تجليات الأغتراب
قراءة في نص الشاعر جاسم آل حمد الجياشي (تسوية/لنتوءات الوهم، والذات)
بقلم/ حسين عجيل الساعدي
سكبت حقائبي...
عند تلال الامل ...
الواهمِ /.. للبصرِ والبصيرة
فهمسَ العصفورُ في أذني
أن /ــ إرحل ..
أو قد تتوارى...
ملامحكَ /.. فأثقلَ جناحيَ
بفراغٍ.. لايعدو أن يكون
إلا ضجيج قاطرة كذب قادم
من أرخبيل /.. وعد مزعوم
غيلة ومعصية ...
فبت وحيداً .. وحقائبي
تنهشها مخالب ..تلكَ
القبرة الواثبة ..كل حين
والثعالب المستترة
بملامحَ آدمية
و و وـــــــــ فأرسم وجهي
* /\ *
،
حقيبةٍ......
أتابطها.. تنعرج الازقة فيها
تتقاطع......
حتى يخال الرائي
هو أمام مرآة ثُقبت
لفرطِ /.. ما استعملها المارون
وشجرةِ طيب لاتثمر
إلاــــــــ ورضاب
يسيل من زوايا شفاهٍ
عفرتها أتربة اثار أٌقدام البلهاء
فأعود /.. لانزوائي
ناسيا ظلي ...
عالقاً /.. بنسغ
أنثى الوهم...
المتناسل /.. زيفاً
وخديعة...
،،،،،،،،،،،،
القراءة ....
أن محاولة تأصيل (الأغتراب)، هو ظاهرة قديمة ومتجذرة في الفكر الإنساني، ومفهومه ذات دلالات متعددة، يمثل تجربة يشعر فيها الإنسان بالغربة عن الذات .
والأغتراب نافذة من منافذ الإبداع الشعري لدى الكثير من الشعراء ، من خلال تنامي نزعة الأغتراب عند الشاعر المؤدية الى تعمق غربتة عن الذات وأنعزاله عن المجتمع، أو أغترابه عن العالم والكون، وهذا الوعي لدى الشاعر نتاج تأثير الثورات الفكرية وفلسفاتها التي أجتاحت العالم على أثر الحربين العالميتين الأولى والثانية ، فكان لهذه الحروب أنعكاساتها الحادة على حياة الإنسان المعاصر، مما ولدت (شعورًا داخليًّا بفقدان الحرية والإحباط والتشيؤ والتذرِّي والانفصال عن المحيط الذي يعيش فيه) . الإنسان يخوض صراع مع قوى أجتماعية وأقتصادية وسياسية لكي يخرج برؤية مما يحيط ويحدث حوله، أضافة الى شعوره بأنه مسلوب الإرادة والذات، كذلك هذا الصراع يأخذ منحى وبعداً ميتافيزيقياً، عندما ينأى الإنسان المغترب بنفسه عن واقعه، لان هذا الواقع لا يسعفه في فهم الحياة والكون، فيتجه الى تبني رؤى ما ورائية لمعرفة حقيقة كينونته ووجوده . هذا الحال أنعكس بدورها على الأدب والشعر وأتسامهما بطابع الأغتراب، ومنشئ هذا الأغتراب ما طرحته الفلسفة الوجودية التي تمثلت بكتابات الفيلسوف الفرنسي الوجودي (سارتر)، والتي أنصبت على كينونة الإنسان المعاصر ووجوده الحسي والروحي ، والمحاصر بمشاغله اليومية وأستحواذ القلق عليه، هذه الأفكار تمحورت على الوجود الإنساني والغايات الإنسانية من هذا الوجود، والمحصورة في إشكالية (الولادة والموت) وتجليات هذه الإشكالية في الفكر والأدب والشعر .
الوجودية كفلسفة تنظر الى الإنسان وهو محاط بالعدمية والعبثية والقلق المزمن وعدم الجدوى من وجوده في هذه الحياة ونهايتها الحتمية، وعجز العقل الفلسفي على إيجاد الأجابات الشافية عن تساؤلات ماهية هذا الإنسان، وسبب وجوده في هذه الحياة، فكان لهذه الفلسفة الأثر الواسع والواضح في الإبداع الأدبي والشعري . إذن الأغتراب هو أنفصال ذات الإنسان عن الآخرين.
أن دراسة ظاهرة الأغتراب في نص الشاعر "جاسم الجياشي" لها أمتدادها في فكره، تمثلت في لغته الشعرية، تلك اللغة التي ميزته عن غيره من الشعراء . فتجربة الأغتراب هذه وأنقسام الذات تجلت عبر مفردات النص ومكوناته اللغوية وصوره، ومنذ الوهلة الاولى للقراءة نص الشاعر "جاسم الجياشي" نلاحظ أن تجليات الأغتراب عنده تبدو أكثر وضوحاً في صوره ومفرداته، فهو يفصح عن نفسه من خلال صوره بطريقة لا شعورية، الأنفصال وتجليات الأغتراب في كل زوايا نصه، فالولوج إلى أعماق النص وأستنطاقه من خلال رصد الأدوات الفنية الكامنة في اللغة التي يبني الشاعر عليها إبداعه، (سكبت حقائبي/ تلال الامل/ الواهمِ/ أثقلَ جناحيَ بفراغٍ/ ضجيج قاطرة/ بت وحيدا/ حقائبي تنهشها مخالب القبرة والثعالب المستترة بملامحَ آدمية/ أعود لانزوائي ناسيا ظلي عالقاً/ وهم متناسل زيفاً وخديعة).
قد تكون سمة التوتر النفسي والقلق ومعاناة الشاعر، دافعاً أساسياً للإبداع، وهذا الدافع ينتج نصاً شعرياًًً جيداً وشاعراً مبدعاً . فـ(أنا) الشاعر مغتربة تصارع الواقع، و(الحقيبة) هي ذات الشاعر وعالمه ، تودعه أو تغادره، أما (العصفور) هو الأنطلاق والحرية والحياة . إذن الحقيقة كامنة في النص وذات الشاعر المغتربة عن الواقع . الشاعر "جاسم الجياشي" يعيش تجليات وتشظي أغتراب متعدد الأشكال، فأغترابه الوجودي محاط بقلق ميتافيزيقي، وأغترابه المكاني مرتبط بذاته وأنتمائه، وكذلك أغترابه الفكري، وفي جميع الأحوال هذا الأغتراب نابع من جراء الإحساس بالألم الصادر عن الذات الشاعرة المغتربة المعذبة القلقة .
قراءة في نص الشاعر جاسم آل حمد الجياشي (تسوية/لنتوءات الوهم، والذات)
بقلم/ حسين عجيل الساعدي
سكبت حقائبي...
عند تلال الامل ...
الواهمِ /.. للبصرِ والبصيرة
فهمسَ العصفورُ في أذني
أن /ــ إرحل ..
أو قد تتوارى...
ملامحكَ /.. فأثقلَ جناحيَ
بفراغٍ.. لايعدو أن يكون
إلا ضجيج قاطرة كذب قادم
من أرخبيل /.. وعد مزعوم
غيلة ومعصية ...
فبت وحيداً .. وحقائبي
تنهشها مخالب ..تلكَ
القبرة الواثبة ..كل حين
والثعالب المستترة
بملامحَ آدمية
و و وـــــــــ فأرسم وجهي
* /\ *
،
حقيبةٍ......
أتابطها.. تنعرج الازقة فيها
تتقاطع......
حتى يخال الرائي
هو أمام مرآة ثُقبت
لفرطِ /.. ما استعملها المارون
وشجرةِ طيب لاتثمر
إلاــــــــ ورضاب
يسيل من زوايا شفاهٍ
عفرتها أتربة اثار أٌقدام البلهاء
فأعود /.. لانزوائي
ناسيا ظلي ...
عالقاً /.. بنسغ
أنثى الوهم...
المتناسل /.. زيفاً
وخديعة...
،،،،،،،،،،،،
القراءة ....
أن محاولة تأصيل (الأغتراب)، هو ظاهرة قديمة ومتجذرة في الفكر الإنساني، ومفهومه ذات دلالات متعددة، يمثل تجربة يشعر فيها الإنسان بالغربة عن الذات .
والأغتراب نافذة من منافذ الإبداع الشعري لدى الكثير من الشعراء ، من خلال تنامي نزعة الأغتراب عند الشاعر المؤدية الى تعمق غربتة عن الذات وأنعزاله عن المجتمع، أو أغترابه عن العالم والكون، وهذا الوعي لدى الشاعر نتاج تأثير الثورات الفكرية وفلسفاتها التي أجتاحت العالم على أثر الحربين العالميتين الأولى والثانية ، فكان لهذه الحروب أنعكاساتها الحادة على حياة الإنسان المعاصر، مما ولدت (شعورًا داخليًّا بفقدان الحرية والإحباط والتشيؤ والتذرِّي والانفصال عن المحيط الذي يعيش فيه) . الإنسان يخوض صراع مع قوى أجتماعية وأقتصادية وسياسية لكي يخرج برؤية مما يحيط ويحدث حوله، أضافة الى شعوره بأنه مسلوب الإرادة والذات، كذلك هذا الصراع يأخذ منحى وبعداً ميتافيزيقياً، عندما ينأى الإنسان المغترب بنفسه عن واقعه، لان هذا الواقع لا يسعفه في فهم الحياة والكون، فيتجه الى تبني رؤى ما ورائية لمعرفة حقيقة كينونته ووجوده . هذا الحال أنعكس بدورها على الأدب والشعر وأتسامهما بطابع الأغتراب، ومنشئ هذا الأغتراب ما طرحته الفلسفة الوجودية التي تمثلت بكتابات الفيلسوف الفرنسي الوجودي (سارتر)، والتي أنصبت على كينونة الإنسان المعاصر ووجوده الحسي والروحي ، والمحاصر بمشاغله اليومية وأستحواذ القلق عليه، هذه الأفكار تمحورت على الوجود الإنساني والغايات الإنسانية من هذا الوجود، والمحصورة في إشكالية (الولادة والموت) وتجليات هذه الإشكالية في الفكر والأدب والشعر .
الوجودية كفلسفة تنظر الى الإنسان وهو محاط بالعدمية والعبثية والقلق المزمن وعدم الجدوى من وجوده في هذه الحياة ونهايتها الحتمية، وعجز العقل الفلسفي على إيجاد الأجابات الشافية عن تساؤلات ماهية هذا الإنسان، وسبب وجوده في هذه الحياة، فكان لهذه الفلسفة الأثر الواسع والواضح في الإبداع الأدبي والشعري . إذن الأغتراب هو أنفصال ذات الإنسان عن الآخرين.
أن دراسة ظاهرة الأغتراب في نص الشاعر "جاسم الجياشي" لها أمتدادها في فكره، تمثلت في لغته الشعرية، تلك اللغة التي ميزته عن غيره من الشعراء . فتجربة الأغتراب هذه وأنقسام الذات تجلت عبر مفردات النص ومكوناته اللغوية وصوره، ومنذ الوهلة الاولى للقراءة نص الشاعر "جاسم الجياشي" نلاحظ أن تجليات الأغتراب عنده تبدو أكثر وضوحاً في صوره ومفرداته، فهو يفصح عن نفسه من خلال صوره بطريقة لا شعورية، الأنفصال وتجليات الأغتراب في كل زوايا نصه، فالولوج إلى أعماق النص وأستنطاقه من خلال رصد الأدوات الفنية الكامنة في اللغة التي يبني الشاعر عليها إبداعه، (سكبت حقائبي/ تلال الامل/ الواهمِ/ أثقلَ جناحيَ بفراغٍ/ ضجيج قاطرة/ بت وحيدا/ حقائبي تنهشها مخالب القبرة والثعالب المستترة بملامحَ آدمية/ أعود لانزوائي ناسيا ظلي عالقاً/ وهم متناسل زيفاً وخديعة).
قد تكون سمة التوتر النفسي والقلق ومعاناة الشاعر، دافعاً أساسياً للإبداع، وهذا الدافع ينتج نصاً شعرياًًً جيداً وشاعراً مبدعاً . فـ(أنا) الشاعر مغتربة تصارع الواقع، و(الحقيبة) هي ذات الشاعر وعالمه ، تودعه أو تغادره، أما (العصفور) هو الأنطلاق والحرية والحياة . إذن الحقيقة كامنة في النص وذات الشاعر المغتربة عن الواقع . الشاعر "جاسم الجياشي" يعيش تجليات وتشظي أغتراب متعدد الأشكال، فأغترابه الوجودي محاط بقلق ميتافيزيقي، وأغترابه المكاني مرتبط بذاته وأنتمائه، وكذلك أغترابه الفكري، وفي جميع الأحوال هذا الأغتراب نابع من جراء الإحساس بالألم الصادر عن الذات الشاعرة المغتربة المعذبة القلقة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق