الخميس، 12 أبريل 2018

دراسة موجزة لنص الشاعروالناقد : عباس باني المالكي // بقلم الاستاذ : باسم الفضلي // العراق

دراسة موجزة لنص الشاعر والناقد عباس باني 
((هل وبقية التكوين))
****************
أرفع كفوف الماء 
أناشد غرقي 
أرسم دوائر الضوء داخل روح النهر 
هنا مرت روحا قبل ألف ظل 
هنا تبعثرت أرخبيلات التيه 
عند مساء بلا شجر 
الماء يتكسر بيدي 
حين أرفعه إلى عطش جلجامش الذي عاد توا 
ببطاقة الأوكسجين من رئة المجهول 
قد غرق بالقطرة الأخيرة من تنفس القمر 
فأين أول وجهي أجد وجهك 
محفورا 
في المدى 
في الشجر 
في المرايا 
في دروب الضوء
في عيون الفراشات 
في وجع أصابعي حين تبحث عنك في الفراغ 
كأحجية لا يعرف طلاسمها إلا قلبي حين يرتد إليه بريد الشرايين 
أنت وجه نهار يتغذى على مطر ذاكرة السماء 
حين تأتين 
يأتي النهار غاسلا صمت روحي 
ويأتي الهواء عابرا قارات الاختناق 
ويأتي نبيا جديدا في كفيك 
وأتي أنا إلى أنا 
لأستطيب من أفلاكك في مسارات روحي 
وحين تأتين 
أتي أنا أعزلا من جسدي إلا بعض مقاسات على قدر كفك 
لأني تكونت من أضلاعك قبل خروج حواء من ضلع آدم 
أنت طوفاني دون الجبل المعصوم 
فهل أقول الكفر حين أقول أنت المعنى لروحي 
فهل أقول الكفر حين أقول أنت المعنى لروحي 
هل........؟؟؟؟؟ 
وهل أنت قمر الله في ليلي ...!!!
.............................
الدراسة 
********
ازاحات بداعي الكشف عن عالم برئ، يراه ( من رؤيا ) الشاعر :
(( فأين أول وجهي أجد وجهك 
محفورا 
في المدى 
في الشجر 
في المرايا 
في دروب الضوء
في عيون الفراشات))
عالم ينشده فيما وراء واقعه الماقبلي الحاضر،كما تؤكده هذه الصور المشفرة ، الحركية
للتدليل على استمرارية حضور تلك الماقبلية :
( أرفع كفوف الماء) : 
ارفع / حاضرية زمانية + كفوف الماء / ماضوية مكانية ( الماء ماقبلي الوجود ) 
= واقع حالي ( الواقع الان ) ماقبلي
( أناشد غرقي) / (أرسم دوائر الضوء داخل روح النهر) :
كذلك بالنسبة لأناشد و ارسم + الغرق ،الضوء والماء ماقبلية= ذات الواقع اعلاه
( هنا مرت روحا قبل ألف ظل ) / ( هنا تبعثرت أرخبيلات التيه ):
هنا/ مكانية حاضرية + مرت،تبعثرت/ماضوية زمانية + قبل/ ظرفية ماضوية= النتيجة اعلاه
(عند مساء بلا شجر) / ( الماء يتكسر بيدي ):
مساء / ظرفية انطفائية ( انطفاء الزمن الحركي للحياة بدلالة رمزيتها ( الشجر ) المنفية
الماء / ماقبلي + يتكسر / حاضرية زمانية + بيدي / ظرفية مكانية حاضرية 
جمع التفكيكين السالفين = حاضرية واقعية ماقبلية
(حين أرفعه إلى عطش جلجامش الذي عاد توا ) :
ارفع / حاضرية زمانية 
جلجامش / ذاكرة جمعية + عاد / ماضوية زمانية + تواً / ظرفية حاضرية= 
ذاكرة حاضرية 
باستدعاء حاضرية ( ارفع) = ذاكرة جمعية ( الذاكرة ماقبلية بذاتها ) مؤكدة 
( قد غرق بالقطرة الأخيرة من تنفس القمر )
غرق + الاخيرة + القمر/ اشارات متعلقة بجلجامش = سياقية ماقبلية 
واقع يحاصر ذات الشاعر باللامعنى ،لاوجود :
( في وجع أصابعي حين تبحث عنك في الفراغ )
فهو واقع خالٍ عارٍ زمكانياً ، من أيِّ اثر لها ( فراغ )، مهما توالى البحث في احشائه
عن صدى او ظل لها ، فما من جدوى غير ألم الخيبة :
فأصابعه ، وهي اشارة الى ( آلية / وسيلة) الاستدلال والتعرف على كنه وماهية المحسوسات
المادية ، قد بلغت من الاعياء والتعب في رحلة بحثها ، حد الـ(وجع) / ازاحة دلالية عن قِدَم و
بحثه الرؤيوي عن ذاته ،التي جسمها ( شيّأها ) مادياً / عنكِ ، لتناسب السياق الدلالي لـ( اصابعي ) 
، ذات متقاطعة مع ماقبلية واقع آخروي ،لايعي سرّها ،فهي عنده مطلسمة ، :
( كأحجية لا يعرف طلاسمها إلا قلبي )
وسنقف على سر هذا التقاطع بينهما،بالتعرف عن المسكوت عنه في باقي عبارات النص ادناه 
التي يرسم فيها الشاعر ملامح ذاته كما يتمناها في عالم رحيقي غارق بالنور والبراءة ،
وساشير باقتضاب الى ذلك المسكوت عنه امام كل عبارة :
( أنت وجه نهار يتغذى على مطر ذاكرة السماء) / الآخر أفول ينهل من جدب ذاكرة المكان/ الواقع 
حين تأتين / حين ترحلين
يأتي النهار غاسلا صمت روحي / يحل الليل يعفّر صراخ استلابي 
ويأتي الهواء عابرا قارات الاختناق / ويحل الاختناق 
ويأتي نبيا جديدا في كفيك / ويحل داعي ضلالةٍ عتيد دونك
وأتي أنا إلى أنا / وارحل انا مني
لأستطيب من أفلاكك في مسارات روحي / لأتجرّع مُّرَّ غربتي 
وحين تأتين / حين ترحلين 
أتي أنا أعزلا من جسدي إلا بعض مقاسات على قدر كفك / ارحل حاملاً روحي اليك 
لأني تكونت من أضلاعك قبل خروج حواء من ضلع آدم / فأنت سر وجودي قبل الوجود
أنت طوفاني دون الجبل المعصوم / الآخر فنائي 
استدعاء المسكون عنه ابان بشاعة وجه ( الواقع / الآخروي ) السالب لمعنى ذاته ، المصادر
لرفيفها حرةً في مديات الانعتاق من قيود ماقبليته العتيدة .. المؤطرة بالمقدس بدلالة ( نبياً،
حواء ، آدم ، الطوفان ، الجبل العاصم )
فيطلق صرخته بوجه هذا السجّان الصّدئ الاغلال :
(فهل أقول الكفر حين أقول أنت المعنى لروحي 
فهل أقول الكفر حين أقول أنت المعنى لروحي 
هل........؟؟؟؟؟ 
وهل أنت قمر الله في ليلي ...!!!) 
معلناً ان ذاته المتحررة من واقعه المنكفئ على الماضي ، هي معناه الحقيقي ، وهي من 
تضيء روحه في دامس ليالي غربته الوجودية 
والاستفهام هنا / هل اقول ، هل انت : خرج عن معناه الحقيقي الى المجازي ، الاول 
لإفادة النفي / ما اقول ، والثاني للاضراب / بل انت ( خلت الجملتان من علامة السؤال ؟ )
اما في ( هل ......... ؟؟؟؟؟) : فحافظ الاستفهام على حقيقة دلالته ، فالاشارة الايقونية
(..... ؟؟؟؟؟) هي دالة رمزية مدلولها اراد الشاعر ان يشرك القارئ في تقديره ،وهو
لايخرج عن كونه تلميحاً ( للآخر) الذي سيعتبر ان الشاعر قد قال كفراً، فهذا الاخر قد نصّب
نفسه ناطقاً بإسم الله ، محتكراً لقدسيته ،وتكرار علامة السؤال / ؟ ،هو بقصد التأكيد على 
اعتراض الشاعر على زيف مايدعيه ذلك الآخر 
وبهذا تكون عتبة النص ( هل وبقية التكوين ) قد مثلت مفتاحاً دلالياً ساعد على الولوج الآمن
الى بعض منعرجات النص المفصلية وتفكيك اشاراتها :
هل : يفيد نوعَي الاستفهام الحقيقي ( التصديقي حصراً ) والمجازي
بقية التكوين : تشكُّل الوجود / وهو هنا وجود الذات ، والشاعر بسبب ( التزامه الديني ) سبق
مفردة / التكوين ـ بكلمة / بقية ، بمعنى انه يشير الى ان الله هو المكوِّن الاول لكينونته ، وما
ذهب هو الا الى تصوّر / الخلق الشعوري ، لبقية ذلك التكوين / ذاته الحرة 
............. تحياتي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق