السبت، 2 يوليو 2016

دراسة نقدية / بقلم الاستاذ صالح هشام / المغرب مبحث القافية دراسة تطبيقية / وطني الجريح / للشاعر سليمان عباس / سوريا

دراسة نقدية : بقلم الاستاذ صالح هشام / المغرب
~~~ [مبحث القافية دراسة تطبيقية ]~~~
(وطني الجريح ) للشاعر سليمان عباس / سوريا
النص المعتمد 
وطني الجريح---
نصيبي من حياتي أن أغالبْ
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠مشاكل مفعماتٍ بالمتاعبْ
أرانب إن يدي امتلأتْ ولكنْ
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠ذئابٌ إنْ أصابتني المصائبْ
وإنَّ أعزَّ خلِّ باتَ أعدى
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠عدوِّي إذْ أسغتُ له المشاربْ
رماني إذْ غدا مالي لديه 
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠بسهمٍ في صميمِ القلب صائب
ْ
لِما عانيتُ من بغيٍ وغدرٍ
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠ألوذ بآخرين من الصواحبْ
دجاجاتٍ حماماتٍ شياهٍ
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠عنيزاتٍ وكلبٍ لا يواربْ
وعصفورٍ يصبِّحني بشدوٍ
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠أحيِّي فيه شاعريَ المواظبْ
لكلبي ألفُ تعبيرِ امتنانٍ
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠وخلِّي ألفُ نابٍ فيَّ ناشبْ
أيا وطني الجريحَ تئنُّ ثكلى
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠مشارقه فتنتحبُ المغاربْ
تمزقه أناملُ ناهباتٌ
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠تكبِّله المراتبُ والمناصبْ
فأصبحنا نعيش بلا شعورٍ
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠كما تحيا البهائمُ بالزرائبْ
عبيدَ سخافةٍ تجَّارَ حقدٍ 
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠ولا شأن لأصحاب المواهبْ
ويلهث خلفَ ذي جاهٍ فقير 
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠ويصطنع التبسُّمَ وهو غاضبْ
ولم يعدِ النضالُ سوى غلافٍ
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠تبطِّنُه المصالحُ والمكاسبْ
بحارُ النفط ،ريعكِ أن يمضي
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠إلى أيِّ البنوك له مساربْ؟
إلى أيِّ الجيوب وأيِّ صقعٍ؟
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠وماذا في القصور من الغرائبْ ؟!
فحسبي من (((أبي ذرٍّ))) إماماً
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠تعطِّر روحُه رملَ السباسبْ
على طاغوتِ رأسِ المالِ أضرى٠
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠خضمَّاً طاميَ الجنباتِ صاخبْ
فما وجد النصيرَ ومات فرداً
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠كما ماتتْ على الخيط العناكبْ
أهلِّل للربيع أطلُّ زهْوَاً
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠وأسكر للخريف ولستُ شاربْ
وأجعل كل جزءٍ من بلادي 
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠عماراتٍ وجناتٍ خوالبْ
وتنهزمُ المسالبُ و المآسي 
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠فليسَ يسودُ إلاَّ ما يُناسب
======================================
الدراسة النقدية
-------------
{مبحث القافية / دراسة تطبيقية }
{في قصيدة / وطني الجريح }
[ولم يقصر الله العلم والشعر والبلاغة على زمن دون زمن ولا خص بهاقوما دون قوم بل جعل ذلك مشتركا مقسوما بين عباده في كل دهر وجعل كل قديم حديثا في عصره ]
___________ابن قتيبة (الشعروالشعراء)_______________
عرض القراءة النقدية 
1 -<>[مقدمة] : كم تستهويني روائح الكتب الصفراء ! كم أحبها حب الرضيع لحلمة ثدي أمه ! كم أعشق التخلص من البدلة ، و ربطة العنق التي تخنق مني الأنفاس ! أتشبت بتلابيب ذوي العمائم لا بذوي الياقات البيضاء ، هؤلاء خبروا مجاهيل مستغلقات اللغة ، والإبحارمعهم في بحارهم متعة لكنها تحتاج ترويض الحرف العربي ، وتطويعه ،لاختراق وعبور هذه الكتب الصفراء فهي بحار بلا شطآن ،عميقة الغور ، ولا يصل كنهها إلا من يحسن فن استغواربطونها لهذا قررت الاستئناس ببعضهم في إنجاز مبحثي هذا ، رغم أن مجذافي هش واخاف ان تكلل مغامرتي السندبادية باثقل الاضرار !
2-<>[هذه القصيدة] :
لابد من الإشارة إلى موقع هذه الآجرة من جغرافية الحائط ،حتى نعرف أي الأدوات سنحتاج لتشريح النص ، ولو ضع الأصبع على موضع الألم منه والذي حددناه مسبقا في <القافية > ٠
( وطني الجريح ) قصيدة شعرية تنتمي إلى الشعر التقليدي العمودي لأنها تشمل مقوماته و تتكون على مستوى التشكيل البصري من أبيات شعرية لا تخلو من نهر البياض بين شطري البيت ،أي بين الصدر و العجز ، هذا الشطر الثاني يحتوي بيت قصيدنا فإنه ينتهي<< بقافية >>٠ وهي العمود الفقري للإيقاع الموسيقي في القصيدة العمو،دية و الذي يعتمد على مقومات داخلية وأخرى خارجية ٠ فعلى مستوى بحور الخليل ابن احمد الفراهيدي تنتمي إلى بحر الوافر والذي وزنه ( مفاعلتن / مفاعلتن / فعولن ×2 ) مع العصب الذي هو تسكين الخامس المتحرك من التفعلة الثانية والعصب هو زحاف يدخل حشو هذا البحر أي تسكين اللام في (مفاعلتن ) ولا أريد أن أحول قراءة< القافية> إلى درس في علم العروض بقدر ما أريد أن أحدد موقع القصيدة على مستوى الإيقاع الشعري ، ونظرا لكون الأوزان هي أساس الموسيقى الشعرية في القصيدة التقليدية ، فقصيدة (وطني الجريح )لا تخرج عن العمودية ولا تخالفها في شيء إلا في بعض الأمور المرتبطة بالمحتويات واللغة والتي أتمنى أن تخصص لها مباحث خاصة ،حتى تكون الدراسة عامة وشاملة ! وكما سبق أن أشرت إلى ذلك في مطلع هذه القراءة سأكز على<< القافية >>متوخيا إخضاعها إلى قواعد القافية ، كمبحث لا يقل أهمية عن باقي المباحث الفنية الأخرى وسنحاول أن نطبق هذه القواعد على نصنا ( وطني/ الج) !
3-<>[تعريف القافية ]: 
نظرا لكون علم القافية ليس من العلوم الدقيقة والمحسومة النتائج إذ تقع فيه اختلافات بين العلماء ،سأقسم تعريفها إلى قسمين وسأدرج تعاريف لنخبة من خيرة المعممين في هذا الباب وانطلاقا من وجهات نظرهم ،حتى نخلص في النهاية إلى ما نرتضيه ويناسب القصيدة ! 
١~تعريف لغوي :
_(تبدأ القافية من آخر حرف في البيت إلى أول ساكن قبله مع الحركة الصائتة قبله ) و هذا مذهب أحمد بن الخليل الفراهيدي ! 
أما تلميذه الأخفش فاعتبرها (آخر كلمة في البيت ) وقد اعتبرت قافية لأنها تقفو الكلام ، والقافية اسم فاعل من مصدر الفعل <قفا> <يقفو >أي يتبع ، وهي بهذا المفهوم تابعة ، واستشهد الأخفش بقوله تعالى ( لا تقف ما ليس لك به علم ) أي لا تتبع ما ليس لك به علم ، ومنه أيضا قول الفراء :( أكثر القراء يجعلونها من قفوت ، كما تقول ( أتدع من دعوت ) ويكثر الاختلاف في مسألة تعريف القافية بين هؤلاء العلماء وما الاختلاف إلا إغناء لعلمها ! 
٢~تعريف اصطلاحي: 
سأورد هنا ثلاثة تعاريف اصطلاحية ،فهذا التعريف هو الذي يهمنا أكثر لارتباطه بالجانب التطبيقي ( فالقافية هي الحرف الذي تبنى عليه القصيدة وهو المسمى رويا ) و هذا تعريف {قطرب} ! أما {ابن كيسان} فيرى أن القافية هي كل شيء لزمت إعادته في البيت ) في حين اعتبرها {الفراء} ( حرف الروي وحركته ،لأنه في نظره الحرف الذي تنسب إليه القصيدة وتسمى به ) وأمثل لذلك بقولنا : هذه نونية أبي البقاء الرندي ومطلعها :
لكل شيء إذا ماتم نقصان <<>>>فلا يغر بطيب العيش إنسان ٠
هي الأمور كما شاهدتها دول <<>> من سره زمن ساءته أزمان ٠
أو دالية المعري والتي مطلعها : 
غير مجد في ملتي واعتقادي <<>> نوح باك ولا ترنم شاذ 
أبكت تلكم الحمامة أم غنت <<>> على فرع غصنها الميادي 
إلى غير ذلك إذكان العرب يسمون القصيدة برويها لا بعنوانها ! أما {الخليل ابن أحمد الفراهيدي } فيعتبر( أنها وحدة صوتية مطردة اطرادا منظما في نهاية الأبيات ،حتى لكأنها فواصل موسيقية متوقعة للقاريء ) وقد نعتبرها بهذا المفهوم ضبطا للإيقاع الشعري !
4-<>[عرض القصيدة ] :
وأنا أقرأ قصيدة (وطني الجريح) ،مركزا على القافية لا حظت بأن هذا الشاعر شاعر قواف لأنه في اعتقادي ،نجح نجاحا باهرا في اختياره ( قافية متكاملة رائعة ) فمن خلال اطلاعي البسيط على بعض قواعد القافية ، رأيث أنها القافية المثالية لأي قصيدة شعرية عمودية ، وذلك للأسباب التي سنراها أثناء تحليلنا التطبيقي لها : 
* تقع القصيدة في اثنين وعشرين بيتا شعريا ،لن أحللها من خلال مستويات أخرى باستثناء <القافية >، وتنتهي هذه الأبيات بكلمات على مستوى النحو تتراوح ما بين أوزان صيغ منتهى الجموع والتي كان لها نصيب الأسد من حيث عدد أوزانها (مفاعل 8/ فواعل 3 / فعائل 3/ فعالل 1 ) ( يفاعل 2 ) (اسم فاعل على وزن فاعل 5 ) هذه إذن مجموع الكلمات التي ستكون على المحك أثناء التحليل ، هل يمكن اعتبارها كلها قواف أم أجزاء منها أم كلهامع بعض الزيادات ، تبعا لما ستمليه علينا ( حدود حروف القافية) ،والتي لا تخرج عن ثلاثة حدود ،( كلمة تامة / جزء من كلمة / أو كلمة مع زيادة أحرف ) ففي أي الحدود يمكن موضعة قافية قصيدة ( وطني الجريح ) التي في حقيقة الأمر اثني على مبدعها ثناء جميلا لأنه سهل أمامنا ظروف القراءة ،وأنار أمامنا الطريق ولم يتركنا تائهين في غمرة الصوائت والصوامت والعيوب والإسنادات وما إلى ذلك من الأمور المعقدة في <القافية> ، واعتقد ان الأنسب لي هنا هو الأخذ بتعريف الأخفش لبساطته ، وأيضا لأتلافى الكثير من صداع الرأس بين هؤلاء المعممين ، الذين إذا تبعتهم ولم تحزم حزامك لن تقبض إلا على السراب ، فلنبحث عن أبسط الطرق لنخرج من هذه المغامرة بأخف الخسائر ! 
القافية إذن في قصيدة [وطني الجريح] ( كلمة تامة فهي تبدأ من الباء وهو آخر حرف في البيت إلى أول ساكن وهو ألف التأسيس مع الحركة الصائتة قبله ، مصائب / متاعب / إلا أن هذا يمكن أن يختلف من قافية إلى أخرى رغم أن الشاعر حاول أن يتلافى كل المشاكل التي يمكن أن تعوق جمال القافية ،كعنصر هام في موسيقى الشعر باعتباره : (الشعر كلام مزون مقفى ) !
5- <> [نوع القافية] : 
نعتبر القافية في القصيدة قافية متواترة وذلك لوجود حرف واحد فيها بين ساكنين هما الروي الساكن ( الباء ) وألف التأسيس (ا) الساكن ومقيدة لوجود الروي فيها ساكنا ( الباء ) يقول الشاعر:
نصيبي من حياتي أن أغلب <<<>>مشاكل مفعمات بال(متاعب )
أرانب إن يدي امتلات ولكن <<<>>ذئاب إن أصابتني ال(مصائب )
نلاحظ أن عين مفاعل في البيت الأول وقعت بين باء ساكنة وألف ساكنة ، ووقعت الهمزة بين الباء والألف في البيت الثاني ، أي أن هذا الحرف {التوجيه} وقع بين {ألف التأسيس } والروي (التوجيه : ع / ألف التأسيس / الروي : الباء ) كما سنرى في محور الروي نظرا لتشابه القوافي يمكن أن نقيس على هذين المثالين باقي قوافي الأبيات وهنا يكمن جمال قافية ( وطني الجريح ) والتي لا تدعو إلى وضع جميع قوافي الأبيات تحت المشرط ، وقد أحصيتها بناء على طبيعة الأوزان التي وظفها الشاعر وأظنه سهل أمامنا مأمورية دراستها على مستوى خصائص وتقنيات القافية !
6-<>[حروف القافية] :
سأركز في هذا المحور على خصائص الحروف الأساسية الثلاثة للقافية ، وبما أني لا أستطيع الإحاطة بجميع الأبيات والتطرق لقوافيها سأتناول من حين لآخر بيتا أوبيتين ، للتحليل ، والمناقشة ،يقول الشاعر في قصيدة (وطني الجريح ) :
وإن أعز خل بات أعدى <<<>> عدوي أن أسغت له المشارب 
رماني إذ غدا مالي لديه <<>> بسهم في صميم القلب صائب 
من خلال هذين البيتين سأناقش مايلي وبالترتيب إلى آخر القافية المقيدة التي تنتهي بهذا الروي الساكن وهو حرف الباء (مشارب)!
١~ألف التأ سيس : 
يظهر أن الشاعر ببراعة استطاع أن يؤسس قصيدته من أول بيت إلى آخر بيت ، يعني هذا أن يلتزم بحرف التأسيس (الألف الساكنة )، ولا يغيرها من بداية أول قافية إلى آخر قافية ، و بالتالي يتحاشى الوقوع في <سناد التأسيس > فالقافية تسير على وثيرة واحدة ، وألف التأسيس يفصله عن الروي حرف صحيح متحرك ،نسميه التوجيه أو الدخيل ! 
٢~التوجيه :
وهو حرف صحيح يوجد بين ألف التأسيس (مشا[ر]ب ) والروي ونلاحظ أن الشاعر نوع حروف التوجيه كما يتضح لنا من خلال هذا الإحصاء البسيط : ( ع1/ ر5/ ح1 /ظ1/ش1/ص1/ه1/ض1/س3/خ1/ك1/ل1) و التزم بحركة الكسرة في جميع القوافي ، وهذا يدل على أنه حسم ذلك النقاش حول التنويع في الحركات أو عدمه إذهناك من العلماء من أجاز هذا التنويع في التوجيه فتحا وضما وكسرا في <توجيه> القوافي وهناك من اعتبره من العيوب إذهناك من الشعراء من لا يلتزم بالحركة الواحدة في حرف التوجيه !
٣~الروي :
هذا الحرف ، هو تاج العروس في القافية ، فهو المموسق للبيت الشعري وقد اختاره شاعر قصيدة (وطني الجريح ) حرف الباء الساكنة ،هذا الحرف الانفجاري ،الذي يترتب عن انحباس الهواء أثناء إطباق الشفتين وتحريره منفجرا عند إفراجهما ، وهو هنا ساكن ،إذ يشير إلى تحرير زفرة الشاعر ، عند الوقوف عليه ، ساكنا ، فيساهم بشكل أو بآخر في جماليات الموسيقى الشعرية ، وجمال القصيدة من جمال الروي ،لأنه السيد في حضرة القافية ، وحركة حرف الروي هي التي تحدد نوع القافية وقد اعتبرناها {مقيدة }لوجوده (الباء ) ساكنا أما لو أطلق هذا الروي ضما أو فتحا أو كسرا فإنها ستطلق مع إضافة إشباع ألفا أو واوا أو ياء .ونسمي أيضا هذه القافية في (وطني الجريح ) متواترة ، لوجود حرف واحد(التوجيه) بين الباء الساكن ( الروي ) وألف ساكن ( ألف التاسيس ) ! 
7-<>[القافية في قصيدة وطني الجريح ] :
إن القافية في هذه القصيدة ، مثالية ورائعة لمجموعة من الاعتبارات والأسباب وسنذكرها هنا في هذا المحور فهي تخلو من بعض ما يعتبره علماء البلاغة والعروض والقافية من العيوب ، وحتى لا نطلق الأحكام مجانية ،يمكن أن نستدل على ذلك بما يلي !
8-<>[عيوب القافية منعدمة ]
●(التضمين ) تستقل أبيات قصيدة ( وطني الجريح ) بعضها عن بعض ، وهذا نلمسه في شعر الحكمة ، والقصيدة لا تخرج عن هذا الاطار خصوصا في قسمها الأول ،هنا ينعدم إذن عيب التضمين ! 
●(الاقواء ) نجد أن الشاعر ، التزم بحركة واحدة في الروي ، ولم ينوعها ضما وفتحا وكسرا ،كما في قول النابغة الذبياني :
زعم البوارج أن رحلتنا غدا <<>> وبذاك خبرنا الغداف الأسود 
لا مرحبا بغد ولا اهلابه <<>> ان كان تفريق الاحبة في غد 
ضم الروي الأول وكسر الثاني ، و الالتزام بالتسكين يخرج الشاعر من عيب الإقواء ،والاقواء أساسه تغيير حركات الروي ضما وفتحا وكسرا في قوافي القصيدة الواحدة !
(الإكفاء ) اكتفى الشاعر بالباء رويا ، ولم يغيره في جميع أبيات القصيدة وقد نهج نهج القدماء ،وبذلك يكون تجاوز عيب الإكفاء 
●الإجازة والتي هي فرع من الإكفاء والفرق سيبقى من تباعد او تقارب مخارج حرف الروي والشاعر كفانا وكفى نفسخه شر التغيير ! 
قلت إن < قافية> قصيدة < وطني الجريح> مثالية ورائعة لأنها تخلو تماما من عيوب السناد ، هذه العيوب التي يعتبرها البلاغيون تقع في الحروف التي توجد قبل الروي ونذكر منها تعميما للفائدة :
● سناد الردف و● سنادالتأسيس ، و● سناد الحدو ، و●سناد التوجيه و●سناد الاشباع ، وما دامت قافية قصيدة <وطني الجريح> خالية تماما من هذه العيوب ، فلا داعي إلى شرحها والتركيز عليها ،
* من خلال هذه المعاينة التطبيقية ، خلصت الى ان هذه القافية ، تكتسي جمالها من خلوها مما ذكر من عيوب في القافية ، ولعمري إن الشاعر كان على علم ، بهذه العيوب ، التي تنقص من جودة و قيمة القصائد الشعرية والتي لم يكن يحبذها البلاغيون واللغويون وعلماء العروض والقافية !
9-<>[وظيفة القافية ]
بما إن العرب عرفوا الشعر بأنه( كلام موزون مقفى ) فالقافية لها أهمية بالغة في القصيدة الشعرية كونها تدل على نهاية البيت ووقفة القاريء وقفة إيقاعية مموسقة ، لا يمكن الاستغناء عنها في أية قصيدة شعرية خصوصا العمودية ، وتقوم كذلك بوظيفتها الجمالية والتزيينية ، لشكل القصيدة برويها الرائع ، الذي كانت به تتفاخر أمهات القصائد ولا ترضى أن تسمى إلا به !
10-<>[الخاتمة ]
من خلال هذه التجربة المتواضعة ، التي أردت من خلالها معرفة بعض قواعد الشعر ، والتي أعتقد أن أغلب جيل الشعراء الشباب يجهلونها ، لأنهم هاموا في عالم القصيدة النثرية وغيرها والتي كادت تتخلص من قواعد الخليل تماما ، وخرجت عن طوع علم العروض والقافية ، لكني أرى أن معرفة هذه القواعد مسألة ضرورية ،قد يقول قائل : إن أباماضي كان يجهل قواعد النحو والصرف وكان من خيرة الشعراء ،أقول : إن السليقة والأذن الموسيقية العربية شابها ما شابها من شوائب العصر الحديث واعتراها ما اعتراها من تغييرات ، إذ لم تعد الذائقة ناصعة البياض كما كانت في عصور خلت ، ومعرفة الشيء خير من جهله !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق