الأحد، 3 أبريل 2016

الانشقاق عن الات في اجتياز مرحلة القصيدة / بقلم اسامة الزهيري / العراق

الانشقاق عن الذاتِ في اجتياز مرحلة القصيدة

من منطلقِ الحرفِ الحقيقي و بحثاً عن نصٍ جدّي وحقيقي يملك المادة الشعرية - ذات الشعر - المبتعدة جد الابتعاد عن (( السبك اللغوي ، الوزن القافية ، الصورة الشعرية )) فما قلتَهُ تواً ما هو الا ادوات الشاعر التي ان تملكها في واحدة من الزوايا البنيوية في الكتابة بشكلها العام .
البحث في النص الشعري عن الشعر هي معضلة من وجهةِ نظري ليست بجديدة ..! 
لكنها متفاقمة جداً في هذه الحقبة الشعرية من النص 
ان الكثير من من يبحثون عن الكتابة لأي سبب كانت ولأي محطةٍ للوصول وسواء اكانت بحسن نية او بسوء نية للوصول او لاختلاس مواقع ليست له للظهور بغضِ النظرِ عن ألية الظهور كيف كانت ولم كانت والى اين ستدل في أخر المطاف !
المشاعر امر طبيعي متولد في كل انسان وليس هناك في الدنيا مشاعر دون المستوى او مشاعر ذات طراز عالي فكل انواع المشاعر برجوازية وذات مزاج جداً .. الأمر في القصيدة الشعرية ليس المشاعر فقط (( لا أختلف ان القصيدة تعتمد الاعتماد الأول على المشاعر في الكتابة ولكن ... !
الشعر كما يعرفهُ سابقاً اليونانيون : 
فن الكتابة ))))
والفن كما يعرف "الجميع" من لم يملك الملكة الكافية ليكون كاتباً ،ومن لم يملك الفكرة الحقيقية والأدوات اللازمة للكتابة من ( صياغة ادبية - لغة - بلاغة - خيال واسع - تجربة شعرية ... الخ ) فليسَ عليهِ ان يكون في وضعٍ ليسَ مفترضاً عليهِ ان يقع فيهِ 
*
القصيدة الشعرية ان كانت ترتيب كلمات ووضعهن في قوالب معدة مسبقاً 
او انها ترتيب كلمات متناثرة (بــ انزياحات) فكرية او (متضادات) كلامية يمكن تعلمها بسهولة ! ،او مناورة لغوية بعد اكتشاف زاوية من زوايا اللغة
فهي تعتبر كالهندسة وكــ(الرياضيات) وما على الشاعر الا ان يقوم (بترتيب) الأشياء كما اتخذها من اسلافهِ ! 
وبعد سنوات سوف يظهر لنا برنامج ( اكتب الشعر من دون شاعر ) وعلى هذا فأن الدنيا السلام ليس عليها بل الموت عليها !!!
المشاعر والشعر قرينان ولكن المشاعر وحدها لا تعد القصيدة الحقيقية بغض النظر عن القصيدة ومحتواها ان كان ( غزلاً ، دينياً ، وجدانياً ... الخ ، من الاغراضِ الشعرية )
المشاعر هي الدافع لكتابة القصيدة وليست القصيدة بحد ذاتها 
انا مؤمن بأن : 
النجار ، شاعر بالمنشار والمسمار على الواحِ الخشبِ ،الحداد شاعرُ بإلانةِ الحديد , كذا الحال الى الصباغ والى العامل والمهندس الأول يعطيك قصيدته على هيئة ما كــ( غرفةِ نوم - مكتبة ) الأخر يعطيكَ اياها على شكل سيف وسيارة وكذا الحال للبقية .
فكل منا شاعرٌ بطريقتهِ الخاصة وليس مفترضاَ على الجميعِ ان يكون شاعر في فنِ الكتابةِ !
الأمرُ ليسَ منوطاً بالـ نقد ضدَ أحد ما او في سبيل الوصول الى شيء ما الأمر مقيد بأشياء لا بدَ منها جاءت من تجارب واقعية يمر بها كل شاعر من شأنهِ ان يوصل فكرة الشعر والشاعرية على حدِ سواء بعدَ ان تكتمل ادواتهُ.
المادة الشعرية في القصيدة هي الإحساس العالي الذي يشعرك او يهزُ جوانحك ويشعل ذاتك ويشعرك بأن الرحيل خيرٌ من البقاء والبقاءِ خيرٌ من الرحيل والفناء حالهُ حال الخلود باشتعال الروح وانغماسك في جُبٍ حالكِ وانتَ في قمةِ النور او الشعورِ بالظمأ وانتَ في وسطِ عذبِ الماء
الشعر الذي لا يختلق لكَ عالماً من الطيوفِ حرياً بهِ ان يدفن رأسهُ كالنعامِ فالشعر ليس بناء لغوي فحسب ولا ترتيب كلمات هو كون كامل متجرعُ المرارة كما الحلاوة !
مثلاً : 
((أني اذوبُ مثلَ شمعةٍ ! )) 
لا يوجد ما يمكن ان يشعرك بالجمالية او بالأسى/ انتَ تشعرُ بأن رحيلك الى الموت كما الشمعة تماماً .. تذوب وليس هناك من عملٍ للشمعةِ الا أن تذوب ، فأنكَ تحتاج الى ان تصل الفكرة بشكلٍ يمكن ان يكون ( شعراً )
((أنرتُ لهمُ عمري فانطفأت !)) 
الشعرية هنا أتمت بعضِ مقاييسها البنيوية من حيثِ اطلالة ايقاع الصدر هذا وارتباطهِ بنيوياً في القافيةِ ، اشارة في داخل النص الى - الشمعة - والدلالات واضحة لكنهُ يجعل القارئ يجدها بفطنةٍ .
((ابحثُ عن الماءِ في اليابسة .. ! )) 
يحاول كاتب هذهِ الجملة او ( الجملة الشعرية ) ! ربما ! 
ان يقول انهُ يبحثُ عن الماء في اليابسة لا شيءَ أكثر ... 
المعنى اتم ما يريده ووصل اليكَ بما يريدهُ هو من دونِ أي جهدٍ يذكر في الوصول اليكِ ... !
فالقصيدة ليست مهرباً من الدخول او الوصول السريع الى النهاية فهي تتخذُ ابطأ المسالكِ بالرغمِ من امتلاكها على افضل المقومات للسرعة واشدها قرباً وهي تدخلك الى عالمِ تام الجنونِ بالعقلِ و تام الموتِ بالحياةِ فهو بالمتناقضات المختلفة يوصلكِ الى برِ الأمانِ بكلِّ يسرٍ وعسرْ .
(( أني التجأتُ الى هواكِ حالماً بالمستحيلِ 
مرتلاً اسمى عبارات الوجودِ عن الرحيلِ 
عن البقاءِ او الفناءِ بالخلودِ 
ايتها ال ( الليلْ )
أشعرُ بالظمأ اليكِ 
رغمَ المطرْ ! ))
ربما تجليات هذه المقطوعة وبحثاً عن ما بها أننا نجدُ المتناقضات ظاهرات للعيانِ باحثاتٌ عنّا بكل سهولةٍ وانا نستنجد بهن للقاءِ بهن ! 
هكذا يجب ان تحوي القصيدة كمثالٍ على ما وددتُ القول في النص السابقِ نادى بالفكرةِ اليكِ في ظمأهِ ورغمَ بحثهِ //عن الماءِ في اليابسة // فأنهُ هيأ نفسهُ بـ/ كُلِها / لتكون يابسة وحبيبتهُ بُــ كُلِّ / ما فيها / لتكون الماء ، 
لم يتجرد من اللغة وأوصلَ لنا الفكرةَ بكل وجودياتها ومنحنياتها المعنوية .. .
اللغة الشعرية ليست اللغة التي نستخدمها نحن وليست من يستخدمها من الكتاب في مقالاتهم او في رواياتهم او في قصصهم
اللغة الشعرية هي المادة المركزة من الأحاسيس المتكثفة والعميقة و الواضحة في أنٍ واحدٍ بحثاً عن الولوجِ في المشاعر التي يمكن ان تدخلها القصيدة في روح القارئ او المستقبل بأي شكلٍ كانتْ
اللغة الشعرية ليست بكلمات نبحثُ عنها انزياحات اللغة او بانقلابات المعاني رغم جمالية الاشتغالات - تقنياً لا شعرياً ! - 
ورغم وجود الانقلابات في المعاني في كثيرٍ جداً من الشعرِ الحالي او الكتابة الحالية على حدٍ سواءِ فأن كثرة ِ الشعراءِ توجد على ان تتواردِ الأفكار في عديد الشعراءِ لتقارب المواطنِ والبيئة التي يعيشها المجتمع والتي تكون متقاربة كثيراً جداً بعدَ دخول التواصلِ الاجتماعي - صمتاً بالحديثِ عن الوجود في الخيال !
اللغة الشعرية ان تجد نفسك بمن يقرأ لكَ بمن يبحثُ عن نفسهِ في حروفِك 
والامر بغايةِ البساطة فقط ان اتخذناهُ بجدية الموتِ او بجدليتهِ ، في الكتابة 
ليصل تفاجأنا بالموتِ بكل سهولةِ وبكلِّ يسر ، الى المتعسرِ فتثلجُ صدرهْ !
اسامة الزهيري 
10/6/2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق