موج بدون بجع
◾كان للحديقة عدة مخارج...و لكنني اكتشفت أن جميعها تؤدى للقبو...كان القبو ضيقا...خانقا و رطبا...و الازدحام البشرى لا يطاق...حاولت أن احشر نفسي في زاوية في آخره بصعوبة..كان التنفس صعبا و ثقيلا...و الظلام يزداد سوادا..تراءى لي بصعوبة خلفي..جثة شاحبة صفراء ترتعد من البرد...رغم أن الجو كان ملتهباً في القبو و كنت أتصبب عرقا...كانت الجثة ممددة علي فراش وضع علي سرير إسمنتي و متدثرة بغطاء خشن من الصوف الداكن...حول الجثة تحلق ثمانية أطفال أكبرهم كان في الخامسة عشرة من عمره و كان ..شيخا..!!! كانوا يتصايحون في وقت واحد لا تموتي يا أمي...بينما الجثة تنظر إلي الفراغ...و لا تبذل جهدا لتطمئن الأطفال. ومن الاتجاه الآخر داهمني صوت أجش..التفت بسرعة ..كانت امرأة في الثمانين...تتمتم لعجوز في السادسة عشر..كانت الأخيرة مركزة باهتمام و إيمان بما تقوله الأولي..(الأعمار بيد الله يا بنيتي...لقد أوصتني أمك بان أبلغك رغبتها...بان تكوني مثلها..نحلة لا تهدأ..و نملة لا تكل..و بقرة لا يجف حليبها..و فرسا علي فراش زوجك لا يهدأ صهيلها...و في بيت حماتك حمامة لا يخفت هديلها..و لا تخرجي من بيتك إلا للجليل الأجل و الخطير الجلل,كوني خاتما في بنان بعلك..و لا ترفعي بصرك لما يعلو نعليك..) داهمني القئ...و أنا أركز علي قدمي العجوز ذات السادسة عشر الحافيتين...و عدت بنظري سريعا للجثة الأم الممددة و تمنيت موتها سريعا...كنت اردد في راسي...(موتى كي تتحررين)و ألف سؤال يبتلعني..و أصوات أطفال الجثة تتعالي حولي...كانوا يتصايحون في وقت واحد. و عشرات الجثث تدفع آلاف الجثث التي تحاول الدخول للقبو..كنت أفكر في الهرب..و لكن إلي أين؟؟؟هل أعود للحديقة؟؟؟التي تؤدى كل مخارجها للقبو من جديد..؟؟جلست في ركني مقرفصة...و نابض الفكر لا يهدأ..و ألف استفهام مشتعل في عقلي...هل نقص الأكسجين يجعل الدماغ يعمل بشكل مكثف و سريع..كمن يحاول كتابة وصيته الأخيرة قبل موته المحقق؟؟؟
كتابة و تصوير : حنان مصطفى
◾كان للحديقة عدة مخارج...و لكنني اكتشفت أن جميعها تؤدى للقبو...كان القبو ضيقا...خانقا و رطبا...و الازدحام البشرى لا يطاق...حاولت أن احشر نفسي في زاوية في آخره بصعوبة..كان التنفس صعبا و ثقيلا...و الظلام يزداد سوادا..تراءى لي بصعوبة خلفي..جثة شاحبة صفراء ترتعد من البرد...رغم أن الجو كان ملتهباً في القبو و كنت أتصبب عرقا...كانت الجثة ممددة علي فراش وضع علي سرير إسمنتي و متدثرة بغطاء خشن من الصوف الداكن...حول الجثة تحلق ثمانية أطفال أكبرهم كان في الخامسة عشرة من عمره و كان ..شيخا..!!! كانوا يتصايحون في وقت واحد لا تموتي يا أمي...بينما الجثة تنظر إلي الفراغ...و لا تبذل جهدا لتطمئن الأطفال. ومن الاتجاه الآخر داهمني صوت أجش..التفت بسرعة ..كانت امرأة في الثمانين...تتمتم لعجوز في السادسة عشر..كانت الأخيرة مركزة باهتمام و إيمان بما تقوله الأولي..(الأعمار بيد الله يا بنيتي...لقد أوصتني أمك بان أبلغك رغبتها...بان تكوني مثلها..نحلة لا تهدأ..و نملة لا تكل..و بقرة لا يجف حليبها..و فرسا علي فراش زوجك لا يهدأ صهيلها...و في بيت حماتك حمامة لا يخفت هديلها..و لا تخرجي من بيتك إلا للجليل الأجل و الخطير الجلل,كوني خاتما في بنان بعلك..و لا ترفعي بصرك لما يعلو نعليك..) داهمني القئ...و أنا أركز علي قدمي العجوز ذات السادسة عشر الحافيتين...و عدت بنظري سريعا للجثة الأم الممددة و تمنيت موتها سريعا...كنت اردد في راسي...(موتى كي تتحررين)و ألف سؤال يبتلعني..و أصوات أطفال الجثة تتعالي حولي...كانوا يتصايحون في وقت واحد. و عشرات الجثث تدفع آلاف الجثث التي تحاول الدخول للقبو..كنت أفكر في الهرب..و لكن إلي أين؟؟؟هل أعود للحديقة؟؟؟التي تؤدى كل مخارجها للقبو من جديد..؟؟جلست في ركني مقرفصة...و نابض الفكر لا يهدأ..و ألف استفهام مشتعل في عقلي...هل نقص الأكسجين يجعل الدماغ يعمل بشكل مكثف و سريع..كمن يحاول كتابة وصيته الأخيرة قبل موته المحقق؟؟؟
كتابة و تصوير : حنان مصطفى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق