الأربعاء، 18 مايو 2016

متابعة نقدية / لنص الشاعرة البنانية نورة حلاب / منه يحلق / الدكتور صاحب خليل ابراهيم

منه . . . يحلِّق 
نورة حلاب
مع متابعة نقدية اـ د . صاحب خليل إبراهيم
رجلٌ . . . 
وامرأةٌ . . . 
ومـرض . . . 
كانوا ثلاثة أضلع ,
في الثالوث الجهنمي الرهيب 
تحطّمتِ الحلقة ,
وعُـثِـر في الفضاء 
عـلى ضلعٍ مائل ,
يدور تائهاً
بين الكواكب 
في مدارات الحنين . . . 
لم تكن الجاذبية معـطلة أبداً
كان قد نبت لها جناحان . . !!
× × ×
× × ×
الضلع الثالث
نقد : الدكتور : صاحب خليل إبراهيم 
الشعـر هو الإحساس الذي ينبض به كل قلب في عـالم رحب تسوده 
المفهومات المتباينة , ونفحة علوية تسري لكل كيان يشعـر بها ,
ويحس بعاطفته وذوقه المتنامي في عـالم يشع بها , تتساوق فيها إحساسات تسمو تسمو رويداً رويداً في مديات رحبة تنير دروبنا 
ضياءً ساطعـاً يعـلو فوق هامات الجميع ممن نذروا أنفسهم لهذا الإشعاع فضلاً عن المشاعـر والصور والأخيلة والفكرة الثاقبة , ممتلئة بكل وجدان حي يستفز حالات مبتكرة لا تعـلو عـليه نبضات أُخًر .
وعـالمنا ينوس بأفكاره اللامعـة الحية ؛ فيركع لها الوجدان فـي 
محاريب الجَمال , , وتستدعي انثيالات ذلكم الجَمال وتعـالقاته في 
بوتقة الشعـر الجميل ؛ ليمتعـنا بما أُوتي من فعـل وقوة , نتحدى به عـوالم الدهشة التي تفيء عـلينا بطيلسانها اللامتناهي في دروب السمو والسِّحر الحلال لتفيض الروح في عـوالمه المكتنزة 
, لتغـمرنا بالبهجة والمتعـة , فضلاً عن الصور الجميلة التي تأخذنا وأحلامنا السعـيدة في نبض الكلمات الآتية لنا من بعـيد نسبر غوره , ونتيه في مجاهله اللامعـة ويقول الكاتب جبران خليل جبران عن الجَمال (( هو ضالتنا)) .
نعـم كلنا نسجد للجَمال وهيبته الباذخة فهو دليلنا لنص الأديبة الموهوبة ( نورة حلاب ) ولست هنا لأنظر للشعـر وكيف أن يكون . ولكنني أردت مقدمة للدخول إلى نصها (( منه . . . يُحلِّق )) حيث حلَّقَ الجًمال في نصها هذا الذي بين أيدينا . . نقرأه . . ونقلبه عـلى جوانبه كلها ونسترفد عـوالمه المتناقضة والمتناسقة ليصل 
بنا إلى ذروة معـطياته الجزئية والكلية بما كان وراء النص . . أو ما يكون .
ففي عـالمنا الحلو المرّ . . يوجد مثلث يتكون من الرجل والمرأة
قطباه قوام العـالم وكينونته , وقطبه الثالث الواسع أيضاً (المرض) الذي لا فرار منه مطلقاً لما له من سلبيات ومنغصات . .منا لا يمرض؟ وهو الضريبة التي ندفعـها في حياتنا .
فالرجل والمرأة . . والمرض . . هي ثلاثة أضلع شئنا أم أبينا
, هذا الثالوث الجهنمي بمعـانيه التي يحملها كلها جهنمية مرعـبة 
رهيبة , تسبح في فضائنا الواسع الكبير الذي لا مفر منه , بَيْدَ أننا
نعـثر عـلى ضلع مائل (أعـوج) أليس هو المرأة التي خلقت من ضلع الرجل الأعوج , وبغض النظر عن النظريات في هذا الباب والوقائع التي تتعامل مع واقعها , فهذا الضلع المائل (الأنثى) وهي مدار كوننا ويقوم عـليها , ويدور تائهاً , وهو غير تائه بين الكواكب , ممتلئاً حنيناً ورحمة وجمالاً وفتنة وسكناً لنا , وعذوبة, هي عـالمنا الدنيوي الذي يفيض سحراً ونتعـبده جمالاً , ونفيء إليه , هي الملاذ لنا في دنيا ملى بالمتناقضات , ونستل منها الرحيق كالفراشة التي تمتص رحيق الزهرة , وهي جاذبية أرضية خلقت للبشر وليس للسماء ولها جناحان يحلقان في الفضاء المعطر بإنوثتها لشفافيتها وعـذوبتها .
وللنص مفاتيح نستعـين بها لنفتح النصوص فذكرت نورة في بداية النص : رجلٌ / وامرأةٌ / . . . وتدرجت في النص في تمويه محبب حتي وصلت بنا إلى الضلع المائل , فهي أعطتنا المفتاح الأول وبعد ها وضحت الصورة فأعطتنا المفتاح اآخر في الضلع المائل تعبيراً عن الأعوج لتحيلنا إلى الجملة الأولى (امرأة) وهذه بلاغة الأديببة الموهوبة نورة حلاب وفي نصها دلالة عـلى قدرتها 
في الكتابة في استخدامها للضلع المائل , وكانت الألفاظ تابعة لمعانيها , وهذا ما جعـلنا نطرب لنصها ويروق لنا في حسنه وجماله !! .
والقصيدة مكثفة بإيجاز والإيجاز كما يقول صاحب كتاب
( الطراز) يحيى بن حمزة العـلوي : ( تأدية المقصود من الكلام
بأقل عـبارة ) وقد أتى (( مائل )) مقصوداً وفيه معـانٍ كثيرة .
والماء كناية عن المرأة أنها خلقت كما يقال من ضلع أعوج كي تقوم الرجل إذا مال كي تعيده إلى الإعـتدال .
والكناية هي التي تدل عـلى ما تدل عـليه من جهة الحقيقة والمجاز .
لغـة القصيدة , لغـة جميلة رائعـة , مكثفة , دون زيادة , ولا ترهل , تبعـث الراحة في نفس قارئها , هذا ما عَـنَّ لنا عن القصيدة , وعـذراً لقرائنا الكرام وللأديبة المبدعـة نورة حلاب
شكري وتقديري لسعـة صدرها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق