الأربعاء، 24 يناير 2018

خاطرة من وجع الخاصرة ! // بقلم الاستاذ // صالح هشام // المغرب

خاطرة من وجع الخاصرة !
بقلم صالح هشام / المغرب !
ها انتم ممددون يأكل منكم الصقيع ، شاخصين بأبصاركم إلى سماء رب خلقكم !ما قتلتكم برودة الصقيع :
---سيدي ، سيدتي ، ابني ، ابنتي !
قتلتكم برودة قلوب مقفرة جرداء ، تعوي فيها ذئاب جائعة ، تتلمظ ملوحة الدم ، وتنتشي بروائح الموت ٠٠٠ كثيرة عليكم شعلة نار، تمتص منكم برودة القهر والظلم، في زمن تسود فيه سلطة القاهر على المقهور ،سلطة الظالم على المظلوم ! فتموتون في صمت صمت قمم القمامة ، تموتون كما تموت الشحارير في أقفاصها حسرة وكمدا على حرية مفقودة ، لكنكم مسؤولون عن هلاككم ، أنتم انتحرتم لأنكم لم تختاروا أوطانكم ، لم يختركم حكامكم ،فموتكم أفضل !
بمن كنتم تستغيثون ؟ كيف تأوهتم ، كيف تأففتم ؟ 
وبرودة الصقيع تجمد الدم في عروقكم !
فيتجمد أطفالكم أمام أعينكم ، وبعدهم تتجمدون حسرة وصقيعا ، بمن كنتم تستغيثون ؟ 
بهبل جاهلية العرب ؟ أم بمخبولي الغرب ؟لا أحد أجابكم : سلطة بلهاء، وكرسي مهترئ, وثراء و ثروة تعيث فيها الغواني فسادا ، كل متحرك من ذوي الأمر منكم، أصابه الشلل النصفي ، أو أصبح هبل جاهلية العرب في القرن الواحد والعشرين ،ساكنا بدون حركة ، حيث مات ضمير بشريةالبشر؟ لاشئ ٠٠٠لاشئ ٠٠٠ لم يعد هناك ضمير ، هذا الضمير ،يا ضحايا الضمير ، تحجر ، ضمر ، حتى التورم ٠٠ هذا الضمير الإنساني المتعهر أصبح خارج التغطية : في بطالة ، ربما في عطالة٠٠ ربما منشغل الآن في مواخير الليل بلياليه الحمراء ، يخطط طرقا أخرى لقتلكم، غير التجمد حتى الموت !
حملكم ثقيل ثقيل ٠٠٠ ليلكم طويل طويل !
كل أنواع الموت جربتموها: مضغة سائغة في أنياب القرش ، وأنتم مشدوهين أمام صفحة الماء تطوى على الرؤوس ، إلى هذا الموت الجديد ، الذي لم يعشه حتى إنسان العصور الجليدية ، التي كانت فيه طفولة البشرية تمارس حمقها وشغبها ،لكن كان هذا الإنسان أوفر منكم حظا ،على الأقل كانت له كهوف تحميه من الصقيع والرعود والعواصف ، أما أنتم فقد سلبوكم بيوتكم ولغموا كهوفكم ولم يبق أمامكم إلإ هذه السماء الممتدة في الفراغ !
فها نحن في زمن إلغاء الحدود ، في القرن ما فوق العشرين نمارس حمق طفولة بشرية القرون الغابرة ٠٠ نقتل وندمر ونجرب جميع أنواع الأسلحة، وليس الصقيع إلا سلاحا جديدا أقوى فتكا وعذابا من حبل المشنقة أو نصل المقصلة ٠٠ كل أنواع العذاب عشتموها وجربتموها ، إلا الموت تجمدا فهذه لم تخطر لكم على بال ٠٠ موت جديد ، في زمن عهر جديد ، في إنسانية جديدة ، غريبة عن الإنسانية كل الغرابة ، إنسانية تطحن وتدمر ويفتك بها في سوريا ٠٠ في فلسطين ٠٠ في إفريقيا ٠٠ في العراق٠٠ في اليمن في بورما ٠٠ في ليبيا ٠٠في كل أنحاء الوطن العربي المقهور ، من البحر إلى البحر ، من البر إلى البر ٠٠ وأمام أنظار رواد مؤتمرات القمامة بين العمائم والبدلات المكوية ! 
لا حق لكم في الدفء ، لا حق لكم في العيش الكريم ،لا حق لكم حتى في الموت الرحيم ، برصاصة طائشة ، أو حبل مشنقة منصوبة أونصل مقصلة على أهبة الاستعداد لجز رؤوسكم كما تجز رؤوس الخرفان !
كل هذا يتصوره عقل عاقل ، إلا الموت تجمدا ،أهو الموت الرحيم كثير عليكم ؟ 
تركتم تقاومون ٠٠تكافحون من أجل بقاء حقه مهضوم ، وضعه مأزوم ، صوته مكتوم ، وجوده محموم ٠٠تركتم تنفقون ببطء ، كما تنفق البهائم !
وهذه أبشع جريمة جرائم الانسان من مقتل هابيل إلى محرقة روما ، إلى ذبح الشعوب العربية من الوريد إلى الوريد ، هذه قمة نذالة البشر ، قمة النرجسية ٠
لنا فيكم يوم تغرب شمسه ، ليله بدون نجوم ، ليل يكسف قمره ، يا إنسانا بلا إنسانية ٠٠ يا اسما على غير مسمى !
الثلاثاء/ 22/ يناير 2018
بقلم : صالح هشام / المغرب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق