الأحد، 17 يوليو 2016

شؤون ثقافية عامة // عداد الايام /// بقلم ماجد جاغوب // دبي

عدّاد الأيام . . شرائح اجتماعية متباينة/ماجد جاغوب
ليس مفكرة ولا روزنامة ولا سجلاً حكومياً أو جدولاً للمواعيد، إنه إنسان يمثل شرائح من الناس في عمر محدد أو ظروف معينة، هو سجين ليس بين الجدران الباردة وخلف القضبان الحديدية، بل سجين خلل ناجم عن ضغط أو خلل نفسي أو اقتصادي أو اجتماعي، يمكن أن يكون سجيناً في بداية سجنه يعد الأيام بالثواني في أسبوعه الأول وينسى الزمن بعد ذلك حتى يقترب موعد انتهاء محكوميته، فيصبح في نظره وداخل نفسيته الأسبوع الأخير من سجنه أطول من السنين، والساعات الأخيرة عقوداً من الزمن، منتظراً بفارغ الصبر ساعة الفرج والخروج إلى نور الحرية من ظلام السجن، ويمكن أن يكون عداد الأيام جندياً أو ضابطاً أو موظفاً يعيش ضغوطاً اقتصادية رماه إليها القدر أو رمى نفسه تحتها مختاراً عندما وضع لنفسه برنامجاً لإنجاز أهداف بحاجة لمبالغ مالية تفوق قدراته أو لا تتناسب مع مستوى دخله، فهذا الصنف من الناس تشكل له لحظة استلام الراتب فرحة مؤقتة تختفي بعد أيام قليلة إن لم يكن ساعات، حيث يتبخر الراتب ويبدأ بانتظار استلام الراتب التالي قبل أن يجف حبر توقيعه على سند استلام راتبه، أو تسترد ماكينة البنك أنفاسها بعد أن يقترب حديدها من الذوبان من سخونة الضغط على السحب النقدي، وكثير من هذه الفئة لا يتمكن من التركيز في عمله ويصبح الموضوع الرئيسي على غلاف دماغه الذي يحجب أي نوع آخر من الأفكار ويشكل ضباباً على التفكير الصحيح، هو أمنيته في أن تقلب عجلة الزمن إلى الأمام لكي يتسلم الراتب التالي، أما الفئة المعاكسة فهي فئة من لا يتسلم راتباً، بل مطلوب منه تسديد التزامات بنكية أو ديون أو أقساط أو أجرة بيت أو قسط مدارس الأولاد في موعد معين من الشهر، ويتمنى أن تكون سرعة عجلة الزمن مهزومة في سباقها مع السلحفاة ويصبح موعد التسديد أو الدفع بالنسبة له مثل كابوس ثقيل وحلم مزعج، ويزداد الكابوس ثقلاً ويزداد الحلم رعباً كلما اقترب موعد تسديد الدفعات المطلوبة منه، أما طالب المدرسة الكسول فينبغي أن يتوقف الزمن بعد ظهر الخميس حتى لا يأتي صباح الأحد موعد بدء الدراسة للأسبوع التالي، أما الخطيب والخطيبة قبل الزواج فينتظران لقاء آخر الأسبوع على أحر من الجمر ويتمنيان أن يتوقف الزمن عند اللقاء الذي تمر ساعاته دقائق في نظرهما، والزوجان إذا كانا متحابين وسافر أحدهما تتوقف عجلة الزمن في مخيلتهما حتى عودة نصفه الآخر، والزوج إذا كان موعد دخوله إلى البيت هو بدء محاضرات وعتاب ولوم وفتح صفحات تشعل في داخله ناراً تكون مختفية تحت رماد ضغوط الحياة يتمنى أن يمر الوقت سريعاً حتى يستطيع أخذ فسحة من الراحة خارج موال الزوجة اليومي وبهذا يختلف عداد الزمن باختلاف ظروف ونفسيات البشر، والعلاج هو تحكيم العقل قبل الانجرار وراء العواطف والهواجس الرغبات والحاجات، وأن يكون العقل المتزن هو المنظم لحياة الإنسان .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق