الأربعاء، 9 مارس 2016

قصة قصيره / الأستاذ فراس المصطفى / نجو المجهول /

نحو المجهول
/ فراس المصطفى /
..........................
بعد أن قضمتْهُ السنوات الثلاثينية تلاشى مطروداً ، كان الوقْعُ عندما أمسكَ خيوط الفجر وهي تهتزُّ بالنسمات الآتية مع تَفَتُّحِ السّواد السّماويّ إلى زُرقةٍ خافتة ، هائماً تخدشهُ الذكريات وكأنه أمام القاضي الأوحد يعرض عليه شريط الزّلّات ، يا لها من لحظاتٍ مُرَّة ، ليتني ما جعلتُ سبب وجودي الدنيويّ يصرخ معلناً ولادتي ، ولا أتيتُ أبحرُ بباصرتي نحو المدى البعيد ، وما كُنتْ .
ضممتُ أصابعي النحيلة حول خصر قبضة الحقيبة ، جرّدتْني أدمُعي عن رمال شواطئ النسيان ، ثم غبتْ ، أخشى أن يكون غيابي هذه المرَّة إلى الأبد ، لا أرى فيها أحداً بعد لحظات انهيار الكرامة ، قلعة صنعتُها بطوبٍ تلو طوبٍ من حَجَر جُلمود الكرامة ، وانهارتْ على صدري ، والزهرُ ما عاد يتفتح ، وقَطْر الندى قيحٌ وروائحَ آسِنة ، والقناديل الصفر تحسب الخطوات لي وأنا على الطريق يصدح عالياً ألمي بلا لسان نُطق ، سطور من الضحكات التي بقيتْ لديَّ تبخرتْ ، ولا أدري إلى أين أنا يأخذني ، مجهولٌ لوني المستقبليّ القريب ، هل سأعلَقُ في شفاه الوحل غوصاً كأطفال البؤس المجنون ؟ أم أن ملاذي خلف التلال المكفهرة في المجهول ، سنرى قريباً خريطة العمر المتبقية ما ستكون ، حينها تتلبد الغيوم الخضراء هاطلةً حبّاتِ لوز الفرح ، أو أنها ستثلج زغبَ بوم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق