينْ
لا شيء غَيرَ الريح
كوني شمعَةً
مضغَتْ جَدائِلها
وغابَتْ من سنينْ
لا شيءَ
غَيرَ طُفولَةِ ألأحزان
والزَمَن المُضَمخِ بألأنين .

إنكفاء ْ
ـــــــــــــــ
لا مناصَ مِن أنْ أكون
إلأ أنا ......
شَجَرَةٌ عَتيقة ْ
بجوَارِ حائطٍ مُتَهَالكٍ
تَتَقَشّرُ يَومياً
لِتَنكفيءَ
عِندَ المَساء .

رقيم الأحلام
......................
الأحلامُ التي تركتها ورائي كانت غيضاً من فيض رغباتٍ قاحلةٍ ،تُدلجُ حيناً وتضيء حيناً آخر ، حسب الإمكان الذي يتمترس بعنادٍ قاتلٍ ، تحمله صبوة روح تفقه افتراءات عصرها الموجع ، من تلاوين الرغبات وشقة الوجد ، والصور المبتكرة للزهور الغائمة العطر والمورقة الدهشة ،بافتراسها المهووسين بقيثارة آلهةِ الصبر التي ضربت أطنابها عميقاً ،سومريةَ الهوى ومسمارية البوح ، إنشاداً وترانيم لمعابدَ مورقة ٍبالحنين ، وقيثارة تصدح عالياً ، تبث الخليقة في أول الوجد احلامها المسترخية ، تطارد أول عات ٍ تمطّى ليسلبَ إرث الحياة ، وتموز من أولِ الدهرِ أرجوزة خصبٍ على هذه الأرض ،عانق أحزاننا السومرية في قلب عشتار موسم خصب ٍ ، أيا من تردد في عشق أبنائه ، يستكين الهوى بإضمامة زهرٍ ، وكلي سهوم إطارد ظلي متى ما وجدت احتراقاً بأرضي ، أُرَمِّلُ وقتي وأمسح عن جبهتي العاديات ، أشد احترافي لقبلة عشقي لكي أوقظ النهر من غفوة الغافلين ، لعل القبيلة تهدي السيوف سواعد لا تعرف الإنكسار.

أبناء الشمس
----------------
للمواسم خصبها المتباعد . للطيور انطلاقاتها في سماء الموَّدة . للرايات خفقتها العالية . وهذه البلاد . فيها الكثير لنا . ليست أول ريح . ولا آخر حزن في قواميسنا المتغلغلة بالقهر . ينهض ُ الدم .  تنهض ُ الإمنيات الحزينة . المواقيت مرهونة بالغياب . والحضور ألمطرز بالتيه . قد يبدو الألم مشكاة نور . والصرخات تلافيف بهجة . أيها الهائم بأساطيرك الناصعة .  حين توقد نيران حريتك فوق رواسي الفجيعة . لابد من أن تعود الى ينبوعك الصافي .  وتمتشق حسام الصبر .

سراب الأمنيات
----------------------

الكلمات التي أنتظرها
لم تأتِ بعد
كما انتظارك
الذوبان في شهقة ِ الوقت
أغنية ضاربة للسواد
المساء ُ الذي يحل بيننا
يتلمس ُ طريقه بصعوبة
يتكئ على أعصاب متراخية
كما ضرير وعصاه
الرفوف التي وضعنا عليها الأماني
داهمها الغبار
والموسيقى
تخبو بألحانها المنحنية
بمشقة الذكرى
لا نعلل للوقت دورته
ولا للهواجس كيف انطوت
بالوداع الأليم
نرمم ماتبقى
من الوجد
كي لا تفلت اللحظة من التداعي
كلما فكرت بكلام يقال
عن العشق
تنتعش من سرابها الأمنية
وكأني لست ابن خمسين
أصُفها وهماً على وهم
وأحاول ترتيب أيامها
بمرورها المفاجئ
كما الماء الذي يتسرب من بين الأصابع
أو كموجة مهاجرة
غادرت الشواطئ الوادعة
لتلقي نفسها بلجة البحر
هو بعض إحتضار
يطل من شرفة ٍشاهقة
في مساء ٍ حزين .

خِداع
----------
تعالَ نَثرثرُ معاً
عن شمسٍ النهارات
وهي تضيع
عن الليالي التي نطرزها بالوحشة
والقصائد وهي تنمو
كأجِنَةٍ عابثة
في رحمِ السكون
عن تباريح الأشواق
وأرصفة الغياب
نثرثرُ ماشاء لنا وقتنا
نبتدعُ أفكاراً
تليقُ بعجوزين
يغمران الليل بالقبل
وصدمات الملامسة اللاهية
يبتكران قصصاً
عن زمن كان لهما وحدهما
ويتشاجران لأتفه الأسباب
تعال نُثرثر ببلاهة الصبيان
وهم يتنابزون بالألقاب
تلك التي تنم عن الخيبة
في الأيام التي جاوزت الرجاء
ندور حول أمنية سادرة في الغي
بأن نلغي حسابات الزمن
بثرثرةٍ لا تخلو من الخديعة .

وَطَن
--------------
 سماؤكَ
من تراتيلٍ
ومن لهبٍ
على الأبوابِ
يأسرنا
اراضيكَ أشتهاءٌ
في تلهفها
تسابيحٌ
لما كُنا
 نفتشُ فيهِ
عن اسم ٍ
وعن صفة ٍ
وعن ميقات ِ عودتنا
الى غدنا
ففيكَ نباركُ الانهار
نلهثُ من خطايانا
ونصرخُ
صرخةَ الأشجار
من عبء ٍ تقمصنا :
أعد أيامنا ألأولى
أعِد وجهاً
تَلٌقَفَهُ
 رصيفَ الحلم وألأَشعار ْ
كي نمضي ألى غَدِنا
ونعلنُ :
أنكَ المنفي
 في دمنا
وأنٌ هجوعَكَ القسري ٌ
مرفأ ُ
ما يوافينا من الكلمات ْ
قيثار ٌ،
تمادى
 في سباتِ الارض ِ
والحَيٌواتْ
فيك َ تحدٌقُ الاشجار
كلٌ ُشُجيرة ٍ وتر ٌ
وأنتَ تحركُ ألأوتار .

دروب
------------

الدروب التي احتضنت الخطوات
تتساءل عن جدوى
أن يمشي المرء كحد السيف
فتلك البلوى
تحتار حروفي فيك
ومابين الجبر
وبين التفويض
أختار السلوى.

فتوح وهمية
ـــــــــــــــــــــــ
ماذا يُريد القلب
من هذا الرماد ؟
ووقتُهُ وَرَقٌ تَلظَّى
في الدُجى
رَحَلَت عن القلب الشموس
وأَيَّدَتْ روح الخرافةَْ
طُلسماً يهتاجُ
من أبوابِ حَيٍّ أقفَلَ الكلمات
في جَمَراتِ فيهِ
وألجَمَ الشَفَةَ النعاس
تَبعثَرَ الشفقُ الأليف
عن التواءِ الفكر
في ساحاتهِ الغرقى
وأثلَجَ حَرَّهُ
يا مَوت :
ماذا كُنت تبغي
من قصورِ الشعر
كي تَهِبَ الحياة
لوارف الأشجار
سيفٌ من غرور الأمس
قاموسُ اخضرار
في ردى الأمواج
وهي تُكرر الصلوات
في منفى الأحبةِ
وهو يهجعُ في الظهيرةِ
قد قالَ بابٌ أخرَسٌ :
إنَّ المداخلَ أُقفِلتْ
عن تمتمات الهمس ِ
وارتَحَلَتْ غَمامة
ترتدي آهاتها
بهديل ضحكتها يمامة
يا أيها الجبلُ :
سَرقتَ الوقت
كي تُهدي لنا
طامورةً قَزَحيَّةً
من نَسجِ طلسمها نؤوب
الى مجاهيل الخرافةِ
نلتقي بالشعر
في ألقِ الزنابقِ
ننحَتُ الكلمات
كي نبقى على قيد الحياة
تدورُ موسيقى
على أنغامها
هَدَرَ الرصاص
لكي يُعَلِّقَ في المتاهَةِ
صورةً وَهميةً
من وحي زخرفها
تشظى حلمها
وعلى معانيها أفاقت أغنيات
تئِنُ أوراق الصنوبر
في هسيس القلم السطحي
حَطَّ الطير
في الفلوات
كي يمضي
الى غَدهِ المُبَجَّل
يرفعُ التيجان
من رأسٍ
ليلقي الرأسَ من وَجَعٍ
ومن أرَقٍ
على حبلِ النعاس .


الجزء الثالث
الجزء الاول لم يصل

فيض
-------------

مَنْ قال َ

أنك َ موئل الرغبات

والعبث البريء

وصوت هذا القفر

والقصص المطرزة اشتهاء ً

ذاب َ فيها الياسمين

مَن ْ أوجز َ الأشجار

أن تحنو عليك

وإنت َ نبض الفجر

تمتهن الخديعة

توقد البحر ارتعاشا ً

حين تأتيك َ الحقائب

غَصَّة ً ومسافرين.

لا بحر يحملني إليك

ولا مسافات الهروب

تطوق ُ الأحداق

كي تدنو إليك

يا قلب :

مالك َ

كلما فاضت رؤاي

أشحت َ عن وهج ِ العيون

فتلك َ أغنيتي

شفاهي

لست ُ منها

إن أبَت ْ

 أن لا تبادلك َ الشجون.

الدراسات
****************
الدراسة التي كتبها الأستاذ عباس باني المالكي :
**************************************
أزمة الذات في وجودية الأنتماء للوطن
نص( وطن ) للشاعر حميد الساعدي
وطن
**************
سماؤكَ
من تراتيلٍ
ومن لهبٍ
على الأبوابِ
يأسرنا
اراضيكَ أشتهاءٌ
في تلهفها
تسابيحٌ
لما كُنا
نفتشُ فيهِ
عن اسم ٍ
وعن صفة ٍ
وعن ميقات ِ عودتنا
الى غدنا
ففيكَ نباركُ الانهار
نلهثُ من خطايانا
ونصرخُ
صرخةَ الأشجار
من عبء ٍ تقمصنا :
أعد أيامنا ألأولى
أعِد وجهاً
تَلٌقَفَهُ
رصيفَ الحلم وألأَشعار ْ
كي نمضي ألى غَدِنا
ونعلنُ :
أنكَ المنفي
في دمنا
وأنٌ هج
وعَكَ القسري ٌ
مرفأ ُ
ما يوافينا من الكلمات ْ
قيثار ٌ،
تمادى
في سباتِ الارض ِ
والحَيٌواتْ
فيك َ تحدٌقُ الاشجار
كلٌ ُشُجيرة ٍ وتر ٌ
وأنتَ تحركُ ألأوتار .
أن تحقيق البعد الدلالي من خلال المعنى الكامن داخل النص يؤدي الى تحقيق التداعي الرؤيوي داخل فكرة النص و التي يريد أن الشاعر أن يوصلها من خلال طرح رؤياه كأزمة تستنهض الذات بكل رموزها الموحية الى الصراعات الداخلية لهذه الذات أتجاه الوطن حيث نلاحظ هنا أستطاع الشاعر حميد الساعدي في نصه ( الوطن ) أن يبني جملة التراكمية التي تنمو وفق هذا البعد ليشمل كل المسميات التي يراها في الوطن والشاعر هنا كون الجملة الشعرية ذات البعد العمودي لكي يضع للوطن أعلى قيمة داخله حيث بدأ (سماؤكَ /من تراتيلٍ /ومن لهبٍ /على الأبوابِ / يأسرنا ) وهذا ما يؤكد أن الشاعر يعيش أزمته الداخلية أتجاه الوطن , رغم أتساع سماء الوطن لكنها تتحول الى تراتيل من لهب على الأبواب , أي ان الحياة في الوطن رغم أنها تمثل المساحة الواسعة داخل ذاته ،هي في نفس الوقت تضيق عليه وتتحول الى لهب أي أن الحياة بقدر أتساعها هي ضيقة بسبب ما يعيش الوطن من هذا اللهيب ويستمر الشاعر يبين المساحات الأخرى التي يراها وفق رؤياه التصورية أتجاه الوطن , فبعد أن ضاقت علية السماء تحول الى الأرض ( اراضيكَ أشتهاءٌ /في تلهفها /تسابيحٌ /لما كُنا /نفتشُ فيهِ /عن اسم ٍ /وعن صفة ٍ /وعن ميقات ِ عودتنا /الى غدنا ) ويستمر الشاعر بالتعبير عن أزمته الحقيقة في ما يعيشه الوطن رغم أن أرضه أشتهاء لكنها لم توفر له الحياة التي ينشدها فهو لم يعد يؤمن أن غدا يأتي وقد حقق ما يريد في وطنة لأن كل شيء لا يجده في غده أي أن الشاعر بقدر ما يعطي الوطن المساحة الكبيرة في الحياة لكنه لا يجد ما تبحث عنه داخل هذا الوطن ، وهذا ما شكل أزمته الفعلية أتجاه ما يتمنى في ذاته من الوطن (ففيكَ نباركُ الانهار /نلهثُ من خطايانا /ونصرخُ /صرخةَ الأشجار /من عبء ٍ تقمصنا : /أعد أيامنا ألأولى /أعِد وجهاً /تَلٌقَفَهُ /رصيفَ الحلم وألأَشعار ْ /كي نمضي ألى غَدِنا ) رغم ما يراه في الوطن من أنفتاح على الحياة بكل رمزها من السماء الى الأرض والأنهار لكنها لا تلبي ما يريد أن يراه في غده أي أن أزمته هي حالة الياس مع هذا يحاول الشاعر أن يمزج ما بين ذاته والمسميات الرمزية في الوطن ، أي يخلق حالة التجاذب الوجودي في الفكرة الرؤيوية في ذاتيه الرؤيا لدية أي أن النص عند الشاعر هي فعل تراكمي ولكن ليس كمي بقدر ما هو تراكم معنوي يشير من خلاله الدلالة التي يسعى لتثبيتها في فكرته التأويلة للمدلول الذي يريد أن يصل إليه والذي هو الوطن لكن الأزمة الحقيقة هي داخل ذاته المتشعبة في تناظرها الوجداني مع متطلبات الذات الوجودية ، أي أن الأزمة تنمو داخله من أنعكاس رمز الوطن الى داخل فهمه الحياتي التي تكون فكرته الأنتمائية نحو الحياة والوطن ، لهذا يتحول كل شيء عنده الى منفى داخل ذاته قبل أن يكون داخل الوطن رغم أن الشاعر حميد ثبتها بالمنفى داخل الوطن (ونعلنُ : /أنكَ المنفي /في دمنا /وأنٌ هجوعَكَ القسري ٌ /مرفأ ُ /ما يوافينا من الكلمات ْ /قيثار ٌ، /تمادى /في سباتِ الارض ِ /والحَيٌواتْ
فيك َ تحدٌقُ الاشجار /كلٌ ُشُجيرة ٍ وتر ٌ /وأنتَ تحركُ ألأوتار . ) كما أنه رغم حالة اليأس التي يراها في ذاته من خلال الوطن أستطاع يجد الأنفكاك من الأزمة ، ويحاول أن يجد الجمال في الأشجار ، أي أنه عاد التصالح مع ذاته من خلال الوطن ، فالأزمة ليس تشكل حضور دائم داخله بل هي موقته ، وكما قلت سابقا بقدر ما هي أزمة وطن لكنها قبل كل شيء أزمة ذاته ، والشاعر أستطاع أن يكون نص هرمي في تركيب المعنى وفق أنساق الذات في لحظة أنتمائها الوجودي متحسسه لكل ما هو يحيط بها من مدراك شعورية معنوية . جنون البوح ..... في ..... ملحمة الفتوح "

دراسة نقدية لنص ( فتوح وهمية ) للشاعر العراقي المُبدع والمُتألق حميد الساعدي

بقلم / مالك جابر الحميداوي

فتوح وهمية
ـــــــــــــــــــــــ
ماذا يُريد القلب
من هذا الرماد ؟
ووقتُهُ وَرَقٌ تَلظَّى
في الدُجى
رَحَلَت عن القلب الشموس
وأَيَّدَتْ روح الخرافةَْ
طُلسماً يهتاجُ
من أبوابِ حَيٍّ أقفَلَ الكلمات
في جَمَراتِ فيهِ
وألجَمَ الشَفَةَ النعاس
تَبعثَرَ الشفقُ الأليف
عن التواءِ الفكر
في ساحاتهِ الغرقى
وأثلَجَ حَرَّهُ
يا مَوت :
ماذا كُنت تبغي
من قصورِ الشعر
كي تَهِبَ الحياة
لوارف الأشجار
سيفٌ من غرور الأمس
قاموسُ اخضرار
في ردى الأمواج
وهي تُكرر الصلوات
في منفى الأحبةِ
وهو يهجعُ في الظهيرةِ
قد قالَ بابٌ أخرَسٌ :
إنَّ المداخلَ أُقفِلتْ
عن تمتمات الهمسِ
وارتَحَلَتْ غَمامة
ترتدي آهاتها
بهديل ضحكتها يمامة
يا أيها الجبلُ :
سَرقتَ الوقت
كي تُهدي لنا
طامورةً قَزَحيَّةً
من نَسجِ طلسمها نؤوب
الى مجاهيل الخرافةِ
نلتقي بالشعر
في ألقِ الزنابقِ
ننحَتُ الكلمات
كي نبقى على قيد الحياة
تدورُ موسيقى
على أنغامها
هَدَرَ الرصاص
لكي يُعَلِّقَ في المتاهَةِ
صورةً وَهميةً
من وحي زخرفها
تشظى حلمها
وعلى معانيها أفاقت أغنيات
تئِنُ أوراق الصنوبر
في هسيس القلم السطحي
حَطَّ الطير
في الفلوات
كي يمضي
الى غَدهِ المُبَجَّل
يرفعُ التيجان
من رأسٍ
ليلقي الرأسَ من وَجَعٍ
ومن أرَقٍ
على حبلِ النعاس

أن للعنوان بصمة خاصة في نفسية القارئ يُحدد من خلالها مدى أهوال وتبعيات النص حيث يدرك
تفاعله وإنسجامه مع مُعطيات الحدث التصادمي
الذي حلَّ عليه قبل الدخول للعتبة التي تليها ،
فيبدأ بالتحليل الموضوعي والدلالي لفهم مغزى
هذا التكثف العميق عن طريق تحريك البُنية العقلية بوسع ما يكون حتى ترتقي للمستوى المطلوب وهذا ما أكد عليه بحث الناقدة (بخولة بن الدين) حول فهم عناوين النصوص حيث تقول " العنوان هو المفتاح الضروري لسبر أغوار النص ، والتعمق في شعابه التائهة ، والسفر في دهاليزه الممتدة . كما أنه الأداة التي بها يتحقق أتساق النص وأنسجامه وبها تبرز مقروئية النص ، وتنكشف مقاصده المباشرة وغير المباشرة . وبالتالي ، فالنص هو العنوان والعنوان هو النص" وهنا وضعنا الشاعر حميد الساعدي تحت طاولة البحث الطويل عن الفتوح الوهمية التي يقصدها وهل نراها بالعين المجردة أم أنها مُختفية في أواصر القلب لا يتحسسها إلا من أمتطى صهوت خياله كي ينطلق بحثا عن مواطنِ الجمال بعدما ينصهر حد الإحتراق في متن النص
والدهشة ترقص رقصتها المعتادة في كل حرف يحرك الحواس ويجذبُها إليه .

ماذا يُريد القلب
من هذا الرماد ؟
ووقتُهُ وَرَقٌ تَلظَّى
في الدُجى
رَحَلَت عن القلب الشموس
وأَيَّدَتْ روح الخرافةَْ
طُلسماً يهتاجُ
من أبوابِ حَيٍّ أقفَلَ الكلمات
في جَمَراتِ فيهِ
وألجَمَ الشَفَةَ النعاس
تَبعثَرَ الشفقُ الأليف
عن التواءِ الفكر
في ساحاتهِ الغرقى
وأثلَجَ حَرَّهُ

سؤال كبير يطرحه قلب الشاعر حين أصبح رمادا
مُتبعثرا في أحشائه حيث يبحث عن تلك الدالة المفقودة التي يتصورها كلّ شمس الراقدة في مكنونات القلب حتى تبين له أنها من الأوهام التي بثت بريق الأمل وأصبحت أنيسا للروح المُلهمة والمُهيمةُ لذلك الحبيب الذي شغل مساحةً واسعةً من التأمل المُتكرر مع كلّ شروق للشمس . تفيض قريحة الشاعر حميد الساعدي
بطلاسم الحروف التي شرعة أبوابها نحو مدن التأويل والتفكيك للمتلقي ليعرف ما يجوب في مخيلة الشاعر عندما يحبس بعض الكلمات التي تؤدي دورا فعالا ينتج عنها وضوحا مُتباينا في مكونات النص فَيزجه في متاهات عمله الأدبي  ليواصل البحث والتنقيب
عن جواهرِ ودرر ذلك البوح الذي هو أشبه بطردا
تحملهُ نسمات الصباح ويشتاق القلب أن ينحته على جدرانه .

يا مَوت :
ماذا كُنت تبغي
من قصورِ الشعر
كي تَهِبَ الحياة
لوارف الأشجار
سيفٌ من غرور الأمس
قاموسُ اخضرار
في ردى الأمواج
وهي تُكرر الصلوات
في منفى الأحبةِ
وهو يهجعُ في الظهيرةِ
قد قالَ بابٌ أخرَسٌ :
إنَّ المداخلَ أُقفِلتْ
عن تمتمات الهمسِ
وارتَحَلَتْ غَمامة
ترتدي آهاتها
بهديل ضحكتها يمامة

ولو لاحظنا وتأملنا جيدا هذا التدفق الشعرية المنهمر لصلينا
ألف ركعة في حضرة الشعرِ ،( يا موت ) يبتدء الشاعر بالنداءِ مُخاطبا من يحتضر الشعر في حضرتهِ إنه الموت الذي يجتاح تلك الأشجار السامقة من الشعراء الذين يتصارعون مع جنون الأبجدية حين تتوق النفوس إلى ورود البغية من مناهلها وترويضها لنتال رضا المُتلقي . يستمر بوح الشاعر نحو إطلالة المُناجاة لمن نال درجة الكمال كما يعتقد وهو ينوق لأطعام حرفا لا يزال
يمتشق سيف الغرور وأبوابه مغلقة حتى يقد قميص الحرف ويفتحه على مصرعيه حتى لا يفقده ويظل في دوامةٍ لا يوجد سبيل للخروج منها إلا التضرع في حضرةِ الإلهام .

يا أيها الجبلُ :
سَرقتَ الوقت
كي تُهدي لنا
طامورةً قَزَحيَّةً
من نَسجِ طلسمها نؤوب
الى مجاهيل الخرافةِ
نلتقي بالشعر
في ألقِ الزنابقِ
ننحَتُ الكلمات
كي نبقى على قيد الحياة
تدورُ موسيقى
على أنغامها
هَدَرَ الرصاص
لكي يُعَلِّقَ في المتاهَةِ
صورةً وَهميةً
من وحي زخرفها
تشظى حلمها
وعلى معانيها أفاقت أغنيات
تئِنُ أوراق الصنوبر
في هسيس القلم السطحي
حَطَّ الطير
في الفلوات
كي يمضي
الى غَدهِ المُبَجَّل
يرفعُ التيجان
من رأسٍ
ليلقي الرأسَ من وَجَعٍ
ومن أرَقٍ
على حبلِ النعاس

هنا النداء واضحٌ وضوح الشمس يقصد بهِ ذلك الجبل الذي قفزَ ففزةً طويلةً من غيرِ أن يمر حتى بسفوحه ولا بتلك الجداول التي تسكنها حوريات الحرف ذلك الحرف الذي يداعب الروح ويرقص القلب فرحا حتى وإن ملأ حد التخمة بالألمِ لأنه قطعة مُتقطعة من الحياةِ ، وجاءَ بفرسانِ الطلاسم يشوبها غبار نقشَ على ذاكرةِ الحرف آثارهُ ولم يصل للقارئ غير جعجعة وصخب كلمات لا تمت الشعر بصلة ويظل المتلقي يطاردها من غير كلل حتى يعرف ماذا يختبأ وراء كواليسها التي باتت خارج البُية العقلية التي يصعب تقبلها كمادة أدبية . بعدها يعرج الشاعر حميد الساعدي إلى لقاء الشعر الحقيقي الذي ينبع من تلك القلوبهنا النداء واضحٌ وضوح الشمس يقصد بهِ ذلك الجبل الذي قفزَ ففزةً طويلةً من غيرِ أن يمر حتى بسفوحه ولا بتلك الجداول التي تسكنها حوريات الحرف ذلك الحرف الذي يداعب الروح ويرقص القلب فرحا حتى وإن ملأ حد التخمة بالألمِ لأنه قطعة مُتقطعة من الحياةِ ، وجاءَ بفرسانِ الطلاسم يشوبها غبار نقشَ على ذاكرةِ الحرف آثارهُ ولم يصل للقارئ غير جعجعة وصخب كلمات لا تمت الشعر بصلة ويظل المتلقي يطاردها من غير كلل حتى يعرف ماذا يختبأ وراء كواليسها التي باتت خارج البُية العقلية التي يصعب تقبلها كمادة أدبية . بعدها يعرج الشاعر حميد الساعدي إلى لقاء الشعر الحقيقي الذي ينبع من تلك القلوب البيضاء الناصعة كبياض الثلج وهو بذلك يعني رواد المتنبي وبالخصوص (قيصرية حنش ) الذين ينحتون على قلب الحياة
حروفهم المُتوجة بالنور . وبعد هذا الكم الهائل من الصور المُتوهجة التي أطلق العنان لها شاعرنا يبدأ بعزف موسيقى فَريدةً من نوعِها يطرزها عملقة الفكرة الموحية بدلالة لكلِّ قلم لا يعرف أينَ يحط رحاله وأرض الشعر يشوبها الجمال .

شاعرنا الكبير حميد الساعدي لكَ من القلب
تحية ومن الروح سلام وأنتَ تُحلق بنا نحو فضاءات الإبداع .

.........................مالك جابر الحميداوي

........................ 13 / 4 / 2016

الأستاذ رجب الشيخ يكتب عن حميد الساعدي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشاعر حميد الساعدي .......شاعر يكتب بأسلوب جميل ويعتمد على ديناميكية مختلفة في القصيدة النثرية معتمداً على بلاغتة وجمال حرفه وحرفته في صنع المفردة المميزة ..وهذا لم يأتِ من فراغ ...فشاعريته لها جذور من بيئته الريفية والقروية وارتباطه الوثيق مع المدينة وعالمها المضيء.......معتمداً على رسم الفكرة ووحدة الموضوع .......فنحن حين نقرأ له نصاً تشعر بجمال الصورة وادراك المعنى دون استطراد ....... يعتمد على ترابط المعنى بشكلية وبنيوية عالية الجودة وسباكة اللوحة من حيث المضمون بخطوط تحمل وعياً اكاديميا ورمزيا يرتقي للعالمية ..... ان للشاعر صفة أخرى بإختيار المفردة اللغوية وصياغة الجملة بشكل يدهش المتلقي حين يشرع بقراءة النص ........أما فنيته فهي كتلٌ من التفوق الجمالي بصور مكثفة بالإقحام بموضوعية المعنى العميق..... مدرك تماماً ان كتابته للشعر هي قضية ملازمة لاستعارته المطلقة بتراكيب بسيطة ومباشرة في بعض النصوص المعاصرة حرصا منه لتقديم صورة تقليدية تحوي صوراً جمالية بأطار حديث .....ويعتمد على الصورة الذهنية المخزونة في الذاكره .........فيؤسس فضاءً واسعاً من العواطف والاخيلة المقترنة ببواطن العقل البشريقراءة في أرق يدق الباب للشاعر حميد الساعدي هذا اليوم في الدستور 23/4/2016

_ قراءة في أرق يدق الباب _                *مهند صلاح

( إلى أبي في عالمه البعيد , لتقر عينيه بما كتبت بما كتبت و الى كل من زرع فكرة أينعت و أثمرت بكلماتي و الى كل أصدقائي و أحبتي الذين يواصلون متابعتي و دعمي ) .. هكذا كان إهداء الشاعر حميد الساعدي في بداية مجموعته الشعرية الموسومة ( أرق يدق الباب ) و الصادرة عن دار المتن للطباعة و النشر , و التي حملت بين طياتها نصوصا كان لابد من التوقف عندها و الاشارة اليها .. خصوصا اذا ما عرفنا بأن المجموعة قد تنوعت و تلونت من حيث الشكل و المضمون .. ففي نص ( تعريف ) :
الآن ..
وقت ناحل
و تجرد عن كل شيء ,
تعريف شيء ما
كما مسك المياه الهادرة
بين الأصابع
ترتيب شيء ما
كما فوضى الطبيعة
و هي تصرخ بالفراغ ..
كانت هذه السطور من المتن الشعري لهذا النص هي أقل سطوعا إذا ما تفحصنا النصوص الأخرى التي سارعت نحو هاجس التجديد و التحديث في الثيمة و اللغة , فقد إتسمت أغلب نصوص المجموعة بإنزياح مستقر الى حد ما جعلها تنبئ شيئا فشيئا عن لزوجة في اللغة التي اعتمدها الشاعر الساعدي .. ففي نصوص مثل ( بقايا عطر – الصمت و الإسئلة – أغنية لموت القرنفل – خرائط الاغتراب – أبجدية عشق – ظل – سراب الأمنيات ) و نصوص أخرى سبقتها حاول من خلالها اقتناص ذائقة المتلقي بشكل ذكي ليفتح أمامه نوافذ يلج من خلالها لحدثية النص الشعري و التعايش معه و شده نحو مناطق تحرك داخل مجسات القراءة لديه طعم التواصل و الاستمرار .. كما في نص (عراف الفصول اليائسة ) :
ملاك ..
لم ترتسم الا رؤاك على عيوني
لم يسكن القلب الأسير سوى هواك
الموج داعب مقلتيك
و فر من تعب اليك
و تصمت الكلمات دوني
أواه يا من تسكن الأحداق
علمني الطريق الى جنوني
النور طوح بي بعيدا
و الحب يقتلني بعيدا ...
هذا و قد تراوحت أغلب نصوص المجموعة بين المفاهيم الانسانية للحياة و النواتج الفكرية التي تترتب عليها , و التي يحاول الشاعر من خلالها أن يقوم بتدعيم ثيمة النص الرئيسية .. في أمكنة عدة تشتغل كاميرا خفية تحاول أن تبرمج ما يتوافر من التقاطات تتمحور ضمن الخليط المجتمعي لتبدأ لمسات الشاعر المبدعة بتحويلها الى نصوص تكتنز بالشعرية .. و من أجمل ما يميز هذه المجموعة هي الفسيفساء التي رسمها ( الناص ) فهو ينتقل من شكل شعري لاخر ليثبت بأن شعرية الحدث لا تتخذ قالبا واحدا .. كما حصل لديه في انتقاله من قصيدة النثر كشكل الى اشكال أخرى لنفس القصيدة , بالاضافة الى التعدد الواضح في ثيمات النصوص و الطريقة البارعة التي استخدمها للتوحد مع الثيمة الرئيسية التي تتبخر منها رائحة البلاد الزكية .. ففي نص ( خرائط الإغتراب ) :
و أعود فيك مكللا بالزهر , بالكلم المموسق ,
ضاعت بقايا من تراتيل توارثها الغمام ,
و شهقة في أول الدرب الصقيل ,
و سفر آلهة توارثت المجاعة ,
من هنا أهب السماء سكونها ,
و أتوج الكلمات عرشا
و مضيت مأسورا أبعثر نشوتي في الدرب
مجبولا بوافر لعنة زرعت على عينيك رمشا
و يتواصل هذا التنقل من مساحة لاخرى ليأخذ أبعادا و أنماطا جديدة .. فها هو يحن الى مدنه الاولى و يصنف رملها تارة و يقبله تارة أخرى , و هذا يبدو واضحا في نصوص ( جسور على الذاكرة – علامة حياة – حب ساري المفعول – رحيل – اشلاء غبار – موعد – تعليقة – عناقيد الخريف ) .. ففي نص ( حب ساري المفعول ) يقول :
غرباء حين نلتقي
أنا الجنوبي
في كف الريح
ألم ما تناثر من الشغف
لأبثه دفعة واحدة ..
ليس مني التقلب في الحب
يقيني علامة راسخة
و خيوط التعلق
ترسم شارة الوله ..
أما في نصوص ( خيوط – احتمالات – لعينيك قدسية ذاك المساء – صعود – كناية لصحراء الزمان ) فقد تنوعت اشتغالات الشاعر بين المعالجات الشعرية لذروة الحدث و عمليات الطرح و الاجابة للاسئلة الفكرية .. حيث يأتي في جزء من نص ( لعينيك قدسية ذاك المساء ) :
على وتر متعب لهواها
باعدتني سني الحيارى
و صرت أسير صباحك
يا صاحبي
و صرت أسير مسائك
لك الان
كل القصائد
سحرا و عطرا ..

هذا و تجب الاشارة بأن هذه المجموعة هي من النتاجات الشعرية التي مزقت نسيج الحرب و الدمار لتخرج لنا فتكون من ثمار الحياة ...