النقد والمكاشفة النقدية !!
بقلم الاستاذ : صالح هشام !!
إني أشارك رولان بارت في جريمة قتل المؤلف وإقصائه من أجل تتويج القاريء الحاذق الذي يعرف كيف يقوم بالتقطيع والتجميع والهدم والبناء وإعادة تشكيل النص ليكون إبداعا على إبداع فالنص ابداع والنقد ابتداع ، النص لغة والنقد لغة اللغة او متالغة ، النص خطاب والنقد متاخطاب !
**اعتقد أن المكاشفة : ان يكون فعلا الناقد قادرا على الحفر في جسد النصوص ، للوصول إلى أبعد الطبقات النصية الغائبة المترسبة منذ أقدم العصور ، والتي تكون لحمة النص المدروس رغم استقلاله ببنيته الخاصة !
**المكاشفة : أن يمارس الناقد القاريء الإبحار في مجاهيل اللغة للوقوف على جمالياتها من خلال الكشف عن أسباب الانزياح وبلاغة الغموض التي تخلق الصور الرائعة من خلال سياقات جميلة مملوءة بالحياة !
**المكاشفة : أن ترحل مع الشاعر في صحرائه التي تعوم رمالها في الفراغ الابدي ، فيمارس فيها لعبة الاختراق والعبور إلى الأجمل والجميل !
**المكاشفة : أن يحلق الناقد في عالم الشعر وعالم الشعراء وأن يمارس جنونهم وأن يوظف لغتهم وأن يرضى بها رغم أنها لا تخاطب إلا نفسها وأن يكون إلى جانبهم لا مع أفلاطون الذي طردهم ولم يرض بمجاز لغتهم ورفض جنونهم حتى لا يشوشوا على المعنى الذي يحتفل به اللوغوس ، فماذا فعل بعقله ، وتعقله فما هذه الرؤية التي تحتفي بالمعنى الإ تكريس الانغلاق ، وعدم انفتاح النص على تعدد القراءات وعدم انغتاحه على الاختلاف ، والاعتماد على الاختلاف والتضاد من أهم اسس الانزياح وتكسير منطق اللغة المألوف ،والهروب عن النمطية والابتدال وهذا هو الذي يضمن للنص هذا الانفتاح الذي يمده بالحياة ، بالقراءة المنغلقة حكم عليه بالموت ؟!
** المكاشفة : أن يتحد الناقد بالمبدع ويحل أحدهما في الآخر ويشتركا في الشطحة الصوفية وأن يشعرا معا بنشوة الكشف ولذة متعة الابداع والخلق على المستويين النقدي والإبداعي ، وأن لا ينساق هذا الناقد وراء المناهج النقدية والمدارس ، فلا بأس من الاستعانة بها ومعرفتها معرفة جيدة و لكن لا يجب أن يطبق أدواتها ومفاهيمها لان هذا السلوك يحد من إبداع الناقد كقاريء متذوق خصوصا إذا كان ذلك بالحرف والنقطة والفاصلة !
المكاشفة : أن يبصم الناقد على النص ببصمته الشخصية التي تميزه عن قراءات الآخرين لأن النقد هو فعل قراءة موثقة ، هو ممارسة كتابة مقننة ، هو تعبير عن مواقف وإبراز مواقف و هو ليس آلة يطبق مواقف غيره ويتذوق بذائقة غيره ،اقول الاستعانة بالمناهج والمدارس النقدية ومعرفتها مسألة من الأهمية بمكان !
،**المكاشفة : في نظري الشخصي أن يمارس الناقد الجنون ، الجنون الابداعي يقول دريدا
émoticône frown
وما اللغة الإ جنون له لذته ) ويقول كذلك نتشه في كتابه هكذا تكلم زرادشت:(اللغة نوع من الجنون العذب عند الحديث بها يرقص الانسان فوق الاشياء ) فكلا الهرمين لم يحددا اي لغة يقصدان اللغة أم المتالغة ، و أعتقد أن لا تنجح العملية النقدية إذا كان المبدع يحلق في عالم الخيال والناقد متمسك بجاذبية الأرض فلا يجب ان يشكلا خطين متوازيين لا يلتقيان ، فإما إن نجن جميعا أو نعقل جميعا نقادا ومبدعين !
**المكاشفة : أن تشعر في نفسك بالقدرة العلمية والمعرفية ،لأنك ستحفر في طبقات نصية متراكمة منذ أمد بعيد ، أشبه بالطبقات الرسوبية ، ومن هذه النصوص المخفية يمتح المبدع ، لأن ( النص هو امتصاص أو تحويل من نصوص أخرى ) كما تفول جوليا كريستيفا، فهو إذن يتكون من خلال عملية امتصاص ، لعشرات النصوص ،الغائبة والتي ستشكل لحمته ،تناصا أو تضمينا أو حوارا أو اقتباسا ، والناقد ملزم ، بالحفر في مناطق صمت الصمت في النص ، ومساءلة ارشيفات الذاكرة و تاريخ وجغرافية تكوين النص ،إلى أن يصبح ظاهرا ، قابلا لتحقيق المنفعة الأدبية والمتعة الفنية ، هذه العملية تجبر الناقد على أخذ الحيطة والحذر لأنه سيسير فوق كومة من البيض أو من الزبد ، خصوصا إذا لم يترك المبدع إحالة أو إشارة إلى هذه النصوص الممتصة ، فيحول عدم المعرفة الكافية لهذه المستغلقات الدقيقة جدا القراءة النقدية إلى كارثة تدمر النص ، ففاقد الشيء لا يعطيه ،فمعرفة بروميثيوس تستوجب معرفة زيوس ، وهكذا ذواليك . (فاليوث )مثلا كان يفتخر بهذا النوع من الامتصاص النصي لأنه برهان على معرفته الموسوعية ،فالمفروض أن الناقد طبيب جراح خبير في تشريح كم هائل من الأفكار والنصوص التراثية من مختلف الحضارات التي سادت ثم بادت ، من مختلف الملل والنحل إذ يكون كمن يقوم بعملية تقشير حبات البصل !!
**المكاشفة : أن يؤمن الناقد ، قبل الإقدام ، على إدخال نصه إلى غرفة العمليات أنه مقبل على مغامر سندبادية في بحر عميق الأغوار بلاشطآن ،وربوع بلا حدود و أنهار بلا ضفاف ، وأنه سيمارس الاختراق والعبور في مجاهيل اللغة ، ومتاهات الحروف ،وعوالم لغوية تتشكل وفق ثقافات مختلفة ، وخلفيات دينية وأيديولوجية متباينة وهذه الامور تختلف من نص إلى آخر ، ففض المستغلقات وتفكيك الرموز وكشف المستور في النصوص ليس بالأمر الهين وانما مسؤولية ،مادام القاريء / قد حل محل المؤلف ! فالعملية مغامرة وخير ما يتمناه كل قاريء ناقد أن يخرج منها بأخف الأضرار !
، هذه وجهة نظري ، في لغة اللغة / المتالغة / في المتاخطاب ، كقاريء متذوق !
بقلم الاستاذ : صالح هشام / المغرب
~الاربعاء ٢٧ ابريل ٢٠١٦ الرباط ~
بقلم الاستاذ : صالح هشام !!
إني أشارك رولان بارت في جريمة قتل المؤلف وإقصائه من أجل تتويج القاريء الحاذق الذي يعرف كيف يقوم بالتقطيع والتجميع والهدم والبناء وإعادة تشكيل النص ليكون إبداعا على إبداع فالنص ابداع والنقد ابتداع ، النص لغة والنقد لغة اللغة او متالغة ، النص خطاب والنقد متاخطاب !
**اعتقد أن المكاشفة : ان يكون فعلا الناقد قادرا على الحفر في جسد النصوص ، للوصول إلى أبعد الطبقات النصية الغائبة المترسبة منذ أقدم العصور ، والتي تكون لحمة النص المدروس رغم استقلاله ببنيته الخاصة !
**المكاشفة : أن يمارس الناقد القاريء الإبحار في مجاهيل اللغة للوقوف على جمالياتها من خلال الكشف عن أسباب الانزياح وبلاغة الغموض التي تخلق الصور الرائعة من خلال سياقات جميلة مملوءة بالحياة !
**المكاشفة : أن ترحل مع الشاعر في صحرائه التي تعوم رمالها في الفراغ الابدي ، فيمارس فيها لعبة الاختراق والعبور إلى الأجمل والجميل !
**المكاشفة : أن يحلق الناقد في عالم الشعر وعالم الشعراء وأن يمارس جنونهم وأن يوظف لغتهم وأن يرضى بها رغم أنها لا تخاطب إلا نفسها وأن يكون إلى جانبهم لا مع أفلاطون الذي طردهم ولم يرض بمجاز لغتهم ورفض جنونهم حتى لا يشوشوا على المعنى الذي يحتفل به اللوغوس ، فماذا فعل بعقله ، وتعقله فما هذه الرؤية التي تحتفي بالمعنى الإ تكريس الانغلاق ، وعدم انفتاح النص على تعدد القراءات وعدم انغتاحه على الاختلاف ، والاعتماد على الاختلاف والتضاد من أهم اسس الانزياح وتكسير منطق اللغة المألوف ،والهروب عن النمطية والابتدال وهذا هو الذي يضمن للنص هذا الانفتاح الذي يمده بالحياة ، بالقراءة المنغلقة حكم عليه بالموت ؟!
** المكاشفة : أن يتحد الناقد بالمبدع ويحل أحدهما في الآخر ويشتركا في الشطحة الصوفية وأن يشعرا معا بنشوة الكشف ولذة متعة الابداع والخلق على المستويين النقدي والإبداعي ، وأن لا ينساق هذا الناقد وراء المناهج النقدية والمدارس ، فلا بأس من الاستعانة بها ومعرفتها معرفة جيدة و لكن لا يجب أن يطبق أدواتها ومفاهيمها لان هذا السلوك يحد من إبداع الناقد كقاريء متذوق خصوصا إذا كان ذلك بالحرف والنقطة والفاصلة !
المكاشفة : أن يبصم الناقد على النص ببصمته الشخصية التي تميزه عن قراءات الآخرين لأن النقد هو فعل قراءة موثقة ، هو ممارسة كتابة مقننة ، هو تعبير عن مواقف وإبراز مواقف و هو ليس آلة يطبق مواقف غيره ويتذوق بذائقة غيره ،اقول الاستعانة بالمناهج والمدارس النقدية ومعرفتها مسألة من الأهمية بمكان !
،**المكاشفة : في نظري الشخصي أن يمارس الناقد الجنون ، الجنون الابداعي يقول دريدا
émoticône frown
وما اللغة الإ جنون له لذته ) ويقول كذلك نتشه في كتابه هكذا تكلم زرادشت:(اللغة نوع من الجنون العذب عند الحديث بها يرقص الانسان فوق الاشياء ) فكلا الهرمين لم يحددا اي لغة يقصدان اللغة أم المتالغة ، و أعتقد أن لا تنجح العملية النقدية إذا كان المبدع يحلق في عالم الخيال والناقد متمسك بجاذبية الأرض فلا يجب ان يشكلا خطين متوازيين لا يلتقيان ، فإما إن نجن جميعا أو نعقل جميعا نقادا ومبدعين !
**المكاشفة : أن تشعر في نفسك بالقدرة العلمية والمعرفية ،لأنك ستحفر في طبقات نصية متراكمة منذ أمد بعيد ، أشبه بالطبقات الرسوبية ، ومن هذه النصوص المخفية يمتح المبدع ، لأن ( النص هو امتصاص أو تحويل من نصوص أخرى ) كما تفول جوليا كريستيفا، فهو إذن يتكون من خلال عملية امتصاص ، لعشرات النصوص ،الغائبة والتي ستشكل لحمته ،تناصا أو تضمينا أو حوارا أو اقتباسا ، والناقد ملزم ، بالحفر في مناطق صمت الصمت في النص ، ومساءلة ارشيفات الذاكرة و تاريخ وجغرافية تكوين النص ،إلى أن يصبح ظاهرا ، قابلا لتحقيق المنفعة الأدبية والمتعة الفنية ، هذه العملية تجبر الناقد على أخذ الحيطة والحذر لأنه سيسير فوق كومة من البيض أو من الزبد ، خصوصا إذا لم يترك المبدع إحالة أو إشارة إلى هذه النصوص الممتصة ، فيحول عدم المعرفة الكافية لهذه المستغلقات الدقيقة جدا القراءة النقدية إلى كارثة تدمر النص ، ففاقد الشيء لا يعطيه ،فمعرفة بروميثيوس تستوجب معرفة زيوس ، وهكذا ذواليك . (فاليوث )مثلا كان يفتخر بهذا النوع من الامتصاص النصي لأنه برهان على معرفته الموسوعية ،فالمفروض أن الناقد طبيب جراح خبير في تشريح كم هائل من الأفكار والنصوص التراثية من مختلف الحضارات التي سادت ثم بادت ، من مختلف الملل والنحل إذ يكون كمن يقوم بعملية تقشير حبات البصل !!
**المكاشفة : أن يؤمن الناقد ، قبل الإقدام ، على إدخال نصه إلى غرفة العمليات أنه مقبل على مغامر سندبادية في بحر عميق الأغوار بلاشطآن ،وربوع بلا حدود و أنهار بلا ضفاف ، وأنه سيمارس الاختراق والعبور في مجاهيل اللغة ، ومتاهات الحروف ،وعوالم لغوية تتشكل وفق ثقافات مختلفة ، وخلفيات دينية وأيديولوجية متباينة وهذه الامور تختلف من نص إلى آخر ، ففض المستغلقات وتفكيك الرموز وكشف المستور في النصوص ليس بالأمر الهين وانما مسؤولية ،مادام القاريء / قد حل محل المؤلف ! فالعملية مغامرة وخير ما يتمناه كل قاريء ناقد أن يخرج منها بأخف الأضرار !
، هذه وجهة نظري ، في لغة اللغة / المتالغة / في المتاخطاب ، كقاريء متذوق !
بقلم الاستاذ : صالح هشام / المغرب
~الاربعاء ٢٧ ابريل ٢٠١٦ الرباط ~
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق