السبت، 9 يوليو 2016

قصة قصيرة / توبة محاذية / الاستاذة منى الصراف / العراق

قصة قصيرة
توبة محاذية
لم تلتقِ في حياتها ببنات الليل او مومس ، لم تعرف عنهن شيء سوى ماتجود لها الروايات التي كانت تعشقها ، هن مجرد نساء من حبر وورق . 
فتاة في العشرين ، ذكية جدا وجميلة وتفخر بفكرها دائما كانت تقول ان الذي سيعشقني سيكون له من الصعب الخلاص من عشقي ولن يكون صالحاً لأمرأة بعدي . 
تزوجت زميل لها في الجامعة وكانت تسعى أن تجعل من زواجها هذا ناجح في جميع نواحيه ، وحريصة على ان لا يتحول الى مجرد مؤسسة فاشلة يتسرب اليها الملل عبر السنين . 
عرفت بذكائها المتقد سر اللعبة ، فأحتواء الرجل كان بالنسبة اليها مجرد لعبة ! تستطيع التغلب عليها كما هي براعتها بلعبة الشطرنج تحرك احجارها بدقة متناهية ،تخطط لها مسبقاً واحياناً اخرى خططها آنية .. حسب رقعة اللعب واللاعب ! 
وتُشعر زوجها بأنه الرجل المسؤول في كل شيء ، بينما كانت بيدها ساحة اللعب ! 
والمديح احدى اطراف اللعبة التي ستكون بعدها القرارات لها . 
لم تحاصره يوماً بالاسئلة او تراقبه بعين الشك واعطته المساحة الكاملة لكي لا يشعر بالاختناق .. 
أنثى ليست كما هن الأناث ، حين يعود الزوج الى البيت من عمله تستقبله في الاحضان والقبلات كأنه جندي باسل عاد للتو من أرض المعركة .. تسمعه أجمل الأحاديث ولحظات رومانسية بشموع حمراء . 
جعلته يخشى من فقدانها عكس ما كانت تخشاه النساء . 
على الرغم من كل هذا الفكر والذكاء كانت تعاني الخجل الكبير في فراش الزوجية ، لانها ابتعدت كثيرا عن الحياة الجنسية والخوض بها قبل الزواج لاعتقادها ان ذلك يجعل منها ارضاً بكراً في كل شيء وبما أن المجتمع وضع محاذيرا لهكذا أمور كانت تبتعد عنها قدر المستطاع ولانه سيأتي اليوم الذي تفهم به هذه الامور البسيطة باعتقادها .
لكنها بعد الزواج كانت تحسد بنات الليل على جرئتهن مع الرجال ، وكيف جعلن الرجال يسعون اليهن بشغف كبير . 
وتمنت ان تعرف سر اللعبة هذه لخوفها أن تضطر يوما في الوقوع بمقارنه او انتصار المومس عليها ! . 
سنحت لها في احدى الايام وهي في زيارة لصالون الحلاقة أن تلتقي ببعض منهن ، كانت تتصور انهنَّ من كوكب اخر لكنها تفاجأت كونهنَّ نساء كباقي النساء يمتلكن أيدي وأرجل ورأس وجسد كما هي ، الفرق الوحيد هو سوقيتهن في الحديث وذلك كان قد سبب لها حرجاً عند سماع الفاظٍ لم تسمعها من قبل ، لكنها استجمعت كل قوى الأرض لتواجه هذه المخاوف او الاشمئزاز منهنّ ، اصرت ان يكنَّ اليوم لها فريسة كما هنَّ جعلن من الرجال فرائس ...
بادرت احداهن في السؤال عن لون شعرها ؟ ومكياجها ؟ وفستانها من اين اقتنته ؟ ليكون لها هذا مدخلاً للحديث معها ، سألتها بعد ذلك عن اسمها اخبرتها ان اسمها ( نهال ) . 
نهال فتاة عشرينية ايضا كما هي ، حسنة الوجه اخذت تسترسل معها في الحديث ، باغتتها بسؤال أخر : 
- اخبريني يا نهال لماذا الرجال يسعون اليكنَّ بشغف ونهم ونشوة ، ضحكت تلك النهال بصوت عالِ وأجابتها بشيء من الأستهزاء 
- لأنكنَّ ايتها الشريفات غبيات ! تخشين التشبه بنا في فراش الزوجية ! تتصورن أن في الفراش شرف ! أخذت تزداد وتيرة ضحكاتها الرعناء .. شعرت لأول مرة في حياتها انها حقا تلك الغبية التي وصفتها هذه المومس . 
ردت عليها بسؤال اخر : 
- وما الذي تفعلن انتنّ في فراش روادكنّ غير الذي تفعله الزوجة الشريفة ! اجابتها 
- أننا جريئات في فراشنا والرجال يعشقون تلك الجرأة ! 
ارادت أن تأخذ منها كل المعلومات قدر استطاعتها بفترة قصيرة لعلها لن تحضى بلقاء اخر معها . 
اخبرتها تلك المومس :
-على المرأة أن تجعل من فراشها ناراً وهشيماً وتتخلص من معانات الخجل تلك .. 
نهلت منها علم التماهي والتلاشي والاستمتاع مع الزوج في لحظات هي من حقها شرعاً وقانوناً حسب اعتقادها ، في حين انهنّ لا يمتلكنَ تلك الشرعية كما هي . 
اصبحت بارعة اكثر منهن مع زوجها عرفت اسرار تلك اللعبة وهي التي تحب الولوج بكل لعبة لتشعر بنشوة الأنتصار في النهاية . 
بعد فترة من الزمن عرفت أن رجلاً من منطقتها له مركزه الاجتماعي والعائلي المحترم قد تزوج من نهال ! بعد ان كانت تتردد عليه بين فترة وأخرى لتقبض منه الأجور قبل الدخول ! ، للعهر ايضا شريعة وقانون ! تدفع الأجور قبل الدخول . وعرفت أنها فرحت جدا بهذا الزواج الموقر لأنها كانت تحب ان تعيش كما هن نساء الأرض الشريفات ! 
وبالرغم من استيائها لسماعها هذا الخبر والحنق على هذا الرجل ألا انها فرحت لتلك المومس لبدء الحياة الجديدة المحترمة كما كانت تتمنى . 
التقت بها مرة اخرى في نفس صالون الحلاقة ، بادرتها بالسلام والتبريكات قالت لها ماهو شعوركِ الان وانتِ سيدة محترمة ، ردت عليها الحمد لله كم تمنيت مثل هكذا زواج كم اشعر بالراحة الان وان الله قد تاب علي اخيراً من الرذيلة التي كنت اعيش فيها ..لكنها لا حظت ايضا انها لم تستطيع التخلص من تلك الالفاظ السوقية البذيئة ! 
اكملت نهال حديثها : 
-ان زوجها من شدة حبه لها طلب منها ان يكون له ولداً . لكن المصيبة ليس بهذا الطلب ! بل بطلبه الاخر ، يريد ان يكون ولده اشقراً بشعر ذهبي كما هي خيوط الشمس وعينين زرقاوين كما هي لون السماء .. اخذت تضحك بقوة وتقول : 
- اخبروني بالله عليكم زوجي أسمر اللون كانه ملح ألأرض وعيناه سوداوان كما هو الليل بعتمته وشعره اجعد كشعر الخروف ! كيف لي ان اجلب له طفلاً بهذه المواصفات .. كلنا بادلناها الضحكات ، اكملت حديثها واخبرتنا بأن هناك حل واحد فقط ، قلنا لها وماهو هذا الحل أجابتنا : 
- ان لدى زوجي صديق وسيم رائع اشقر بعينين زرقاوين لو سمح لي بقضاء ليلة معه في الفراش لجلبت له مثل هكذا طفل ! 
نظرت اليها بتجهم كبير وابتسامة صفراء على شفتيها 
تعلمت أن هناك توبة حقاً ، وهناك توبة أخرى محاذية للرذيلة .
منى الصراف / العراق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق