{ تمظهرية العَنوَنة المنقطعة نصياً في الوعي العربي }
دراسة تحليلية في نص ( ملاحم العمر )
للشاعر التونسي خليل الشامي
النص :
---
بَيْنَ فَجْرٍ وَغُرُوبْ
تَرْحَلُ الثَّوَانِي
فِي جَوْفِ الزَّمَانِ
وَتَذُوبْ
وَأَنْتَ... أَنْتَ أَيُّهَا الوَاقِفُ
عَلَى جِسْرِهَا
حِبَالُهُ مَنْسُوجَةٌ مِنَ الرَّزَايَا
تَلْسَعُ قَدَمَيْكَ
وَ بِنِيرَانِهَا ...تَلْفَحُ ظَهْرَكَ
وَوَجْهَكَ
وَأَنْتَ تَتَصَيَّدُهَا
بِيَدٍ فَارِغَةٍ
وَأُخْرَى مُضَرَّجَةٌ بِالْجِرَاحْ
فتُفْلِتُ مِنْ بَيْنَ أَصَابِعِكَ
تَغْتَالُ مِنْ عُمُرِكَ لَحَظَاتِهِ
لَحْظَةً ... لَحْظَةً
وَأَنْتَ فِي غَفْلَةِ النَّشْوَةِ
تَائِهٌ بَيْنَ الْبَيَاضِ وَالسَّوَادِ
بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الأَرْضِ
تُسَافِرُ بِكَ الرِّيحُ
بَيْنَ مَتَاهَاتِ الفُصُولِ
وَفِجَاجِ السِّنِينْ
بَيْنَ قِمَمِ الفَرَحِ
وَ حُفَرِ الآَلَمِ
تَتَلَوَّنُ أَيَّامُكَ
بِبَسْمَةٍ .. بِدَمْعَةٍ
بِخَطٍّ مُسْتَقِيمٍ أَخْضَرْ
بخطٍّ دَائِرِيٍّ أَحْمَرْ
بِكُلِّ أَلْوَانِ البَحْرْ
بِكُلِّ أَلْوَانِ السَّمَاءْ
وَ بِكُلِّ عَجَائِبِ الفُصُولْ
تَائِهٌ أَنْتْ
بَيْنَ ابْتِسَامٍ وَدُمُوعْ
بَيْنَ عَقْلٍ وَ جُنُونْ
تُسَطِّرُ مَلْحَمَتَكَ
أَيُّهَا الإِنْسَانْ
مَا أَعْظَمَ جُرْأَتَكَ
وَكَمْ أَنْتَ جَبَانْ
حِينَ يَلُفُّكَ اللَّيْلَ
ذَاتَ شِتَاءْ...
............
الدراسة
ـ ـ ـ ـ ـ
للعنوان/ العتبة القرائية ، في النص الشعري الحداثي ، اشتغالان دلاليان متزامنان ؛
* اشتغال داخلي ( وهو الاشتغال على احالتين ؛احالة الى النص ، وآخرى الى الشاعر ) :
ـ الاحالةعلى النص : وهي من عناصر التماسك ، فبين سيميائية بنية العنوان اللغوية ،وتلك
المتن نصية ،علاقة جدلية انعكاسية ،تمكّن من توضيح دلالات النص ،وتحديد مقاصده ،
والتدليل على مضمون ، برسم ملامح قراءته التأويلية ، فالعنوان ( كما يقرر علم العنونة )
هو ( بؤرة اختزال الافكارالتي ينوي النص ابلاغها للقارئ ) ، بل يذهب الى حد
التأكيد ( ان النص هو العنوان والعنوان هو النص )
ـ الاحالة الى الشاعر : مما يكشف عن وعيه وثقافته ، وملامح بنيته الاسلوبيه ، وطبيعة
تعاطيه مع لغته ، وهذا يساعد على تحديد الفضاء الدلالي لقصديته النصية
* اشتغال خارجي : وهو اشتغال على جذب واغراء القارئ كونه المثير الاسلوبي
الاول الذي يشد انتباه وفضول القارئ للتعاطي مع النص، ومن ثم تميكنه من دخول عالمه
الملبد بالشيفرات والغموض ، وهو مطمئن الى ما زودته به بنيته اللغوية من آليات
تأولية / مفاتيح ، تساعده على فتح سبل فهم معاني ما يستعصى عليه من اشارات
ودلالات في بنية السياق المتني
،
هناك اذاً علاقة تكاملية واتحاد بين بنيتي العنوان / المتن ، السيميائيتين ، تجعلهما يشتغلان
معاً كمنتِجين للنص وتكوين معناه النهائي . فالشيفرة العنوانية ، توحي بمعاني اشارات
ودلالات البنية المتنية ، بل انهما قد يتشاركان في توليد اشارات او دوال جديدة مع مركبات
مدلولاتهما المعنوية ،حيث تبدأ بالتشكل في احشاء العنوان ، ثم تتكشف مع
سيرورة الحدث الشعري حتى كتابة اخر حرف في النص
فهل حققت عنونة النص موضوع دراستنا ، هذه التكاملية التشاركية مع المتن لانتاج المعنى
النصي النهائي .؟
لتاكيد او نفي هذه الهرمية البنائية للنص المتينة السبك ( حسب توصيفات / علم العنونة :
النص بنا هرمي يمثل العنوان قمتة / راسه )
سأقوم في ادناه، بقراءة البنية اللغوية لهذا الراس الهرمي ، ومن بعدها بنية هيكليته التركيبة
الاخرى ( المتن ) ، قراءةً تفكيكية ، ومن ثم اعادة تركيبه بما نحصل عليه من عناصر دلالية
جديدة للوصول للمعنى المؤجل / الذي يخفيه النص تحت سطحه الظاهر ، وهو كفيل بالرد على
على سؤالنا اعلاه .
اولاًـ البنية السيميائية لعنوان ( مَلْحَمة العُمُر )
ا ـ بنيته اللغوية السطحية / الفوقية
* البنيتان النحوية / الصرفية :
ـ نحوياً / ملحمة:
خبر مخصوص بالاضافة الى / العمر ، المبتدأ محذوف جوازاً تقديره لايقيني،
فقد يكون احد ضمائر الغائب او المخاطب وحتى المتكلم بالافراد او التثنية
او الجمع ( هذه هاتان / هي هنّ / هو هما هم / انت / انا / نحن / او اي اسم مناسب .. الخ)
القراءة الوصفية :
الجملة العنوانية جملة اسمية مبتداها محذوف بلا اضطرار او
وجوب حكم في سياقها الاعرابي مما دفع بالمحمول / ملحمة ، الى مقدمة الجملة ، مبرّزا اياها
للقراء ليجتذب انظارهم واهتمامهم ،فينشغلوا بالبحث عن مبتدأ له يقدرونه كمحمول عليه ،
حذف / غُيَّب، بإرادة متحكمة مزاجية او عابثة مفتونة بالمراهنات / اتساع رقعة تقدير المبتدأ
توحي بالاحتمالية ومن مرادفاتها ( اللايقينية )وهذه من دلالات المراهنة. دون اعتبار الى انه
قد حولها / اختزلها، تركيباً الى ( شبه جملة ) هزيلة الحبكة ، مما يدلل على وجود قصدية
لديه من وراء تأكيده على هذه الاشارة / الخبر ،
المقاربة الدلالية :
العنوان يوحي بوجود ارادة متحكمة / سلطوية ( تحذف / تُغيِّب ) البداية / الاساس
الارتكازي للمعاني ،بلا حجة او مسوغ منطقي ، سوى قصديته الكيفية بتوجيه انتباه
المتلقي نحو الخبر( ملحمة ) ، من خلال ازاحتها مايمنع تصدره الجملة ( المبتدأ )
تكثيف المقاربة : الملحمة مهيمنة على السياق اللغوي
ـ صرفياً / الاشارة ( مَلْحَمَة ) :
اسم "مكان (ملموس ) / زمان ( محسوس )" نكرة ، مشتق من
الفعل/ لَحَمَ ،على وزن : مَفْعَل + ة للتأنيث
وهي موضع نحر الحيوانات وبيع اللّحم / وهي وقت النحر ايضاً : ملحمة الخراف صباحَ الغد
الاشارة ( العمر ) : اسم معرفة دال على زمن مضى
قراءة الاشاراتين في سياقهما الظرفي :
ــ الملحمة : اسم مكان نكرة / ملموس + اسم زمان نكرة / محسوس = مفردة تداخل في
سياقها الظرفي المكان والزمان غير المعرفَين ، فهي ( مكزمانية) نكرة
ــ العمر : اسم ماضوي الدلالة / محسوس ، معرفة
بتركيب القراءتين :
مفردة مكزمانية نكرة/ ملموسة ـ محسوسة+ اسم زمان ماضوي الدلالة معرفة / محسوس =
نحصل على هذه المقاربة المعنوية :
اسم نكرة اكتسب معرفته من اضافته الى ( آخر ) أكد محسوسيته كذلك
* البنية الدلالية :
ـ السياق اللغوي
~الملحمة : دال لغوي مدلوله :
من أَلْحَمَ الرجلُ : كثُر في بيته اللحم ، ولَحَم الرجلُ العَظمَ يَلحُمه : نزع عنه اللحم ؛
ومن هذا المعنى المعجمي ( تولَّد ) المعنى الاصطلاحي : الحرب الشديدة
~العمر : دال معناه : مدة حياة الكائن الحي
ومعنى المدة = ظرف زمان مضى : عمر الاشياء/ الانسان مقياس زمني يبدأ من ماضي
الانسان ( لحظة ميلاده ) ويتوقف في حاضره ( لحظة قيامه بقياس عمره )
المقاربة الظرفية ( للعمر ) هنا = تاريخ الشئ او الانسان وماشابه
المقاربة المعنوية للمدلولين : حرب شديدة / فعل مادي ، ميدانها حسي / غير متموضعة مكانيا )
وقعت في حقبة تاريخية ما
ـ السياق الخارجي / تاريخ الادب الانساني :
~ ملحمة : قصة شعرية بطولية خيالية تدور حول القيم الاجتماعية لشعب من الشعوب في بداية تاريخه
، وحياتهم الروحية والعاطفية، وتجسد الصراع بين الخير / الشر ، لغز الموت / الحياة
عالم ما بعد الموت / والخلود ،وهي تمزج الحقائق التاريخية بروح الأسطورة والخيال،
القراءة الدلالية بعد استحضار ( العمر ) :
نص شعري لاواقعي بطولي الحدث ، يصور جوانبا من القيم الروحية والوجودية ، لأمة ما في
في حقبة مبكرة من تاريخها وكونها (قيَماً ) فهذا يعني انها جملة مواقف مما دار / يدور
حولها من مؤثرات ( فكر ـ حياتية )وهذا يحتم ان يكون لديها (وعي ) متجدد الحياة
جيلا بعد جيل/ ذاكراتية جمعية ،وهذا هو مايقارب ( العمر ) كدلالة زمانية / تاريخية
المقاربة التأويلية لشيفرة العنوان / المعنى المخبوء او التحتاني :
باعادة تجميع الدلالات والمقاربات المعنوية المتولدة من دراستنا التفكيكية للبنية
السيميائية للعنوان :
موقف بطولي ( روحي / وجودي) + هيمنة سياقية على الذاكرة الجمعية =
ميثولوجيا البطولة المسيطرة على الوعي الجمعي
ثانياً ـ القراءة التحليلية للمتن بقصد المقاربة الدلالية مع شيفرة العنوان :
يبدأ النص :
( بَيْنَ فَجْرٍ وَغُرُوبْ
تَرْحَلُ الثَّوَانِي
فِي جَوْفِ الزَّمَانِ
وَتَذُوبْ )
بتقابل حاد : فجر / غروب ،
بكل مرادفاتهما ومنها : بداية / نهاية ، وبدلالة الاشارتين الحسيتين ( الثواني / الزمان ) غير
المخصوصتين تغدو المقاربة الانسب لهما :
بداية حياة الدنيا / انقضائها ( موتها / الحياة الآخرة ) ، بل ان الاشارات الانطفائية الدلالة / ترحل ،جوف
( حيث العتمة ) ، تذوب ، المتصلة معنوياً مع ( الغروب ) تلوّن صورة وايحائية
المطلع بالسوداوية ، بما يتعارض مع اشراقية المطلع الملحمي / وهذه مفارقة اولى
ومع عبورنا الى حكائية النص :
( وَأَنْتَ... أَنْتَ أَيُّهَا الوَاقِفُ )
يفاجئونا الشاعر بلعب دور الراوي الداخلي وهو هنا تقارب من راوي الملحمة
الشعرية لكنه تحول الى راوي شعر درامي بخطابه لبطل الحدث بضميره المنفصل
( انت .. انت )التي تكررت في عموم النص ، وضميره المتصل ( الكاف ) والمستتر ( المقدر
بأنت ) ، فالاولى ( الملحمة ) تعتمد ضمير الغائب في حكائيتها / مفارقة ثانية
و تأتي الاشارة ( الواقف ) لتدل على سلبية لاتشاركية في صنع الحدث :
وقف : امتنع عن الحركة وغياب الاثر الفاعل في الاحداث / مقاربتها الدلالية : الانتظار
والتأجيل وهذا يقابل الاقدام لبطل الملحمة / مفارقة ثالثة
والادعى لأعتبار ( الوقوف ) اشارة سلبية بل استسلامية رغم ما يصيبه من اذى شديد
المقاطع :
( عَلَى جِسْرِهَا
حِبَالُهُ مَنْسُوجَةٌ مِنَ الرَّزَايَا
تَلْسَعُ قَدَمَيْكَ
وَ بِنِيرَانِهَا ...تَلْفَحُ ظَهْرَكَ
وَوَجْهَكَ
وَأَنْتَ تَتَصَيَّدُهَا
بِيَدٍ فَارِغَةٍ
وَأُخْرَى مُضَرَّجَةٌ بِالْجِرَاحْ )
فالوقوف عاد عليه باللسع لقدميه ( آلتَي الحركة والسعي ) ، واللفح للظهر ( موضع
الهجوع ) ،وللوجه ( تشويه الهوية الشكلية الصورية )
ولكن من / ما ، الذي الحق به هذا الأذى الكبير ؟ سنفكك المفطع على عجالة للوصول
للاجابة :
جسرها : الجسر معبر مادي يوصل من مكان الى اخر بينهما هوة او مانع فاصل
اضافته الى ضمير الثواني المتصل ( ها ) اخرجه الى المحسوسية وبالاحالة الى
المقاربة الانسب اعلاه ، تغدو دلالته معبرا بين الحياةالدنيا والآخرة وبالاحالة الخارجية
/ السياق القراني : يكون مقاربا ( للصراط )
حباله : مقاربة صورية لتقريب الجسر من الاذهان / احالته الخارجية / سياق
الاحاديث النبوية : من صفات القران انه حبل يربط السماء بالارض
منسوجة : اشارة لأسم المفعول به ( من نسج ) / دال ضمني على وجود ناسج مسكوت عنه
وهو ( الله )
الرزايا لغة : المصِائب عَظِيمة ، الاحالة الخارجية / السياق الديني : ما يختبر بها الله عباده
من محن التي تمت الاشارة اليها اعلاه
وَأَنْتَ تَتَصَيَّدُهَا
بِيَدٍ فَارِغَةٍ : التصيد هنا اشارة للامساك بالزمن واطالة العمر بالتمنيات وخلو اليد من
شباك الصيد / سواء بعدم امتلاك الحيلة
وَأُخْرَى مُضَرَّجَةٌ بِالْجِرَاحْ ): وحتى بامتلاكها / شدة الجراح اشارة لكثرة سحب الشباك
وساشير في ادناه امام المقاطع على عجل لمقارباتها الدلالية لنتعرف معنى النص :
فتُفْلِتُ مِنْ بَيْنَ أَصَابِعِكَ // يهرب منك الزمن
تَغْتَالُ مِنْ عُمُرِكَ لَحَظَاتِهِ
لَحْظَةً ... لَحْظَةً // الاشارة وماقبلها لانقضاء العمر
وَأَنْتَ فِي غَفْلَةِ النَّشْوَةِ // وانت منتشٍ غافل
تَائِهٌ بَيْنَ الْبَيَاضِ وَالسَّوَادِ // الفرح والحزن ومرادفاتهما
بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الأَرْضِ // عدم الثبات والتردد الايماني المبدئي
تُسَافِرُ بِكَ الرِّيحُ /// تتقاذفك الاوهام
بَيْنَ مَتَاهَاتِ الفُصُولِ
وَفِجَاجِ السِّنِينْ
بَيْنَ قِمَمِ الفَرَحِ
وَ حُفَرِ الآَلَمِ
تَتَلَوَّنُ أَيَّامُكَ
بِبَسْمَةٍ .. بِدَمْعَةٍ
بِخَطٍّ مُسْتَقِيمٍ أَخْضَرْ
بخطٍّ دَائِرِيٍّ أَحْمَرْ
بِكُلِّ أَلْوَانِ البَحْرْ
بِكُلِّ أَلْوَانِ السَّمَاءْ
وَ بِكُلِّ عَجَائِبِ الفُصُولْ
تَائِهٌ أَنْتْ
بَيْنَ ابْتِسَامٍ وَدُمُوعْ
بَيْنَ عَقْلٍ وَ جُنُونْ
ازدحام المقاطع اعلاه بالتقابلات :متاهات ( مكانية) / الفصول ( حسية ) ،
فجاج ( مكانية )/ السنين ( حسية )، قمم الفرح / حفر الالم ، بسمة / دمعة / مستقيم / دائري
اخضر (رمز الحياة) / احمر (رمز القتل / الدم )، عقل / جنون ، هذا الازدحام لغرض التوكيد
من جهة ولتفصيل التقابل المادي الحسي في حياة ( المخاطب / الموهوم التائه في دنيا الامل )
التي تتوزع حياته وتسلبه سلام نفسه
تُسَطِّرُ مَلْحَمَتَكَ // الملحمة هنا متعارضة تماما مع العنوان باستحضار المقاربات التي مرت بنا
في المتن
أَيُّهَا الإِنْسَانْ // الكشف عن المخاطب واذاه الانسان بالمطلق !!
مَا أَعْظَمَ جُرْأَتَكَ // حين تتناسى وتغفل ماينتظرك من حساب
وَكَمْ أَنْتَ جَبَانْ // حين يداهمك الموت
حِينَ يَلُفُّكَ اللَّيْلَ // الليل اشارة لنهاية الحياة
ذَاتَ شِتَاءْ...//
ننتهي الى عدم تطابقية ( دلالة ملحمة العنوان ) مع حدثيتها ودلالاتها في المتن وانقطاع
اية تشاركية او تبادلية معنوية بينهما ، بل ان المسكوت عنه في المتن هو ما يجعل الانسان
قيمة مطلقة ( انتصار الانسان لاخيه الانسان والدفاع عنه ان تعرض للظلم ومصادرة حقوقه
)، لا حصره بعلائقية تعبدية وطقوسية مع السماء هي في نهايتها علاقة فردية لاجمعية
الكاتب نجح من حيث يدري او لايدري في توصيف الوعي العربي ( ماورائية
النص / هوية كاتب عربية ) بأنه منقطع الصلة بواقعه ، وبذاكرته الجمعية ، انهزامي ، سلبي
، غير ملتزم مبدئاً ، تائه بين ( السماء والارض ) لاينتمي لأحدهما انتماءً حقيقياً ، يرفع شعار
وريث الملاحم البطولية في ماضيه المجيد ، وهو يعيش ملحمة اندحاره الفكري
ـ باسم الفضلي / العراق ـ
22 / 1 / 2018
دراسة تحليلية في نص ( ملاحم العمر )
للشاعر التونسي خليل الشامي
النص :
---
بَيْنَ فَجْرٍ وَغُرُوبْ
تَرْحَلُ الثَّوَانِي
فِي جَوْفِ الزَّمَانِ
وَتَذُوبْ
وَأَنْتَ... أَنْتَ أَيُّهَا الوَاقِفُ
عَلَى جِسْرِهَا
حِبَالُهُ مَنْسُوجَةٌ مِنَ الرَّزَايَا
تَلْسَعُ قَدَمَيْكَ
وَ بِنِيرَانِهَا ...تَلْفَحُ ظَهْرَكَ
وَوَجْهَكَ
وَأَنْتَ تَتَصَيَّدُهَا
بِيَدٍ فَارِغَةٍ
وَأُخْرَى مُضَرَّجَةٌ بِالْجِرَاحْ
فتُفْلِتُ مِنْ بَيْنَ أَصَابِعِكَ
تَغْتَالُ مِنْ عُمُرِكَ لَحَظَاتِهِ
لَحْظَةً ... لَحْظَةً
وَأَنْتَ فِي غَفْلَةِ النَّشْوَةِ
تَائِهٌ بَيْنَ الْبَيَاضِ وَالسَّوَادِ
بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الأَرْضِ
تُسَافِرُ بِكَ الرِّيحُ
بَيْنَ مَتَاهَاتِ الفُصُولِ
وَفِجَاجِ السِّنِينْ
بَيْنَ قِمَمِ الفَرَحِ
وَ حُفَرِ الآَلَمِ
تَتَلَوَّنُ أَيَّامُكَ
بِبَسْمَةٍ .. بِدَمْعَةٍ
بِخَطٍّ مُسْتَقِيمٍ أَخْضَرْ
بخطٍّ دَائِرِيٍّ أَحْمَرْ
بِكُلِّ أَلْوَانِ البَحْرْ
بِكُلِّ أَلْوَانِ السَّمَاءْ
وَ بِكُلِّ عَجَائِبِ الفُصُولْ
تَائِهٌ أَنْتْ
بَيْنَ ابْتِسَامٍ وَدُمُوعْ
بَيْنَ عَقْلٍ وَ جُنُونْ
تُسَطِّرُ مَلْحَمَتَكَ
أَيُّهَا الإِنْسَانْ
مَا أَعْظَمَ جُرْأَتَكَ
وَكَمْ أَنْتَ جَبَانْ
حِينَ يَلُفُّكَ اللَّيْلَ
ذَاتَ شِتَاءْ...
............
الدراسة
ـ ـ ـ ـ ـ
للعنوان/ العتبة القرائية ، في النص الشعري الحداثي ، اشتغالان دلاليان متزامنان ؛
* اشتغال داخلي ( وهو الاشتغال على احالتين ؛احالة الى النص ، وآخرى الى الشاعر ) :
ـ الاحالةعلى النص : وهي من عناصر التماسك ، فبين سيميائية بنية العنوان اللغوية ،وتلك
المتن نصية ،علاقة جدلية انعكاسية ،تمكّن من توضيح دلالات النص ،وتحديد مقاصده ،
والتدليل على مضمون ، برسم ملامح قراءته التأويلية ، فالعنوان ( كما يقرر علم العنونة )
هو ( بؤرة اختزال الافكارالتي ينوي النص ابلاغها للقارئ ) ، بل يذهب الى حد
التأكيد ( ان النص هو العنوان والعنوان هو النص )
ـ الاحالة الى الشاعر : مما يكشف عن وعيه وثقافته ، وملامح بنيته الاسلوبيه ، وطبيعة
تعاطيه مع لغته ، وهذا يساعد على تحديد الفضاء الدلالي لقصديته النصية
* اشتغال خارجي : وهو اشتغال على جذب واغراء القارئ كونه المثير الاسلوبي
الاول الذي يشد انتباه وفضول القارئ للتعاطي مع النص، ومن ثم تميكنه من دخول عالمه
الملبد بالشيفرات والغموض ، وهو مطمئن الى ما زودته به بنيته اللغوية من آليات
تأولية / مفاتيح ، تساعده على فتح سبل فهم معاني ما يستعصى عليه من اشارات
ودلالات في بنية السياق المتني
،
هناك اذاً علاقة تكاملية واتحاد بين بنيتي العنوان / المتن ، السيميائيتين ، تجعلهما يشتغلان
معاً كمنتِجين للنص وتكوين معناه النهائي . فالشيفرة العنوانية ، توحي بمعاني اشارات
ودلالات البنية المتنية ، بل انهما قد يتشاركان في توليد اشارات او دوال جديدة مع مركبات
مدلولاتهما المعنوية ،حيث تبدأ بالتشكل في احشاء العنوان ، ثم تتكشف مع
سيرورة الحدث الشعري حتى كتابة اخر حرف في النص
فهل حققت عنونة النص موضوع دراستنا ، هذه التكاملية التشاركية مع المتن لانتاج المعنى
النصي النهائي .؟
لتاكيد او نفي هذه الهرمية البنائية للنص المتينة السبك ( حسب توصيفات / علم العنونة :
النص بنا هرمي يمثل العنوان قمتة / راسه )
سأقوم في ادناه، بقراءة البنية اللغوية لهذا الراس الهرمي ، ومن بعدها بنية هيكليته التركيبة
الاخرى ( المتن ) ، قراءةً تفكيكية ، ومن ثم اعادة تركيبه بما نحصل عليه من عناصر دلالية
جديدة للوصول للمعنى المؤجل / الذي يخفيه النص تحت سطحه الظاهر ، وهو كفيل بالرد على
على سؤالنا اعلاه .
اولاًـ البنية السيميائية لعنوان ( مَلْحَمة العُمُر )
ا ـ بنيته اللغوية السطحية / الفوقية
* البنيتان النحوية / الصرفية :
ـ نحوياً / ملحمة:
خبر مخصوص بالاضافة الى / العمر ، المبتدأ محذوف جوازاً تقديره لايقيني،
فقد يكون احد ضمائر الغائب او المخاطب وحتى المتكلم بالافراد او التثنية
او الجمع ( هذه هاتان / هي هنّ / هو هما هم / انت / انا / نحن / او اي اسم مناسب .. الخ)
القراءة الوصفية :
الجملة العنوانية جملة اسمية مبتداها محذوف بلا اضطرار او
وجوب حكم في سياقها الاعرابي مما دفع بالمحمول / ملحمة ، الى مقدمة الجملة ، مبرّزا اياها
للقراء ليجتذب انظارهم واهتمامهم ،فينشغلوا بالبحث عن مبتدأ له يقدرونه كمحمول عليه ،
حذف / غُيَّب، بإرادة متحكمة مزاجية او عابثة مفتونة بالمراهنات / اتساع رقعة تقدير المبتدأ
توحي بالاحتمالية ومن مرادفاتها ( اللايقينية )وهذه من دلالات المراهنة. دون اعتبار الى انه
قد حولها / اختزلها، تركيباً الى ( شبه جملة ) هزيلة الحبكة ، مما يدلل على وجود قصدية
لديه من وراء تأكيده على هذه الاشارة / الخبر ،
المقاربة الدلالية :
العنوان يوحي بوجود ارادة متحكمة / سلطوية ( تحذف / تُغيِّب ) البداية / الاساس
الارتكازي للمعاني ،بلا حجة او مسوغ منطقي ، سوى قصديته الكيفية بتوجيه انتباه
المتلقي نحو الخبر( ملحمة ) ، من خلال ازاحتها مايمنع تصدره الجملة ( المبتدأ )
تكثيف المقاربة : الملحمة مهيمنة على السياق اللغوي
ـ صرفياً / الاشارة ( مَلْحَمَة ) :
اسم "مكان (ملموس ) / زمان ( محسوس )" نكرة ، مشتق من
الفعل/ لَحَمَ ،على وزن : مَفْعَل + ة للتأنيث
وهي موضع نحر الحيوانات وبيع اللّحم / وهي وقت النحر ايضاً : ملحمة الخراف صباحَ الغد
الاشارة ( العمر ) : اسم معرفة دال على زمن مضى
قراءة الاشاراتين في سياقهما الظرفي :
ــ الملحمة : اسم مكان نكرة / ملموس + اسم زمان نكرة / محسوس = مفردة تداخل في
سياقها الظرفي المكان والزمان غير المعرفَين ، فهي ( مكزمانية) نكرة
ــ العمر : اسم ماضوي الدلالة / محسوس ، معرفة
بتركيب القراءتين :
مفردة مكزمانية نكرة/ ملموسة ـ محسوسة+ اسم زمان ماضوي الدلالة معرفة / محسوس =
نحصل على هذه المقاربة المعنوية :
اسم نكرة اكتسب معرفته من اضافته الى ( آخر ) أكد محسوسيته كذلك
* البنية الدلالية :
ـ السياق اللغوي
~الملحمة : دال لغوي مدلوله :
من أَلْحَمَ الرجلُ : كثُر في بيته اللحم ، ولَحَم الرجلُ العَظمَ يَلحُمه : نزع عنه اللحم ؛
ومن هذا المعنى المعجمي ( تولَّد ) المعنى الاصطلاحي : الحرب الشديدة
~العمر : دال معناه : مدة حياة الكائن الحي
ومعنى المدة = ظرف زمان مضى : عمر الاشياء/ الانسان مقياس زمني يبدأ من ماضي
الانسان ( لحظة ميلاده ) ويتوقف في حاضره ( لحظة قيامه بقياس عمره )
المقاربة الظرفية ( للعمر ) هنا = تاريخ الشئ او الانسان وماشابه
المقاربة المعنوية للمدلولين : حرب شديدة / فعل مادي ، ميدانها حسي / غير متموضعة مكانيا )
وقعت في حقبة تاريخية ما
ـ السياق الخارجي / تاريخ الادب الانساني :
~ ملحمة : قصة شعرية بطولية خيالية تدور حول القيم الاجتماعية لشعب من الشعوب في بداية تاريخه
، وحياتهم الروحية والعاطفية، وتجسد الصراع بين الخير / الشر ، لغز الموت / الحياة
عالم ما بعد الموت / والخلود ،وهي تمزج الحقائق التاريخية بروح الأسطورة والخيال،
القراءة الدلالية بعد استحضار ( العمر ) :
نص شعري لاواقعي بطولي الحدث ، يصور جوانبا من القيم الروحية والوجودية ، لأمة ما في
في حقبة مبكرة من تاريخها وكونها (قيَماً ) فهذا يعني انها جملة مواقف مما دار / يدور
حولها من مؤثرات ( فكر ـ حياتية )وهذا يحتم ان يكون لديها (وعي ) متجدد الحياة
جيلا بعد جيل/ ذاكراتية جمعية ،وهذا هو مايقارب ( العمر ) كدلالة زمانية / تاريخية
المقاربة التأويلية لشيفرة العنوان / المعنى المخبوء او التحتاني :
باعادة تجميع الدلالات والمقاربات المعنوية المتولدة من دراستنا التفكيكية للبنية
السيميائية للعنوان :
موقف بطولي ( روحي / وجودي) + هيمنة سياقية على الذاكرة الجمعية =
ميثولوجيا البطولة المسيطرة على الوعي الجمعي
ثانياً ـ القراءة التحليلية للمتن بقصد المقاربة الدلالية مع شيفرة العنوان :
يبدأ النص :
( بَيْنَ فَجْرٍ وَغُرُوبْ
تَرْحَلُ الثَّوَانِي
فِي جَوْفِ الزَّمَانِ
وَتَذُوبْ )
بتقابل حاد : فجر / غروب ،
بكل مرادفاتهما ومنها : بداية / نهاية ، وبدلالة الاشارتين الحسيتين ( الثواني / الزمان ) غير
المخصوصتين تغدو المقاربة الانسب لهما :
بداية حياة الدنيا / انقضائها ( موتها / الحياة الآخرة ) ، بل ان الاشارات الانطفائية الدلالة / ترحل ،جوف
( حيث العتمة ) ، تذوب ، المتصلة معنوياً مع ( الغروب ) تلوّن صورة وايحائية
المطلع بالسوداوية ، بما يتعارض مع اشراقية المطلع الملحمي / وهذه مفارقة اولى
ومع عبورنا الى حكائية النص :
( وَأَنْتَ... أَنْتَ أَيُّهَا الوَاقِفُ )
يفاجئونا الشاعر بلعب دور الراوي الداخلي وهو هنا تقارب من راوي الملحمة
الشعرية لكنه تحول الى راوي شعر درامي بخطابه لبطل الحدث بضميره المنفصل
( انت .. انت )التي تكررت في عموم النص ، وضميره المتصل ( الكاف ) والمستتر ( المقدر
بأنت ) ، فالاولى ( الملحمة ) تعتمد ضمير الغائب في حكائيتها / مفارقة ثانية
و تأتي الاشارة ( الواقف ) لتدل على سلبية لاتشاركية في صنع الحدث :
وقف : امتنع عن الحركة وغياب الاثر الفاعل في الاحداث / مقاربتها الدلالية : الانتظار
والتأجيل وهذا يقابل الاقدام لبطل الملحمة / مفارقة ثالثة
والادعى لأعتبار ( الوقوف ) اشارة سلبية بل استسلامية رغم ما يصيبه من اذى شديد
المقاطع :
( عَلَى جِسْرِهَا
حِبَالُهُ مَنْسُوجَةٌ مِنَ الرَّزَايَا
تَلْسَعُ قَدَمَيْكَ
وَ بِنِيرَانِهَا ...تَلْفَحُ ظَهْرَكَ
وَوَجْهَكَ
وَأَنْتَ تَتَصَيَّدُهَا
بِيَدٍ فَارِغَةٍ
وَأُخْرَى مُضَرَّجَةٌ بِالْجِرَاحْ )
فالوقوف عاد عليه باللسع لقدميه ( آلتَي الحركة والسعي ) ، واللفح للظهر ( موضع
الهجوع ) ،وللوجه ( تشويه الهوية الشكلية الصورية )
ولكن من / ما ، الذي الحق به هذا الأذى الكبير ؟ سنفكك المفطع على عجالة للوصول
للاجابة :
جسرها : الجسر معبر مادي يوصل من مكان الى اخر بينهما هوة او مانع فاصل
اضافته الى ضمير الثواني المتصل ( ها ) اخرجه الى المحسوسية وبالاحالة الى
المقاربة الانسب اعلاه ، تغدو دلالته معبرا بين الحياةالدنيا والآخرة وبالاحالة الخارجية
/ السياق القراني : يكون مقاربا ( للصراط )
حباله : مقاربة صورية لتقريب الجسر من الاذهان / احالته الخارجية / سياق
الاحاديث النبوية : من صفات القران انه حبل يربط السماء بالارض
منسوجة : اشارة لأسم المفعول به ( من نسج ) / دال ضمني على وجود ناسج مسكوت عنه
وهو ( الله )
الرزايا لغة : المصِائب عَظِيمة ، الاحالة الخارجية / السياق الديني : ما يختبر بها الله عباده
من محن التي تمت الاشارة اليها اعلاه
وَأَنْتَ تَتَصَيَّدُهَا
بِيَدٍ فَارِغَةٍ : التصيد هنا اشارة للامساك بالزمن واطالة العمر بالتمنيات وخلو اليد من
شباك الصيد / سواء بعدم امتلاك الحيلة
وَأُخْرَى مُضَرَّجَةٌ بِالْجِرَاحْ ): وحتى بامتلاكها / شدة الجراح اشارة لكثرة سحب الشباك
وساشير في ادناه امام المقاطع على عجل لمقارباتها الدلالية لنتعرف معنى النص :
فتُفْلِتُ مِنْ بَيْنَ أَصَابِعِكَ // يهرب منك الزمن
تَغْتَالُ مِنْ عُمُرِكَ لَحَظَاتِهِ
لَحْظَةً ... لَحْظَةً // الاشارة وماقبلها لانقضاء العمر
وَأَنْتَ فِي غَفْلَةِ النَّشْوَةِ // وانت منتشٍ غافل
تَائِهٌ بَيْنَ الْبَيَاضِ وَالسَّوَادِ // الفرح والحزن ومرادفاتهما
بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الأَرْضِ // عدم الثبات والتردد الايماني المبدئي
تُسَافِرُ بِكَ الرِّيحُ /// تتقاذفك الاوهام
بَيْنَ مَتَاهَاتِ الفُصُولِ
وَفِجَاجِ السِّنِينْ
بَيْنَ قِمَمِ الفَرَحِ
وَ حُفَرِ الآَلَمِ
تَتَلَوَّنُ أَيَّامُكَ
بِبَسْمَةٍ .. بِدَمْعَةٍ
بِخَطٍّ مُسْتَقِيمٍ أَخْضَرْ
بخطٍّ دَائِرِيٍّ أَحْمَرْ
بِكُلِّ أَلْوَانِ البَحْرْ
بِكُلِّ أَلْوَانِ السَّمَاءْ
وَ بِكُلِّ عَجَائِبِ الفُصُولْ
تَائِهٌ أَنْتْ
بَيْنَ ابْتِسَامٍ وَدُمُوعْ
بَيْنَ عَقْلٍ وَ جُنُونْ
ازدحام المقاطع اعلاه بالتقابلات :متاهات ( مكانية) / الفصول ( حسية ) ،
فجاج ( مكانية )/ السنين ( حسية )، قمم الفرح / حفر الالم ، بسمة / دمعة / مستقيم / دائري
اخضر (رمز الحياة) / احمر (رمز القتل / الدم )، عقل / جنون ، هذا الازدحام لغرض التوكيد
من جهة ولتفصيل التقابل المادي الحسي في حياة ( المخاطب / الموهوم التائه في دنيا الامل )
التي تتوزع حياته وتسلبه سلام نفسه
تُسَطِّرُ مَلْحَمَتَكَ // الملحمة هنا متعارضة تماما مع العنوان باستحضار المقاربات التي مرت بنا
في المتن
أَيُّهَا الإِنْسَانْ // الكشف عن المخاطب واذاه الانسان بالمطلق !!
مَا أَعْظَمَ جُرْأَتَكَ // حين تتناسى وتغفل ماينتظرك من حساب
وَكَمْ أَنْتَ جَبَانْ // حين يداهمك الموت
حِينَ يَلُفُّكَ اللَّيْلَ // الليل اشارة لنهاية الحياة
ذَاتَ شِتَاءْ...//
ننتهي الى عدم تطابقية ( دلالة ملحمة العنوان ) مع حدثيتها ودلالاتها في المتن وانقطاع
اية تشاركية او تبادلية معنوية بينهما ، بل ان المسكوت عنه في المتن هو ما يجعل الانسان
قيمة مطلقة ( انتصار الانسان لاخيه الانسان والدفاع عنه ان تعرض للظلم ومصادرة حقوقه
)، لا حصره بعلائقية تعبدية وطقوسية مع السماء هي في نهايتها علاقة فردية لاجمعية
الكاتب نجح من حيث يدري او لايدري في توصيف الوعي العربي ( ماورائية
النص / هوية كاتب عربية ) بأنه منقطع الصلة بواقعه ، وبذاكرته الجمعية ، انهزامي ، سلبي
، غير ملتزم مبدئاً ، تائه بين ( السماء والارض ) لاينتمي لأحدهما انتماءً حقيقياً ، يرفع شعار
وريث الملاحم البطولية في ماضيه المجيد ، وهو يعيش ملحمة اندحاره الفكري
ـ باسم الفضلي / العراق ـ
22 / 1 / 2018
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق