الخميس، 12 أبريل 2018

نسيبة بنت كعب أم عمارة رضي الله عنها / إمراة بألف رجل // بقلم د. صالح العطوان الحيالي // العراق

نسيبة بنت كعب أم عمارة رضي الله عنها ( إمرأة بألف رجل ) 
ـــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي -العراق - 29-3-2018
أم عمارة نسيبة بنت كعب الأنصارية (توفيت سنة 13 هـ) صحابية من الخزرج، شاركت في عدد من غزوات النبي محمد وبعض معارك حروب الردة.
نشأتها 
ـــــــــ تنتمي أم عمارة نسيبة بنت كعب بن عمرو بن عوف بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن بن النجار إلى بني الخزرج وهي القبيلة التي سكنت يثرب قبل الإسلام، وبالتحديد من بطن بني النجار أخوال عبد المطلب بن هاشم جد النبي محمد. صلى الله عليه وسلم لا يُعلم إن كان أبوها كعب بن عمرو بن عوف قد أدرك الإسلام أم لا، وكذلك الحال بالنسبة لأمها الرباب بنت عبد الله بن حبيب بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جُشم بن الخزرج، وإن كان بعض المصنفين يرجحون إسلامها ومشاركتها في غزوة أحد، وتضميدها لجراح ابنتها نسيبة في تلك الغزوة. ولأم عمارة من الإخوة عبد الله وقد أسلم وشهد غزوات النبي محمد كلها، وتوفي في المدينة سنة 30 هـ، وصلى عليه الخليفة يومها عثمان بن عفان، فيما قال صاحب الطبقات أنه قُتل يوم الحرَّة، والثاني عبد الرحمن أحد البكائين الذين لم يكونوا يملكون ما يجعلهم قادرين على المشاركة في غزوة تبوك، ونزل فيهم قوله تعالى: وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ ، كما ولّاه النبي محمد هو وعبد الله بن سلام على قطع نخيل بني النضير، وشهد باقي الغزوات مع النبي محمد، وتوفي في آخر خلافة عمر بن الخطاب. 
أسرتها 
ـــــــــ تزوجت أم عمارة قبل الإسلام زيد بن عاصم الأنصاري وهو من الصحابة الذين شهدوا بيعة العقبة وبدر ثم أحد، ولم تذكر كُتب السير والتراجم شيئًا عن وفاته، وأنجبت له ولديه حبيب الذي شهد بيعة العقبة وأحد والخندق وباقي الغزوات مع النبي محمد، وبعثه النبي محمد إلى مسيلمة بن حبيب في اليمامة لما تنبأ فقطّح مسيلمة أطرافه وألقاه في النار حتى مات لما لم يشهد لمسيلمة بالنبوة، وعبد الله الذي أجهز على مسيلمة بن حبيب بسيفه في معركة اليمامة بعد أن رماه وحشي بن حرب، وقد قُتل عبد الله يوم الحرة سنة 63 هـ. ثم تزوجت أم عمارة من بعده غزية بن عمرو الأنصاري، وكان أيضًا ممن شهد بيعة العقبة وأحد، وهو أخو سراقة بن عمرو، وأنجبت له ضمرة الذي قتل في موقعة الجسر، ولأم عمارة ولد آخر يدعى تميم يختلف كتاب السير في نسبته إلى زيد بن عاصم أم لغزية بن عمرو. 
سيرتها 
ــــــــــ كانت أم عمارة من أوائل أهل يثرب دخولاً في الإسلام، فقد كانت إحدى امرأتان بايعتا النبي محمد في بيعة العقبة الثانية. ولما هاجر النبي محمد إلى يثرب، كانت أم عمارة من المخلصات في نشر الدين، فشاركت في غزوة أحد مع زوجها غزية بن عمرو وابنيها، لتسقى الجرحى وتطبّبهم، لكنها بعد أن دارت الدائرة على المسلمين قاتلت هي وزوجها وابناها دفاعًا عن النبي محمد، وأبلت بلاء حسنًا وجُرحت ثلاثة عشر جُرحاً بين طعنة برمح أو ضربة بسيف، فدعا لهم النبي محمد أن يكونوا رفقائه في الجنة. وحين نادى النبي محمد في أصحابه صبيحة يوم أُحد للخروج لمطاردة قريش، همّت أم عمارة للخروج معهم، لكنها لم تقو على المشاركة في تلك الغزوة بعد أن أثقلتها جراح يوم أحد. وحين عاد المسلمون من تلك الغزوة، أرسل أخاها عبد الله بن كعب ليُطمئنه على أم عمارة لما أبلته من بلاء في أحد، فطمئنه على سلامتها، فسُر النبي بذلك. ثم شاركت أم عمارة بعد ذلك في غزوة بني قريظة وغزوة خيبر. وفي سنة 6 هـ، خرجت أم عمارة مع النبي محمد وألف وخمسمائة من المسلمين لأداء العمرة. وقبل أن يدخل النبي محمد وأصحابه مكة، أرسل عثمان بن عفان ليبلغ قريش أنهم جاءوا للعمرة، تأخر عثمان في العودة بالرد، فظنّ المسلمون أن عثمان قُتل، فبايعوا النبي محمد بيعة الرضوان على الموت ثأرًا لعثمان، وكان فيهم أم عمارة، وهي البيعة التي نزل فيها الوحي بقوله تعالى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ، كما قال النبي محمد عن من بايعه يومها: «لَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ»، وهو الحديث الذي رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال عنه أنه حديث حسن صحيح، وصححه الألباني، وقد شهدت أم عمارة بعدئذ صلح الحديبية الذي عُقد بين المسلمين وأهل مكة بعد عودة عثمان. ثم حضرت مع النبي محمد عمرة القضاء في العام التالي. 
وبعد فتح مكة، بلغ النبي محمد أن هوازن قد جمعت لقتاله، فقرر الخروج لقتالهم بكامل الجيش الذي فتح مكة، وكان قوامه عشرة آلاف مقاتل. تقابل الفريقان في حنين ووقع المسلمون في بداية المعركة في كمين نصبته هوازن، ففر معظم جيش المسلمين. يومئذ، وقفت أم عمارة وفي يدها سيف تصيح في الأنصار: «أيَّة عادة هذه؟! ما لكم وللفِرار؟!» ووقفت تقاتل، ثم عاد المسلمون للقتال لمّا رأوا ثبات النبي محمد في قلة معه. وبعد وفاة النبي محمد، ارتدت بعض القبائل عن الإسلام، فقرر خليفته أبو بكر الصديق قتالهم، ودارت في معظم أركان الجزيرة العربية معارك عُرفت بحروب الردة. التحقت أم عمارة ببعث خالد بن الوليد الذي خرج لقتال بني تميم ومن بعدهم بني حنيفة ومتنبئهم مسيلمة بن حبيب الذي كان قتل ابنها حبيب ومثّل به. شاركت أم عمارة ومعها ابنها عبد الله بن زيد في قتال معركة اليمامة أعتى معارك حروب الردة وأبلت فيها بلاءً حسنًا، ونجح ابنها عبد الله في الثأر لأخيه، وقتل بسيفه مسيلمة. أصيبت أم عمارة في تلك المعركة بأحد عشر جرحًا، وقُطعت يدها فبعث إليها خالد بن الوليد بطبيب كوى لها القطع بالزيت المغلي. 
توفيت أم عمارة بعد معركة اليمامة بعام متأثرة بجراحها في خلافة عمر بن الخطاب، ودفنت في البقيع. 
شخصيتها 
ــــــــــــ تميزت أم عمارة بالإخلاص لدينها، وشجاعتها في الزود عنه، وهو ما تجلّى من قتالها في غزوتي أحد وحنين ومعركة اليمامة، كما عُرف عنها صبرها، فعندما جاءها الخبر بمقتل ابنها حبيب على يدي مسيلمة، قالت: «لمثل هذا أعددته وعند الله احتسبته.» ومن حرصها على ابتغاء ثواب عبادتها، أتت أم عمارة النبي محمد يومًا، فقالت: «ما أرى كل شيء إلا للرجال، وما أرى النساء يذكرن بشيء؟»، فنزلت آية: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا . 
امرأةٌ بألفِ رجُل نعم لا تتعجب من هذا إنها امرأة ( لكن ) لو وزِنت بألف رجل لوزنتهم والله ...إنها امرأة ( لكن ) لو كان لنا مثلها رجال لكان النصر حليفنا بإذن الله ، إنها امرأة ( لكن ) لا يقارن بها رجال فضلا عن نساء مثلها .. إنها امرأة ( لكن ) ضحَّت بنفسها .. فأين أنتم يا مسلمون عن فعلها .. إنها امرأةٌ ( لكن ) باعت نفسها بل وأبنائها وزوجها في سبيل الله فأين منها أمهاتٌ وآباءٌ وأبناء .
إنها امرأةٌ ( لكنها ) امرأةٌ سبقها بعضُ أجزاءٍ من جسدها إلى الجنة .عمَّن أتحدَّث ، مَن هذه المرأة ، إنها المرأة ألتي أطاقت ما لم يطقه فُحول الرجال ، إنها المرأة التي فعلت الأفاعيل بالأعداء ، وصنعت المجد ببذل العطاء ، والصبر عند البلاء ، وضخ الدماء ، وتقطيع الأشلاء ليرضى من له مافي الأرض ، وما في السماء ..إنها امرأة ( لكن ) .. عجز عن فعلها كثير من الرجال !! فيا الله ما أعظم قدرها وأجلَّ فعلها ..إنها الفاضلة المجاهدة نسيبة بنت كعب ( أم عمارة ) رضي الله عنها وأرضاها ، شهدت بيعة العقبة وأحد والحديبية واليمامة .. وقفت يوم أحدٍ موقفاً أعيى الأبطال ، وأبهر الرجال ، اِسمع لأمِّ عمارة وهي تحدثك .. تقول رضي الله عنها : ( رأيتني وانكشف الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فما بقي إلا نفرٌ قليل ما يُتِمُّون عشرة ، وأنا وابناي وزوجي بين يديه نذُبُّ عنه ، والناس يمُرُّون به منهزمين ، ورآني ولا تِرْس معي ، فرأى رجلاً مُوّلِّياً ومعه تِرس ، فقال : القِ تِرسَك إلى من يقاتل ، فألقاه ، فأخذته فجعلت أتّرّس به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما فعل بنا الأفاعيل
أصحاب الخيل ، لو كانوا رجّالة مثلنا - أي على أقدامهم - أصبناهم إن شاء الله ..فيُقبِل رجلٌ على فرسٍ فيضربني وتترّست له ، فلم يصنع شيئا وولَّى ، فأضرب عرقوب فرسه ، فوقع على ظهره ، فجعل النبي يصيح ( يا أبن أم عمارة أمك أمك ) .. قالت فعاونني عليه حتى أوردته شعوب - أي الموت - .. فعلاً لقد قامت لرسول الله صلى الله عليه وسلَّم مقامَ خيرٍ من مقام كثيرٍ من الرجال .. 
لقد ضرَبت أمُّ عِمارة مثالاً لتقفَ الأجيال النائمةُ أمامه لعلها تستيقظ من غفلتها .. وتتعلم من أم عمارة تضحيتها ، يوم أحد ...كان المشركون قد تجمعوا وصوَّبوا سهامهم ووحدوا هجومهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقتلوه ، لكن هيهات هيهات : ما علموا أن ثمَّة أم عمارة هناك ، فوالله ما كان الخطر يدنوا من المصطفى إلا وأمُّ عِمارة دونه حتى قال الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه : ( ما التفتُّ يميناً ولا شمالاً إلا وأنا أراها تقاتل دوني ) . وقال فيها الحبيب - جعلنا الله من أهل سنته - لمَّا رأى شدة بأس هذه المرأة في القتال والثبات والعزيمة قال : ( من يُطيقُ ما تُطيقينَ يا أمَّ عِمارة ) ، أُمُّ عمارة .. ضرب رجُلاً ابنها بالسيف فجرحه فأبت أن تتركه حتى قتلته واستقادت منه .. ( فرآها النبي صلى الله عليه وسلم وتبسَّم حتى بدت نواجذه وقال : ( استقدتِّ يا أم عِمارة ) وقال : ( الحمد لله الذي أظفرك ، وأقرَّ عينك من عدوك ، وأراك ثأرك بعينك ) ، لئن كُنَّ النساء كما ذُكِرنَ لفُضِّلت النساء على الرجال لقد استحقَّت أُمُّ عِمَارة أن يُعلَّق عليها وِسام أغلى من كل الأوسمة الدنيوية ، قال فيها النبي وفي أبنائها : ( اللهم أجعلهم رفقائي في الجنة ) فهنيئاً ثم هنيئا يا أم عمارة ، لم تَكَلّ ولم تَمَلَّ أمُّ عِمارة بعد موت الحبيب .. بل استمرت في جهادها وبذلها ..حتى قاتلت يوم اليمامة .. وجرحت اثني عشر جرحاً وقُطِّعت يدها وهي عجوز مُسِنَّة ، ماذا أقول يا أمة محمد .. لو نظرت إليكم أم عِمارة وأنتم في الملاعب والنوادي .. والأمة تنتهك أعراضها في كل مكان ، والمسجد الأقصى يإنُّ منذ أمدٍ بعيد من الزمان .ماذا أقول يا نساء أمة محمد .. لو نظرت إليكنَّ أم عمارة وقد تهاونتنَّ في الحجاب الشرعي وآثرتنَّ ما ألقيَ إليكنَّ من زبائل الغرب عبر الفضائيات .. ماذا أقول يا رجال أمة محمد ..
هل أقول يا ليت لنا رجال مثل أم عمارة .. نعم والله سأقولها .. يا ليت لنا رجال مثل أم عمارة !!
أتسبقك وأنت رجلٌ نِسْوَة أوما لك بالرجال أُسْوَة ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق